الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
RAHMA23

RAHMA23

عدد الرسائل :
318

تاريخ التسجيل :
13/07/2009


سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله Empty
مُساهمةموضوع: سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله   سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله I_icon_minitimeالإثنين 21 ديسمبر 2009 - 19:50


شهر الله المحرَّم
- سنن ومحدثـات -


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ مِن شَرَفِ الشهر الأوَّل من شهور السَّنَة القمرية أَنْ نسبه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم إلى ربِّه، ونَعَتهُ بذلك في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمِ»
(١- أخرجه مسلم كتاب «الصيام»: (1/520)، رقم: (1163)، وأبو داود كتاب «الصوم»، باب في صوم المحرم: (2429)، والترمذي كتاب «الصلاة»، باب ما جاء في فضل صلاة الليل: (438)، وأحمد في «مسنده»: (2/344)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)، والمعلوم أنه لا يضيفُ اللهُ إليه إلاَّ خواصّ مخلوقاته على سبيل التشريف والتفضيل، قال السيوطي -رحمه الله-: «سُئلت: لم خُصَّ المحرَّمُ بقولهم: شهر الله -تبارك وتعالى- دون سائر الشهور، مع أنَّ فيها ما يساويه في الفضل أو يزيد عليه كرمضان؟ ووجدت ما يجاب به: بأنَّ هذا الاسم إسلاميٌّ دون سائر الشهور في الجاهلية، فكان اسم المحرَّم في الجاهلية: صفرَ الأول، والذي بعده صفر الثاني، فلمَّا جاء الإسلام سمَّاه الله -عزَّ وجلَّ- المحرَّم، فأضيف إليه عزَّ وجلَّ بهذا الاعتبار، وهذه فائدةٌ لطيفةٌ رأيتها في «الجمهرة»(٢- «الديباج شرح صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي: (3/352).)، «ويُكره أن يُسمَّى المحرَّم صفرًا؛ لأنَّ ذلك من عادة الجاهلية» كما ذكر النووي(٣- «الأذكار» للنووي: (364).)، ولعلَّ من عادتهم أنهم يطلقون على المحرَّم وصفر لفظ «الصفرين» من باب التغليب لا لكون المحرَّم اسمًا جديدًا حادثًا، قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: «إنَّ اسم «شهر المحرم» كان في الجاهلية يُسمَّى «صفر الأول» وأنَّ تسميتَه محرَّمًا من اصطلاح الإسلام، وقد ذهب إلى هذا بعض أئمَّة اللغة، وأحسب أنه اشتباه؛ لأنَّ تغيير الأسماء في الأمور العامَّة يدخل على الناس تلبيسًا لا يقصده الشارع، ألا ترى أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لما خطب حَجَّة الوداع، فقال: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قال الراوي (الصحابي نفيع بن الحارث رضي الله عنه)، فسكتنا حتى ظننَّا أنه سيُسمِّيه بغير اسمه، فقال: «أَلَيْسَ بِذِي الحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ …»(٤- أخرجه البخاري كتاب «العلم»، باب قول النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»: (1/25)، ومسلم كتاب «القسامة والمحاربين والقصاص»: (2/799)، رقم: (1679)، من حديث أبي بكرة واسمه: نفيع بن الحارث رضي الله عنه.)، ثمَّ ذكر أثناء الخطبة الأشهر الحُرُم فقال: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فلو كان اسم المحرَّم اسمًا جديدًا لوضَّحه للحاضرين الواردين من الآفاق القاصية، على أنَّ حادثًا مثل هذا لو حدث لتناقله الناس، وإنما كانوا يطلقونه عليه وصفر لفظ «الصفرين» تغليبًا»(٥- «معجم المناهي اللفظية» لبكر بن عبد الله أبو زيد: (341-342).) بتصرف.

