الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله -

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إدارة المنتدى.

إدارة المنتدى.

عدد الرسائل :
139

تاريخ التسجيل :
30/10/2009


سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله -   سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله - I_icon_minitimeالأحد 16 يناير 2011 - 12:56


(هذا مقال أرسله احد الأحِبة - جزاه الله خيرا- على بريد المنتدى)


سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء

للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله -
عضو هيئة التحرير بمجلة الإصلاح الجزائرية



إن سلوك المرء معتقده متلازمان، فمسائل السلوك من جنس مسائل العقائد، وماكان من السلوك الأخلاقي سليما ومستقيما عُدَّ من شُعَبِ الإيمان وفروعه، وماانحرف كان دليلا على نقص إيمان صاحبه.
ولمّا كان تزكية النفوس وتطهيرها من أدرانها أصعبَ وأشدّ من علاج الأبدان من أدوائها، كان من أولويات المسلم_بعد تصحيح الاعتقاد(1)_ الاعتناء بهذا الجانب، والاهتمام به، وفي ذلك شغلٌ للمرء بنفسه عن غيره، وليس من السهولة بمكان ترك المألوف من السلوك،_إلاّ على من يسرّه الله عليه_،وليس هو من ضروب المتعذِّر والمستحيل بل من جملة الممكن القابل للتغيير والتبديل.
إنه لايختلف اثنان أن التغيير يبدأ من النفس، والذي نشأ على غير الاستقامة مدّة من الزمن قد يحتاج إلى أضعاف هذه المدة للاقلاع عمّا اعتاده وألفه من السلوكات والتصرفات، والتي يكون معظمها ممّا لا يتماشى والشرع الحنيف، ولايتفق والحياة الإسلامية المنشودة، التي من مظهرها العبودية لله تعالى، والاستقامة على سنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، حياة يرجوها كل مؤمن، ويسعى إلى تحقيقها على أرض الواقع كل مخلص صادق من الدعاة إلى الله جل وعلا.
وإذا نظرت في النفس البشرية، وجدتها دائرة بين سلوك سويٍّ محمود وآخر معوج ذميم، وما الأخلاق إلا أثر من آثار هذا السلوك بنوعيه، فمن استعان بالله_جل وعلا_ على ترك المألوفات والعوائد السيئة وأخلص لله في هذا الترك، أعانه ربُّه على ذلك، وكفى بالله معينا، قال صلى الله عليه وسلم: »وَمَنْ يَتَحَرَّ الخَيْر يُعْطَه وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَه)) (2).

