أحقًا هو اختلاف [ المطالع ]
أم هي [ الانتماءات ] الحزبية والمذهبية
و [ الأهواء ] السياسية والشيطانية !؟

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :

فيقول شيخ الإسلام ؛ أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام - قدس الله روحه - : ( ولا ريب أنه ثَبُتَ بالسنة الصحيحة واتفاق الصحابة : أنه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم ، كما ثَبُتَ عنه في " الصحيحين " أنه قال : « إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته » .

والمعتمد على الحساب في الهلال ، كما أنه ضال في الشريعة مبتدع في الدين ، فهو مخطىء في العقل وعلم الحساب ، فإن العلماء بالهيئة يعرفون أن الرؤية لا تنضبط بأمر حسابي ، وإنما غاية الحساب منهم إذا عدل أن يعرف كم بين الهلال والشمس من درجة وقت الغروب - مثلاً - ؟

لكن الرؤية ليست مضبوطة بدرجات محدودة ، فإنها تختلف باختلاف حدة النظر وكلاله ، وارتفاع المكان الذي يتراءى فيه الهلال وانخفاضه ، وباختلاف صفاء الجو وكدره ، وقد يراه بعض الناس لثمان درجات ، وآخر لا يراه لثنتي عشر درجة ، ولهذا تنازع أهل الحساب في قوس الرؤية تنازعًا مضطربًا ، وأئمتهم : كبطليموس ، لم يتكلموا في ذلك بحرف ، لأن ذلك لا يقوم عليه دليل حسابي .

وإنما يتكلم فيه بعض متأخريهم ، مثل : كوشيار الديلمي ، وأمثاله ، لما رأوا الشريعة علقت الأحكام بالهلال ، فرأوا الحساب طريقًا تنضبط فيه الرؤية ، وليست طريقة مستقيمة ولا معتدلة ، بل خطؤها كثير ، وقد جرب ، وهم يختلفون كثرًا : هل يري ؟ أم لا يري ؟

وسبب ذلك : أنهم ضبطوا بالحساب مالا يعلم بالحساب ، فأخطأوا طريق الصواب ، وقد بسطت الكلام على ذلك في غير هذا الموضع ، وبينت أن ما جاء به الشرع الصحيح هو الذي يوافقه العقل الصريح ؛ كما تكلمت على حد اليوم - أيضًا - ، وبينت أنه لا ينضبط بالحساب ، لأن اليوم يظهر بسبب الأبخرة المتصاعدة ، فمن أراد ان يأخذ حصة العشاء من حصة الفجر ، إنما يصح كلامه لو كان الموجب لظهور النور وخفائه مجرد محاذاة الأفق التي تعلم بالحساب .

فأما إذا كان للأبخرة في ذلك تأثير ، والبخار يكون في الشتاء والأرض الرطبة أكثر مما يكون في الصيف والأرض اليابسة . وكان ذلك لا ينضبط بالحساب ؛ فسدت طريقة القياس الحسابي .

ولهذا توجد حصة الفجر في زمان الشتاء أطول منها في زمان الصيف . والآخذ بمجرد القياس الحسابي يشكل عليه ذلك . لأن حصة الفجر عنده تتبع النهار ، وهذا أيضًا مبسوط في موضعه ، والله سبحانه أعلم ، وصلى الله على محمد ) . " مجموع الفتاوى " : (25/207) .


وقال سماحة شيخنا الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز - طيب الله ثراه - : ( الحساب لا يُعَوَّلُ عليه في رؤية هلال رمضان ولا غيره من الأحكام الشرعية بإجماع أهل العلم ، حكى الإجماع في ذلك شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية - رحمه الله - .

والحجة في ذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : « صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم ؛ فأكملوا العدة ثلاثين » .

أما الآلات ؛ فظاهر الأدلة الشرعية عدم تكليف الناس بالتماس الهلال بها بل تكفي رؤية العين .

ولكن من طالع الهلال بها وجزم بأنه رآه بواسطتها بعد غروب الشمس ، وهو مسلم عدل ؛ فلا أعلم مانعًا من العمل برؤيته ؛ لأنها رؤية العين لا الحساب .

وأما المملكة العربية السعودية فهي تعتمد الرؤية بالعين في جميع الأحكام الشرعية كدخول رمضان وخروجه ، وتعيين أيام الحج ، وغير ذلك من الأحكام الشرعية ، وفق الله الجميع للفقه في الدين ، والثبات عليه . إنه جواد كريم ) .


وقال أيضًا - غفر الله له - : ( والمحاكم الشرعية في السعودية تعمل بالرؤية وتحكم بها ، ونحن نؤيدها في ذلك طاعة لله - سبحانه - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الذي عليه المحققون من أهل العلم ) .


