[size="14"]حول الجامية المزعومة بإختصار
المتابع لسير الحياة العلمية وتطوراتها والناظر في الساحة الفكرية وتجلّياته لا يكاد يطمئن إلى مثل تلك الأطروحات الضيّقة التي ينشرها أتباع القاعدة في المنتديات فالمعلوم عند جماهير المسلمين أنّ هذا الفكر الهمجي (الغلوّ في التكفير) والتنظيم المجسّد له في أرض الواقع (القاعدة) هو فكر شاذ نشأ تنظيميا في جبال افغانستان أيّام الجهاد الأفغاني لكن جذوره تعود إلى نشأة جماعة الإخوان المسلمين المصرية وما مثّلته من زخم فكري وسياسي فقد حدث شيء غريب في بلاد الأفغان أدّى إلى حالة من التلاقح الفكري (التثاقف) بين مدرستين مختلفتين تمام الإختلاف ..
- جماعة الجهاد المصرية وقد كانت تتبنى فكر التكفير
- بعض الشباب السلفي المتحمس للجهاد مع غياب الحصانة العلمية في الغالب
عندها ظهر إلى الوجود ما يسمى بالقاعدة وتعاهد زعيم حركة الجهاد الفارّ من مصر مع الملياردير السعودي بن لادن على ظرورة إكتساح الساحة وصهر الجهود في بوتقة المواجهة العسكرية مع حكّام البلاد الإسلامية قصد تحقيق الخلافة وإسقاط هذه الدول وهنا بدأت عملية تجييش الشباب باسم الإسلام لحمل السلاح وتفجير المنشآت وغير ذلك من الاعمال التي يظنّ أصحابها بأنها كفيلة بزعزعة أمن الدول وإسقاطها .. وحيث أنّ المعركة لا بدّ لها من دعاية بدأ أنصار القاعدة ببث الشبهات وتحرير الفتاوى وتربية الشباب على حين غفلة من المؤسسات الرسمية وهذا ما كانوا يطلقون عليه بمرحلة السرية وقد كان هذا الأسلوب هو أحد الأساليب التقليدية لجماعة الإخوان المسلمين - الجماعة الأم للخوارج المعاصرين - فلم يزد القوم على تفعيله وإعادة إستنساخه بشكل أكثر دموية وأكثر تطرفا وهكذا وحين بدأت اللوثات التكفيرية تظهر على أنصار القاعدة والمتأثرين بنهجها على صفحات الجرائد وباقي وسائل الإعلام برز على سطح المواجهة الفكرية مع هؤلاء علماء أعلام لعلّ أشهرهم العلامة الألباني رحمه الله وهذا لسابق اتصاله بدعوة الإخوان المسلمين في سورية وبلاد الشام وهكذا في كلّ مدينة يظهر فيها هؤلاء يبرز لمواجهتهم أسد من أسود السنة فيبيّن للناس خطأهم وإنحرافهم ويحذر الشباب الإسلامي من مغبّة السير في ركب هؤلاء وأنّ عاقبة نهجهم هي التفجير والإفساد في الأرض وقتل الابرياء في الاسواق والمساجد وغيرها بدعوى كونها معابد جاهلية وحدث أن كان العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله وهو من خيرة طلاّب العلامة ابن باز وقد حاز على درجة الدكتوراه في قسم العقيدة على رسالة حول الاسماء والصفات الإلهية قلت حدث وأن كان هذا الإمام على إتصال بأحد منظرّي هذا الفكر في المدينة النبوية فدعاه للمناظرة بعد سلسلة من الردود المسجلة فرفض المخالف الفكرة ولم يعلّق عليها فكانت تلك إشارة الإنطلاق نحو فهم عميق لظاهرة (القاعدة) وأصولها (الفكرية) و(المنهجية) فقام رحمه الله ببيان مدى مخالفة منطلقات هذا الفكر ووسائله مع المنهج الإسلامي الأصيل ممثلا في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد توصل رحمه الله إلى نتيجة خطيرة مفادها تغلغل أنصار هذا الفكر - قبل أن يصبح تنظيما - في المؤسسات الرسمية ومدى سيطرتهم على سير الساحة الفكرية فكانت كلّ الأمور توحي بانتصار قريب وإنقلاب سريع على السلطة الحاكمة في المملكة العربية السعودية فقام رحمه الله ببيان خطورة الأمر - راجع كتاب القطبية هي الفتنة فاعرفوها - وهذا ما أثار حفيظة أتباع هذا الفكر للحقد على هذا العالم الجليل الذي لم يحمله على التحذير منهم غير حبّ الخير للإسلام والمسلمين وتحذيرهم من آثار هذا الفكر المدمّر الذي اصبح الناس اليوم يعرفونها خير المعرفة بعدما خبروها في الجزائر وغيرها .. وحيث انّ المواجهة الفكرية تستلزم إستخدام المؤثرات الصوتية والفكرية قصد التشويش على المتلقي خصوصا من الجهة التي تعاني تفكّكا في منظومتها المعرفية وخللا في منهجها العلمي فقد إهتدى القوم إلى إختراع مصطلح (جامية) والزعم بأنّها (فرقة) من الفرق الضالة مع عجزهم عن إثبات مخالفة العلامة الجامي لأصول أهل السنة والجماعة المنقولة في كتب الإعتقاد لا من كتبه ولا من محاضراته ولا من ردود العلماء المعاصرين عليه فلا شيء من هذا حصل ممّا يؤكّد للقاريء الكريم أنّ الامر لا يعدوا تنفيسا عن أحقاد قديمة على هذا الإمام وهذا لقيامه بالتحذير منهم فرحم الله العلامة محمد امان الجامي وأسكنه فسيح جناته وجزاه عن أبنائه ومحبّيه كلّ خير ومن أاراد ان يعرف مكانة هذا الإمام فليقرء شيئا من مؤلّفاته أو ليسمع شيئا من محاضراته و السلام [/size]
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: حول الجامية المزعومة بإختصار 
السبت 10 سبتمبر 2011 - 18:52