ومن السلوكيات المحظورة التي جاءت الشريعة الإسلامية بمنعها والتحذير منها أشد التحذير ،((سوء الظنّ))، قال الله جلّ وعلا : » يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ,,, »[الحجرات:12]، فهذه الآية الكريمة تهتف في ضمائر المؤمنين، مخاطبةً إياهم بوصف الإيمان_لكونه خليقاً أن يكون باعثا على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم_، ولكون المؤمن مطالبا بلوازم الإيمان من فعل الأوامر، وترك النواهي ، ومن ذلك اجتناب ظنِّ السوء، والُهم الباطلة.
والمراد بالظن هنا: التُّهمة تقع في القلب بلا دليل (3)، وهو الشَّك يعرض للمرء في الشّيء فيحقِّقه ويحكم به(4)،فهو متعلق بأحوال الناس من إلقاء التهمة والتَّخوُّن بدون تثبت وتأكد، مع تحقيق ظنِّ السوء وتصديقه، كما بيَّن أهل التفسير، وإن كان الظنّ اضطرارا ويهجم على النفس هجوما، لايمكن دفعه، فالمقصود مدافعته ومقاومته بالظنون الحسنة، والأمارات الصحيحة التي تمحِّص له ظنَّه، فيتبيَّن صدق نفسه أو كذبها.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » إيّاكُمْ والظّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أّكْذَبُ الحَديثِ" (5) الحديث.
فوصف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الظنّ بأنه ((أكذب الحديث)) أي: حديث النفس، لأن الظن إنما يحصل في النفس بما يلقيه الشيطان، وأسوأ مايكون من حديث النفس هو ظنُّ السوء.
والمقصود الظنّ المجرد عن القرائن، فهذا الذي حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين ذلك أهل العلم، أما الظنّ المبني على القرائن أو كان على وجه الحذَرِ وطلب السلامة من شر الناس، فلا بأس به، ولايأثم به المرء، وقد قال الله جلّ وعلا: »اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ "[الحجرات:12] فدلّ على أنّ بعضه فقط إثم لاكلّه.
ضابط الظن الذي يجب اجتنابه عمّا سواه:
قال القرطبي:((والذي يميَِز الظُّنون التي يجب اجتنابها عمّا سواها، أنّ كل مالم تعرف له أمارة صحيحة وسبب ظاهر كان حراما واجبَ الاجتناب، وذلك إذا كان المظنون به ممّن شوهد منه السِّتر والصّلاح، وأونست منه الأمانة في الظّاهر، فظنُّ الفساد به والخيانة محرّم، بخلاف من اشتهر بين الناس بتعاطي الرِّيَب والمجاهرة بالخبائث))(6)[فنقابله بعكس ذلك](7).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة فقال:((مَا أعْظَمَ حُرْمَتَكِ!)) وفي الطريق الأخرى: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، قال: » مرحبا بكَ من بيْتٍ، ماأعظمكَ، وماأعظمَ حُرْمَتَك! ولَلْمؤمنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عند الله منكَ، إن الله حرّم منك واحدةً، وحرّم من المؤمنِ ثلاثا: دمَهُ ومالَهٌ، وأن يُظنّ به ظنّ السوءِ))(8).
ولما كان ظنّ السوء بهذه الخطورة، كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: »مايزالُ المَسْروقُ مِنْه يتظنّى حتى يصير أعظم من السارق))(9).
ويتظنّى: أي يُعمِل ظنَّه، وأصله يتظنّن.

هذا، وأنت تعلم عِظَمَ ذنب السرقة، وشؤمها على حياة الناس، وضرَرَها الاجتماعي والاقتصادي، والحد الذي حدّه الشارع الحكيم زجرا لأصحابها، ومع ذلك كله، يصير المسروق منه بسوء ظنه أعظم إثما من السارق !
وكغيره من الأدواء، فإن لهذا الدّاء العضال أسبابا، وآثارا، ودواء، نوجز الحديث عنها فيما يلي:
من الأسباب الحاملة على سوء الظن:
ضعف الوازع الديني:
وهو سببٌ عام في الذنوب، ينشأ عن قلة الخوف من الله جل وعلا، وانعدام مراقبة النفس.
الحكم المسبق على الشخص:

يدفعه إلى البداءة بإساءة الظنّ فهو أول ما يخطر بباله، لأنه صار الأصل المعتمد عنده في تعاملهولهذا ترى من يسيء الظّنّ بالآخرين ينظر بعين الإساءة مايراه غيرُه أمرا طبيعيا عاديا.
توقع ردة فعل المرء والخوف من تصرفه:
وهذا يجعل الشّخص في تهمة للآخر وشكٍّ منه مريب،ولهذا تراه يفسر تصرفات الآخر على أسوأ المحامل، ولايجتهد أبدا في إيجاد محمل حسن لها.
انعكاس حياة الفرد عليه من جهة تصوُّراته:
فالذي ينشأ في بيئة مشحونة بالظّنّ السيء بكل أنواعه، فإن العدوى تسري إليه فيصير مثلهم_إلا من عُصم_، وذلك لأنه لايكاد يجد في محيطه من يحسِّن ظنّه في إخوانه، فيألف هذا الخُلُق الذميم،ويسهل على طبعه، والمرء ابن بيئته يأخذ منها السلوك بنوعيه، الحسن والقبيح، المحمود والمذموم.
ومايخفي الصدر أكبر:
في بعض الأحيان يكون الدافع لإساءة الظن، ما يُخفي صدرُ الشخص من بغض وحقد وكراهية دفينة وربّما حسد، أدواء بعضها فوق بعض، قد امتلأ القلب بها، ففاض ريبة وشكًّا، بل ربما أدّى بصاحبها إلى التحسس والتجسس، ودفعت به هذه الأدواء إلى تتبُّع العورات والسّقطات، والتطلّع إلى السوءات والفرح بالهفوات،فجّرته معصية الظنّ إلى معاص أخرى وهكذا,,,
وفي بيان الارتباط الوثيق، والعلاقة القويّة بين سوء الظنّ والتجسس قال بعض الأفاضل:((التجسس من آثار الظنّ، لأن الظنّ يبعث عليه حين تدعو الظّانَّ نفسُه إلى تحقيق ماظنّه سرّا فيسلك طريق [التجنيس](10) فحذّرهم الله من سلوك هذا الطريق للتحقق ليسلكوا غيره إن كان في تحقيق ماظنّ فائدة))(11).
الشعور النّاتج عن سوء أفعال المرء نفسِه:
لأن صاحب الكيد كثير الظّنون، وفي المثل:((كاد المريب أن يقول خذوني))، فهو ينظر إلى المسلمين بمرآة نفسه، يظنّ أن غيره يتربص به، ويخفي الشر والبطش به، قال الشاعر:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدّق مايعتادُه من توهُّم
مصاحبة أهل الشهوات والشبهات:
وقديما قالوا : »صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار"، فمن يجالس أهل الرِّيب ويخالطهم يصِر_بلاشك_ مُريبا، فكما أن صحبة الأخيار تورِّث الخير، فكذا صحبة الأشرار تورّث الشر، ومن خادن الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم.
فالذي يجلس المجالس(الخاصّة) ينتهك فيها عرض الأبرياء ودينَهم، فيطعن فيهم ويجرِّحهم بلا خوف من الله جل وعلا،ولادين ولاورع ممتطيا لفظتَيْ :(قيل) و (زعموا)، و((بئس مطيّة الرجل زعموا))(12)، من يفعل ذلك يظن أن غيره على شاكلته، وكأنه في نظر هذا المسكين، لاهمّ للمسلم إلا الوقعية في أعراض إخوانه(!)
ثم ينحدر بيه الشيطان إلى وهم آخر فيحسب إذا توهّم شيئا، أو نُمي إليه قول، أنه هو المقصود به، فيخيِّل له الشيطان أنه صار غرضا يُرمى، فتراه يبني على ظنّه الفاسد أحكاما ينشرها بين الناس على أساس أنها حقائق في الأعيان، في حين ليست إلا أوهاما في الأذهان,,,وهكذا، في سلسلة من الظنون السيئة التي أثمرتها مثل هذه الأنفس المهزوزة، والنفسيات المضطربة، وهي متفاوتة في تمكن هذا الداء منها، والله الشافي لارب سواه.
الجهل والظلم والغلو:
وقد اجتمعت الأوصاف الثلاثة في أهل البدعوالأهواء، وخير مثال على مانحن فيه، ماكان من ذي الخويصرة التميمي_أصل الخوارج ورأسهم_ مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أساء هذا الخارجي الظن بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال مقالة السوء معترضا بها على قِسمته صلى الله عليه وسلم العادلة لبعض القسم، قال: »يا رسول الله اعْدِل"(13) وفي رواية((والله يامحمد!ماعدلت)) فانظر_يارعاك الله_ كيف جوّز أبو الخوارج الظلم عليهصلى الله عليه وسلم في قَسمه، والجور في حكمه ،وأي ُّ ظنّ أسوأ من هذا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وظن الظلم منه صلى الله عليه وسلم كفر_والعياذ بالله_ قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:((فقوله:فإنك لم تعدل)) جعل منه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم سّفَها وترك عدل، وقوله:((اعدل)) أمر له (أي للنبي صلى الله عليه وسلم) بما اعتقده هو حسنة من القسمة التي لا تّصلُحُ وهذا الوصف تشترك فيه البدع المُخالِفة للسُنّة فقائلها لابد أن يُثبت مانفته السُنة وينفي ماأثبتته السنة ويحسِّن ماقبحته السنة أو يُقبِّح ما حسّنت السنة وإلا لم يكن بِدعة,,,))(14)اهـ.
وآفة هذا الخارجي((أنه رضي برأي نفسه، ولو وقف، لَعَلِمَ أنه لارأي فوق رأي رسول الله))(15)، ورأيه الذي رضي به هو((ظنه أن العدل هو مايعتقده من التسوية بين جمع الناس، دون النّظر إلى ما في تخصيص بعض الناس وتفضيله من مصلحة التأليف وغيرها من المصالح,,,))(16).
فإذا طعن أصل الخوارج رأسُهم في النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وعلى سنّته، فمن خرج من ضِئضِئِه من الخوارج_لأشدُّ طعناً فيمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، من ولاة الأمور(حكّاما وعلماء )فتنبّه!
من آثار سوء الظن:

لاشك أنه ما من آفة من الآفات المحرمة إلا ولها أثر سيء على الفرد والمجتمع، وهذا مُطَّردٌ ، ويمكن إجمال هذه الآثار السيئة لسوء الظن فيما يلي:
إن ظن السوء_كغيره من الآفات_له أثر سيِّء على عبودية المرء لربّه، و ذلك لأن الشريعة الإسلامية ليست إلا بذلاً وكفّا، ولايتبيّن صدق العبودية إلى بذلك وكفُّ سوء الظن عن الآخرين، واجب ديني، وخلق إسلامي، وسلوك سوي، يُنبئ عن صفاء السريرة، ونقاء الطويّة.
إن تمكُّن سوء الظن من النفوس ، يقضي على الألفة والمحبة، ويقطع أواصر المودّة والثقة الضرورية لكل علاقة أخوية.
وهو مجلبة لكل بثّ وحزن، وحزازة في النّفس، قد تبين الأسى في وجه صاحبه، تراه كئيبا، قَلق الخاطر، حَرِج الصدر، قد انطوى على نفسه، يبيت ليلة يُساور الظنون، متقلبا على القتاد، لايستطيع نوما، ولايستلذ طعما.
إن مَنِ ابتُلِيَ بهذه الآفة، يعيش حربا يدور رَحَاها في نفسه، تجعل الناس ينفضّون من حوله، مخافة أن يحمل تصرّفاتهم على المحمل السيء، وهم يعلمون أنهم مخطئون لامحالة، وهذا شيء ملازم لبشريّتهم، فيُؤثرون عدم معاشرته،، ويتركون مجالسته، اتِّقاءً لهذه الظنون السيئة التي يرمي بها، فهذا فحش_من نوع آخر_ تُرك صاحبه من أجله.
ومن آثاره_أيضا_ أنه يدع قلب المرء فارغا من العزم على مغالبته، قد انطلقت ظنونه من غير حابس ٍ لها، فذهبت به كل مذهب، تقسّمته الهموم، وشعّبته الغموم، قدّر الراحة فتعب، وأراد الطمئنينة فلم يصب، ولو اجتهد في تزكية نفسه، وتطهير قلبه وتحسين الظن بإخوانه،_مستعينا على ذلك بربه_، لعاش قرير العين مسرورا، ووجدتَ به جذلا وحبورا.
إن سوء الظن أصل التباغض والتحاسد،((وذلك أن المباغض والمحاسد يتأوّل أفعال من يبغضه ويحسده على أسوأ التأويل، وقد أوجب الله تعالى أن يكون ظن المؤمن بالمؤمن حسنا أبدا إذ يقول: » لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ "[النور:12] ، فإذا جعل الله سوء الظن بالمؤمنين إفكا مبينا فقد ألزم أن يكون حُسن الظن بهم صدقا مبينا والله الموفق"(17)
إن ((الظنون السيئة تنشأ عنها الغيرة المفرطة والمكائد والاغتيالات، والطّعن في الأنساب، والمبادأة بالقتال حذرا من اعتداءٍ مظنون ظنا باطلا، كما قاللو: »خذ اللص قبل أن يأخذك"(18)
طريق العلاج:
إن سوء الظن لايَعْدوا أن يكون من وساوس الشيطان التي يكيد بها، وقد اتخذّ لنفسه خطّة يحتنك بها ذرية آدم، ليضلهم عن السبيل القويم، ويزيغهم عن المنهج السليم، وماكان كذلك فلا يُدفع إلا بذكر الله السميع العليم، وهو أعظم الأدوية على الإطلاق، ولااطمئنان للقلب إلا به، فالمتسلح بذكر الله_جل وعلا_لاتغلبه علّة، ولايقاومه داء.
ومن أنفع العلاج حلّ أسباب الداء ورفعها بضدّه،فتربية النّفس وترويضها على حسن الظن كفيل باجتثاث هذا المرض، وبهذا أدب الله عز وجل الصحّابة الكرام رضي الله عنهم،قال_جل وعلا_ في حديث الإفك: » لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ "[النور:12] فجعل المؤمنين كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور،فإذا جرى على أحدهم مكروه فكأنه جرى على جميعهم، لأن الإنسان لايظن بالناس إلا ماهو متّصف به أو إخوانه(19).
