الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 تفسير كلمة التوحيد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
34

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


تفسير كلمة التوحيد Empty
مُساهمةموضوع: تفسير كلمة التوحيد   تفسير كلمة التوحيد I_icon_minitimeالثلاثاء 5 أغسطس 2008 - 19:40


تفسير كلمة التوحيد
للشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية - سابقا -

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيّئاتِ أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُُه.

﴿يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيّئاتِ أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُُه.

﴿يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ` يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 71].

أمّا بعد: فإنّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ r وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة وكلَّ بدعةٍ ضلالة وكلّ ضلالةٍ في النار.

فإنَّ التمسك بالكتاب والسنة عقيدةً ومنهجًا أمرٌ لا بدَّ منه لكلِّ مسلم؛ فعلينا أن نستمسك بكتاب الله وسنة رسول الله r التي أُوتي رسولُ الله r فيها جوامع الكلم، ومن جوامع كَلِمِه r التي تحتوي الدِّين كلَّه حديث جبريل المشهور كما روى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t عنه قال: <بَيْنَمَا كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ r إِذْ جَاءَنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَر وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَيْهِ عَلى فَخِذَيْه،فقال أَخْبِرْني عَنِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ: الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ البَيْتَ إِنْ اِسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا،قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُه>؛ لأنَّ من عادة الجاهل إذا سأل عن أشياء لا يعرفها لا يقول للمجيب صدقت وإنما يقول صدقت من يعرف تلك الإجابة <فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُه>