هذا، وليس لأول شهر الله المحرَّم نصٌّ شرعي صحيحٌ يُثبت تخصيصه بالذِّكر والدعاء والعمرة والصيام لأول يومٍ من السَّنَة بنية افتتاح السَّنة الهجرية بالصيام، ولا اختتامها بالصيام عند نهاية السَّنة بِنِيَّةِ توديع العام الهجري، فما ورد من أحاديث في هذا الشأن فموضوعة ومختلقة على النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم،(٦- فمن ذلك حديث موضوع: «من صام آخِرَ يومٍ من ذي الحجة وأول يوم من المحرَّم، ختم السنة الماضية وافتتح السنة المقبلة بصوم، جعل اللهُ له كفارة خمسين سنة». [انظر: «اللآلي المصنوعة» للسيوطي: (2/108)، «تنزيه الشريعة» للكناني (2/148)، «الفوائد المجموعة» للشوكاني (96).].) كما لم يثبت في الشرع إحياءُ ليلةِ أوَّلِ يومِ المحرَّم بالصلاة والذِّكر والدعاء ونحو ذلك، قال أبو شامة -رحمه الله-: «ولم يأت شيءٌ في أول ليلةِ المحرَّم، وقد فتشت فيما نقل من الآثار صحيحًا وضعيفًا، وفي الأحاديث الموضوعة فلم أر أحدًا ذكر فيها شيئًا، وإني لأتخوَّف -والعياذ بالله- من مُفترٍ يختلق فيها»(٧- «الباعث على إنكار البدع والحوادث» لأبي شامة (239).).

ويقع في شهر الله المحرَّم يومٌ جليل القدر هو يوم عاشوراء المبارك، وحُرمته قديمة، إذ فيه نَجَّى اللهُ تعالى موسى عليه السلام وبني إسرائيل من ظلم فرعون وجنوده، وأغرقه الله وقومه، فقد ورد في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم المدينةَ فوجد اليهود صيامًا يومَ عاشوراء، فقال لهم: «مَا هَذَا اليَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» قالوا: «هذا يوم عظيمٌ أنجى اللهُ فيه موسى وقومَه، وغرَّق فرعونَ وقومَه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه»، فقال: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ» فصامه وأمر بصيامه»(٨- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صيام يوم عاشوراء: (1/478)، ومسلم في «الصيام»: (1/504)، رقم: (1130)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.).

ومن فضائله أنَّ صيامه يُكفِّر السَّنة الماضية، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَحْتَسِبُ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»(٩- أخرجه مسلم كتاب «الصيام»: (1/519)، رقم: (1162)، وأبو داود كتاب «الصيام»، باب في صوم الدهر تطوعًا: (2425)، وأحمد في «مسنده»: (5/297)، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه.).

ويُستحبُّ أن يُصام معه التاسع؛ لأنَّ هذا آخرُ أمرِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حيث قال: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ»(١٠- أخرجه مسلم كتاب «الصيام»: (1/505)، رقم: (1134)، وأحمد في «مسنده»: (1/236)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.)، مخالفةً لليهود الذين كانوا يُفرِدونه بالصوم.

ومن أحكامه نسخ وجوب صيام عاشوراء إلى الاستحباب بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ»(١١- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب وجوب صوم رمضان: (1/453)، وأحمد في «مسنده»: (2/4)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: «..فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»(١٢- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صيام يوم عاشوراء: (1/478)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/501)، رقم: (1125)، من حديث عائشة رضي الله عنها.)، قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله-: «مع العلم بأنه ما تُرِكَ استحبابه، بل هو باقٍ، فدلَّ على أن المتروك وجوبه.. بل تأكُّدُ استحبابِهِ باقٍ ولا سيَّما مع استمرار الاهتمام به حتى في عام وفاته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حيث قال: «لَئِنْ عِشْتُ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَالعَاشِرَ»، ولترغيبه في صومه، وأنه يكفِّر سَنَةً، وأيُّ تأكيد أبلغ من هذا؟»(١٣- «فتح الباري» لابن حجر: (4/247).).

