الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 مدارسة متن ثلاثة الأصول

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


مدارسة متن ثلاثة الأصول  Empty
مُساهمةموضوع: مدارسة متن ثلاثة الأصول    مدارسة متن ثلاثة الأصول  I_icon_minitimeالسبت 26 يونيو 2010 - 11:29




الكاتب محمد حاج عيسى الجزائري





شرح الثلاثة أصول (مقدمة بين يدي الشرح)


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:


فإن علم التوحيد علم جليل القدر عظيم النفع، جلالته من جلالة متعلقه وهو العلم بالله تعالى وبحقوقه التي هي توحيده في أفعاله وألوهيته، ونفعه أعظم نفع على الإطلاق إذ به تتحقق سعادة الدنيا والآخرة، إذ التوحيد مفتاح النجاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" .





ومن أخل بالتوحيد وصرف شيئا من حق الله تعالى لغيره فقد وقع في الشرك الذي هو ظلم عظيم قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان:13)، وعن ابن مسعود قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ (متفق عليه). ومن مات على الشرك لم يغفر له المولى عز وجل قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء/48] وحبط كل ما عمله من خير بحيث لا ينفعه يوم القيامة قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65)، ويحرم الله عليه الجنة ويوجب الخلود في النار، ويحرم من الشفاعة التي لا تكون إلا لمن مات على التوحيد سالما من الشرك الأكبر، قال عز وجل: (إِنَّهُ ُمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة/72]


وهذا العلم الجليل العظيم كما هو معلوم هو أول واجب ينبغي على الإنسان تحصيله، كما قال النبي صلى اله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله إلى اليمن :" إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ " (متفق عليه) وفي رواية للبخاري :" فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى". وكذلك هو أول واجب ينبغي على الداعية أن يدعو إليه وعلى المعلم أن يعلمه لغيره، ولذلك رأيت أن لا أخلي صفحات هذا الموقع من دروس تعنى بمادة التوحيد بطريق مباشر، وخاصة أننا أن الإصلاح إنما يبدأ من إصلاح العقيدة قبل أي إصلاح.


وقد رأيت أن تكون البداية مع بعض حلقات في شرح رسالة الثلاثة أصول للشيخ ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وهي رسالة لطيفة في حجمها عظيمة في نفعها وذلك لما تضمنته من مسائل ضرورية وأساسية في العقيدة الإسلامية في عبارات وجيزة وأسلوب واضح غير معقد وطريقة استدلالية، فعندما ندرس هذه الرسالة نستفيد عدة فوائد منها أننا نعطي للمتعلم أساس العقيدة وفرضها الواجب عليه، بحيث نجد فيها تطرقا إلى جميع أبواب الاعتقاد على سبيل الإجمال، وهذا خير من التوسع في باب على حساب أبواب أخرى وخاصة بالنسبة للمبتدئين، ومنها أننا نلقنه منهج تلقي العقيدة وأنها تبنى على الدليل النقلي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.


وكما أن الكتاب مختصر فالشرح ينبغي أن يكون كذلك، ومن أراد التطويل فعليه بتدريس أو دراسة المطولات ، وليس من منهج التعليم أو التأليف في شيء أن نأتي إلى الكتب المختصرة التي وضعها مؤلفوها للمبتدئين فتشرحها شرح المنتهين لأننا نكون قد خالفنا مقصد المؤلف وأخللنا بالمنهج التعليمي المبني على التدرج.


وفي هذه الحصة نتناول بعد هذه المدخل ثلاثة نقط ، أولا : التعريف بالمؤلف رحمه الله ، ثانيا : لماذا الثلاثة أصول ؟ ثالثا : شرح البسملة .


أولا : ترجمة موجزة للشيخ محمد بن عبد الوهاب


ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي عام (1115هـ الموافق لـ 1703م) في قرية العيينة من قرى نجد في الجزيرة العربية، نشأ بها وتعلم القرآن وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه سن العاشرة ، وامتاز منذ صغره بحدة الفهم وذكاء القلب وسرعة الحفظ، كما كان معروفا بسرعة الكتابة وجودته أيضا، حيث كان يخط كراسا كاملا في جلسة واحدة بخط واضح.


قرأ على أبيه مبادئ الفقه الحنبلي من المنتهى والإقناع، ثم أخذ في مطالعة الكتب المطولة كالإنصاف والشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة، فأصبح يذاكر والده في المسائل ، وكثيرا ما كان يتعقب ما هو مدون في تلك المختصرات مما خالف الصحيح من المذهب وما قوي دليله.


