الأجوبة بالتفصيل من الشيخ

السّؤال الأوّل: ما حكم الإسراف في حفلات الأعراس ؟ وهل من نصيحة لمن تساهل في ذلك.

نصّ الجواب: الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فقد بيّنّا فيما سبق أنّ الإسراف مذموم في كلّ حال، وليس في الأعراس فحسب، ومن أمثال عوامّ الشّام:" إن كنت على بـيـر، فاصرف بتدبـيـر ".

والإسراف هو مجاوزة الحدّ، لذلك أمرنا الله تعالى بالاقتصاد قائلا:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } [الأعراف: من الآية: 31]

وأثنى الله تعالى على عباد الرّحمن فقال:{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } [الفرقان:67].

ونهى نهيا صريحا عن التّبذير، فقال تعالى:{ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } [الإسراء:27]..

وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ )) [متّفق عليه]، قال العلماء: إضاعة المال هي إنفاقه في غير طاعة الله،

أو بالتّوسع في الحلال المباح !!

وروى البخاري عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )).

وروى البخاري تعليقا والنّسائي وأحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ )).

وإنّ للإسراف في الأعراس خاصّة أسبابا كثيرة، أهمّها:

1- وضع المال بين أيدي النّساء يتصرّفن منه كيف شِئن !

حتّى إنّه قد شاع بين الرّجال أنّهم إذا سُئلوا عن المهر ومصاريف الأعراس قالوا: يا أخي دَعْ ذلك للنّساء !!

وهذا خطأ محض، فلا بدّ للرّجال أن يكونوا على دراية بمصاريف الأعراس حتّى إذا رأوا تجاوزا للحدّ حجزوا النّساء عن ذلك، لأنّ أهل الإسراف في الشّريعة هم السّفهاء،

وقد قال تعالى:{ وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً } [النساء: من الآية 5]، حتّى إنّ سعيد بن جبير، وقتادة، والضحّاك، ومقاتلا، والفرّاء، وابن قتيبة، والحسن

عندما سُئِلوا عن معنى الآية قالوا: هم: النّساء والصّبيان.

ويقصدون عوامّ النّساء، لأنّهنّ يتّبعْن العواطف.

ودواء هذا الدّاء: هو الوعي، وأن يكون الرّجل هو القائم على نفقات الأعراس - لا مباشرة - ولكن يكون على علم بذلك.

2- المباهاة: وهو داء خطير وشرّ مستطير انتشر بين الأمّة، فإذا ما أنفق فلان في عرسه كذا وكذا من الملايين، اتّبع النّاس منهجه، وساروا على طريقه،

وكأنّه وحيٌ منزّل، وقرآن مرتّل.

ودواء هذا الدّاء: هو خوف الله تعالى، والوعي بأنّ العبرة بكمال النّهاية لا بنقص البداية.

فعلى المسلم والمسلمة المقبلين على الزّواج أن يضعا نصب عينيهما، ويستمسكا بكلتا يديهما، ويعضّا بناجذيهما على قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

(( لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ ؟ )).




السّؤال الثّاني: من المعلوم مشروعيّة الدّعاء والصلاة ليلة الدّخول، فما هي هذه الأدعية، وكيف تُصلّى هذه الصّلاة ؟

نصّ الجواب:

فإنّ ما شرعه الله تعالى من الصّلاة مع الأهل والأذكار ليلة البناء يدخل تحت الاستعانة بالله تعالى، وذلك لأنّ الطّمأنينة المنشودة والمودّة المقصودة بيد الله تعالى وحده، لذلك

وصف سبحانه وتعالى عباد الرّحمن أنّهم سألونه متضرّعين:{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } [الفرقان: من الآية74].

· أمّا الدّعاء: فقد سنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمّته الدّعاء من أوّل يوم يلتقي فيه الزّوجان، ففي سنن أبي داود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه

وسلّم قَالَ: (( إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً أَوْ اشْتَرَى خَادِمًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا

وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخَادِمِ )).