لذلك لا يصحُّ اعتقاد وجوب صيام يوم عاشوراء، ولا اعتقاد بوجوب أو استحباب قضائه لمن فاته صيامه، ولا تخصيص صوم التاسع فقط دون العاشر، كما لم يرد عن النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابه رضي الله عنهم في هذا اليوم إلاَّ صيامه إذ ليس في يوم عاشوراء شيءٌ من شعائر الأعياد ولا من شعائر الأحزان ولا التوسعة على العيال، ولا ضرب الصدور ونتف الشعور ولا شقّ الجيوب وإراقة الدماء، فكلُّ ذلك مخالف للسُّنَّة النبوية المطهرة، قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله- :«والمعتمد عند أهل الإسلام أنه لا يصحُّ في يوم عاشوراء حديث، لا فيه ولا في ليلته، وكلُّ حديثٍ يروى في ذلك وفي التوسعة على العيال في يوم عاشوراء فهو موضوعٌ لا يصحُّ، ولا يثبت فيه سوى صيامه ويوم قبله؛ لأنه يومٌ نجَّى الله -عزَّ وجلَّ- فيه نبيَّه موسى عليه السلام»(١٤- «تصحيح الدعاء» لبكر أبو زيد: (109).).

قلت: وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(١٥- متفق عليه: أخرجه البخاري كتاب «الصلح»، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود: (2/5)، ومسلم كتاب «الأقضية»: (2/821)، رقم: (1718)، من حديث عائشة رضي الله عنها.)، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ»(١٦- أخرجه أبو داود كتاب «السنة»، باب في لزوم السنة: (4607)، والترمذي كتاب «العلم»، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع: (2676)، وأحمد في «مسنده»: (4/126)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (9/582)، وابن حجر في «موافقة الخُبْر الخَبَر»: (1/136)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2735)، وحسَّنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (938).).

ومن المؤسِف -حقًّا- أن لا يلتزم المسلمون باتباع المشروع ويبادرون إلى اتخاذ أول شهر الله المحرَّم عيدًا متعلّقًا بدخول السَّنة الهجرية على غرار السَّنَة الميلادية، ويجعلون من ذلك وسيلة للاحتفال بالتاريخ السنوي وإحيائه -تعظيمًا له- بالذِّكر والذكريات، والخُطب والدروس والمحاضرات، والشِّعر والأمسيات، فنية وموسيقية وثقافية، وتبادل الأماني والتهاني، وغير ذلك ممَّا أحدثه الناس فيه مع ظهور بصمات التشبُّه بأهل الكتاب.

ومن زاوية أخرى، فإنَّ الوقائع الجليلة والأحداث الشريفة التي جمعتها سيرة النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم العطرة، كبعثته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم إلى الناس بشيرًا ونذيرًا، ونزول الوحي عليه، ومعجزة القرآن الكريم وسائر معجزاته، وليلة الإسراء والمعراج، وهجرته من مكة إلى المدينة، وحصول المعارك والغزوات، وإقامة دولة الإسلام، وعلوّ راية الجهاد في سبيل الله، وانتشار الدعوة إلى الله في الآفاق وغيرها من الحوادث العظيمة الواقعة في زمانه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لا تضفي الصبغة الشرعية على الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية في الأول من شهر الله المحرَّم من كلِّ عامٍ جديدٍ على أنه عيد وعطلة للمسلمين بالاعتياد والتكرار؛ ذلك لأن المعلوم -شرعًا- أنَّ الأعياد والمواسم الدينية معدودة من مسائل العبادة، والعبادات -من حيث حكمُها- توقيفيةٌ تحتاج إلى دليل يشرعها كما هو مقرَّر في القواعد الشرعية، لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 18]. وقولِه تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى: 21]. ولقولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»
(١٧- أخرجه مسلم كتاب «الأقضية»: (2/822)، رقم: (1718)، من حديث عائشة رضي الله عنها.)، ولا يشفع للاحتفال بأول شهر المحرَّم أصل من كتاب الله ولا سنة رسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ولم يُؤثَر ذلك عن صحابته الكرام، ولا عن التابعين لهم بإحسان.