وهذا من الإيمان، كما قال صلى الله عليه وسلم: »لايؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه"(20)، وعند النسائي زيادة:((من الخير)).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يتعلم الصحابة رضي الله عنهم حسن الظن وأن يعملوا به، ويطَّرحوا الريبة والشك، والتهمة، وأن يحملوا الأفعال على أفضل المحامل وأحسن المقاصد، فكان صلى الله عليه وسلم يقول:(( المؤمن غِرُّ كريم والفاجر خِبٌّ لئيم))(21) فالمؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلا، ولكنه كرم وحسن خلق، فهو ينخدع لسلامة صدره وحسن ظنه، فترى الناس منه في راحة، لايتعدى إليهم منه شر(22).
وكذلك كان السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين، في تحسينهم الظن بإخوانهم، ودرء التُّهم عنهم، والتماس المعاذير لهم، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان صادرق الفِراسة في الناس، ممّن يصيب كبد اليقين بسهم ظنّه، إذ حدّث كدت تقول أنه يُملى عليه بلسان الغيب، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:((لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب))(23)، قد أثر عنه أنه قال:((لاتظننَّ بكلمة خرجت من فِي مسلم شرّا وأنت تجد لها في الخير محملا))(24).
وعن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله أنه قال:((إياك من الكلام الذي إن أصبت فيه لم تُؤجر، وإن أخطأت فيه أثمت، وهو سوء ظنّك بأخيك))، وذلك ((لأنك إن أصبت فيه لاتحصل أجرا، لأنك ظننت به سوءا، فإن كنت على صواب وكان ظنّك مطابقا لما فيه فلن تحصل أجرا، وإن كنت مخطئا فأنت آثم، فالإثم محقق وحاصل، والفائدة غير متحققة))(25)اهــ.
وتوفي ابنُ ليونس بن عُبَيْد فقيل له: إن ابن عون لم يأتك، فقال: إنّا إذا وثقنا بمودّة أخ لا يضرنا أن لايأتينا.
ومرّ خالد بن صفوان صديقان ، فعرج أحدهما عليه وطواه الآخر، فقيل له في ذلك، فقال: عرّج علينا هذا لفضله، وطوانا لثقته(26).
ولو وقع هذا لواحد منّا لتجافى جنبه عن المضجع من سوء ظنه، فيغرم ولايغنم، ثم يندم ولات حين مندم.
ومن العلاج أيضا البعد عن مواطن الريبة، ومواقف التُهم، ومداخل السوء، لأن هذا قد يجر غيره إلى إساءة الظن به، لعدم معرفته بملابسات الفعل، فيوشك أن يقع في الإثم بذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: »فمَنِ اتّقى الشُبُهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" أي طلب لهما البراءة ممّا يشينهما(27).
وعن صفية ابنة حُيَيٍّ قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا،فأتيته أزوره ليلا فحدّثته ثم قمت، فانقلبت فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمرّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: » على رِسلكما إنها صفية بنت حيي"، فقالا: سبحان الله! يارسول الله!قال: »إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءا_أوقال_ شيئا"(28)، وفي رواية لمسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: »يافلانُ هذه زوجتي فلانة"فقال يارسول الله من كنت أظنُّ به فلَمْ أكن أظن بك,,, الحديث.
قال المهلب: فيه من الفقه تجنب مواضع التهم، وأن الإنسان إذا خشي أن يسبق إليه بظن سوء أن يكشف معنى ذلك الظن، ويبرّئ نفسه من نزغات الشيطان الذي يوسوس بالشر في القلوب، وإنماخشي عليه السلام أن يحدث الرجل من سوء ظنه فتنة، وربما زاغ بها فيأثم أو يرتد، وإن كان النبي عليه السلام منزّها عند المؤمنين من مواضع التهم، ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم: »إنها صفية" السنة الحسنة لأمته، أن يتمتّلوا فعله ذلك في البعد عن التهم مواقف الرّيب,,,))(29)اهـ.
