الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 السلف والقرآن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نصرالدين بلقاسم

نصرالدين بلقاسم

عدد الرسائل :
129

العمر :
60

الموقع :
قطر

تاريخ التسجيل :
27/03/2011


السلف والقرآن  Empty
مُساهمةموضوع: السلف والقرآن    السلف والقرآن  I_icon_minitimeالجمعة 15 يونيو 2012 - 20:57


ا السلف والقرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله .
(( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون))آل عمران/102
(( يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) النساء/1
(( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا () يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) الأحزاب/
أما بعد فإنَّ أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد .

إخوتي في الله من الضروري أن يعلم المسلم أنَّ الله تعالى أنزل هذا القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وجعله شفاء ورحمة للمؤمنين ، وهو النور الذي يخرج الله به من ظلمات الجهل والغي والضلال إلى نور العلم والهدى والرشاد ، فيهدي إلى صراط مستقيم ويدخل من تبعه إلى جنات النعيم قال تعالى : {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ () يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} سورة المائدة/15-16
قال ابن كثير رحمه الله : أي: ينجيهم من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك فيصرف عنهم المحذور، ويحصل لهم أنجب الأمور، وينفي عنهم الضلالة، ويرشدهم إلى أقوم حالة .
وصفه الله تعالى بأنه لو أنزله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} الحشر/21
قال الشيخ الأمين رحمه الله : إذا كان الجبل في غلظته وقساوته لو فهم هذا القرآن فتدبر ما فيه لخشع وتصدع من خوف الله عز وجل.
فكيف يليق بكم أيها البشر ألا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله وقد فهمتم عن الله أمره وقد تدبرتم كتابه ولهذا قال تعالى {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
واعلم أخي المسلم أن لهذا القرآن أثر عظيم ، فقد أُحكِمت آياته وفصِّلت كلماته، وبهرَت بلاغتُه العقول، وظهرت فصاحتُه على كل مقول، ولهذا لما سمع الوليد بن المغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم آيات من سورة النحل : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } النحل:90
أَعِدْ عليَّ ، فأعاد ثم قال : والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر وإنه يعلو ولا يُعلى عليه وما هذا بقول بشر.
وكذا تأثر الجن لماَّ سمعوا هذا القرآن ، فقالوا : { قل أوحي إليّ أنه استمع نفرٌ من الجن فقالوا إنا سمعنا قراءناً عجباً * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نُشرك بربنا أحدا }سورة الجنّ .
الإيمان بالقرآن
من الأركان التي لا يتأتى الإيمان إلا به الإيمان بالكتب عموما ، وبالقرآن خاصة الذي هو آخر هذه الكتب نزولا ، وفي معنى الإيمان بالقرآن يقول صاحب معارج القبول : فلا بد في الإيمان به من أمتثال أوامره واجتناب مناهيه وتحليل حلاله وتحريم حرامه والاعتبار بأمثاله والاتعاظُ بقصصه والعملُ بمحكمه والتسليمُ لمتشابهه والوقوفُ عند حدوده وتلاوتهُ آناء الليل والنهار والذبُّ عنه لتحريف الغالين وانتحال المبطلين والنصيحةُ له ظاهرا وباطنا بجميع معانيها.
تعظيم القرآن
اعلم أخي رعاك الله أنَّ الكلامَ يعظُم بعِظَم قائله، فكيف إذا كانَ المتكلِّم هو الله الواحد القهار ، العظيم المتعال :{ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ } الحج/32.
وعنوانُ الشعائر الإلهيّة هو القرآنُ العظيم الذي لا يأتيهِ الباطلُ من بين يدَيه ولا مِن خلفه، وهو عظيمٌ عندَ الله، وهو في اللوحِ المحفوظ، { وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } الزخرف/4. قال ابن كثير في معنى الآية: "بيَّن شرَفَه في الملأ الأعلَى ليشرِّفَه ويُعظِّمَه ويطيعَه أهلُ الأرضِ " .
بم يُعظَّم القرآن ؟
أيها المسلم ! يُعظَّم كتابُ اللهِ بحُسنِ تلاوته وتدبره وتصديقِ أخبارهِ وامتثال أوامِره واجتِنابِ نّواهيه ،وإنَّ تعظيمَ كلام الله لَيس بتَزيينِه وتفخِيمِ طِباعته وكتابتِه، وليسَ بتعليقِه على جُدرانِ البيوت، وليس بقراءتِه على الأمواتِ، بل بإقامةِ حروفِه وحدودِه وتعظيمِ شأنِه والسَّير على منهاجِه، { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } ص/29.
ومن عظَّم القرآن الذي هو كلام الله تعالى بكل ما يعنيه معنى التعظيم فقد عظَّم الله تعالى ربُّ السموات والأرض ومن فيهنَّ ، ومن عظَّم الله خافه واتقاه واتبع سبيله إلى الممات .

