الأسباب الموجبة للمحبة
الحلقة الثانية
إفشاء السلام سبب للود والمحبة :
من الأمور التي تزيد في الحبة وتجمع القلوب على الخير والود إفشاء السلام وهذا أخبر به من لا ينطق عن الهوى وذلك في قوله كما في الحديث :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ )) . رواه مسلم في الصحيح ( 54) دار إحياء التراث
قال القاضي عياض رحمه الله : وهذا حث منه ( صلى الله عليه وسلم ) على تأليف قلوب المؤمنين ، وأن أفضل خُلُقهم الإسلامية ألفة بعضهم بعضا وتحببُهم وتو اصلهم ، واستجلاب ما يؤكد ذلك بينهم بالقول والفعل . نقلا من إكمال المعلم (1/ 202)
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عموم المسلمين على إفشاء السلام بينهم وجعله من أسباب دخول الجنة كما في حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال :َ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَكُنْتُ فِيمَنْ انْجَفَلَ فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ )) رواه الترمذي في السنن (2485) وصححه وابن ماجه في السنن ( 1334) والحاكم في المستدرك (3/13) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وصححه الألباني كما في صحيح الترغيب (616)
واعتبره النبي صلى الله عليه وسلم من خير أعمال الإسلام كما في الحديث
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ : (( تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ )) رواه البخاري في الصحيح ( 12) ومسلم ( 39)
ففي هذا الحديث تأكيد على إفشاء السلام للجميع من عرفت ومن لم تعرف
وقال النووي رحمه الله : وَفِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ مَنْ عَرَفْت ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِف .
وقال أيضا : وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّآلُف ، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة . وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ ، وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس ، وَلُزُوم التَّوَاضُع ، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ . نقلا من شرح مسلم له ( 2/36) دار إحياء التراث
ومما يبين أهمية إفشاء السلام أن من كانت بينه وبين غيره هجر فأحبهما وخيرهما إلى الله الذي يبدأ السلام عند الالتقاء كما في الحديث .
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ )) أخرجه البخاري في الصحيح ( 5883) باب السَّلَامِ لِلْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمَعْرِفَةِ
وفي لفظ أبي داود الطيالسي ( وأفضلهما الذي يبدأ بالسلام )

كتبه / أبو هاني قطر