الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
للإجابة عن هذا السّؤال لا بدّ أن نعلم ما يلي:
1- العقيدة في اللغة: من العَقْدِ؛ وهو الرّبط، والإِحكامُ، والتّوثُّق.
والعَقْد نقيض الحلّ، لذلك يكون نقيض الاعتقاد الصّحيح هو الانحلال.
فما يعقد الإِنسانُ عليه قلبَه جازما به فهو عقيدة، سواءٌ أكان حقّا، أَم باطلا.
وفي الاصطلاح: هي المسائل الّتي يجب الإيمان بها إيمانا جازما مطابقا للواقع.
- فقولنا: يجب الإيمان بها أي: أن يُصَدِّقَ بها القلب، وتطمئن إِليها النّفس.
- وقولنا: إيمانا جازما: أي قاطعا يقينيّا لا يمازجه ريب، ولا يخالطه شكّ.
- وقولنا: مطابقا للواقع: أَن يكون مطابقا لمراد الله وليس من الأمور الّتي خالفت مراد الله.
وسمّي الإيمان عقيدة لأَنَّ الإِنسان يعقد عليه قلبَه.
وللعقيدة الإِسلامية أَسماء أُخرى عند أَهل السُّنَّة والجماعة؛ تُرادِفُها، وتَدلُّ عليها، منها: " التّوحيد "، و" السُّنَة "، و" الفقه الأكبر "، و" الشّريعة "، و" الإِيمان ".
أمّا تسميتها بـ( أُصُول الدِّين )، فخلاف الصّواب كما قرّره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
2- لا مشاحّة في التّعريفات:
فإنّ المصنّفين في العلوم جميعها نراهم يُشدّدون أحيانا في التّعريفات، فمِن مستدرِك، وثانٍ يعقّب، وثالث يضيف، وآخر يحترز، الخ .. ممّا عقّد كثيرا من العلوم في
مبادئها، ويتيه الطّالب في جنباتها.
فمنهم من يقول: لا بدّ أن تصان الحدود من الأحكام .. وآخر يقول: لا يجوز التّعريف بالمثال .. الخ من تلك الانتقادات الّتي سببها الرّئيس اتّباع قواعد علم
المنطق في الحدود.
والصّواب: أنّ التّعريف يتمّ بكلّ شيء يُميّز المـعـرَّف، ويقرّبه إلى الذّهن.
3- مناقشة التّعريف المذكور في السّؤال:
ذكرت – زادك الله من فضله - أنّه قيل في تعريف العقيدة:
( مجموعة من قضايا الحقّ الثّابتة، الّتي تُعلَم وتُؤخَذ بطريق السّمع، أو العقل، أو الفطرة ).
· وهذا تعريف صحيح للعقيدة الإسلاميّة الصّحيحة فقط، لأنّه جعلها مجموعة من قضايا الحقّ، وليس هو تعريفا لكلّ عقيدة، لأنّه كما سبق أن ذكرنا أنّها: ما يعقد
الإِنسانُ عليه قلبَه، سواءٌ أكان حقّا، أَم باطلا.
· وهو ليس حدّا – على اصطلاح المنطقيّين -، وإنّما هو تعريف بمصادر العقيدة، وهو أمر سائغ لا غبار عليه.
· أمّا أنّها تؤخذ عن طريق:
1) السّمع ( وهي النّصوص والإجماع ).
2) وعن طريق العقل ( وهو النّظر والتّعليل – وليس العقل المجرّد -).
3) وعن طريق الفطرة ( وهو ما يقِر به المرء قبل أن تطرأ عليه الأفكار الدّخيلة الخاطئة ).
وكون العقيدة الإسلاميّة تؤخذ عن هذه الأمور الثّلاثة هو محلّ إجماع المسلمين، غاية ما في الأمر أنّ أهل السنّة يُنكِرون على أهل البدع اعتمادهم على العـقـل
المـجـرّد ! الّذين يُخضِعون النّصوص له، أرفضه أم قبِله ؟
وفي القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الصّحيحة قواعد عقليّة كثيرة، وثرّة غزيرة، تُغني عن الأخذ بقواعد أهل الكلام، وفلاسفة اليونان.
والله الموفّق.
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: هل هذا التعريف سليم من الاعتراض؟ 
السبت 7 نوفمبر 2009 - 20:14
