..............

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإنّه يحِلّ للعالم أو الدّاعية أو المعلّم أن يدرّس للنّساء، ولكن بشرطين مهمّين راعتهما الشّريعة الإسلاميّة:

1- الشّرط الأوّل: أن يدرّسهنّ من وراء حجاب، وذلك لأنّ أوّل خطوات الشّيطان على قلب الإنسان حتّى يوقِعه في شِراك الرّذيلة والعصيان هو نظر النّساء إلى الرّجال،

ونظر الرّجال إلى النّساء، فقال تعالى:{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ

مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... (31)} [النّور].

2- الشّرط الثّاني: مراعاة الأدب في التّخاطب: فإذا ما كان هناك طرحٌ للأسئلة من طرف النّساء أو مشاركة في تدعيم الدّرس، فينبغي مراعاة الأدب في الكلام،

وذلك باجتناب التحدّث بتمطيط الكلام والخضوع بالقول فيه، قال الله تعالى:{ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً } [الأحزاب: من الآية32].

وإذا كنا نشترط ذلك في الكتابة في المنتديات فكيف بالكلام المباشر ؟

* أمّا تدريس النّساء من غير حائل فقد جوّزه العلماء، أخذا ممّا رواه البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهقال: قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ.

ولكنّهم ذكروا شروطا زائدة على ما ذكرنا أوّلا:

الأوّل: أن يكون متقدّما في السنّ، فإنّ ذلك أبعد عن الفتنة.

الثّاني: أن يكون زيادةً على التّقوى متّصفا بالحزم.

الثّالث: أن يكون العلم الّذي يبثّه في النّساء ضروريّا، ممّا لا يسع النّساء جهله، أمّا مثل علوم الآلة كالنّحو والأصول وغير ذلك، فليس ثمّة ضرورة إلى أن يبدُو

أمامهنّ.

وهذه الشّروط مستنبطة من القياس على حال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقياسا على من حضر مجالس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من النّساء اللاّت اشتهرن بالتّقوى

والأدب.

فإذا توفّرت هذه الشّروط فجائز للنّساء حضور مثل هذه المجالس، وإلاّ فلا، ولتعلم الأخت المسلمة أنّ شهادة الله لأمَتِه بالتّقوى والصّلاح، خير وأبقى وأزكى من

أيّ شهادة أخرى، ولتتذكّر قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَاتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ ))، فالحديث ورد في طلب الرّزق

العامّ من شراب وطعام، فكيف بالرّزق الخاص وهو ما يقرّب من ربّ الأنام.

والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم.

جزاك الله كل خيرا ونفع بك وحفظك من كل سوء ومكروه