الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري Empty
مُساهمةموضوع: تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري   تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري I_icon_minitimeالثلاثاء 13 أبريل 2010 - 13:21

تأمّلات وتعقيبات



المسألة الأولى :

هل الواو المدّيّة تابعة لما قبلها تفخيماً وترقيقاً ؟


قال المرعشيّ عليه رحمة الله تعالى عند تحدّثه عن حكم الألف تفخيماً وترقيقا : " ولعلّ الحقّ أنّ الواو المدّيّة تفخّم بعد الحرف المفخّم والله أعلم ".(جهد المقل ص154 تحقيق سالم الحمد).

من خلال هذا المقطع أقول وبالله التوفيق :

أوّلاً : إنّه استعمل لفظ (لعلّ) حرف ترجّي أي أنّه يرجو أن يكون جواز إطلاق لفظ التفخيم على الواو المدّيّة هو الحقّ. وهي عبارة يغلب عليها طابع الاحتمال والظنّ.

ثانياً : لم يسبقه إلى ذلك أحد من أهل العلم فيما اطلعت عليه.

ثالثاً : لو تساءلنا لماذا تفخّم الألف المديّة دون الواو ؟

الجواب : التفخيم هو سمن يدخل على جسم الحرف فيمتلئ الفم بصداه (قاله ابن الطحان ت 561 )، والذي يفسّر ذلك أنّ الصوت يعلوا بالألف المفخّمة فيصطدم بالحنك الأعلى فيعود صداه إلى جميع أنحاء الفم فيمتلئ ويبقى أقصى اللسان مرتفعاً لأجل ارتفاع الصوت. فارتفاع الصوت منوط بارتفاع اللسان ،وما سمّيت الحروف المستعلية بذلك إلاّ لأنّ اللسان يعلو ويرتفع ويعلو معه الصوت ويرتفع ، والتفخيم لازم لها ، وإذا لم يرتفع الصوت فلا يمتلئ الفم بصداه.

أمّا في الواو المدّية فلا يمتلئ الفم بصدى الحرف لأنّ اللسان ينخفص بمجرّد انفصاله عن الحنك قبل أن تمتدّ الواو في الجوف فينتقل الصوت من المخرج المحقق إلى المخرج المقدّر. فلو نطقنا مثلاً {قوا أنفسكم } فإنّنا ننطق أوّلاً بالقاف المضمومة المفخّمة وذلك بإلصاق أقصى اللسان بالحنك ، ثمّ بمجرّد الانتقال إلى الواو المدّية يحصل انفكاك لأقصى اللسان عن الحنك فينخفض الصوت بانخفاض اللسان وبعدها تمتدّ الواو في جوف إلى جهة الشفتين.

والفرق بين الألف والواو : أنّ في الألف المفخّمة يرتفع الصوت إلى الحنك ويبقى الصوت مرتفعاً وأقصى اللسان أثناء المدّ في نحو { طآئر} ، {ق} فيستمرّ انصدام الصوت بالحنك الأعلى فيعود الصدى إلى جميع أنحاء الفم باستمرار حتّى ينتهي المدّ ، خلافاً للواو المدّيّة فإنّ اللسان ينخفض بعد انفصاله من الحنك فينتقل الصوت إلى الجوف فيمتدّ الصوت إلى جهة الشفتين ولا يرتفع إلى جهة الحنك كما في الألف المفخّمة ، ولا يمكن أن يحصل التفخيم بذلك.

لذا فإنّ ما جنح إليه المرعشيّ عليه رحمة الله تعالى غير مستقيم ، ولله الحمد فإنّ هذا القول لم يُتلقّى بالقبول عند المعاصرين وإلاّ لأثّر ذلك في الأداء ولسمعنا الواو المدّيّة كحركة (O) باللغة الفرنسيّة ، فيصير النطق بالخاء المضمومة مثلاً (KHO) بدل (KHOU).

لذا ينبغي التنبيه مسبقاً على هذه المسألة من باب الوقاية والعلم عند الله تعالى.



الخلاف اللفظي قد يؤثّر على الأداء إن كان المصطلح المستعمل غير مناسب أو يحتمل.



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

ممّا أثار انتباهي في عدد من المسائل أنّ استعمال الاصطلاح الغير مناسب لهيئة أدائيّة قد يسبّب في المستقبل تغيّراً أدائياً دخيلاً على الرواية الصحيحة المسندة. وسببه أنّ ذلك الاصطلاح المحدث قد يحتوي ويقتضى ويحتمل بعض المعاني التي هي مجانبة للمراد الصحيح المعبّر عن الهيئة الصحيحة.