ولا مجال لإدخال الأعياد والاحتفالات بمثل هذه المناسبات في باب شكر الله تعالى أو تعظيم نبيِّه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم؛ لأنَّ شكر الله ليس بالاشتراك معه في التشريع والحكم، وقد قال تعالى: ﴿وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 26]. وإنما شكر الله بطاعته وعبادته على وَفق شرعه وتعظيم النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في اتباع سُنَّته، وطاعته فيما أمر به وزجر عنه، والتسليم لأحكامه والتأسِّي به في مظهره ومخبره، وعدم الابتداع في الدِّين، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]، وقال سبحانه: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: 31]، قال ابن كثير -رحمه الله-: «هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كُلِّ من ادعى محبةَ الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذبٌ في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمديَّ والدِّين النبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»... وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قومٌ أنهم يحبُّون الله فابتلاهم الله بهذه الآية: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾»
(١٨- «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير: (1/358).).

ثمَّ إنه -من زاوية ثالثة- لا يخفى أنَّ الأول من شهر الله المحرم هو بداية التقويم السنوي الإسلامي من التاريخ الهجري، كذا أرَّخه الصحابة الكرام رضي الله عنهم بالإجماع في ***العمرية(١٩- «البداية والنهاية» لابن كثير: (3/177).) مخالفين في ذلك بداية التقويم السنوي للنصارى حيث أرَّخوه من يوم ولادة المسيح عيسى عليه السلام، ومع ذلك لم تكن هجرة النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في شهر المحرَّم وإنما بدأت هجرته من مكة إلى المدينة في أوائل شهر ربيع الأول من السنة الثالثة عشر لبعثته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ووصل إلى قُباء لاثنتي عشر ليلة خلت من ربيع الأول يوم الاثنين كما صرَّح به أهل الحديث والسيرة(٢٠- انظر: «البداية والنهاية» لابن كثير: (3/177، 190)، «فصول في سيرة الرسول» لابن كثير: (80)، «مختصر سيرة الرسول» لمحمد بن عبد الوهاب: (2/166).).

ومنه يتبيَّن أنَّ شهر المحرَّم لم يكن موعدَ هجرته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وإنما كان ابتداء العزم على الهجرة في ذلك الشهر على أقوى الأقوال كما صرَّح بذلك الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بقوله: «وإنما أخروه من ربيع الأول؛ لأنَّ ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرَّم، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهلّ بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرَّم فناسب أن يجعل مبتدأ، وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم»(٢١- «فتح الباري» لابن حجر: (7/268).).

ومن زاوية رابعة فإنَّ من الحقِّ والعدل أن يقتدي المسلمون بالرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ويَتَّعِظُوا بسيرته، وينتفعوا بما جرى في زمانه من وقائع عظيمة وحوادث شريفة، ويستخرجوا منها الدروس والعبر على مدار السنة، تتجسَّد معانيها الروحية في قوالب صادقة تقوِّم سيرة المسلم وسلوكه وخلقه باستنارته من مشكاة النبوة، لا أن تحصر سيرته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم والانتفاع بأحداثها في الاحتفالات والخطب في أيام محدَّدة الوقت في السنة تمرُّ مجرَّد ذكريات، وتتكرَّر كلّ عامٍ على وجه الاعتياد، وسرعان ما تدخل في طَيِّ النسيان مع مرور تلك الأيام من غير ملاحظة الأثر الإيماني والخُلُقي على سلوك المسلمين وسيرتهم، بل بالعكس ترى الكثير يتدافعون للانتقال من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر طلبًا لمساكنة أهل الكفر والاسترزاق على وَفقهم والعيش في ديارهم بحرية بهيمية، ومشاكلتهم في عاداتهم وتقاليدهم وأعيادهم وأنماط حياتهم، فأين يا ترى الأثر الإيماني والعملي لذكرى هجرة الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الذي هاجر من بلاد الشرك إلى بلاد الإيمان والإسلام؟!!