ا الرسول والقرآن
بعبارة مختصرة يمكن أن نعرف خُلُق النَّبي صلَّى الله عليه وسلم بقوله تعالى : {وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }، وبجواب عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلقه قالت: (( كانَ خُلُقُه القٌرْآن ))
فما معنى كان خلقه القرآن ، قال ابن كثير رحمه الله : ومعنى هذا أنه، عليه السلام، صار امتثالُ القرآن، أمرًا ونهيًا، سجية له، وخلقًا تَطَبَّعَه( أي اكتسبه بالطبع والعادة)، وترك طبعه الجِبِلِّي، فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه. هذا مع ما جَبَله الله عليه من الخلق العظيم، من الحياء والكرم والشجاعة، والصفح والحلم، وكل خلق جميل.اه ـ
وقال ابن رجب رحمه الله : وسئلت عائشةُ عن خُلُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : كان خُلُقُه القُرآن، تعني : أنَّه كان تأدَّب بآدابه ، وتخلَّق بأخلاقه ، فما مدحه القرآن كان فيه رضاه ، وما ذمه القرآنُ ، كان فيه سخطه، وجاء في رواية عنها ، قالت : كان خُلُقُه القُرآن يَرضى لِرضاه ويَسخَطُ لسخطه .اهـ

