الحلقة الثانية
الأخوة الصادقة قيمة من قيم التمكين والنصر والإعزاز :
من تأمل نصوص القرآن والسنة وتاريخ الأمة المجيد الذي بدأ بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم تبين له كيف استطاع هذا الدين أن يغير ذلك الواقع الجاهلي الذي سادت فيه الخلافات والفوضى والاقتتال نتيجة العصبيات القبلية والصراعات المذهبية والانحرافات الأخلاقية إلى خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله ، ولهذا حرص النبي صلى الله عليه وسلم عند قدومه إلى المدينة أن يغرس في قلوب أصحابه المحبة والإخاء في الله ، فآخى بين الصحابة المهاجرين والأنصار حتى تتآلف القلوب وتقوى الروابط على الحب في الله .
وقد كان لهذا الإخاء الأثر الكبير في التخلص والوقاية من عدة آفات سلبية نهى عنها الإسلام ، ومن هذه الآفات :
- الوقاية من الكره والتباغض والتحاسد والتهاجر:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تَبَاغَضُوا ولا تَحَاسَدُوا ولا تَدابَروا ، وكُونُوا عِباد الله إخواناً ، ولا يَحلُ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخاهُ فَوق ثَلاثِ ليالٍ )[url=#_ftn1][/url][1]
فقوله ( وكونوا عباد الله إخوانا ) لأن الأخوة تقتضي التنزه والابتعاد عن التدابر والتحاسد والتباغض ، وصفاء القلوب .
قال النووي رحمه الله : ومعنى كونوا عباد الله إخوانا: أي تعاملوا وتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال .[url=#_ftn2][/url][2]
_ الوقاية من الغيبة والنميمة وسوء الظن وتتبع العورات :
إنَّ الأخوة بعمقها الروحي والأخلاقي في الإسلام تحفظ وتقي من المساس بالأخ المسلم لأنها قائمة على أساس الدين والعقيدة المنبثقين من القرآن والسنة ، فهذه الخصال المذمومة نهى عنها رب العزة في القرآن الكريم؛ لقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ )
ففي هذه الآية مجموعة إرشادات من رب العالمين لما ينبغي مراعاته في حق المسلم إذا غاب:
أولاً: اجتناب كثير من الظن السيئ بالمؤمنين.
ثانيًا: النهي عن التجسس والبحث والتفتيش عن عورات المؤمنين؛ لما في ذلك من المفاسد والأضرار والشرور.
ثالثًا: النهي عن الغيبة؛ لما ينشأ عنا من المفاسد والآثام.
[url=#_ftnref1]
[1][/url]
أخرجه البخاري (6076) ومسلم (2558) [url=#_ftnref2]
[2][/url]
شرح مسلم ( 16/116) دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثانية ، 1392 
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: حلقات حقوق المسلم 
الأربعاء 10 فبراير 2016 - 12:52