· أمّا الصّلاة – وهي من أعظم أسباب الإعانة – فقد جاء فيها أثران:

الأوّل: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد رضي الله عنه قال: تزوّجت وأنا مملوك، فدعوت نفراً من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيهم ابن مسعود وأبو ذرّ وحذيفة رضي الله

عنهم، قال: وأقيمت الصّلاة، قال: فذهب أبو ذرّ ليتقدّم، فقالوا: إليك ! قال: أَوَ كَذلك ؟ قالوا: نعم، قال: فتقدّمت بهم وأنا عبد مملوك وعلّموني فقالوا:" إِذَا دَخَلَ عَلَيْكَ أَهْلُكَ

فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلِ اللهَ مِنْ خَيْرِ مَا دَخَلَ عَلَيْكَ، وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنْ شَرِّهِ، ثُمَّ شَأْنَكَ وَشَأْنَ أَهْلِكَ ".

[أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنّف "، وعبد الرزّاق، وقال الألباني رحمه الله في " آداب الزّفاف "(22):"سنده صحيح"].

الثّاني: ما رواه الطّبرانيّ وابن أبي شيبة وعبد الرزّاق بسند صحيح عن أبي وائل قال: جاء رجل من بَجِيلة - ويقال له أبو حريز - إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:

إنّي تزوّجت جارية بكرا، وإنّي خشيت أن تفرَكني ؟

فقال عبد الله رضي الله عنه: إنّ الإِلف من الله، وإنَّ الفَرْك من الشّيطان يُكرّه إليهما، فإذا دخلت عليها فمُرها فلتصلِّ خلفك ركعتين، وقل: اللَّهمَّ بارك لي في أهلي، وبارك لهم

فِيَّ، اللهمّ ارزقهم منّي وارزقني منهم، اللهمّ اجمع بيننا ما جمعت إلى خير، وفرِّق بيننا إذا فرّقت إلى خير.





السّؤال الثالث: هل من حقّ الزّوجة أن يتزيّن لها زوجها وأن يؤانسها ويلاطفها، أخذا من قوله تعالى:(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. ) ؟

نصّ الجواب:

بعض الرّجال يظنّون أنّ هذا خاصّ بالنّساء فقط، ولا شكّ أنّ هذا غلط وشطط.

ثمّ لو سلّمنا بذلك، فهذا لا يعني أبدا أن يكون حال الرّجل كحال من خرج من مستنقع برائحة تزكم الأنوف، وتُبعِدُ عنه المئات والمألوف ؟ والله قد قال:{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ

بِالْمَعْرُوف } [البقرة: من 228].

قال ابن عبّاس رضي الله عنه: إنّي لأتزيّن لامرأتي كما تتزيّن لي، لأنّ الله يقول: .. وذكر الآية.

ولقد روى مسلم عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ ؟ قَالَتْ: " بِالسِّوَاكِ ".

قال العلماء: كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفعل ذلك لأنّه يستقبل زوجاته بالتّقبيل.

وقال يحيى بن عبد الرّحمن الحنظليّ: أتيت محمّد بن الحنفيّة، فخرج إليّ في ملحفة حمراء، ولحيته تقطر من الغالية [وهي أنفس الطِّيب]، فقلت: ما هذا ؟ قال: إنّ هذه الملحفة

ألقتها عليّ امرأتي، ودهنتني بالطِّيب، وإنّهن يشتهين منّا ما نشتهيه منهنّ.

وفي بعض آثار من قبلنا: اغسلوا ثيابكم، وخذوا من شعوركم، واستاكوا، وتزيّنوا وتنظّفوا، فإنّ بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك، فتفحّشت نساؤهم.

وليحرص الزّوج خاصّة على سنن الفطرة، ففي الحديث الّذي رواه مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ )).

قال الرّاوي: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ. وقال القاضي: ولعلّه الختان، قال النّووي: وهو أولى.

