اعرف عدوك الحقيقي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
أخي المسلم وأختي المسلمة إن الله تعالى قد بين لك بيانا شافيا أعداءك الذين ينبغي عليك أن تحذرهم وتتقيهم وتحترز منهم وتعلن الحرب عليهم كما أعلنوا هم الحرب عليك ، ولا عليك من غيرهم ، وهؤلاء الأعداء هم :
1ـ الشيطان : قال تعالى : إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (6)فاطر
قال ابن كثير رحمه الله : هو مبارز لكم بالعداوة، فعادوه أنتم أشد العداوة، وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به، {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} أي: إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير، فهذا هو العدو المبين. فنسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان .
وفي وقوله تعالى : {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا} [الكهف: 50] .
قال ابن كثير رحمه الله : لماء: وتحت هذا الخطاب نوع لطيف من العتاب كأنه يقول: إنما عاديت إبليس من أجل أبيكم ومن أجلكم، فكيف يحسن بكم أن توالوه؟ بل اللائق بكم أن تعادوه وتخالفوه ولا تطاوعوه .
كما حذر تبارك وتعالى من اتباع خطوات الشيطان مبينا أنه عدو لنا فقال : يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) البقرة
وكرر ذلك غير مرة كما في قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) البقرة
وخطوات الشيطان هي كل معصية لله كما قاله قتادة .
2ـ أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين
اعلم أخي الكريم أن كل من كان عدوا لله ورسوله وهذا الدين فهو عدو لنا ، لأن من تمام عقيدة هذا الدين أن نوالي من والى الله ورسوله ، ونعادي من عادى الله ورسوله .
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]
سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرد التوجه إلى مكة أظهر أنه يريد خيبر , وكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إليهم وأرسل مع امرأة ذكرأنها سارة مولاة لبني عبد المطلب , فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك , فأنفذ علياً وأبا مرثد , وقيل عمر بن الخطاب , وقيل الزبير رضي الله عنهم , وقال لهما , اذهبا إلى روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذاه وعودا , فأتيا الموضع فوجداها والكتاب معها , فأخذاه وعادا , فإذا هو كتاب حاطب .
فإذا كان مجرد إخبار الأعداء بأخبار المسلمين محرم وجريمة كبيرة ، فكيف بمن يتعاون مع اليهود على ضرب وقتل المسلمين .
قال السعدي رحمه الله : وهذه الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم، وإلقاء المودة إليهم، وأن ذلك مناف للإيمان، ومخالف لملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، ومناقض للعقل الذي يوجب الحذر كل الحذر من العدو، الذي لا يبقي من مجهوده في العداوة شيئا، وينتهز الفرصة في[url=#] إيصال
[/url] الضرر إلى عدوه. وقد خص الله اليهود والنصارى بالذكر فقال : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ)المائدة
وذلك لأنهم من أشد أعداء الله كما أخبر الله عنهم بقوله : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)
قال ابن عاشور رحمه الله : وذكر المشركين مع اليهود لمناسبة اجتماع الفريقين على عداوة المسلمين، فقد ألف بين اليهود والمشركين بغض الإسلام فاليهود للحسد على مجيء النبوءة من غيرهم،
والمشركون للحسد على أن سبقهم المسلمون بالاهتداء إلى الدين الحق ونبذ الباطل.
ثم قال : وقوله: ولتجدن أقربهم مودة أي أقرب الناس مودة للذين آمنوا، أي أقرب الناس من أهل الملل المخالفة للإسلام. وهذان طرفان في معاملة المسلمين. وبين الطرفين فرق متفاوتة في بغض المسلمين، مثل المجوس والصابئة وعبدة الأوثان والمعطلة.
والمراد بالنصارى هنا الباقون على[url=#] دين[/url] النصرانية لا محالة، لقوله: أقربهم مودة للذين آمنوا. فأما من آمن من النصارى فقد صار من المسلمين. بعد هذا السرد الموجز احرص أخي أن تعادي اليهود والنصارى والمشركين من الملل والنحل المعادية للإسلام ونبي الإسلام الذي يصدون عن[url=#] دين[/url] الله ويقاتلون أولياء الله ويكفرون بالله ورسوله ، لا أن تعاد عباد الله المؤمنين بحجج واهية كل ذلك من تلبيس إبليس . 3ـ أزواجكم وأولادكم عدوا لكم
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) سورة التغابن
عن مجاهد رحمه الله قال : يَحْمِلُ أَحَدَكُمْ حُبُّ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ عَلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، أَوْ عَلَى مَعْصِيَةِ رَبِّهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ مَعَ حُبِّهِ إِلَّا أَنْ يُطِيعَهُ فَنَهَى اللَّهُ عَنْ طَاعَتِهِمْ فِي ذَلِكَ .
قال ابن كثير رحمه الله : يقول تعالى مخبرا عن الأزواج والأولاد: إن منهم من هو عدو الزوج والوالد، بمعنى: أنه يلتهى به عن[url=#] العمل[/url] الصالح، كقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون} [المنافقون: 9] ففي هذه الآية بيان من الله تعالى أن الأزواج والأولاد بمثابة العدو وذلك إذا منعوا وشغلوا المرء عن طاعة الله ورضوانه ، وأحالوا بينه وبين الطاعة ، ولهذا يجب على المرء أن يكون حبه لزوجته وأولاده وأمواله صادا له عن طاعة ربه ،ومن كان كذلك فهو كالعدو الذي يريد الشر ولا يريد الخير له .
ولهذا قال تعالى : قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (24)
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: اعرف عدوك الحقيقي 
السبت 16 مايو 2015 - 13:22
