نثر الزهر :في بيان من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر
الحمد لله على عظيم جوده وإحسانه ،وكثير فضله وبره وإمنانه ، ولطفه بعباده ؛والصلاة والسلام على النبي العاقب الماحي الحاشرْ؛ بلغ الرسالة فأتمّهــا ، وبين لأمته ونصح لهــا ، ورضي الله عـن صحابته الكرامـ البـَرَرَة ،وآلــه الطاهـرين الأزكياء الشرفاء ..
فتحرير الألفاظ والجمل والعبارات العلمية وتجلـيَة معانـيها وتبيين غامضها .. من الأسباب المعينة على فهم مواطن الاستشهـاد بهـا ،والاعتضاد بنقلهـا فـعبارات اهل العلمـ لا تطلق جزافا في غير مكانها ودون إصابة مراميها وغاياتها ..
وكنت في كلمة سبَقَت لفتُّ النظرَ لمعنى الشذوذ في الفقه ..فبينا أنا أطرق الموضوع جالت في ذهني عدَدٌ من الألفاظ والجمل والكلمات والأحكام التي تطلق هدرا لما في طبع بعض الألفاظ العربية من الغضارة في العبارة ..
وممـا يرمى به الشرفاء من أهل العلم والفضل وطلبته قولهم عن أيّ انتقاد أو منتقد لكلمة أو جملة أو شريط لعالم .." من علامة أهل البدع الـوقيعة في أهل الأثر"
ومعلومٌ أحبتنا في الله :أن للعلماء علينا حقوق وواجبات .. منها المُتأكدات ومنها المستحبّات ..وصيانة مكانتهم في الشرع جاءت بأوضح بيان ..
"فالعلماء ورثة الأنبياء" لم يرثوا مالا ولا أرضا ولا دنيا "إنّمـا ورثوا العلم"
لم تشغلْهُـم آلامهم في تبليغ الدعوة إلى الله؛ ولم يكن التشغيب والتشويش والاضطهاد " حسّيّاً كان أو معنويا [بلمزهم وزعزعة الثقة فيهم]" عائقا امامهم ،فإنّ الإضطهاد لا يقتل الدعوة الصحيحة بل يزيد تجذّرها عمقا ومن ثمةَ تزيد الفروع امتداداً ..!
وأملهم في أبناء الأمة ان يقوموا بهذا الدين عقيدة وفقها وسلوكـا ،وكأن بهم ينشدون :
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً
بواد،وحولي إذخرٌ وجليل
وهل اردنّ يوما ماء مجنة
وهل يبدونّ لي شامة وطفيل .
هم أهل الخشية والورع والخوف من الله : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28/ فمكانتهم في الدّين مصونةٌ محفوظة، {فالعالم هو الذي يخشى الله ،ويتقيه حق تُقاته ،هو الذي يعمل بطاعته ويحذر من معصيته يطلب العلم لله ؛ لا ليماري به العلماء ..أو ليصرف وجوه النّاس إليه ...}[النصائح الوفيّة /81]
فحاجتنا لهؤلاء الأجلة ، عظيمة والرسول صلى الله عليه وسلّم يقول:((إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور العلماء،وإنما بموت العلماء))[متفقٌ عليه]..
وبعد هذا البيان المقتضب في فضل أهل العلم : يجب أن يُعلم أن العلم لا محاباة فيه ، بل ردّ الخطأ واجبٌ مُتَعَيِّنٌ على من وقف عليه ، وتصويب الزلل متأكد لمن لمن اطلعَ عليه ..
فمن قواعد الشرع أنه: يُسامح الجاهل ما لا يسامح العالم..ومن قواعده :أن من عظمت حسناته ،وارتفعت مقاماته ،بالعلم وثمراته،أنه يُحتمل له ما لا يُحتَمَلُُ من غَيْرِه.[طريق الوصول للسعدي]
قال شيخنا أبي الحسن السليماني حفظه الله :[ ... العالم مهما بلغ علمه فإنه بَشَرٌ، يُؤخذ من قوله ويُرد، ولذلك فلا أدعو إلى تقليد عالم بعينه، وردّ كل ماجاء عن غيره، بل أدعو إلى حب أئمة أهل السنة جميعاً، الأربعة وغيرهم، والإستفادة من مذاهبهم واجتهاداتهم، والترجيح بين أقوالهم، واتباع ماشهد له الدليل من أقوالهم، وهذا في حق من تأهَّل لذلك، أما من لا يعرف ذلك: فإن كان عنده من يخبره بالراجح من أقوالهم، وإلا أخذ من كتاب أحد الأئمة أهل الحديث والأثر، فإن علم أن هناك دليلاً يُخالف ذلك، فليعمل بمقتضى الدليل، ولا يدفع السنة لقول أحد، فإن الأئمة قد أوْصوْا بأن مذهبهم هو الحديث الصحيح، أما إذا تتبع رُخَصَ العلماء وزلاتهم، فقد فتح على نفسه باب المروق من الدين، والعياذ بالله][السراج الوهاج/78]
لكن مع مراعاة عبارات نقد الخطأ فلا تكون غليظة وخشنة ..إذ يقتضي مقامه اللين واليسر .إلاّ إذا رأيت العالم يُسرف في ألفاظه ،فذاك مقام آخر ..كذلك .
ـ فعلامة أهل البدع والهوى والزيغ الوقيعة ونبز العلماء والتعريض بهـم قال شيخنا أبي الحسن السليماني:... من طعن في علماء السنة العاملين، ورماهم في عقيدتهم بالإرجاء أو التجهم، وفي فهمهم وفتياهم بالجهل بالواقع وسطحية النظرة، أرى أن من وصل به الأمر إلى هذا الحد، فقد ولج باباً عظيماً من أبواب الزيغ والضلال، فإما أن يكون جاهلاً فيُعَلَّم، وإما أن يكون حاقداً متحاملاً فأسأل الله أن يكفينا شره، والسلامةُ والنجاة في حسن الظن بأهل العلم، وإقالة عثرتهم، وستر عورتهم، وسد خَلَّتِهم، والعمل بنصائحهم، والتاريخ والواقع دليلان على ذلك،(ومع ذلك فلا عصمة لشخص بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم).[ السراج الوهاج/77]،وأهل السنة يبينون ما أخطؤا فيه بلا تشنيع حيث مُرادهم بيان الخطأ لا تحقير العـالم والحطّ من قدره ومكانته ..وهكذا كان الأسلاف الأشراف ، نُصحا وإشفاقا ..
لعَمْرُ أبِيْكَ مَا نَسِبَ المُعَلَّى إلى كَرِيْمٍ وفي الدُّنْيَا كَرِيْمُ
ولكِنَّ البِلادَ إذَا اقْشَعَرَّت وَصَوَّحَ نَبْتُهَا رُعِيَ الهَشِيْمُ
وصلى الله على نبيّنا محمد وآله وصحبه أجمعين إلـى يوم الدين .
كتبه :عمر بن محمّد بن علي البومرداسي الجزائري
23شوال 1430هـ الموافق لـ: 12أكتوبر 2009مـ[b]
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: نثر الزهر :في بيان من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر 
الخميس 22 أكتوبر 2009 - 13:24