لا أشكّ أنّ النون المخفاة إن جاورها حرف مفخّم فإنّ غنّتها تتأثّر به ، فلا تطابق بين هيئة إخفاء النون في {من دونه } بهيئة إخفاءها في {من قبل} وهذا الفرق في الأداء حمل بعض العلماء على التفكّر والنظر فاعتبر البعض ذلك تفخيماً حقيقياً والبعض لم يعتبره كذلك ، فالأوّل اعتمد على الحسّ والثاني اعتمد على التراث إذ ليس في تراثنا ما يقتضي أنّ الغنّة تفخّم ، مع اتّفاقهم في الجملة على الأداء واختلافهم في اللفظ والتعبير في القضيّة.

إلاّ أنّ المشكلة تكمل في معاملة بعض أهل العلم المعاصرين لذلك التأثّر معاملة الحروف المفخّمة في المنزلة بحيث يرتفع صوت الغنّة إلى الحنك الأعلى فينصدم الصوت به فيعود صداه إلى حميع أنحاء الفم فيتلئ فيرتفع صوت الغنّة كارتفاعه في الحروف المفخّمة. فمثلاً لفظ {من طين } فإنّ معظم الصوت يجري من الخيشوم والقليل من الفم والدليل على ذلك أنّك لو أمسكت أنفك لجرى القليل من الهواء في الفم فيتأثّر ذلك الهواء القليل بارتفاع اللسان عند النطق بالحرف المفخّم بعده فيرتفع صوت الهواء القليل الخارج من الفم ارتفاعاً قليلاً يشبه الصوت المفخّم.

سؤال : ذلك الهواء القليل الذي خرج من الفم هل هو عنّة أم لا ؟ نحن نعلم أنّ الغنّة صوت يخرج من الخيشوم ولكن هذا الصوت القليل هل خرج من الخيشوم حقيقة ؟ فإن لم يكن كذلك فهل يصلح أن نطلق عليه لفظ تفخيم الغنّة وهو ما خرج من الخيشوم ؟

كلّ ما ذكرته من الأسئلة مجرّد رأي والخلاف في ذلك لا يضرّ ما دام الأداء لم يتغيّر ولكن للأسف تغيّر الأداء بمعاملة ذلك الصوت القليل الخارج من الفم معاملة الحروف المفخّمة. وسبب هذا التغيير عدم استعمال اصطلاح مناسب لذلك التأثّر فانجرّ الناس باتّجاه مجانب للصواب بسبب تطبيقهم أدائياً لما تضمّنه ذلك المصطلح الغير المناسب وهو التفخيم.

هذا مثال حيّ يدلّ على أنّ استعمال المصطلحات الغير المناسبة قد يؤدّي إلى تغيّر الأداء بل وحتّى في المصطلحات المناسبة كوصف القلقلة بأنّها تشبه الحركة سبّب في ظهور هيئات أدائيّة مختلفة في عصرنا وللأسف بسبب حمل معاني هذه الاصطلاحات على غير محملها الصحيح.

أقول أن ظهر تغيّر في الأداء جراء بعض المصطلحات المناسبة فما بالك بمن كانت غير مناسبة.

ومن الأمثلة أيضاً استعمال بعض أئمّة اللغة القدامى اصطلاح الإخفاء في الميم الساكنة ، فاعتمده الإمام ابن مجاهد ومن ثمّ اختلف أئمّة الأداء بين مؤيّد و رافض لهذا المصطلح حتّى تطوّر وصار خلافاً أدائياً ، وهذا الكلام أثبتته بعض الأبحاث والدراسات على ضوء ما تضمنه التراث القديم والتي – أي الدراسات- لا ينبغي استبعاد ما آلت إليه من النتائج.


نخلص ممّا سبق :
أنّ استعمال بعض المصطلحات الغير المناسبة أو حملها على غير محملها الصحيح قد يؤدّي إلى تغيّر الأداء.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري   تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري I_icon_minitimeالثلاثاء 13 أبريل 2010 - 13:23

الاكتفاء بتحقيق كتب التراث دون الاعتبار بالمضمون والمقتضى ظلم.



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

إنّ العلم الشرعيّ مبنيّ على ركيزتين أساسيّتين وهما الرواية والدراية. فبالرواية يَثبت صحّة الخبر المنقول ، وبالدراية يُحصّل العلم باستنباط الأحكام والفوائد من ذلك الخبر الثابت.

