الحق الخامس : إجابة الدعوة :
معنى إجابة الدعوة : هي أن يلبي المدعو من دعاه إلى وليمة عرس أو غيره للطعام والشراب تحقيقا للمحبة والمودة ، وتطييبا لخاطره ما لم يكن مانع يمنعه من الحضور .
حكم إجابة الدعوة :
قسم العلماء الدعوة التي أُمر المسلم بإجابتها إلى قسمين :
الأول : الدعوة إلى وليمة العرس ، فجماهير العلماء على وجوب إجابتها إلا لعذر شرعي ، وأدلتهم كثيرة منها :
_ ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) رواه البخاري (4779 )ومسلم ( 2585 )
_ ومنها ما رواه جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا دُعِي أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ) مسلم (1430) باب الأمر بإجابة الداعي
_ ومنها أحاديث الحقوق ، أي أن إجابة الدعوة حق من حقوق المسلم
الثاني : الدعوة لغير وليمة العرس على اختلاف أنواعها ، فجماهير العلماء يرون أن إجابتها مستحبة ، ولم يخالف إلا بعض الشافعية والظاهرية ، فأوجبوها ، ولو قيل بتأكد استحباب الإجابة لكان قريبا .والله أعلم .
من دعي إلى طعام وكان صائما :
ثبت في الصحيحة أن من كان صائما ودعي إلى وليمة طعام عرسا أو غيره أن يجيب الدعوة ويقول أنا صائم إذا لم يرد الإفطار ، أو أن يفطر تطييبا لخاطر صاحب الوليمة .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ ) أخرجه مسلم في الصحيح ( 1150) باب الصائم يدعى لطعام.
ففي هذا الحديث دلالة على أن من دعي إلى طعام وهو صائم أن يقول لمن دعاه : إني صائم .
قال النووي رحمه الله : وهذا محمول على أنه يقول له اعتذارا له وإعلاما بحاله فان سمح له ولم يطالبه بالحضور سقط عنه الحضور وان لم يسمح وطالبه بالحضور لزمه الحضور وليس الصوم عذرا في إجابة الدعوة ولكن إذا حضر لا يلزمه الأكل ويكون الصوم عذرا في ترك الأكل. شرح مسلم ( 8/28)
الأفضل للصائم إذا أجاب الدعوة :
قال النووي رحمه الله : وأما الأفضل للصائم فقال أصحابنا إن كان يشق على صاحب الطعام صومه استحب له الفطر(وهو الأفضل )وإلا فلا ، هذا إذا كان صوم تطوع ، فان كان صوما واجبا حرم الفطر. نفس المصدر السابق
ويدل على أن الأفضل للصائم صوم تطوع أن يفطر ويصوم يوما مكانه ما رواه :
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً ، فأتاني هو وأصحابه ، فلما وضع الطعام قال رجل من القوم : إني صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخوكم وتكلف لكم لِلَّهِ(أي أنه تكلف في إنجاز الطعام لكم ابتغاء الأجر من الله فلا تردوا دعوته . ) ثم قال له : أفطر وصم مكانه يوما إن شئت ) أخرجه البيهقي (4/ 279) وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (4/182) وهو في آداب الزفاف للألباني (87) المكتب الإسلامي - بيروت - 1409
وعن عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا دُعِي أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ) مسلم (1430) باب الأمر بإجابة الداعي
شروط إجابة الدعوة :
تتعين إجابة الدعوة خاصة (وليمة العرس) بشروط ذكرها بعض أهل العلم وهي :
ـ أن يعم الداعي عشيرته وجيرانه أو أهل حرفته أغنياءهم وفقراءهم دون ما إذا خص الأغنياء .
ـ أن يخصه بالدعوة بنفسه أو بإرسال شخص إليه فأما إذا قال بنفسه أو بوكيله ليحضر من أراد أو قال لشخص احضر ، وأحضر معك من شئت فقال لغيره احضر فلا تجب الإجابة .
ـ أن لا يكون إحضاره لخوف منه أو طمع في جاهه أو لتعاونه على باطل بل يكون للتقرب والتودد . ـ أن يكون الداعي له مسلما.
ـ أن لا يعتذر المدعو إلى صاحب الدعوة فيرضى بتخلفه فإن وجد ذلك زال الوجوب .
ـ أن لا يسبق الداعي غيره فإن دعاه اثنان أجاب الأسبق فإن جاءا معا أجاب الأقرب رحما ثم دارا، وعكس الماوردي والروياني فقدما،قرب الجوار على قرب الرحم ، وذكرا بعدهما القرعة .
ـ أن لا يكون هناك من يتأذى بحضوره ، ولا تليق به مجالسته فإن كان فهو معذور في التخلف .
ـ ألا يكون هناك منكر كشرب الخمر والملاهي فإن كان نظر إن كان الشخص المدعو ممن إذا حضر رفع المنكر فليحضر إجابة للدعوة وإزالة للمنكر ، وإلا لا .
ـ أن لا يدعوه من أكثر ماله حرام فمن هو كذلك تكره إجابته .