سنّة الابتلاء
إنّ تسلّط شياطين الجنّّ على الإنس، وتأثير السّحر على المسحورين؛ سنّة كونيّة قدريّة من سنن الخالق الّتي سنّها في هذا الكون لغاية عظيمة، وحكمة جليلة؛ تظهر فيها عظمة ربوبيّته وكمال حكمته، ومن ذلك تربيّته سبحانه وتعالى لعباده بسنّة الابتلاء الّتي يعقبها التّطهير والاجتباء، والمغفرة والاصطفاء، فإنّ العبد كلّما انخلع من ربقة العبوديّة ، وتحرّر من رقّ الألوهيّة لله ربّ العالمين واستغنى؛ خلّى الله بينه وبين شياطين الجنّ وإخوانهم شياطين الإنس، فيتسلّط عليه العدوّان، وتتخلّى عنه الحفظة المعقّبات؛ فيهلك، فإن أقلع ونزع، وتاب ورجع، والسّنّّة اتّبع، وحافظ على الصّلوات والأذكار والأوراد وقراءة القرآن؛ كان في حصن حصين وحرز أمين، ومكان مكين؛ يحمى به من هؤلاء الجنّ والسّحرة الأشرار والمشعوذين الفجّار، وكلّما ازداد من الله عبوديّة وقربا؛ ازداد منهم منعة وتحصّنا وبعدا، وكلّما ازداد لربّه ذلاّ ورقّا؛ ازدادوا منه خوفا وفرقا، فرجع الأمر كلّه إلى تحقيق العبوديّة لله ربّ العالمين.

الغنى غنى النّفس
استغن ما أغناك الله بالغنى وإن تصبك خصاصة فتجمّل
المؤمن في هذه الحياة الدّنيّة يعيش متقلّبا في نعم العطيّة ونقم الرّزيّة، فإن كان ذا عقيدة مرضيّة؛ لجأ إلى حمى ربّ البريّة، وتعلّق بأذيال الرّجاء بعد الإلحاح في الدّعاء والتّضرّع في رفع البليّة، وحلول العيشة الهنيّة والحالة السّويّة، فإن جاء الفرج عاجلا وإلاّ فليجعل الصّبر له مطيّة، فإن طال الكرب وعظم الخطب؛ فليمتط جواد الاصطبار يكن من خير البريّة، وليقطع الطّمع في المخلوق؛ فإنّ ذلك أقوم حالا وأحسن نديّا، وهو عمل يكون به صاحبه عند ربّه مرضيّا، ويحفظ ماء وجهه من كلّ ما يشوبه أو يكدّره من المنن غير السّويّة، وقديما قيل: من أحسن إليك؛ فقدأسرك، ومن جفاك؛ فقد أطلقك. فاعمل به واعبد ربّك الّذي خلقك.

حياة القلوب
ذكر الله عزّ وجلّ حياة القلوب، وروح الأنفس، وغذاء الأرواح، وبلسم الجراح، وطوبة اللّسان، وراحة الجنان، وكمال الإنسان، ورضى الرّحمن، والسّبيل القويم إلى أعلى الجنان، وهو عبادة سهلة يسيرة، أجورها كبيرة، وثمراتها وفيرة، فنعم العدّة للمؤمن والذّخيرة، فليلهج لسانك بالذّكر، وليطب قلبك بالفكر، فاغدوا في هذا البستان وانهل منه عند البكر، وفي الآصال وعند السّحر، وفي الحضر والسّفر، ومن الغفلة منه كن على حذر، فإنّ الذّهول عن هذا الغرز عند أرباب اليقظة إحدى الكبر، وحرّك ترَ، وجرّب تذق، وسرتصل.

كتاب الله
القرآن الكريم والذّكر الحكيم والكتاب القويم والسّبيل المستقيم؛ لايشبع منه المبتدي، ولا يملّه المنتهي، كلّما قرأه الإنسان وتلاه، وتدبّره وتأمّل معناه، ازداد فيه حبّا واشتهاه، وتشوّق إليه قلبه وهواه، علومه لا تنتهي، عجائبه لا تنقضي، دلائله لاتنطوي، فيه حكم ما بيننا، ونبأ ما قبلنا، عدل في قضائه، صدق في أخباره، فصيح في كلامه، قطع بواقع البلغاء، وألجم مساقع الخطباء، وأفحم أكابر الفصحاء، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به نجا، ومن سار على سبيله اهتدى، وابتعد عن الضّلال والرّدى، والغيّ والشّقا، وحصّل السّلامة والهدى، والنّور والضّيا، فإلى القرآن أسرعوا، وعلى تلاوته وتدبّره أقبلوا، وعلى العمل به اعكفوا؛ تفوزوا وتفلحوا، وتنجوا وتنجحوا.

أبو عبد الرحمن السلفي كتب:

سنّة الابتلاء
إنّ تسلّط شياطين الجنّّ على الإنس، وتأثير السّحر على المسحورين؛ سنّة كونيّة قدريّة من سنن الخالق الّتي سنّها في هذا الكون لغاية عظيمة، وحكمة جليلة؛ تظهر فيها عظمة ربوبيّته وكمال حكمته، ومن ذلك تربيّته سبحانه وتعالى لعباده بسنّة الابتلاء الّتي يعقبها التّطهير والاجتباء، والمغفرة والاصطفاء

أحسن اللهُ إليكم و زادكم توفيقا

بوركتم ونفعتم بطيب يراعكم
دمتم دوما موفقين

بارك الله فيكم