الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
أختي الكريمة الأستاذة هناء سلمها الله جوابا على سؤالك: هل يشترط التعقيب بذكر تخريج الحديث ودرجته من الصحة، والضعف عند إيراد مقالة، أو مسألة لأحد أهل العلم، استدلّ فيها بحديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
أقول في هذه العجالة، وأسأل الله التوفيق والسداد:

* الأصل إذا علمنا من الشخص الذي يستدل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه لا يستدلّ إلا بما صح عنه، فيكفي إيرادُه للحديث مستدلاّ ومستشهدا به، دلالةً على صحته، خاصة إذا كان من أهل العلم المعتبرين، كالشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله، ولو خالفهم غيرهم في الحكم، يكفي أن الحديث قد صحّ عندهم.

* بل لا يجوز التدخل في نص كلامهم بالزيادة أو النقص أو التعديل، فإنّ ذلك مخل بالأمانة العلمية، فإذا وجدنا أحدهم قال أخرجه الترمذي وسكت، فلا يصح أن أزيد على كلامه عبارة وصححه فلان.
* فهذا الشيخ الإمام الألباني رحمه الله يستدل بأحاديث في أشرطة سلسلة الهدى والنور، ويكتفي بقوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويورد الحديث، لأن السامع لا يرتاب في أن الشيخ لا يستدل إلا بحديث صحيح أو حسن، على أقل تقدير.

* بل هذا صنيع شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله في أكثر إيراداتهم للحديث، يكتفون بذكر من أخرجه مع عدم ذكر درجته من الصحة والضعف، لأن المستقر عند أتباع هذين الإمامين، أنهما لا يستدلاّن إلا ما بما كان صحيحا عندهما، أو يصلح للتقوية ، أو كان له أصل، وهذا أمر جرى عليه عمل أهل العلم.

وهكذا إذا علمنا من بعض المشايخ وطلبة العلم المعروفين المشهورين بالدعوة السلفية، أنه لا يورد ولا يستدلّ إلا بما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لكن إذا كانت المشاركة من أمثالنا المغمورين، لا نقلاً، فيستحسن أن يذكر أحدنا من أخرج الحديث مع من صححه من أهل العلم المعتبرين الموثوقين، إذا كان الحديث في غير كتب السنة التي اشترطت الصحة، كالسنن والمسانيد وغيرها، حتى يطمئنّ القارئ للمنقول.
ولكن أن يتدخّل أحدنا في عبارة غيره بالتعديل والزيادة والنقص كائنا من كان فلا.

والاعتراض يكون وجيها، فيما لو استدل أحد طلبة العلم بحديث، ثم بين المعترض أن الحديث المستدل به ضعيف. لا أن يضيف عليه بأنه صححه فلان.
وهذا فيما لو كان المستدلّ أحد طلبة العلم، أما لو كان أحد أهل العلم المعتبرين الذين لهم دراية بعلم الحديث، فلا يصح الاعتراض عليه، لأن ليس كلام غيره بأولى من كلامه.

فمثلا الشيخ ابن باز رحمه الله رحمه الله في رسالته تحفة الأخيار في الأذكار يحسن حديث(( اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك...))الذي أخرجه أبو داود والنسائي، كما في مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله(26/30).

لا يحق أن يعترض معترض بأن الحديث ضعيف، لأن الشيخ الألباني رحمه الله ضعفه في السلسلة الضعيفة(3/143/1041)، لأن هذا مجتهد وهذا مجتهد. فقد يكون الشيخ الألباني رحمه الله مصيبا، كما قد يكون المصيب هو الشيخ ابن باز رحمه الله.

ولو كان الحديث لا ينقل إلا مع ذكر من خرّجه ومن صححه، لكان هذا مما جرى عليه عمل السلف، وأهل العلم المعتبرين.

* أما ما لو كان المستدلّ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من منهجه التحري والتثبت، بل معروف بإيراد الأحاديث الضعيفة، والمنكرة، لم يقبل منه إلا ما بيّن صحّته،هذا ما لدي في هذه العجالة والله تعالى أعلم.