وقال أيضًا - قدس الله روحه - : ( أما ما ذكرتم عن صومكم معنا وفطركم معنا لكونكم أقمتم في أسبانيا أيام رمضان ؛ فلا بأس ولا حرج عليكم في ذلك ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ؛ فإن غم عليكم ؛ فأكملوا العدة ثلاثين » ، وهذا عام لجميع الأمة ، والمملكة العربية السعودية أولى الدول بالاقتداء بها ، لاجتهادها في تحكيم الشريعة ، زادها الله توفيقًا وهداية ؛ ولأنكم في بلاد لا تحكّم الإسلام ، ولا يبالي أهلها بأحكام الإسلام ) . " مجموع فتاوى ومقالات " : ( الجزء الخامس عشر ) .




[ أسئلة صريحة تبحث عن إجابات مريحة ]

يكثر في [ الأيام الفضيلة ] من كل عام جدل واختلاف يدور حول معرفة [ مطالع ] الأحكام الشرعية كـ [ دخول رمضان وخروجه ، وتعيين أيام الحج ] ، وهل يصام مع [ الدولة الفلانية ] أم يفطر مع [ الدولة العلانية ] !؟ ، وهل يجوز اعتماد [ الحسابات الفلكية ] كبديل عن [ الرؤية الشرعية ] لهلال الشهر الهجري !؟


واتسأل :
• هل [ الخلاف والجدل السنوي ] في اثبات دخول الشهر أو الخروج منه هو حقيقةً بسبب [ اختلاف المطالع ] ، أم خلافٌ ظاهره وباطنه [ الانتماءات ] الحزبية والمذهبية ، و [ الأهواء ] السياسية والشيطانية عند [ أصحابه ] !؟

• لماذا يتحد أبناء [ الإسلام ] خلف اعلان [ مجلس القضاء الأعلى ] في المملكة العربية السعودية ، ويترقبون منه بعناية فائقة [ اثبات ] رؤية هلال [ دخول رمضان وخروجه ، وتعيين أيام الحج ] من كل عام !؟ هل لأن [ أرباب ] الفرق الباطنية كـ [ الرافضة والصوفية ، والمعتزلة والأشاعرة ، والأباضية والقرضاوية ] ، يسيطرون - للأسف - على وزارات [ الأوقاف والقضاء ] في البلاد الإسلامية !؟

• هل يثق [ الموحد ] بالمؤسسات [ الشرعية ] في بعض الدول الإسلامية ، والتي يسيطر عليها [ أرباب ] البدع والضلال والفجور !؟ ثم أليس الأصل عند [ هؤلاء ] مخالفة [ أهل السنة والجماعة ] في القضايا الشرعية !؟ ومخالفة [ المملكة العربية السعودية ] لأسباب عقائدية وسياسية !؟

• هل يتجرأ [ أرباب ] هذه [ الفرق الباطنية ] على الوقوف على صعيد عرفات - مثلاً - بعد الوقفة التي يقررها [ مجلس القضاء الأعلى ] ، أو أن تكون أيام التشريق - عندهم - بعد أو قبل [ الحجيج ] ، أم أنهم يخجلون من ذلك !؟ ولماذا [ جعجعتهم ] في رمضان فقط !؟

• لماذا [ يظهر ] - هؤلاء - في [ رمضان ] من كل عام !؟ دون غيره من أشهر السنة [ الهجرية ] الإسلامية !؟ ولماذا لا نسمع دعاة [ الحسابات الفلكية بديلاً عن الرؤية الشرعية ] اعتمادهم [ الحسابات ] في الأشهر [ الهجرية ] كلها !؟ لماذا يخرسون ، وتغلق أفواههم بـ [ الفضائيات والمنتديات ] !! ويتحينون [ شق الصف ] في رمضان فقط !؟

• لماذا تؤرخ [ دولة ] واحدة - حرسها الله تعالى - بـ [ التقويم الهجري ] بينما يبتعد [ أرباب ] هذه [ الفرق الباطنية ] عن التمسك به ، بل ويعتمدون على [ التقويم النصراني ] ، ولا يعرفون الأشهر [ الهجرية ] إلا في [ المناسبات ] البدعية الباطنية الدخيلة كـ : [ الاحتفال بالمولد النبوي ، والإسراء والمعراج ، والنصف من شعبان ] !؟ أو إذا أرادوا شق [ الصفوف ] كما هو حالهم من كل عام في [ شهر رمضان ] !؟

• لماذا [ ينساق ] من يعيش في [ البلاد الكفرية ] على الحسابات [ القرضاوية ] ، والفتاوى [ الأوروبية ] ، ويحرصون - أشد الحرص - على مخالفة [ بلادهم ] الإسلامية و [ مؤسساتها ] الشرعية !؟ أيريد - هؤلاء - من هذه [ المخالفة ] أن يقيموا الدولة [ الحصافية ] - مثلاً - في [ أوروبا ] أم هي تلك العقيدة [ الخارجية ] وأحلام الدول [ الكرتونية ] - عندهم - !؟


اسأل الله - عز وجل - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى
أن يوحد صفوف المسلمين على [ الكتاب والسنة ]
وأن يولي على [ مؤسساتهم ] الشرعية خيارهم
وأن لا يولي عليها شرارهم
إنه ولي ذلك والقادر عليه