أثر القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
لقد كان القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كلَّ شيء،فقد استحوذ على مشاعره وبلغت قوة تأثيره عليه أن شيَّب شعره، فقد قال كما في حديث أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ شِبْتَ، قَالَ: (( شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُها ))
وفي لفظ آخر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما تفسير لأخوات هود كما في الترمذي والمستدرك وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لرسول الله : أراك قد شبت ؟ قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات و{عم يتساءلون }و{ إذا الشمس كورت }
قال المناوي رحمه الله : قال العلماء : لعل ذلك لما فيهن من التخويف الفظيع والوعيد الشديد لاشتمالهن مع قصرهن على حكاية أهوال الآخرة وعجائبها وفظائعها وأحوال الهالكين والمعذبين مع ما في بعضهن من الأمر بالاستقامة ( أي قوله تعالى : فاستقم كما أمرت )
بكاء الرسول صلى الله عليه وسلم عند قراءة القرآن
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ : (( رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ ))
قال البنا في الفتح الرباني : والمعنى أنه يجيش جوفه ويغلي من البكاء من خشية الله تعالى.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( اقْرَأْ عَلَيَّ ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ نَعَمْ فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قَالَ حَسْبُكَ الْآنَ فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ ))
جمال قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وتأثيرها
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس قراءة وأقواها تأثيرا كما في الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتًا أو قال: قراءة منه. وفي بعض ألفاظه: فلما سمعته قرأ: { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } [الطور: 35] ، خلت أن فؤادي قد انصدع )) . وكان جبير لما سمع هذا بعدُ مشركا على دين قومه، وإنما قدم في فداء الأساري بعد بدر، وناهيك بمن تؤثر قراءته في المشرك المصر على الكفر! وكان هذا سبب هدايته ولهذا كان أحسن القراءة ما كان عن خشوع القلب .
الصَّحابة والقرآن
من نظر في أحوال القوم وما كانوا عليه من التقوى والخشية والرغبة في الاتباع للكتاب والسنة ، وشدة تعظيمهم للقرآن وللنبي صلى الله عليه وسلم تبين له مكانة الصحابة ومنزلتهم في الإسلام ، وأنهم قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ونصرة دينه ، فأعزهم الله وأعز بهم الإسلام .
وقد كان القرآن في حياة الصحابة يمثل المصدر الأول للتلقي ، فلا يتحركون إلا بأمر القرآن ونهيه ، ثم بتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو المبين عن الله هذا القرآن ، وقد تقرر هذا في نفوسهم بنصوص كثيرة من القرآن والسنة ، ومن الآيات قوله تعالى : {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} المائدة/92
وقوله تعالى : {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}الأنفال /1 وقوله تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}محمد/33 وقوله تعالى : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} النور/51
قال الشيخ محمد الأمين رحمه الله : ولا شك عند أحد من أهل العلم أن طاعة الله ورسوله المذكورة في هذه الآيات ونحوها من نصوص الوحي، محصورة في العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فنصوص القرآن والسنة كلها دالة على لزوم تدبر الوحي، وتفهمه وتعلمه والعمل به .
وطاعة الله المقصود بها أوامر الله ونواهيه الواردة في القرآن .
كما أمر الله تعالى عباده أنهم إذا اختلفوا بينهم أن يردوا ذلك إلى الله أي إلى كتابه ، وإلى الرسول أي إلى سنته حتى يحكم بينهم . قال تعالى :{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}
وأما السنة فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يتمسكوا بالكتاب والسنة ومن ذلك :
ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ))
صور من حياة السلف مع القرآن
من تأمل القرآن وقرأ آياته عرف كيف كان الصحابة مع القرآن وهي باختصار وجل القلوب ودموع العيون واقشعرار الجلود كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) وقال الله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) .
وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : قلت لجدتي أسماء كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سمعوا القرآن قالت : تدمع أعينهم و تقشعر جلودهم كما نعتهم الله قال : قلت : فإن ناسا ههنا إذا سمع أحدهم القرآن خر مغشيا عليه قالت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
ـ و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } شَقَّتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَلَغَتْ مِنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَبْلُغَ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَكُلُّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا ))
حالهم مع القرآن في صلاتهم
كانت قراءة الصحابة في صلاتهم لا تخلو من تدبر وخشوع المفضي إلى البكاء والخشية ومن النماذج في ذلك :
أبو بكر الصديق رضي الله عنه : كان رضي الله عنه من البكَّائين عند تلاوته للقرآن ، ويدل عليه ما رواه البخاري وغيره عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : (( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : قُلْتُ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعْ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ : لِحَفْصَةَ قُولِي : لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعْ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ : لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا ))
وفي رواية عند البخاري أيضا : (( أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ))
عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
َقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ : سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ ، وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ يَقْرَأُ : ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) يوسف/ 86
عن الحسن قال : كان عمر بن الخطاب يمر بالآية في ورده فتخفيه فيبكي حتى يسقط و يلزم بيته اليوم و اليومين حتى يعاد و يحسبونه مريضا ))
ـ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :
قال ابن أبي مليكة : قرأ ابن عباس رضي الله عنهما : (( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )) ق/19 ، فجعل يرتل ويكثر في ذلكم النشيج .
وعن نافع أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا قرأ : (( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )) بكى حتى يغلبه البكاء .
عمر بن عبد العزيز رحمه الله :
قال مالك : قرأ عمر بن عبد العزيز في الصلاة فلما بلغ فأنذرتكم نارًا تلظى ) الليل/ 14 خنقته العبرة فسكت ، ثم قرأ فنابه ذلك ، ثم قرأ فنابه ذلك ، وتركها وقرأ : ( والسماء والطارق )
نماذج من حياة التابعين وتابعيهم في صلاتهم
ـ ثابت البناني :
قال حماد بن سلمة : قرأ ثابت البناني قوله تعالى: "أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا}سورة الكهف, آية: 37{وهو يصلي صلاة الليل ينتحب ويرددها.
وكان ثابت رحمه الله قد اشتكى عينه فقال له الطبيب : اضمن لي خصلة تبرأ عينك لا تبكي قال ثابت : وما خير في عين لا تبكي.
ـ محمد بن المنكدر :
عن يحيى بن الفضل الانيسي، سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر، أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى، فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله، وسألوه، فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه، فقال: ما الذي أبكاك ؟ قال: مرت بي آية، قال: وما هي ؟ قال: * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) * فبكى أبو حازم
معه، فاشتد بكاؤهما. قال فقال بعض أهله لأبي حازم جئنا بك لتفرج عنه فزدته قال فأخبرهم ما الذي أبكاهما .
مالك بن دينار :
عن الحارث بن سعيد قال كنا عند مالك بن دينار وعندنا قارىء يقرأ : (( إذا زلزلت الأرض زلزالها )) فجعل مالك ينتفض وأهل المجلس يبكون ويصرخون حتى انتهى إلى هذه الآية (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) قال : فجعل مالك والله يبكى ويشهق حتى غشي عليه فحمل بين القوم صريعا .
حالهم مع آيات الوعيد
أما حالهم مع آيات الوعيد والتخويف ، فكان أحدهم لا يأمن على نفسه من ذلك ويعتقد أنه هو المقصود بذلك الوعيد وإن كانت أعماله كلها خضوع وامتثال لأوامر الله ونواهيه .
فهاهو ذا ثابت بن قيس بن شماس خطيب الأنصار كان من عادته أنه يرفع صوته أثناء الكلام فلما نزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) جلس في بيته حزينا ظنا منه أنه هو المعني بالآية ، روى البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : (( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ ، فَقَالَ لَهُ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : شَرٌّ ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ : كَذَا وَكَذَا فَقَالَ مُوسَى بن أنس : فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ : اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ))
حالهم مع القرآن في سرعة الامتثال والطاعة
ـ عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: (( كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ ))
ـ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ : فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ : اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الْآيَةَ
ـ نساء السلف وسرعة استجابتهن لأمر الله تعالى
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقُولُ : (( لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ))
أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ : أي نساء المهاجرات الأول كما في رواية البخاري الأخرى من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ))
( مُرُوطهنَّ ) جَمْع مِرْط وَهُوَ الْإِزَار
وفي سنن أبي داود عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ : (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ) خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ مِنَ الأَكْسِيَةِ)) .
ـ سرعة استجابة الصحابة في ترك ما فيه معصية لله ورسوله :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ :« يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ ». فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. فَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ لاَ آخُذُهُ أَبَدًا ، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ))
في هذا الحديث دلالة قوية على سرعة استجابة الصحابة لنصوص القرآن والسنة ، و المبالغة في امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم واجتناب نهيه ، ولهذا ترك الرجل أخذ الخاتم ، مع أنَّ أخذَه جائز للانتفاع به .
لماذا غير القرآنُ حياةَ الصحابة، ولم يغير حياتَنا؟
من نظر في واقع الأمة وتأمل مع نفسه ومع من حوله لرأى أنَّ هذا القرآن هو القرآن نفسه الذي كان بأيدي الصحابة، والذي صنع منهم الجيل المثالي للأمة، صنع منهم العلماء، ورثة الأنبياء، و صنع منهم الدعاة، صمام أمان الأمة، وصنع منهم العُبّادَ، والأتقياءَ، والقادةَ، والأبطالَ، صنع منهم النساءَ المثاليات، والأمهاتِ المربيات، لا يعرفن تبرجًا ولا سفورًا، كما في قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) الأحزاب/ 33
فما الذي حدث؟ لماذا لم يعد القرآن ينتج مثل نماذج الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله هل فقد مفعوله في الأمة، أم الأمة فقدت مفعولها من القرآن؟ لا واللهِ، العيبُ فينا، العيبُ في الأمة وليس في القرآن، فهو كتاب هداية ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) الإسراء/ 9
فالعيب فينا نحن الذين لم نفتح قلوبنا لهذا القرآن ولم نتعامل معه كما كان سلف الأمة يتعاملون معه بقلوب خالصة وطاهرة ، لقد علموا أن القرآن هو كلام الله فعظموه تعظيما لله تعالى فاتخذوه مصدر حياتهم وأساس سعادتهم ، أما نحن فلم نعرف من هذا القرآن إلا تلاوته وحفظه دون تدبر وعمل ، ومن هنا قال عثمان رضي الله عنه : لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا ، وإني لأكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في المصحف .
قال الزَّركشي رحمه الله: مَن لم يكنْ له عِلمٌ وفَهْمٌ، وتقوى وتدبُّر، لم يدركْ مِن لذَّةِ القرآن شيئًا.
وعند قوله تعالى : (( لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ )) الواقعة/ 79
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإذا كان ورقه لا يمسه إلا المطهرون فمعانيه لا يهتدي بها إلا القلوب الطاهرة .
فالواجب علينا حتى يتغير حالنا ونسعد في دنيانا وآخرتنا العودة إلى هذا القرآن بقلوب خالصة وطاهرة وخاشعة .