<قَالَ: فَأَخْبِرْني عَنِ الإِيمَان قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمُ الآخِر وَبِالقَدَرِ خَيْرِهِ وِشَرِّهِ قَالَ: فَأَخْبِرْني عَنِ الإِحْسَانِ قَالَ: الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لم تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: فأَخْبِرْني عَنِ السَّاعَةِ قَالَ: مَالمسْؤُولِ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائل قَالَ: فَأَخْبِرْني عنْ أَمَارَاتها قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الحُفَاَةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ؛ ثُمَّ ذَهَبَ وَمَكَثَ مَلِيًا؛ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنِ السَّائِل؟ قَالُوا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم قَالَ: ذَلِكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ>[1] جاء جبريل في هذه الصُّورة الغريبة التي حكاها عمر t بأمر من الله؛ لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ [مريم:64]، وجبريل u لا يأتي إلا بأمرٍ من الله، فقد أبطأ على النبي r يوماً، فسأله النَّبي r فأنزل الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ [مريم:64] قال النَّبيُّ r: <أَتَاكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ>؛ لأنَّ هذه أسئلةٌ عظيمة حَوَتْ أركانَ الإسلام وأركانَ الإيمان والمرتبةَ الثالثة الإحسان، ونصوص القرآن والسُنَّة تدور على هذه الأصول وتضيف إضافات في العقائد والمعاملات وغيرها، ذكر أركان الإيمان وأركان الإسلام التي لا بدَّ منها، لا بدَّ أن تتوفر جميعًا في المسلم؛ فإذا فَقَد واحدةً منها فلم يؤمن به فليس بمسلم ولا مؤمن، وجعل أركانَ الإسلام خمسة؛ كما في حديث عبد الله بن عمر :t < بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلى خَمْسٍ: شَهَادَة أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله وَإِقَامِ الصَّلاَة وَإِيتَاءِ الزَّكَاة وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ البَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاَ>[2]؛ فهذه أركان الإسلام، شهادة أن لا إله إلا الله وهي أساس الدِّين كلِّه، ولا يدخل المرء في الإسلام إلا بها، وإذا أتى بما ينقضها خَرَجَ من الإسلام، ومعناها لا معبود بحقٍّ إلا الله، تقول <أشهد أن لا إله إلا الله>،يعني: تشهد بأنَّ الله وحده هو الذي يستحق العبادة، وعبادة غير الله كلُّها باطلة، الأنبياء والملائكة والصَّالحون والأشجار والأحجار والشَّمس والقمر كلُّ هذه الأشياء عُبِدَت من دون الله، ولكنَّ عبادتها باطلة، فيشهد المؤمن أنَّ الله وحده هو الذي يستحق العبادة، لا يشاركه أحد في ذَرَّةٍ منها؛ فإذا صَرَفْتَ شيئًا من هذه العبادة التي يجب إخلاصُها لله وصرفُها إليه وحده والتوجُه إليه بها وحده، إذا صَرَفت شيئًا من هذا لغير الله أشركت بالله ـ والعياذ بالله ـ؛ فيجب أن نعرف معنى العبادة ونعرف معنى <لا إله إلا الله>، فإنَّ أناسًا كُثُراً لا يعرفون معنى العبادة ولا يعرفون معنى هذه الكلمة <لا إله إلا الله>، يقولون معناها: لا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت ولا ضار ولا نافع إلا الله... وهكذا، وهذا الكلام حق، لكن ليس هو معنى <لا إله إلا الله>، فإنَّ هذا الكلام الذي يقولونه إنما هو الإيمان بتوحيد الربوبية الذي كانت تؤمن به قريش ومن سبقها من الأمم التي كذَّبت الأنبياء، وهم يؤمنون بأنَّ الله هو ربُّ السَّماء وربُّ الأرض، وأنَّه خالق هذا الكون ومدبِّرُه ومنظِّمُه؛ ولكن لا يعترفون بأنَّه هو الذي يستحق العبادة وحده، ومن الأدلة على الفَرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ـكلُّها حقٌ والله ـ أنَّ الربوبية لها معنى خاص وصفات خاصة، والإلهية لها معنى خاص، ـ ولا بدَّ منهما ـ ، فالكفار كانوا يفرِّقون بين توحيد الربوبية وبين توحيد الألوهية يعترفون بتوحيد الربوبية؛ كما قال سبحانه وتعالى عنهم: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف:9]، لا يكابرون في هذا، وفي آيات كثيرة جاءت في سُوَرٍ عديدة من القرآن أنهم يؤمنون بتوحيد الربوبية، لكنهم لا يؤمنون بتوحيد الألوهية، قال تعالى مخبراً عن حالهم وواقعهم: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الصافات:35] وقال عزَّ وجلَّ عنهم: ﴿أََجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)﴾ [ص:5-6]، أي أمورٌ مُبَيَّتَةٌ ضدَّ آلهتنا، فيتَّخذون الآلهة في عباداتهم في حين يقرُّون بتفرُّد الله سبحانه وتعالى بالخلق والرَّزق، لكن العبادة مشتركة في نظرهم الضَّال ! ويأتي النَّبي ويدعوهم إلى هذا التوحيد توحيد الألوهية؛ فيكذِّبونه ولا يكذِّبونه في توحيد الربوبية ؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ﴾، فآمن بهذا التوحيد واتبع الرُّسل وأطاعهم ﴿وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ [النحل:36] ؛ فكذَّب بهذا التوحيد ووقع في الضَّلال البعيد وكفر بالله وأشرك به وكذَّب رُسله -، المقصود أنَّ الأمم الكافرة التي كذَّبت الرُسل ما كانت تنكر توحيد الربوبية؛ يؤمنون بربوبية الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأنَّه هو الذي خَلقَ هذا الكون ودبَّره ونظَّمه وخَلَقَهم وأعطاهم السَّمع والبصر وأنزل لهم المطر من السَّماء وأنبت لهم النبات، كلُّ هذا يعترفون به ولا يُنكِرونه، وهذا التوحيد هو الذي وقف عنده كثيرٌ من فِرَقِ الضَّلال لا يعرفون غيره وكلمة<لا إله إلا الله> يقولونها ويؤذِّنون بها على المآذن، يعلنونها في اليوم خمس مرَّات؛ لكنَّهم لا يعرفون معناها ولا يعرفون شروطها، والذي أضلَّهم في هذا الباب أهلُ الفلسفة والمنطق، أهل الكلام الضَّال الذين قال فيهم الإمامُ الشافعي ـ رحمه الله ـ <حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنِّعال ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا جزاء من ترك كتاب الله وسنة رسول الله وأقبل على الكلام>[3]، وأئمَّة الإسلام كلهم حرَّموا هذا الكلام الباطل الذي أقبلت عليه الفِرَق الضَّالة من الخوارج والرَّوافض والمعتزلة حتى الأشاعرة التحقوا بهم والصُّوفية؛ فأضلَّهم علم الكلام الذي أجمع سلفُ الأمَّة على تحريمه وضلال أهله وقال فيه الشافعيـ رحمه الله ـ < لأن يَلقَى اللهَ العبدُ بكلِّ ذَنبٍ ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الهوى >[4]، ـ والعياذ بالله ـ ؛ فإَّنه أوقعهم في ضلالٍ بعيد، أوقعهم في تعطيل أسماء الله وصفاته فعطَّلوا صفات الله بآرائهم وعقولهم وفلسفاتهم، وأفسدوا معنى توحيد العبادة، وأَعطوا لهذه الكلمة <لا إله إلا الله>، معانٍ ليست منها ولا تدل عليها هذه الكلمة، فإنَّ الأمر الذي تدل عليه إنما هو أن الله هو المعبود المستحقُّ للعبادة وحده لا يشركه فيها أحد، والقرآن دلَّ على أنَّ الأنبياء كلَّهم دَعَوْ إلى معنى هذه الكلمة وإلى تحقيقها.

وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] أي: ليقولوا <لا إله إلا الله> ويعبدوه ويتقربوا إليه بما يستحقُّ من العبادة التي شرعها وأَذِن فيها، فيجب أن نعرف معنى <لا إله إلا الله>؛ بأنَّه لا معبود بحق إلا الله، وأنَّ غيره من الأنبياء جميعًا والرُّسل والملائكة والصَّالحين لا يستحقون ذَرَّةً من العبادة؛ بل هم كلُّهم عباد الله، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) ﴾، [مريم:93-95]، وكلُّهم يدعون إلى إخلاص العبادة لله عزَّ وجلَّ؛ فهم أَعبَدُ النَّاس، الأنبياء هم سادة العُبَّاد وقادتهم، يخافون الله أشدَّ الخوف، ويُصَلُّون له ويصومون له، ويُزَكُّون ويخشعون، ويخضعون، ويخافون، ويرتجفون خوفًا من الله U ويستحيون من الله U، ويتوكلون على الله U، ويعتمدون عليه في كلِّ شؤونهم وأمورهم، ويدركون أنه لا حول لهم ولا قوة إلا بالله U، ويعتقدون أنهم لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، ولا يملكون لغيرهم شيئًا من هذه الأمور، وقد قال الله لأفضلهم وأكرمهم وهو محمَّد rوخاتمهم: ﴿قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف:188]، الله يأمر الرسول أن يقول هذا يقولها مؤمناً بها وداعياً إليهاr بصدقٍ وإيمانٍ وإخلاص، وأمره سبحانه وتعالى أن يقول: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً﴾ [الجن:21]؛ فإذا كان هذا حال رسول الله r أفضل خلق الله وأقربهم إليه لا يملك لغيره نفعًا ولا ضرًّا فكيف بمن سواه ومن هو دونه؟! ولمَّا أنزل الله عليه : ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء : 214]صعد على الصفا وقال: يا بني فلان ويابني فلان، يا بني عبد المطلب، يابني فهر، يا بني لؤي! فاجتمعوا فقال: <إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد، أَرَأَيْتُمْ لَوْ قُلْتُ لَكُمْ أَنَّ خَيْلاً مِنْ وَرَاءِ هَذَا الجَبَلِ أَتُصَدِّقُوني؟ قَالُوا مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا،قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد>[5]؛ فغضب أبو لهب ـ قبَّحه الله ـ وشتمه وقال تبًّا لك ألهذا دعوتنا؟! دعاهم رسول الله r إلى عبادة الله وحده وإلى ترك عبادة اللاَّت والعُزَّى ومناة الثالثة الأخرى وما شاكلها من المعبودات، وأبو لهب على رأس الزعماء المعارضين لرسول الله r والمكذِّبين له، وقد آذى رسولَ اللهr أذًى شديدًا من أجل هذا التوحيد، فلو أنّه قال لهم: مَنْ ربكم؟ مَنْ خلقكم؟ يقولون: الله، وعلى رأسهم أبو لهب، مَنْ خَلَقَ السَّماء؟ من خَلَقَ الأرض؟ يقولون: الله، ما يكابرون أبداً، لكن عندما يقول لهم: <لا إله إلا الله> يستكبرون؛ فأهل الكلام جاؤوا بمعانٍ فاسدة ل <لا إله إلا الله>؛ أضلت أُممًا عن معنى هذه الكلمة، وإلى الآن كلُّ الفِرَق إلاَّ أهل المنهج السَّلفي ـ والله أعلم ـ ولا أدري لعل بعض الأفراد يشاركونهم، وإلاَّ فالمناهج والمدارس ـ مدارس الصُّوفية ومدارس الرَّوافضـ على هذا التفسير الباطل؛ فلهذا ترى عبادة القبور، والتعلق بغير الله، واعتقاد أنَّ الأولياء يعلمون الغيب ويتصرَّفون في الكون.. حتى وقعوا في الشرك في توحيد الربوبية؛ لجهلهم بمعنى <لا إله إلا الله>؛ ولجهل بعضهم حتى بمعاني الربوبية الأمر الذي ما جهله الكافرون؛ لأنه اندَّس في صفوف هذه الفِرَق من الرَّوافض والصُّوفية ملاحدة وزنادقة يريدون هدم الإسلام؛ فَيَلْبَسْ هذا الملحد وهذا الزِّنديق، فيَلْبَسُ لباسًا إسلاميًّا لباس العُبَّاد الزُهَاد وهو ملحدٌ في نفس الوقت، فيَدُس الشِّرك والإلحاد والحُلول ووحدة الوجود، كلُّ هذه الأمور انتشرت في فِرَق التصوُّف؛ حتى لا أظن الآن فرقة صوفية على وجه الأرض إلاَّ وتقع في الشِّرك وفي الحلول ووحدة الوجود ـ في الجملة ـ وقد يَسْلَم بعض الأفراد من الوقوع في هذا الإلحاد؛ لكن رؤوس هذه الفِرَق فيما أظن لا يَنْجَوْنَ من هذا الضَّلال، ومن اعتقاد أنَّ الأولياء يعلمون الغيب ويتصرَّفون في الكون، ومن عقيدة الحلول ووحدة الوجود ومن الدعاء لغير الله والذبح لغير الله والاستعانة بغير الله؛ ـ فنسأل الله العافية ـ .