إنَّ اهتمام السلف الصالح والتابعين لهم بإحسان بسيرة المصطفى صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم العطرة وحوادثها العظيمة إنما كان بدراستها واستخراج الدروس والعبر منها، ويتجلَّى الانتفاع والاتعاظ بها طوال أيام السنة ولياليها، وتتجسد معانيها العالية -تكريسًا– في سلوكهم وسيرتهم اقتداءً به صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في قيمه، والسير على منواله، والتأسِّي به في دعوته إلى توحيد المرسِل، وتوحيد متابعة الرسول، وفعل ما أمر الشرع به وترك ما نهى عنه عملاً بقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ»
(٢٢- أخرجه البخاري كتاب «الإيمان»، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده: (1/9)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.)، وفي حديث آخر: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ»(٢٣- أخرجه ابن حبان في «صحيحه»: (196)، وعبد بن حميد في «مسنده»: (338)، والعدَني في «الإيمان»: (26)، وابن منده في «الإيمان»: (318)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة»: (545)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وصحّحه الألباني في تحقيق كتاب «الإيمان» لابن تيمية (3).)، مع موافقة الشرع فيما يحبه ويرضاه، وفيما يسخطه ويكرهه ويبغضه ولا يرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات والذوات كما هو معلومٌ من عقيدة الولاء والبراء، وهي من لوازم الشهادتين وشرط من شروطها. قال تعالى: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: 51]، وقال تعالى: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: 22]، وغيرها من الآيات.

تلك هي الهجرة الباطنية القلبية التي تلازم المسلم في حياته ولا تنفكُّ عنه وتليها –عملاً- هجرة بدنية ظاهرة محتوية للهجرة القلبية، وهي هجرة المسلم من بلاد الشِّرك إلى بلاد الإسلام وجوبًا على غير القادر على إظهار شعائر الإسلام في بلاد الكفر ولا الولاء والبراء، ولا هو من المستضعفين الذين لا تسعهم الهجرة أو كان ممَّن تحول دون هجرته الظروف السياسية والجغرافية.

فهما هجرتان إلى الله ورسوله، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ»
(٢٤- أخرجه البخاري كتاب «بدء الوحي»، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: (1/3)، ومسلم كتاب «الإمارة»: (2/920)، رقم: (1907)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. )، قال ابن القيم -رحمه الله- في الهجرة: أنها «هجرتان:

- هجرة إلى الله بالطلب والمحبة والعبودية والتوكُّل والإنابة والتسليم والتفويض والخوف والرجاء والإقبال عليه وصدق اللجوء والافتقار في كلِّ نَفَس.

- هجرة إلى رسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة بحيث تكون موافقةً لشرعه الذي هو تفضيل محابِّ الله ومرضاته، ولا يقبل الله من أحد سواه»
(٢٥- «طريق الهجرتين» لابن القيم: (20).).

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 22 من ذي الحجة 1430ﮬ
الموافق ﻟ: 09 ديسمبر 2009م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم العمرين

أم العمرين

عدد الرسائل :
240

تاريخ التسجيل :
21/09/2009


سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله   سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله I_icon_minitimeالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 1:33

بارك الله فيك و في الشيخ فركوس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
34

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله   سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله I_icon_minitimeالأحد 27 ديسمبر 2009 - 23:30

جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
أبو سلمى رشيد

avatar

عدد الرسائل :
530

العمر :
54

تاريخ التسجيل :
26/01/2009


سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله   سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله I_icon_minitimeالإثنين 28 ديسمبر 2009 - 18:04

جزاك الله خيرا وبارك فيك
حفظ الله شيخنا محمدا من كل سوء وزاده علما على علم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله   سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله I_icon_minitimeالخميس 5 أغسطس 2010 - 9:39

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

سنن ومحدثـات - لشيخنا الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس_حفظه الله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مكتبة الشيخ الدكتور أبوعبد المعز محمد علي فركوس - حفظه الله -
» الجرح والتعديل من مسائل الاجتهاد للشيخ ابي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
» كتب الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله ...
» جديد : رقم هاتف الشيخ العلامة أبو عبد المعز محمد على فركوس حفظه الله
» تذكير للداعية (المقال الشهري) للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: العــقيــدة الصحيحة-