وكان أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم من فقهاء الأمّة في حرص مستمرّ على التثبّت من الأخبار التي تُروي عن النبيّ عليه الصلاة والسلام وصحابته الطاهرين الأخيار رضي الله عنهم أجمعين من جهة ، و على دراسة الخبر المرويّ بكلّ تعقّل وتدبّر وتفكّر لاستخراج منه الفوائد والأحكام ثمّ تطبيقها على الواقع والنوازل من جهة أخرى.

ولمّا كثر الكذب على رسول الله عليه الصلاة والسلام ظهرت فئة من أهل العلم تخصّصوا في علم الرواية وتتبّعوا الأخبار والأسانيد وأحوال الرواة ، فسمّوا بالمحدّثين ، كما ظهر الفقهاء الذين نمت فيهم ملكة استنباط الأحكام من النصوص والنظر فيها ، ومنهم من وفّق للجمع بينهما وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

لذا فإنّ عمل المحدّثين والفقهاء متكامل و مترابط لا يستغني أحدهما عن الآخر وحتّى الفقيه المحدّث لا يستغني عن أقوال من تقدّمه من الفقهاء والمحدّثين ، فلا ينفع الاستنباط من نصّ غير ثابت ، ولا ثبوت النصّ من غير استنباط.

وقد سار على هذا الدرب أئمّة أهل الأداء فجمعوا بين الرواية والدراية ، فاعتنوا بجمع الروايات والقراءات بالنقل المتسلسل مع التثبّت من ثبوتها بعزو ما رووه إلى الرواة بالسند ، ثمّ قاموا بهضم جميع ما نقلوه نصاً وتلقّوه أداءً فبيّنوا ووضّحوا وجمعوا مرويّاتهم في كتب على شكل أبواب ومسائل مرتّبة فكانت بدورها سرجاً يُستنار بها ، ويُرجع إليها ويُعتمد عليها. فكان اعتناؤهم بجانب ضبط النصوص وعزو الرواية إلى مصدرها بمثابة اعتنائهم بجانب الدراية والتفقّه في مروياتهم.

أمّا الذي لاحظته في هذه السنوات الأخيرة ، اعتناء الأكادميين من المتخصصين في علم القراءات بتحقيق التراث القديم أشدّ الاعتناء وبشتّى أساليبه فصارت لديهم ملكة وتجربة في ميدان التحقيق من ضبط المتن وإثبات صحّة الكتاب إلى مصنّفه وغير ذلك. وهذا الاهتمام طغى نوعاً ما على جانب العلمي فظهر نوع من التقصير فيما قد يمكن أن يُحصد من التراث الخصب من فوائد وأحكام تُنمّي الجانب العلمي الذي من أجله وُضعت الكتب والمصنّفات ، وهذا بمثابة من يُتعب نفسه في إثبات صحّة الحديث من غير أن يتفقّه ويستفيد من مضمونه ومقتضاه بالدرجة اللائقة.

ولست أقلّل من أهمّية الجانب التحقيقي للتراث القديم حاش لله ، إذ هو أمرٌ ضروريّ لا يستغني عنه المستنبط المجتهد إذ على النصّ الثابت تُبنى المسائل والأحكام ، فلا بدّ من التثبّت من صحّة النصّ ومصدره قبل الاستفادة منه والعمل بمقتضاه لا سيما في المسائل الشرعيّة التي بها نتعبّد الله تعالى. وكلّ هذه الجهود التي بُذلت في التحقيق العلمي للتراب إنّما هو لغرض التفقّه والاستفادة منه. فالغاية هو التفقّه والعمل بالمقتضى ، والوسيلة هو التثبّت من ضبط المتن وصحّة الخبر. وليس من المعقول الاهتمام بالوسيلة أكثر من الغاية لا سيما أنّ الغاية في حدّ ذاتها تحتاج إلى ملكة ونضج في العقل وتجربة معتبرة ، إذ كان أئمّتنا ومحقّقينا من أهل الأداء على تلكم الهيئة والسيرة. فابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى سُمّي محقّقاً لا من جهة تحقيق وضبط النصوص فحسب ، وإنّما من جهة الدراية والفقه في المسائل أيضاً . فالعلم فطنة ودراية أحسن منه سماعاً ورواية كما قال الداني ومكي القيسي عليهما رحمة الله تعالى.

