الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.
إنّ أعظم ما تنافس فيه المتنافسون, وتسابق فيه المتسابقون هو العلم تزوّداً وتحصيلاً, وإفادة وتعليماً.
فمن أجل تحصيله والتزوّد من معينه, وبذله وتعليمه أفنى سلفنا الصالح زهرة الأوقات, وبذلوا لأجله نفيس الأقوات.
قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}.
فالتنافس في نيل سبق العلم تعلّماً وتعليماً ومشاركة, هو من أجلّ المقاصد الشرعية, والغايات الجليلة المرعيّة.
وإنّ من شأن هذا التنويه والتكريم أن يشحذ همم إخواننا وأخواتنا في هذا المنتدى المبارك, الذي يشق طريقه بتؤدة ثبات نحو التألّق والتميّز.
ولكن ينبغي أن يكون هذا التنافس بعيدا عن العجب والرياء, وإلا كان وبالاً على صاحبه.
فغاية العلم العمل به, ومن أجل ذلك سما وارتفع لأنّه الطريق الموصل لتقوى الله تعالى وخشيته, قال تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
قال سفيان الثوري رحمه الله: "إنما فضل العلم لأنه يتقى به الله، وإلا كان كسائر الأشياء".
فمن طلب بالعلم والعمل، سيادة على الخلق، وتعاظما عليهم، وإظهارا لزيادة علمه، ليعلو به على غيره، فهو متوعد بالنار،
كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم :"من طلب العلم ليماري به السفهاء، أو يجاري به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه، أدخله الله النار" رواه الإمام أحمد والترمذي بإسناد حسن.
وكان سفيان الثوري يقول: "ما كفيت عن المسألة والفتيا، فاغتنم ذلك ولا تنافس، وإياك وأن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله، أو ينشر قوله، أو يسمع قوله، وإياك وحب الشهرة، فإن الرجل يكون حب الشهرة أحب إليه من الذهب والفضة وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة".
وكان أحد السلف يعجبه ما يراه من علم أحد الناس، وحسن خطابه وسرعة جوابه فقال له يوما، وقد سأله عن مسألة فأجاب: أخشى أن يكون حظك من الدنيا لسانك، فكان ذلك الرجل، لا يزال يبكي من هذه الكلمة.
وأتوجه لأعضاء المنتدى ممن تنافسوا في المسابقة العلمية بالتهنئة على هذه المشاركة الطيبة, وأخص بالتهنئة الفائزين منهم, وأسأل الله أن يسلك بهم سبيل العلماء العاملين.
أخوكم: أبو يزيد المدني
المدينة المنورة: 9 صفر 1432 هـ / 13 جانفي 2011 م
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: كلمة بين يدي المسابقات العلمية 
الخميس 13 يناير 2011 - 23:50