الرحلة في طلب العلم وسببها


كان في ابتداء طلبه العلم وتحصيله في فن الفقه وغيره، لم يتبين له الضلال الذي كان عليه الناس من عبادة غير الله من الأحجار والجن والقبور، ثم إن الله تعالى جعل له نهمة في مطالعة التفسير والحديث، فتبين له من معاني الآيات المحكمات والأحاديث الصحيحة أن هذا الذي وقع فيه الناس، هو الشرك الذي بعث الله تعالى رسله وأنزل كتبه بالنهي عنه. فقرر ابن عبد الوهاب أن يرحل للاستزادة من العلم، لينصر به الحق الذي تبين له، فرحل إلى الحجاز ثم إلى البصرة، وقيل إنه رحل إلى بغداد أيضا، وفتح الله عليه بلقاء الشيوخ وخط الكتب التي لم يكن قد وقف عليها من قبل.


الرجوع وإعلان الدعوة


أعلن الشيخ دعوته أولا بمدينة "حريملا" حيث كان قد أقام والده، وذلك سنة (1151هـ الموافق لـ 1738)، فأوذي ومكر به، فانتقل إلى العيينة سنة (1155هـ) أين وافقه وناصره أميرها عثمان بن معمر، ولكنه سرعان ما تراجع عن مناصرته خوفا من أمراء "الأحساء"، ففر الشيخ منه إلى الدرعية حيث استجاب لدعوته الأمير محمد بن سعود وأخواه ثنيان ومشاري، ففتح الله عليه ووفقه لنشر عقيدة التوحيد، التي بقي أثرها إلى يوم الناس هذا في نجد والحجاز، كما امتدت إلى غيرها من بلاد العالم الإسلامي.


عقيدة ابن عبد الوهاب ودعوته


قال الشيخ ابن باديس رحمه الله (5/32-الآثار) :"قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية فتبعه عليها قوم لقبوا بالوهابيين، لم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه، فإن أتباعه النجديين كانوا قَبلُ ولا زالوا إلى الآن حنبليين، يدرسون الفقه في كتب الحنابلة، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد، فإن أتباعه كانوا ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين، أهل إثبات وتنزيه، ويؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار، ويصدقون بالرؤية، ويثبتون الشفاعة، ويترضون على جميع السلف، ولا يكفرون بالكبيرة ويثبتون الكرامة. وإنما كانت غاية ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم، بعد انحرافهم وزيغهم المبين. ولم تكن هذه الغاية التي رمى إليها بالقريبة المنال ولا السهلة السبل، فإن البدع والخرافات باضت وفرخت في العقول ، وانتشرت في سائر الطوائف وجميع الطبقات على تعاقب الأجيال في العصور الطوال، يشب عليها الصغير ويشيب عليها الكبير، وأقام لها إبليس من جنده من الجن والإنس أعوانا وأنصارا وحراسا كبارا، من زنادقة منافقين ومُعمَّمِين جامدين ومحرفين، ومتصوفة جاهلين وخطباء وضاعين".


وفاته :


وتوفي الشيخ رحمه الله تعالى بالدِّرعية عام (1206هـ الموافق لـ 1792م) ودفن بها .





ثانيا : لماذا الثلاثة أصول ؟


إن الواجبات التي كلفنا بها الله تعالى متفاوتة في الأهمية، وأهم هذه الواجبات هي معرفة هذه الأصول الثلاثة والعمل بهن (معرفة الرب ومعرفة الإسلام ومعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم) بدليل أن العبد إذا انتقل إلى أول منازل الآخرة يمتحن فيها ويسأل عنها دون غيرها، فيقال له من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ ولن يوفق للإجابة إلا من علم هذه الأصول وعمل بمقتضاها.


ويمكن أن يقال: إن مرد الأشياء المأمور بها في الشرع إلى هذه الأصول الثلاثة، فقد أمرنا بالتوحيد الذي هو ثمرة معرفة الله تعالى وضده الشرك بالله والكفر به، وأمرنا بالطاعة والاستقامة التي هي ثمرة معرفة شرائع الإسلام، وضدها المعصية والفسوق، وأمرنا باتباع السنة التي هي ثمرة معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وضدها هو الابتداع.





ثالثا : شرح البسملة


ابتدأ المصنف بالبسملة اقتداء بكتاب الله تعالى، وبكتب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الباب حديث ضعيف جدا لا يعول عليه ولفظه:" أيما أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أقطع".


ومعنى"بسم الله" ابتدئ هذا الكتاب بعونه وتأييده وتوفيقه وتسديده سبحانه على أن الباء للاستعانة.


و"الله" لفظ علم على ذات الله تعالى لا يسمى به غيره، ومعناه المألوه أي المعبود بالمحبة والتعظيم، قال الله تعالى: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ) (الأنعام:3) أي المعبود.


و"الرحمن" من أسماء الله تعالى ومعناه أنه ذو الرحمة الواسعة ، لأن وزن فعلان في اللغة يدل على السعة والامتلاء، كما يقال رجل غضبان إذا امتلأ غضبا .