أتعجّب من بعض الطلبة الذين يحرصون كلّ الحرص على تتبّع طبعات الكتب المحقّقة ونقدها ، وقد تجده ناقصاً من جهة الدراية والعلم ، بل وقد تجده قام بعمل جبّار في ميدان التحقيق ويُتوّج من خلال ذلك بتاج العلم والمعرفة. وقد تجد في هؤلاء من يسلّم لكلّ ما يُقرأ به اليوم من غير تمحيص وتنقيح ، مهملا للنصوص التي كان يمرّ عليها ذهاباً وإيّاباً أثناه تحقيقه للتراث ، فهؤلاء يقال لهم لمَ التحقيق إذن.

عند مطالعتي لكتب المتقّدمين ككتب الداني ومكي القيسي وغيرها تعجّبت من كثرة الفوائد الموجودة فيها وأكاد لا أرى من يُنبّه ويعلّق عليها وفيها من الأجوبة الشافية والكافية لفكّ الخلاف الذي يتخبّط فيه قرّاؤنا وعلماؤنا اليوم في أصول المسائل وفروعها.

ولا أنفي وجود عدد من العلماء الذين ما اكتفوا باستخراج الكنوز من بطون المخازن فحسب بل استخرجوا الفوائد وأبرزوها على الساحة فجدّدوا ووضّحوا وبيّنوا بعض الحقائق التي ما كان الواحد يتجرّأ على التعرّض لها ، فصارت اليوم من المسلّمات لقوّة الأدلّة التي أبرزت وتجلّت من خلال ما حوته تلك المصادر.

وقبل يومين كانت جالساً أمام مكتبتي فلفت نظري إلى كتاب التحديد للداني فجذبني إليه وفتحته فوقع بصري على نصّ ما تفطنت له من قبل مع إنّي طالعت الكتاب عدّة مرّات. والنصّ هو : قال الداني : " وأمّا المخفى فعلى نوعين : أخفاء الحركات ، وإخفاء النون والتنوين " (التحديد ص100 تحقيق شيخنا غانم الحمد). فقلت في نفسي لمَ لم يذكر الميم المخفاة ؟ ووضعت هذا النصّ في ملفّ المسألة بنظرة واحدة في الكتاب. وقلت في نفسي أيضاً : هذه نظرة واحدة فما بالك بالنظرات والدوام على المطالعة. فإننا والله سنستفيد الكثير والكثير ما لم يكن حتّى في الحسبان فلا ينبغي أن تتطغى الوسيلة على الغاية. فالتراث له حقّ عليها وهو إخراجه بتحقيقه ثمّ الاستفادة منه والعمل بمقتضاه في الفصل بين المختلف فيه من جهة ، والاستنارة به في التأصيل العلمي الذي يفتقدإليه علم التجويد والقراءات


ملاحظات حول إقلاب النون الساكنة والتنوين ميماً عند الباء.



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ولّم وبعد

هذه بعض الملاحظات حول إقلاب النون الساكنة والتنوين ميماً عند الباء وبالله التوفيق.


الملاحظة الأولى :

عند مطالعتي لكتب المتّقدّمين من أهل الأداء ما وجدتّ واحداً منهم عبّر بالإخفاء في الميم المقلوبة من النون الساكنة والتنوين في نحو {عليم بذات الصدور } ، و {من بعد} بل وجدتّ أنّهم عبّروا بأنّ النون تُقلب ميماًً خالصة أو ميما ساكنة أو ميماً وما أشاروا إلى الإخفاء بعد القلب لا من قريب ولا من بعيد. وأوّل من استعمل اصطلاح الإخفاء بعد القلب ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى بقوله في النشر : " ولابد من إظهار الغنة مع ذلك فيصير في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة عند الباء فلا فرق حينئذ في اللفظ بين (أن بورك، وبين: يعتصم بالله)". ولم يستعمل هذا الاصطلاح في البداية إلاّ بعد النظر والاجتهاد حيث قال في كتابه التمهيد الذي ألّفه في شبابه : "فإذا أتى بعد النون الساكنة والتنوين باء قلبت ميماً من غير إدغام ". ومن ثمّ تتابعت عبارات المتأخّرين من أهل الأداء بعد ابن الجزري في استعمالهم للفظ الإخفاء بعد القلب على ضوء ما صرّح به في النشر.


