من الأغراض الدلالية للجملة الحالية الاسمية : ( التبكيت والتوبيخ )
من الأمثلة قوله تعالى : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) جاء
الغرض الدلالي للجملة الحالية "وأنتم تتلون الكتاب" من التبكيت والتوبيخ متوافقاً مع سبب نزول الآية
الكريمة، حيث إنها نزلت في يهود أهل المدينة، إذ كان الرجل منهم يأمر غيره بالثبات على الدين ثم لا
يفعل هو . فجاءت الجملة الحالية تبكيتاً وذما على صنيعهم هذا.
وقد آثر الأسلوب القرآني الجملة الاسمية للتعبير عن هذا الغرض، من التحقير والتبكيت دون الفعلية، حيث إن السياق فيه خطاب مباشر لذوات اليهود، فكان استخدام المركب الاسمى المتصدر بضمير الخطاب أنكى وأخزى.
فإذا نظرنا إلى قرائن التعليق في هذا المركب الاسمي، فإننا نجد قرينة الإسناد متمثلة في المبتدأ وهو
ضمير الجمع "أنتم" دون الاسم المفرد وذلك لدلالة المخاطبة، يقول أبو حيان: "ولا يخفى ما في تصديرها
بقوله: "وأنتم" من التبكيت لهم والتقريع والتوبيخ لأصل المخاطبة بخلافها لو كانت اسماً مفرداً" . ثم الخبر
وهو المسند الفعلي المتمثل في "تتلون". وعبر بالمضارع لإفادة التجدد والاستمرار، مما يدل على أن
الإعراض ونسيان النفس من الأمور الملازمة لهم. ثم قرينة الرتبة وتتمثل في طرفي الإسناد: المبتدأ
والخبر، ثم في الفعل وفاعله في "تتلون" وكلتاهما من الرتبة المحفوظة، ثم الرتبة غير المحفوظة وتتمثل
في الفعل والمفعول به. ثم قرينة الإعراب وهي في هذه الجملة غير ظاهرة، حيث إن المبتدأ ضمير مبني في محل رفع، وكذلك الخبر فهو جملة فعلية في محل رفع كذلك. ثم قرينة المطابقة وتتمثل في المطابقة
بين المبتدأ والخبر في النوع والعدد فالضمير لجمع المذكر، ثم قرينة الربط وتتمثل في تضام واو الحال
والجملة الحالية، ثم تضام المبتدأ والخبر، ثم الفعل والفاعل. بهذه المفردات، وبتضافر القرائن أدت الجملة
الحالية الغرض الدلالي السابق ذكره، يقول القنوجي : "جملة حالية مشتملة على أعظم تقريع وأبلغ
تبكيت" .
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: من بلاغة الجملة الاسمية في القرآن الحكيم 
السبت 20 مارس 2010 - 14:07
