السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
وأعتذر مرّة أخرى عن تأخري عن التجاوب مع إخواني وأخواتي، وأسأل الله أن يتجاوز عن تقصيري في حق نفسي وفي حق إخواني

أما الجواب عن الشطر الأول من السؤال، وهو الغاية التي من أجلها خلقنا الله عزّ وجلّ فهو معروف لدبنا جميعا، ألا وهو عبادة الله وحده لا شريك له، والآية نص في ذلك حيث سبحانه وتعالى حصر الغاية من الخلق بأقوى أدوات الحصر النفي والإثبات فقال: {وما خلقت الجن والإنس}هذا نفي، وقوله تعالى: { إلا ليعبدون } إثبات ، وهذه الصيغة أقوى صيغ الحصر، كما هو مقرر في موضعه من علم البلاغة، مع أن الإنسان خلق للتكاثر، ولتعمير الأرض،، وللتعارف، ولكن لما كان كل هذه المقاصد والغايات إنما هي بالعبادة، وبدونها ستكون حسرة وندامة، لذلك تجوهلت في الآية، لأنها أمام الغاية العظمى كلا شيء، والذي ينبغي أن نلفت إليه أنظار إخواننا وأخواتنا، أن للعبادة مفهوما عاما، ليس محصورا في الأركان الأربعة، أو النوافعل المعروفة من صيام وصدقة وصلاة، قال شيخ الإسلام رحمه الله:
العبادة " هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه : من الأقوال والأعمال الباطنة، والظاهرة، فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة؛ وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر . والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار، واليتيم، والمسكين، وابن السبيل، والمملوك من الآدميين، والبهائم، والدعاء، والذكر، والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة . وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله، والإنابة إليه . وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف لعذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة لله. وذلك أنالعبادة لله هي الغاية المحبوبة له والمرضية له، التي خلق الخلق لها كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } وبها أرسل جميع الرسل.اهـ مجموع الفتاوى(10/149 ـ 150)

أما الشطر الثاني من السؤال: وهو كيف نستوعبه، وإن صح التعبير كيف نستشعره، فهو في الحقيقة يأتي بعد طول تأمّل وتألّم ومعاناة لأعظم ذنب عصي به الله جل وعلا في الأرض،وكيف صرف العباد قلوبهم وألسنتهم وأعمالهم عن الله إلى غيره، وهو المكرم المنعم المتفضل سبحانه لا إله غيره ولا ب سواه، في صورة تعد من أشد أنواع الظلم الذي يمارسه العبد في حق ربه {إن الشرك لظلم عظيم}أن يعلّق قلبه بغيره، وأنا دائما أضرب مثالا في دروسي حتى أُشْعِرُ الناسَ بحقيقة الشرك المرتكب في حق الله، ومن ثمَّ معرفة حقيقة وعظمة ولذة التوحيد، فأقول:
]ليتصور أحدنا أن له أولادا ينفق عليهم، يسهر عليهم، يشقى لأجلهم،، يكدح وينصب، ويتعب، ويسعى في كسب الرزق من أجلهم، يسهر لمصابهم، ويمرض لمرضهم، ويحزن لحزنه، ثم هم تجدهم يتعلقون بجاره، يتشممونه، ويقبلونه، ويشكرونه،ويثنون عليه، كيف سيكون حال هذا الأب تجاه أولاده، وهذا بين مخلوق ومخلوق، هُضِمَ حقه، ولم يعترف له بفضله وحقه عليهم = ولله المثل الأعلى = سبحانه فهو غني عن الخلق وعبادتهم، وهذا تقريب للحقيقة الظلم الواقع في حق الرب سبحانه، وإلا لا مقارنة بين هذا وذاك، فإذا استحضر العبد هذه الحقيقة في قلبه عقد العزم على أن يسخر حياته كلها لأجل التوحيد، أسأل الله أن أكون قد قرّبت ذلك لإخواني ولأخواتي ولو بهذا الجهد اليسير


أما سؤالك
[b]

قال تعالى:{ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن اصابه خير إطمأن به وإن أصابته فتنة إنقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة} الآية 11 من سورة الحج
شيخنا الفاضل في هذه الاية :كيف يكون إيماننا بالله راسخا لا يتزعز ع إذا ما تعرضنا لمصيبة؟
فأرجو أن يوجّه هذا السؤال للشيخ عبد الحليم توميات العالم الربانيّ حفظه الله فإنّي أحسبه أجدر بالإجابة عليه، فالإنسان أعرف بنفسه، والشيخ عبد الحليم أحسبه والله حسيبه فوقي بمراحل في هذا الباب،أسأل الله أن يغفر لي جدّي وهزلي وخطئي وعمدي وكلّ ذلك عندي، وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم

وكتب أبو وائل حسّان بن حسين شعبان
عفا الله عنه بمنه وكرمه
الرياض 18رجب 1431هـ