سرّ الاستغفار
إنّ للاستغفار سرّا عجيبا، وتأثيرا غريبا، وثمرا رغيبا، وصقلا للقلب رهيبا، وأثرا مهيبا، يجلو الله به من القلب الدّنايا، ويحطّ به عن المذنب الخطايا، ويحصّل المرء به كثيرا من المزايا، ويمحو به عديدا من الرّزايا، فهو مجلبة لرضا الرّب، وسبيل لحصول الرّزق والغيث والولد والنّجاة من الكرب، ولكن يشترط فيه الصّدق لا الكذب، وتواطؤ اللّسان والقلب، والإقلاع عن الذّنب، والإنابة إلى الله والتّوب، فإذا توفّرت هذه الشّروط؛ حصل الخير العاجل والآجل، وجاءت الدّنيا إلى المستغفر تسعى وتحفد، واكتسى الوجه نورا أجمل من الزّبرجد، وسكن الفؤاد وحصل المراد، واشتاق العبد إلى دار المعاد؛ ليلقى ربّ العباد، وأمن يوم التّناد، يوم تفرّق الصّحف على العباد، فهذا مقرّب سعيد، وذاك مبعد طريد. اللّهمّ سلّم، سلّم.

ترشيد الهمّة العالية
إنّ النّهمة في الطّلب، والرّغبة الكبيرة في تحصيل العلم، والهمّة العالية في التّعلّم، لابدّ أن تقيّد بالعقل، و تضبط بالحكمة، وتناط بالقدرة، و تساير الصّحّة وسلامة الجسم من العلل، فعلى الإنسان أن يحافظ على صحّته ما استطاع إلى ذلك سبيلا؛ لأنّ طريق طلب العلم طويل، فعليه أن يحذو بهمّته عن مواطن الضّرر بالجسم، ولا يحمّل جسمه ما لا يطيق، فإنّ الزّاملة إذا أرهقت بالحمولة أو أجهدت لم تقو على الوصول إلى المقصود، وضعفت عن السّير، وكذلك النّفس إذا أجهدت وقسا صاحبها عليها، وأثقلها بما لا تقدر عليه، وحمّلها مالا تحتمل، وأضرمت في فؤاده نار العجلة، سقط صاحبها ولم ينهض، ووقع ولم يقم، وأجمع ما يقال فيه: إنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، وإنّ العاقل البصير والكيّس الحصيف ليقدّر الأمور حقّ قدرها، وليقدّر موضع القدم قبل خطوها، وقديما قيل:
قدّر لرجلك قبل الخطو موضعها فمن علا زلقا عن غرّة زلجا

سمات الموفّقين
تنظيم الوقت وحسن ترتيبه وبراعة استغلاله ودقّة تقسيمه ؛ من سمات الموفّقين وصفات النّاجحين وشيم المفلحين، وهو أسّ الأمر وقطب رحاه، وهو دليل على أنّ في العقل سلامة، وفي القلب حسن تدبير، وفي النّفس جودة تصرّف، فكابد الحياة، وجاهد فيها حقّ الجهاد؛ لتنظيم وقتك، وحاول مرّة أخرى إن فشلت، وأعد الكرّة بعد الكرّة، ولا تيأس من حرمان التّوفيق، واصبر وصابر واصطبر، واثبت والزم هذا الغرز ولا تملّ، واحذر التّرك والانقطاع؛ فإنّ كثرة سقوطك تعلّمك حسن ركوبك، وسبيل العزّ وطريق المجد منصوب على متن المحاولة بعد الفشل، ومعاودة الرّكوب بعد السّقوط، ومن سار على الدّرب وصل، وتمثّل قول القائل:
دببت إلى المجد والسّاعون قد بلغوا جهد النّفوس وألقوا دونــــه الأزرا
وكابدوا المجد حتّى ملّ أكثرهـــــم وعانق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحسبنّ المجد تمرا أنت آكلــــــه لن تبلغ المجد حتّى تلعـــق الصّبرا
فالرّباط الرّباط، والاستمساك الاستمساك بهذه العروة الوثقى، واللّزوم اللّزوم لهذا الغرز، والثّبات الثّبات على هذا الأمر، وماهي إلّا سويعات ويظهر الفجر الصّادق ويبين، ويسطع ضوء الشّمس في الآفاق؛ فينمحي الظّلام القاتم، ويزول اللّيل البهيم الأليل، إنّ موعدهم الصّبح أليس بقريب ؟

سليلة الغرباء كتب:

بارك الله فيك وفي يراعك

لكن العنوان يعني أنك جزأت هذه الخواطر لأجزاء فلو وضعتهم تباعا تحت بعضهم في صفحة واحدة لكان أحسن حتى لا يتشتت موضوعك وهو بنفس العنوان

أسمح لك بأن تقومي أنت بالمهمة؛ بارك الله فيك.