ويجدر التنبيه على أن من الناس من يَحسَب أنه من لوازم نباهة المرء وفطانته المبالغة في الحيطة والاحتراس، والتّحفظ من الخَلق وما يكون منهم بإساءة الظن بهم، مقدّرا في نفسه عدم الإصابة بأذاهم القولي أو الفعلي، وهو مدرك حظه من ذلك لامحالة.
وربما غرّ من كان جاهلا منهم حديث ضعيف جدا مشتهر على الألسنة لايجوز الاعتماد عليه، ولااستدلال به، وهو مارُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: » الحزم سوء الظن"، وهذا من الآثار السيئة لهذه الأحاديث الضعيفة على سلوكات المسلمين، فنذكر هؤلاء وغيرهم بما هو خير منه، بقول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه: »المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لايخالط الناس ولايصبر على أذاهم"(30)، وقوله صلى الله عليه وسلم: »المؤمن يألَفُ ويُؤْلَفُ ولاخير فيمن لا يَألَف ولايُؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس"(31)
احتساب الأجر بالظن، والخوف من الإثم المترتب على ظن السوء، وانشغال المرء بعيوبه عن عيوب الآخرين، والاستعاذة بالله من شرور النّفس، وسيئات الأعمال،,,, إلى غير ذلك من العلاج الناجع، والدواء النافع.
وختاما أقول: نحن بحاجة ماسة إلى من يسعى بجهود إيجابية مثمرة إلى إزالة هذه الآفة المقيتة، التي ما فتِئت نحجب نور كل وصال، بصربٍ من التأويل ليس عليه أدنى تعويل، ثم يتبع سعيه هذا بزرع حسن الظن من جديد، وغلق باب العداوة التي لاأساس لها، والتي يُؤجِّجها الشيطان بنفخه ونفثه، تبعا لمخططه: » إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ " [المائدة:91]، هذه العداوة الوهمية التي أوغلت صدور المؤمنين_بما هم في غنى عنه_ والأخوة معقودة بينهم بحق من فوق سبع سماوات: »إنَّما المؤمنون إخوةٌ" [الحجرات:10]،فينبغي الحفاظ على هذه الأخوة، ورعاية هذه المودة والمحبة، حتى لايكدّر صفوها ظن لايغني من الحق شيئا.
فيجب نبذ هذه الظنون الآثمة التي تمزّق الأُمَّة وتنخرها من الداخل، وتغذّي التنافر والتباغض والتّجافي، كما ينبغي الاجتماع والتعاون على مايُتفق عليه، ولاأقول: يعذر بعضنا بعضا فيما يُختلف فيه، بل يجب ردّ ما اختُلف فيه ((من وسائل الدعوة وغايتها،بل وفي كل مسألة من مسائل الخلاف إلى ماأنزله الله حكما في كل قضية من قضايا الدين والدنيا، ألا وهو كتابه العزيز والصّحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك بواسطة العلماء الربانيين الذين عُرفوا بالتمسك بمنهج السلف الصالح، عقيدة وعبادة ومعاملة وأدبا وسلوكا ومنهج جهاد ودعوة، فإن هذا الصِّنف من الناس هم أهل الخبرة الشرعية والفهم الصحيح لدقائق الأحكام وتفاصيل مسائل العلم ولن يجتمعوا على ضلالة))(32) اهـ.
ولاشك أن هذا مرتقى صعب وعسير المنال، ولكن بتوفيق الله_ لكل عمل إصلاحيٍّ رجال، سَمَوا بأنفسهم عن الهبوط إلى درك المنفعة الخاصة، والدفاع عن الذات_على حساب هذا الدين_ عند العامة والخاصة.
والرّجاء في الله كبير أن تبرأ هذه الأنفس العليلة من هذا السُّمَ الزعاف، والأمل معقود على السعي في تطبيبها من أسقامها، من غير يأس أو فتور، ولاقنوط أو نفور، حتى نجتمع على العقيدة الصحيحة إخوانا، وعلى المنهج السليم أعوانا.
ومن ساء ظنَُه بإخوانه، وبقي على توهمّه، فقد أفسد حظه في تعاملهم معه، فإذا تصدّر وهذا حاله، فهو مسكين ذُبِح بغير سكين، لأن العاجز عن إصلاح نفسه أشدّ عجزا عن إصلاح غيره، بلاشك ولامَين.
والله وليُّ المتقين، والحمد لله رب العالمين.
[/
color]