خاتمة
لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها
إخوتي في الله اعلموا رحمكم الله أنَّ هذه المقولة قالها الإمام مالك رحمه الله وهي كبيرة المعنى ، وأنّ الذي أصلح جيل الصحابة والقرون المفضلة هو إيمانهم بالله تعالى واليوم الآخر ، وتمسكهم بالكتاب والسنة ، فكانوا كثير التلاوة المقرونة بالتدبر والفهم والعمل ، فيقرؤون الآيات القليلة فلا يتجاوزونها إلى غيرها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل معا ، وأما زماننا فأصبح الهمُّ الأكبر عند كثير من الناس هو متى يختم القرآن ، تلاوة أو حفظا ليتخذ منه وظيفة أو يدخل في مسابقة ، كما أصبحت تُعقَد المسابقات لأحسن الأصوات والقراءات ، كما يقرأ القرآن في المناسبات ـ الحفلات أو عند الممات ، وبلغ بالبعض أن جعلوا هذا القرآن يستفتحون به القنوات أو المحلات والله المستعان .
فليس لنا سبيل إلى النجاة والتمكين والاستخلاف إلا بالعودة إلى الكتاب والسنة كما كان عليه سلف الأمة .
كتبه أخوكم أبو هاني قطر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العاصمي من الجزائر

العاصمي من الجزائر

عدد الرسائل :
689

الموقع :
www.rslan.com

تاريخ التسجيل :
24/07/2009


السلف والقرآن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلف والقرآن    السلف والقرآن  I_icon_minitimeالجمعة 15 يونيو 2012 - 21:12

أحسن الله إليك شيخنا الكريم موعظة وذكرى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سليلة الغرباء
Admin
سليلة الغرباء

عدد الرسائل :
6335

الموقع :
جنة الفردوس بإذن الله

تاريخ التسجيل :
19/05/2009


السلف والقرآن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلف والقرآن    السلف والقرآن  I_icon_minitimeالسبت 16 يونيو 2012 - 10:31

بارك الله فيكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
33

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


السلف والقرآن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلف والقرآن    السلف والقرآن  I_icon_minitimeالإثنين 17 ديسمبر 2012 - 23:43

جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
 

السلف والقرآن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» السلف والجوع
» حال السلف في رمضان
» الشيعه والقرآن وكذب الشيعه بالتقيه ان الاختلاف قراءات!!!!!!
» جواهر من أقوال السلف
» من قصص حفظ السلف لألسنتهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: في رحــــاب المنتــدى :: المــــنبـــــــر العــــــــــام-