و"الرحيم" من أسماء الله ومعناه كمعنى الرحمن، وأصح ما قيل في الفرق بينه وبين الرحمن أن الرحمن رحمته وسعت الخلق جميعا، والرحيم رحمته خاصة بالمؤمنين، وأن الرحمن صفة ذات لله تعالى لذلك كان خاصا به سبحانه لا يجوز أن يتسمى به أحد غيره، والرحيم صفة فعل متعد إلى الخلق.











المدخل الأول : في بيان المسائل الأربعة


قال المصنف:" اعلم – رحمك الله-أنه يجب علينا تعلّم أربع مسائل:


الأولى: العلم وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.


الثانية: العمل به.


الثالثة: الدعوة إليه.


الرابعة: الصبر على الأذى فيه".





الشرح


بعد الاستعانة بالإله سبحانه وتعالى جعل المصنف هنا مدخلا مهما، تعرض فيه إلى المسائل الأربع المذكورة، التي تعتبر خلاصة الأعمال الواجبة على العباد وهي أسباب النجاة من الخسارة يوم القيامة.


-وقوله "يجب علينا "، والإيجاب طلب الفعل الجازم من الله تعالى على وجه الحتم واللزوم، والواجب من الأفعال هو ما يؤجر فاعله ويأثم تاركه بعد العلم ويستحق العقوبة على ذلك .


-وقوله :" العلم ". والعلم إذا أطلق في الشرع فهو العلم الديني أو العلم بالكتاب والسنة، فلما قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر:28) فقد عنى العلماء به وبشرعه وبرسالة أنبيائه، وكذلك لما قال: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة:11) فالمقصود الذين عندهم العلم المذكور أعلاه. والعلم هو مصدر الإيمان وأوله، فلا يمكن أن يؤمن من جهل، وكلما ازداد الإنسان علما كلما ازدادا إيمانا، وعبادة الله تعالى كلها مبنية على محبته سبحانه، ومحبته تقوى وتضعف، وطريق قوتها العلم بالله تعالى بأسمائه وصفاته الدالة على جماله وجلاله.


-وقوله:"بالأدلة" تقييد مهم لأنه ليس كل ما سماه الناس علما هو علمٌ شرعا، بل يشترط في العلم المنسوب إلى الشرع أن يكون مصحوبا بالدليل، وهو الكتاب والسنة والإجماع وما رجع إليها، وإلا فمن الناس من يحسب أنه على شيء وليس على شيء، يسمع الناس يقولون شيئا فيصدقهم ويجعل ما يقولون دينا له، وقد ورد في حديث سؤال القبر أن المجرم يقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فدل على أن التقليد المحض لا يفيد العلم المطلوب.


وأما من لا يفهم الدليل من عامة الناس فيعطى دليلا واحدا، وهو قوله تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:43)، ويجب عليهم أن يتحروا في أمر دينهم فلا يسألون إلا من كان يفتي بالدليل، لأن المقلد المحض الذي يفتي بالتقليد المجرد ليس من أهل الذكر الذين أمرنا بسؤالهم، قال تعالى : (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ) (النحل:43-44).


ويكفي النظر في الدليل حين يقبل الحكم أو العقيدة، فإذا حفظ المسلم الحكم أو العقيدة، ثم نسي الدليل بعد ذلك فلا حرج عليه، قال تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286).


-قوله:"العمل به" أي وجوب العمل بالعلم بعد تحصيله، فإن من تعلم أركان الإيمان وحصل له المعرفة والإقرار لم يكن مجرد ذلك منجيا له، فالإيمان الموجب للجنة الإيمان الكامل الذي هو قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، يقول الله عز وجل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) (الحجرات:15).


وأما من يعرض عن العلم ظنا منه أن إعراضه يرفع عنه التكليف، فهذا أتي من جهله، وقد قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124)، والله تعالى يعذر الجاهل الذي لم يأته الرسول، وأما المعرض فإنه لا حجة له، ثم إن الإعراض في حد ذاته معصية، وقد يصل إلى درجة الردة إذا كان إعراضا عاما عن العلم والعمل بدين الله تعالى.


قوله:"الدعوة إليه" أي الدعوة إلى تعلم هذا العلم (وهو معرفة الله ودينه ورسوله) وإلى العمل به، أي الدعوة إلى الدين علما وعملا، والمقصود هنا الدعوة العامة الواجبة على كل إنسان بحسب علمه واستطاعته، ويدل على وجوبها قوله النبي صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه" (متفق عليه) وقوله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف:108)، فكل تابع للنبي صلى الله عليه وسلم لابد أن يدعو إلى سبيل الله تعالى.


وأما الدعوة الخاصة فهي فرض كفاية، وهي التخصص في الدعوة والتفرغ للتبليغ والتعليم، ووجوب هذه لا يلغي وجوب الأولى، وهي المقصودة بقوله تعالى : (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (التوبة: 122).