ـــــــــــــــــــ

(1)وهو من تزكية النفوس بالتوحيد الخالص لرب العالمين.
حسن: أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (2663/118/3). انظر:((الصحيحة))(342).(2)
3. ((فيض القدير))(157/3)
4. ((النهاية في غريب الحديث)) (362/3( بتصرف
5. متفق عليه: البخاري(6064)، ومسلم (2563).
6. ((تفسير القرطبي)) (331/16).
7. زادها الصّنعاني في ((سبل السّلام)) (344/4).
8. حسن: أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (296/5_6706/297)، انظر:((الصحيحة)) (3420).
9. أثر صحيح: رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1289).
10. كذا في الأصل، ولعلّ الصواب:((التجسس))
11. ((التحرير والتنوير)) (253/26).
12. صحيح: أخرجه أبو داود (4972)، وانظر:((الصحيحة)) (866).
13. متفق عليه: البخاري (3610
14. ((مجموع الفتاوى)) (73/19).
15. ((تلبيس إبليس)) (111/1).
16. ((الصارم المسلول))(272/1)
17. ((شرح ابن بطّال)) (319/17).
18. ((التحرير والتنوير))(251/26).
19. ((نظم الدُّرر)) للبقاعي(351/12) بتصرف وزيادة.
20. متفق عليه:البخاري(13)، ومسلم(45)
21. حسن: أخرجه أبو داود(4790)، والترمذي(1964). انظر:((الصحيحة))(935)
22. ((النهاية))لابن الأثير(355/3)، و((فيض القدير (330/6)
23. حسن:أخرجه أحمد(17441)، والترمذي(3686). انظر:((الصحيحة)) (327).
24. رواه ابن أبي الدنيا في ((مداراة الناس))(ص50).
25. قاله الشيخ عبد المحسن العبّاد البدر_حفظه الله_ في ((شرحه على سنن أبي داود))[شريط(353)].
26. ((أدب الدنيا والدين))(433/1).
27. ((فتح الباري))لابن رجب (117/1).
28. متفق عليه: البخاري(1930)، ومسلم(2147).
29. ((شرح ابن بطّال على صحيح البخاري))(205/7).
30. صحيح:أخرجه البيهقي(19961/89/10). انظر((الصحيحة))(939).
31. صحيح:أخرجه الطبراني في ((الأوسط))(5787)، انظر:((الصحيحة)) (426).
32. ((الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة))(622/3).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم جابر

أم جابر

عدد الرسائل :
108

تاريخ التسجيل :
18/03/2010


سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: رد: سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله -   سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله - I_icon_minitimeالأحد 16 يناير 2011 - 22:59

جزاكم الله خيرا
ونسأل الله أن ينفع به المؤمنين ويطهر به قلوبا مريضة تحتاج لمن يوقظها
آمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو رفيدة البربري

أبو رفيدة البربري

عدد الرسائل :
688

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
17/03/2010


سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله - Empty
مُساهمةموضوع: رد: سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله -   سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله - I_icon_minitimeالأربعاء 26 يناير 2011 - 22:55

جزاكم الله خيراً و نفعنا و إيّاكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

سوء الظن بالمؤمنين,,, الدّاء والدّواء .للشيخ عثمان عيسى - حفظه الله -

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» خطبة للشيخ محمد حاج عيسى حفظه الله ـ خير الرازقين ـ
» كيف نعيش رمضان للشيخ الفاضل محمّد حاج عيسى -حفظه الله-
» مطوية للشيخ محمد حاج عيسى الجزائري حفظه الله (أحكام وسنن العيدين)
»  تعلّم كل ما يتعلّق بالأضحية ،مطوية للشيخ محمد حاج عيسى الجزائري -حفظه الله -
» النَّمِيمَةُ: الدّاء والدّواء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: في رحــــاب المنتــدى :: المــــنبـــــــر العــــــــــام-