السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هناك أخوة يملكون مطعماً للأكل الخفيف
و تدخل عندهم نساء متبرجات و المشكل أن بعضهن يجلسن و يأكلن في المطعم
نرجو من مشايخنا أن يبين لنا كيف يتعاملون معهن هل يناصحونهن و كيف تكون طريقة النصح و الدعوة أم هل يخرجونهن و لا يدعهن يجلسن أم كيف يصنعون و جزاكم الله خيراً

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإنّ المسلم إذا تفضّل وأنعم الله عليه بأن وفّقه إلى فتح محلّ للمأكولات ونحو ذلك، فينبغي له أن يكون شاكرا لهذه النّعمة، وذلك بطاعة الله عزّ وجلّ،

وهو القائل:{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }.

فلا يحلّ له أن يرضى ويغضّ الطّرف عن المنكرات والمعاصي الّتي تحدُث أمامه، ولا يختلف معه أحدٌ في كونها منكرا وزورا.

قال الله تعالى لنبيّه وهو بمكّة – حال الاستضعاف-:{ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ }.

وقال مخاطبا للمؤمنين وهم بالمدينة – حال القوّة والاستخلاف -:{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى

يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ }.

وأثنى على عباد الرّحمن فقال:{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا }.

والأمر لا يتعلّق بدخول المتبرّجات المطاعم فقط، بل حتّى المتحجّبات، لأنّ جلوسهم بالمطعم بحضرة الرّجال يُعدّ من الاختلاط الّذي سدّت الشّريعة أبوابه، وقِس

على ذلك كلّ ما نهى الله عنه: كمن يجاهر بالتّدخين، أو بالكلام المنافي للأخلاق والآداب، ونحو ذلك.

أخي الكريم:

- إن خشيت غضب النّاس وتضجّرهم، فتذكّر قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا

النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ )) [رواه التّرمذي عن عائشة رضي الله عنها، وهو صحيح].

- وإن خشيت ضيق الرّزق، فتذكّر قول الله تعالى:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}،

واجعل نُصب عينيك قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَيُّهَا النَّاسُ ! اتَّقُوا اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا

اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حُرِّمَ )).

وفي رواية: (( فَإِنَّ اللهَ لاَ يُنَالُ فَضْلُهُ بِمَعْصِيَتِهِ )).

· أمّا إن كنت تسأل عن سبيل الخلاص من أولئك المتبرّجات، فإن كنت حازما، ولم يُلبّس عليك الشّيطان بالحياء المذموم، فما أسهل الكلمة الليّنة ! فتخبرها في رفق

بأنّه يمنع دخول النّساء عموما، وليس المتبرّجات فحسب – كما سبق بيانه –.

· وإن كنت غير ذلك، فتكتب ورقة أو لافتة، تبيّن فيها الأمر، وتشير إلى الورقة إذا سئلت عن ذلك.

· ثمّ – يا أخي الكريم – إن كان المطعم واسعا، فأضعف الإيمان أن تجعل مكانا مخصّصا للنّساء، حتّى لا يختلطن بالرّجال.

وكُن أنت وأمثالك خير من يُمثّل أهل الاستقامة في مثل هذه الأماكن:

بأن تبيّنوا حكم الشّريعة في مثل هذه المسائل.

وبألاّ تتوسّعوا في الحديث مع النّساء، كما يفعله الكثيرون - هدانا الله وإيّاهم - حتّى إنّ النّاظر ليظنّ أنّه يحدّث إحدى محارمه !!

والله أعلم وأعزّ وأكرم.

بارك الله فيكم