فعلينا أن نعرف معنى <لا إله إلا الله> معرفةً واضحة جلية، ونعرف معنى العبادة التي تضمنتها <لا إله إلا الله>.

والعبادة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: < العبادة اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبه اللهُ ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة>، يجمع عبادة القلوب وعبادة اللِّسان وعبادة الجوارح، فالتي تتعلَّق بالقلب : الخوف والرجاء والرَّغبة والرَّهبة والتوكل والمحبة وما شاكل ذلك من الأمور القلبية، هذه عبادات قلبية لا بدَّ منها ولا يجوز أن نصرف منها شيئاً لغير الله، وعبادة اللِّسان يأتي في مقدِّمتها النُطق بالشهادتين، ثم سائر الأذكار من تلاوة القرآن والواجبات والمستحبات؛ فيكون النطق باللسان في الصَّلاة واجباً بقراءة الفاتحة في كلِّ ركعة؛ كما قال النَّبيُّ r:<لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتحَةِ الكِتَاب>[6]؛ فهذه من الأمور التي يجب على المسلم أن يطبِّقها ويتكلم بها، ومنها أمور مستحبة مثل تلاوة القرآن ومثل ذكر الله وتسبيحه وتهليله أعقاب الصَّلوات وعند النوم وفي السَّفر وفي الحضر وما شاكل ذلك، فالعبادات تنقسم إلى واجبات ومستحبات، فعلى المسلم أن يعرفها ويتقرَّب بها إلى الله U، والجوارح يأتي في طليعة أعمالها القيام في الصَّلاة والرُّكوع والسُّجود، وأعمال الحج من الطواف وسائر المناسك والشعائر، وغير ذلك من عبادات الجوارح ، تصلي لله بجوارحك مع قلبك ولسانك تركع وتسجد وترفع من الركوع وتجلس بين السجدتين، والحج ترحل ببدنك لتؤدي هذا الرُّكن، تطوف بالبيت وتسعى بين الصَّفا والمروة وتؤدي المناسك في عرفات وغيرها، هذه عبادات تُمَارَس بالبدن بالإضافة إلى أنَّك تحتاج إلى مالٍ تحقق به هذه العبادات؛

و العبادات بهذا الاعتبار كثيرة؛ عبادات القلب وعبادات اللِّسان وعبادات الجوارح يجب أن نؤديَّها لله بإخلاص، الإخلاص لا بدَّ منه في كلِّ عبادة نتقرَّب بها إلى الله U ـ نسأل الله تعالى أن يُلهمنا وإيَّاكم الرشد، وأن يوفقنا ويرزقنا الفقه في دينه خاصَّة في أبواب دين الله U، فإنَّ الفقه في العقيدة يُسَمَّى بالفقه الأكبر، والفقه في الأحكام يُسَمَّى بالفقه الأصغر والفقه الأصغر بكلِّ تفاصيله مبنيٌّ على الفقه الأكبر الذي هو العقيدة.

نسأل الله أن يفقهنا وإيَّاكم في دينه، وصلى الله وسَّلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
 

تفسير كلمة التوحيد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» فائدة ثمينة في تفسير كلمة التوحيد، للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد
» توحيد الكلمة على كلمة التوحيد
» أثرُ كلمة التوحيد عند الموت... ابن قيم الجوزية
» كلمة التوحيد طريق الى توحيد الكلمة للشيخ أبي سعيد بلعيد الجزائري
» كلمة التوحيد بتوحيد الكلمة. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: العــقيــدة الصحيحة-