ومن ذلك استعمال الطّيب فإنّه نافع جدّا، ولذلك عظّمه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال - كما في الحديث الّذي رواه النّسائي وأحمد عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

(( حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ )).

وروى أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم سُكَّةٌ يَتَطَيَّبُ مِنْهَا. والسكّة نوع عزيز من الطِّيب.

ولذلك كلّه ولخطورة الطّيب جاء النّهي عن أن تخرج المرأة متطيّبة، وعدّها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم زانية.



السّؤال الرّابع: ما الّذي يحلّ وما لا يحلّ في المعاشرة الزّوجية ؟

نصّ الجواب:

إنّ الأصل في النّكاح جواز الاستمتاع ما لم يأت نصّ يحرّم ذلك، كتحريم إتيان المرأة من الدّبر، وإتيانها في الحيض.

ويؤيّد ذلك ما رواه مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } الْآيَة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ )). فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَقَالُوا مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ.

وعلى المسلمين أن يُراعوا آداب الإسلام وأهل الحياء في المعاشرة الزّوجيّة، فلا ينبغي لهم أن يطالب كلّ زوج من الآخر بأفعال لا يقرّها الحياء ولا الأدب، وليعلم كلّ

منهما أنّ مباشرة بعض الأفعال الّتي صِرنا نُسأل عنها وما كان آباؤنا ولا علماؤنا يعرفونها، فإنّها من أعظم ما يُذهب هيبة المرأة والرّجل.



السّؤال الخامس : ما هي الكتب الّتي تنصح كلّ شاب وشابة مقبلين على الزواج بقراءتها ؟

نصّ الجواب:

الكتب في هذه الأيّام كثيرة جدّا، لذلك على المسلم والمسلمة أن ينتقيا أصحّها، الّتي تنطلق في معالجة أمور العشرة الزّوجيّة من كتاب الله وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

الصّحيحة، وهذه الكتب نوعان:

1- ما يهتمّ بتأصيل العشرة الزّوجية شرعا، ومن أحسن الكتب:" آداب الزّفاف " للشّيخ الألباني رحمه الله، و" الانشراح في آداب النّكاح " للشّيخ أبي إسحاق ............حفظه الله.

2- ومنها ما يهتمّ زيادة على ما ذُكر، بذكر الأمور الّتي من شأنها أن توطّد العلاقة بين الزّوجين، وتدلّهما على ما يزيد في استقرارها، ومن أحسن الكتب في الباب كتاب "

تحفة العروس " للشّيخ محمود مهدي استانبولي، ولكن من الأحسن ألاّ يقرأه من يريد الزّواج إلاّ قبيل زواجه بأيّام، والله الموفّق لا ربّ سواه.



السّؤال السادس: ما حكم إفشاء الأسرار الزوجية للغرباء ؟

وبارك الله فيكم

نصّ الجواب:

قد أجبنا – حفظك الله – عن هذا السّؤال بما فيه كفاية، فارجع إليه. وبارك الله فيك على اهتمامك.

والله الموفّق لا ربّ سواه

السلام عليكم

شيخنا الفاضل رعاك الله وشكرا لك

وأشكر أيضا الأخ يوسف حفظه الله ورعاه على مجهوداته في هذه الدورة، أتمنّى التوفيق من الله.

لدي سؤال فاعذروني: شيخنا هذه الايام وقعت مشكلة بين زوجين جدد تتعلق وأظنّ أن المرأة تبالغ في الأمر أتمنى نصيحة أو توضيحا

الأمر هو أن الفتاة متزوجة منذ 6 أشهر وتريد كلّ أسبوعين أن تذهب إلى بيت أبيها

وتحب أن تمكث قدر ما تشاء والزّوج لا يحب فماهي النصيحة وكيف يتصرف معها ؟

وجزاكم الله خير شيخنا

2/ كيف يتصرف شاب مع والدته اذا إختارهو فتاة ولم توافق عليها؟