الملاحظة الثانية :

قد صرَح ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى بالإجماع في إخفاء الميم بعد القلب بقوله : "(قلت) والوجهان صحيحان مأخوذ بهما – أي في الميم الساكنة عند الباء - إلا أن الإخفاء أولى للإجماع على إخفائها عند القلب. وعلى إخفائها في مذهب أبي عمرو حالة الإدغام في نحو: أعلم بالشاكرين." ، سؤال : ما الذي حمل ابن الجزري على التصريح بالإجماع وليس في كلام المتقدمين التصريح بالإخفاء بعد القلب ؟ الجواب : الذي حمله هو :

أوّلاً : أنّه نظر إلى جهة الأداء دون اللفظ.

ثانياً : ورود هذا الاصطلاح في الميم الساكنة في نحو { يأمركم بالسوء } وهو مذهب الفراء من أهل اللغة وابن مجاهد من أهل الأداء ومن تبعهما. فإذا أقلبت النون الساكنة والتنوين ميماً خالصة صار لها حكم الميم الساكنة كما قال ابن المرابط (ت552) في كتابه التقريب والحرش المتضمّن لروايتي قالون وورش : "وتُقلبان عند الباء ميماً خالصة من غير إدغام ، ثمّ يكون حكمها بعد القلب حكم الميم الساكنة "

ثالثاً : إطلاق لفظ الإخفاء في مذهب أبي عمرو حالة الإدغام في نحو: أعلم بالشاكرين. كما قال ابن الجزري : " إلا أن الإخفاء أولى للإجماع على إخفائها عند القلب. وعلى إخفائها في مذهب أبي عمرو حالة الإدغام في نحو: أعلم بالشاكرين." ولذلك قال الشاطبيّ : وتُسكن عنه الميم من قبل بائها.......على إثر تحريك فتخفى تنزّلا"
وكيفية الإخفاء هنا هو إظهار غنة في الميم الساكنة أي إشباعها ، فلم يحسن أن يقال هو إدغام لأنّه يلزم منه ذهاب الميم ذاتاً وصفة مع تشديد الباء وهذا ممنوع ، ولم يحسن أن يقال هو إظهار لأنّ الإظهار يستلزم عدم إشباع الغنّة وهو خلاف المراد ، فما وجدوا حلاً للهروب من العائقيْن إلاّ باستعمال لفظ الإخفاء. لأنّ الباب هو باب الإدغام الكبير ، ولو تركوا الأمر كما كان قبل استعمال لفظ الإخفاء لتُوُهِّمَ أنّه إدغام محض. وهذا ما ساعد ابن الجزري على استعمال اصطلاح الإخفاء بعد القلب مع أنّ القدامى ما استعملوه لعدم وجود ضرورة لذلك كما هو الحال في مذهب أبي عمرو.لذلك نرى أنّ الشاطبيّ استعمل لفظ الإخفاء في باب الإدغام الكبير بقوله : "فتخفى تنزّلا" خلافاً للإقلاب فما أشار إلى الإخفاء البتة بقوله : "وقلبهما ميماً لدى الباء" مع أنّ النطق واحد. وقد عبّر بعض القدامي على إخفاء أبي عمرو البصري في نحو {أعلم بالشاكرين} بالإدغام. ومن هنا ندرك أنّ القضيّة قضيّة عبارة واصطلاح بحسب المصلحة ، فاستعملوا اصطلاح الإخفاء في باب إدغام الكبير لئلا يقع التباس بين الأداء الصحيح والإدغام المحض ، والأداء الصحيح في ذلك لا يحسن أن يكون إدغاماً ولا إظهاراً ، بينما لم يستعملوا ذلك في إقلاب النون الساكنة والتنوين لانتفاء الالتباس.


الملاحظة الثالثة :

قال ابن الجزري معرّفاً الإقلاب : "وأما الحكم الثالث وهو (القلب) فعند حرف واحد وهي الباء فإن النون الساكنة والتنوين يقلبان عندها ميماً خالصة من غير إدغام وذلك نحو (أنبئهم، ومن بعد، وصم بكم)". المتأمّل لهذا التعريف يلاحظ استعمال ابن الجزري عبارة : "يقلبان عندها ميماً خالصة" والميم الخالصة هي الميم التي حافظت على مخرجها وصفاتها ولا يتحقق ذلك إلاّ بانطباق الشفتين ، وليس هو الأوّل من صرّح بأنّ الميم الساكنة تُقلب عند الباء ميماً خالصة فقد قال الداني في جامع البيان : "والحالة الثالثة : أن يُقلبا – أي النون الساكنة والتنوين- ميماً خالصة من غير إدغام وذلك عند الباء الخالصة " جامع البيان ص300. وقال أبو الأصبغ السماتي المعروف بابن الطحّان (ت561) في كتابه الإنباء في أصول الأداء ص 37 : "فالقلب هو إبدالهما عند الباء ميماً خالصة لا يبقى منهما أثرٌ". وقال ابن المرابط (ت552) في كتابه التقريب والحرش المتضمّن لروايتي قالون وورش : "وتُقلبان عند الباء ميماً خالصة من غير إدغام ، ثمّ يكون حكمها بعد القلب حكم الميم الساكنة "(ص85).
ولا ننس أنّ ابن الجزري صرّح بالإجماع في الإخفاء بعد القلب من جهة ، وصرّح بأنّ النون تقلب ميماً خالصة ، وفسّر هذا الإخفاء بإظهار الغنّة أي إشباعها فقط. وهذا يدلّ على أنّ الإخفاء لا يستلزم زوال ذات الحرف المخفى بافتراق عضوي مخرجه كما في النون المخفاة.

