ن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعذ بالله من شرور أنفسنا... أما بعد, اتقوا الله تعالى ووحدوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئا، فمن خلقكم ورزقكم هو الذي يستحق أن تعبدوه وأن لا تشركوه، قال الله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) ، وقال تعالى (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظمه يا بني لا شترك بالله إن الشرك لظلم عظيم) [ لقمان 13]، وقال تعالى (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون (21) الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم، فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون(22) ) [ البقرة].

أيها المسلمون, إذا أردتم أن تكون عبادتكم لله صحيحة فعليكم إضافة إلى الإخلاص- أن تتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقة العبادات والأفكار ولا تبتدعوا في الدين ولا تخترعوا، لأن العبادات المخترعة باطلة وغير مقبولة ومردودة على صاحبها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم. و قال صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" حم، د، ت (صحيح)، وأما في المعاملات فاجتنبوا ما حرمه الإسلام، وما عدا ذلك فهو حلال، فطوروا فيها واخترعوا ما لم تتصادم مع المحرمات.

اعلموا –رحمكم الله تعالى- أن الإسلام قد أمر و دعى ورغب في مكارم الأخلاق، ونهى وحذر من مساوئ الأخلاق. والخلق الحسن هو كف الأذى، وبذل الندى، وطلاقة الوجه، وأما الخلق السيئ فهو فعل الأذى، ومنع الخير والمعروف، وعبوس الوجه.
قال الله تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) (الحج 77) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل معروف صدقة" رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: "تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك" رواه البخاري ومسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم: "من ضار، ضار الله به، ومن شاق شاق الله عليه" رواه أحمد، والأربعة وهو حديث حسن.

عباد الله/ احرصوا –بارك الله فيكم- على الأخلاق الحسنة فإنها ترفعكم درجات في الدنيا والآخرة، وتجعلكم تعيشون حياة سعيدة، واجعلوا الناس يحبون مخالطتكم والقرب منكم وتتقدم البلاد، وينتشر الأمن، ويزدهر الاقتصاد وتكونون دعاة إلى الإسلام بأخلاقكم وأعمالكم قبل أقولكم ومحاضراتكم، انظروا إلى نبي الله يوسف عليه السلام كيف قال صاحباه في السجن (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) (يوسف 36)، وقال تعالى: "واذكروا في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا (54) وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا(55)" (مريم)، وقال صلى الله عليه وسلم: "أولياء الله تعالى الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى" رواه الحكيم الترميذي (حسن) فاتقوا الله يا عباد الله وأحسنوا عبادة ربكم خالقكم وأحسنوا في معاملة الناس، واحذروا التنصل من المسؤولية، واجتنبوا الفوضى والإهمال غفر الله لي ولكم.

و اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الإسلام أمر بالنشاط ونهى عن الكسل والبطالة، والسعي إلى ما ينفع الإنسان نفسه في دينه ودنياه، ونهى عن الفوضى والإهمال، لأن المجتمع الذي تنتشر فيه تلك الأمراض يكون مجتمعا مريضا متخلفا يعيش في شقاء ولا يهنأ بالسعادة. وتنتشر الآفات وتضيع الحقوق وتترك الواجبات، إن الإهمال والفوضى يؤدي إلى ظهور المفسدين في المجتمع، وانتشار الكذب والنفاق، وفقدان الثقة بين الناس، وتعطيل الأعمال وتأخير المشاريع الخيرية، وضياع الثروات وإفقار الأمة، وتمزق العلاقات الاجتماعية، وشيوع الظلم، إضافة إلى أن في الإهمال خيانة للأمانة التي شرف الله بها الإنسان، كما أن الفوضى والإهمال يؤدي إلى بغض الله وبغض الناس، واستحقاق عذاب الله، والطرد من رحمة الله، وذهاب البركة والخير.

قال الله تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) وقال تعالى: (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون) (التوبة 54)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز...." رواه مسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأيدي ثلاثة، فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى، ولا تعجز عن نفسك" حم، د. (صحيح).

أيها المسلمون/ إن الفوضى التي نشاهدها عند كثير من الناس والإهمال الذي انتشر عند كثير من العباد في هذه البلاد، يجب أن يزال وأن يحارب، لأنه من مساوي الأخلاق، وهو الذي زاد في تأخرنا وتقهقرنا، وفقدان الثقة فيما بيننا، فلنتق الله تعالى ولنبتعد عن الفوضى والإهمال وذلك بإتباع:

-1. مراقبة الله والخوف منه لأن الإهمال معصية والفوضى منكر.
-2. إتقان العمل، والشعور بالمسؤولية.
3. -وتربية الأولاد والتلاميذ على ذلك قولا وعملا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" رواه البخاري، مسلم.
-4. التسلح بالعلم في ذلك العمل، والتزود بالمعلومات الكافية فيه: الحقوق، الواجبات، كيفية التصرف في الحالات الاستثنائية وكيفية مخاطبة الناس في ذلك الميدان من مسؤولين وغيرهم ، الأخلاق والآداب.
-5. التكوين المستمر لتحسين الأداء عملا وأخلاقا وإنتاجا.
-6. القناعة بذلك العمل- مادام جائزا- وترك التطلع إلى ما ليس لك، فإن ذلك التطلع مرض خطير يؤدي إلى الضجر والغضب والكسل قال تعالى: "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق" (النحل 71) وقال تعالى " ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير" الشوري 27.
-7. عدم الاقتداء بالفاسدين وتقليدهم "لا يكن أحدكم إمعه...
-8. الجد وأداء الأعمال في وقتها، وتنظيم الوقت وترك خلط الأمور فوقت العمل عمل، ووقت طعام، ووقت التسلية.إلخ
-9. نصح المهملين.
-10. الشكوى والعقاب.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات

حفظ الله الشيخ أبا سعيد بلعيد , على ما يقدّمه , وحقيقة مواضيعه جمعت بين غزارة المعلومات و بساطة التركيب , وأنا شخصيا إستفدت كثيرا من خلال كتاباته وتعليقاته وتحقيقاته ,
وفق الله القائمين على الموقع لمزيد من البذل والعطاء .

بارك الله في شيخنا المربي بلعيد
أسأل الله أن يحفظه

جزاك الله خيرا