-قوله:"الصبر على الأذى فيه" أي الصبر على الأذى في العلم والعمل والدعوة إلى الله، والصبر من العمل الواجب تحصيله ويخص بالذكر لأهميته ولتعلقه بالمراتب الثلاث .


فالصبر مطلوب في العلم، لأن النفس تدعو إلى الكسل فلابد من مجاهدة لها ومن صبر، ومن طرق تحصيل الصبر في طلب العلم الاستعانة بالله تعالى والاستعاذة به من العجز ومن الكسل كما كان يستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم.


والصبر مطلوب في العمل، كيف لا والجنة قد حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات، فالطاعات تحتاج إلى صبر ومجاهدة وترك المعاصي كذلك. قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69). والصبر مطلوب في الدعوة إلى الله، لأن الداعي سوف يُكَذَّب وسوف يتكلم في دينه وعرضه، وسوف يبتلى ويكاد له، قال تعالى : (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان:17).


قال المصنف رحمه الله : والدليل قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ]وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [ (العصر). قال الشافعي-رحمه الله تعالى -: » لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم«.


الشرح


-قوله:"بسم الله الرحمن الرحيم" إيراد البسملة مبني على القول بأنها آية من كل سورة، والصحيح خلاف ذلك.


-قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ ) قَسَم يراد به تأكيد الخبر، والمقسم به هو الزمان الذي تقع فيه أعمال بني آدم وأقوالهم سواء الخير أو الشر، أقسم به لأنه خلق له عظيم دال على عظمته وقدرته.


-قوله عز وجل: (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) والخُسر ضد الربح في التجارة، والإنسان في هذه الدنيا في تجارة، لذلك يقول تعالى عن المنافقين: (فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) (البقرة:16). وحكم بأن الإنسان كله في خسارة وهذا العموم مخصوص بما يأتي ذكره في السورة، وهذه الخسارة متفاوتة وأعظم الخاسرين من يحكم عليه بالخلود في جهنم.


-قوله: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) أي حققوا الواجب الأول المنجي من الخسارة العظيمة، وهو الإقرار بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإقرار يحصل بالعلم المبني على الدليل لا على الظن واتباع الآباء والأجداد.


-قوله عز وجل: (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) أي الصالحات كلها، وأول عمل وآخره هو التوبة لأن العمل كله لا يقدر عليه أحد، وهذا الواجب الثاني الذي لا يتم الإيمان الواجب إلا به.


-قوله عز وجل: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) التواصي على وزن تفاعل بمعنى تبادل النصح، أي الذين يتبادلون النصح تعليما وتذكيرا أمرا ونهيا في كل الأزمان والأوقات.


-قوله عز وجل: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) فعطف الخاص على العام، ثم عطف الأخص على الخاص، لأن الدعوة والتناصح من جملة العمل الصالح، ولأن الصبر من جملة الأمور التي ينبغي أن نتناصح بها وأن ندعو إليها، فالجميع يرجع إلى العمل لكن خصت الدعوة والصبر بالذكر لبيان الأهمية.


-ثم نقل رحمه الله قول الشافعي (ت 204 ) :" لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم". أي لأغنت ولكانت كافية في إقامة الحجة عليهم، فهي جامعة لكل ما يجب على الإنسان في كل حياته ومدة إقامته في الدنيا.


قال المصنف : وقال البخاري-رحمه الله تعالى-:" باب العلم قبل القول والعمل"، والدليل قوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك) (محمد:19) فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.


الشرح


أراد الشيخ أن يؤكد أن العلم واجب التقديم على بقية الواجبات الأربعة فأورد قول البخاري (ت 256هـ) :"باب العلم قبل القول والعمل"، واستدل له بقوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك) (محمد:19) لما فيه من تقديم للأمر بالعلم على الأمر بالاستغفار الذي هو قول يتبعه عمل.


وهنا سؤال هل العمل يسبق الدعوة أيضا؟


الجواب: إذا كان المقصود العمل بالشيء المدعو إليه فنعم لأن الله تعالى يقول: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:44)، وإن كان المقصود العمل بكل ما علم فليس بصحيح، لأن هذا سيؤدي إلى تعطيل النصيحة والدعوة إلى الله، إذ لا يوجد في الناس من يدعي أنه عمل بكل ما علمه من الدين.














مدارسة متن ثلاثة الأصول  Icon4110


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

مدارسة متن ثلاثة الأصول

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» شرح ثلاثة الأصول الشيخ عز الدين رمضاني - حفظه الله -
» (المدخل لشرح ثلاثة الأصول): تعليق الشيخ الفوزان - إضافة مستمرة - إن شاء الله تعالى-..
» مدارسة كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد
» الظلم ثلاثة...
» ثلاثة أعمال ليس لها موازين يوم القيامة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: العــقيــدة الصحيحة-