قد يقول أصحاب الفرجة : إنّ إقلاب النون الساكنة ميما خالصة يكون قبل الإخفاء أي بعد القلب يكون الإخفاء.

الجواب : هذا أمرٌ مستحيل إذ لا يمكن إقلاب النون الساكنة ميماً خالصة بانطباق الشفتين ثمّ التفريج عنهما لأجل الإخفاء بدليل أنّ أصحاب الفرجة لا يطبقون الشفتين إلاّ عند النطق بالباء أي بعد الإخفاء وليس قبله.
والقلب يمرّ بمرحلتين : الأولي إقلاب النون ميماً ، والثانية الإخفاء. أقول : لو تركنا فرجة بين الشفتين لعطلنا المرحة الأولي وهو القلب لأنّه لا يمكن إقلاب النون ميماً إلا بانطباق الشفتين وذلك غير ممكن مع الفرجة. بينما لو أطبقنا الشفتين حال الإخفاء لتحقق القلب والإخفاء معاً بإشباع الغنّة وإظهارها.


الملاحظة الرابعة :

إنّ وصف الإخفاء كحالة بين الإدغام والإظهار خاصّ بالنون الساكنة والتنوين لا غير لعدّة أسباب :

الأوّل : إن كان القدامى ما اعتبروا الميم المقلوبة عند الباء في نحو {أنبئهم} إخفاءً ، فإنّه يدلّ أنّهم ما اعتبروا تلك الحالة بين الإظهار والإدغام ، وقد رأينا أنّ ابن الجزريّ هو أوّل من أطلق الإخفاء بعد القلب.

ثانياً : لم ينقل القدامى تعريف الإخفاء إلاّ بعد تعرّضهم لإخفاء النون الساكنة والتنوين.

ثالثاً : قد ذكر الداني أنّ الإخفاء نوعان إخفاء النون والتنوين وإخفاء الحركة. وتعريف الإخفاء لا ينطبق مع إخفاء الحركة ، لأنّ إخفاء الحركة مرتبة بين الحركة التامّة والسكون المحض وليس بين الإدغام والإظهار. وهذا دليل أيضاً يدلّ على أنّه ليس كلّ ما يُطلق عليه لفظ الإخفاء يخضع للتعريف الذي وضعه الأئمّة وهو كونه بين الإدغام والإظهار.

رابعاً : إنّ أبا عمرو الداني صرّح بأنّ الخلاف في الميم الساكنة عند الباء خلاف عبارة لا خلاف أداء ، وصرّح بأنّ الإخفاء على ضربين إخفاء النون والتنوين وإخفاء الحركة ، ولمّ يصرّح بالإخفاء بعد القلب ، وبالتالي فإنّ تعريف الإخفاء لا يتناسب عنده إلاّ مع النون الساكنة والتنوين لأنّ إخفاء الحركات لا يتناسب أبداً مع التعريف كما سبق بيانه وأمّا الميم الساكنة فالإخفاء عنده اصطلاح لفظيّ لا أدائيّ.

والعلم عند الله تعالى.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الخلاف عند علماء التجويد والقراءات . الشيخ محمد يحيى شريف-حفظه الله -
» مصادرعلم التجويد والقراءات والمنهجية في التعامل معها . للدكتور محمد يحيى شريف الجزائري
» الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري
» طلب من شيخنا محمد يحي شريف
» سورة الكهف برواية ورش من طريق الأزرق لفضيلة الشيخ المقرئ محمد يحيى شريف الجزائري حفظه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: القرآن الكريم وعلومـــه-