وماتفسير قوله صلى الله عليه وسلم*من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة* هل هناك سنة حسنة واخرى سيئة
ارجو ايضاحا بامثلة

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فإنّه لا دلالة في هذا الحديث على استحسان البدع، وذلك من أوجه:
الوجه الأوّل: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقل: ( من أتى ببِدعة حسنة ) !
الوجه الثّاني: أنّه لا ينبغي ضرب النّصوص بعضها ببعض، فهو في كلّ خطبة: خطبة جمعة، أو عيدين، أو نكاح أو غيرها، يصرّح قائلا: (( كلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ))، ولم يستثنِ مرّة واحدة بدعة حسنة من غيرها.
الوجه الثّالث: أنّ الحسن هو ما استحسنه الشّرع، وغيره ضلال، ولو كان هناك في الدّين بدعة حسنة لم يكُنْ هناك معنى من تحذير النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من البدع.
الوجه الرّابع: وهو وخير ما يوضح لنا معنى الحديث ويُجلّيه، ألا وهو سبب ورود الحديث، إذ كما هو مقرّر في الأصول: ( إنَّ العلم بالسَّبب يُورث العلم بالْمُسبَّبِ ).
فقد روى مسلم عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
كُنَّا فِي صَدْرِ النَّهَارِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ قَوْمٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَـارِ وَالعِبَاءِ، مُتَقَلِّدِيّ السُّيوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ الفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ:
(({ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } إلى آخر الآية ... {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }، والآية التِي فِي "الْحشر":{ اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ }، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ )) حَتَّى قَالَ: (( وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ )).
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَـعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجورِهِمْ شَيءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ )).
شرح الحديث:
فقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً ): أي: أتى بطريقة مرضية يشهد لها أصل من أصول الدّين، وأحيا أمرا من الشّريعة غفل النّاس عنه، لأنّ ما تفطّن له ذلك الصّحابيّ رغّب فيه الشّرع وهو ( الصّـدقـة )، فهل الصّدقة بدعة حتّى يقال إنّها بدعة حسنة ؟!
فدَلَّنا سبب ورود الْحديث عَلى أنّ الْمقصود به من شَجَّع وحثَّ ورغَّب فِي فعل أمرٍ مشروع، ولذلك يفسّر كثير من العلماء معنى ( سنَّ سُنَّةً حَسَنَةً ) أي: أحياها.
ومن أحسن من ردّ استدلال أهل البدع بهذا الحديث الإمام الشّاطبيّ رحمه الله في كتابه العُجاب " الاعتصام ".
والله الموفّق.

اللهم احفظ شيخنا ناصر السنة و قامع البدعة أبو جابر عبد الحليم
سبحان الله ما أشبهك يا شيخ بعلاٌمة الشام رحمه الله في غيرتك عن السنة
الله انصر السنة و أهلها و عليك بالبدعة و اهدي أهلها