الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 علوم البلاغة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أم سيرين

أم سيرين

عدد الرسائل :
1589

العمر :
56

تاريخ التسجيل :
21/02/2009


علوم البلاغة Empty
مُساهمةموضوع: علوم البلاغة   علوم البلاغة I_icon_minitimeالأربعاء 30 سبتمبر 2009 - 21:42

1 ـ علم المعاني ]

وهو تتبع خواص تراكيب الكلام ومعرفة تفاوت المقامات حتى لا يقع المرء في الخطأ في تطبيق الأولى على الثانية.

وذلك ـ كما في أبجد العلوم ـ لأن للتراكيب خواص مناسبةً لها يعرفها الأدباء، إما بسليقتهم، أو بممارسة علم البلاغة، وتلك الخواص بعضها ذوقية وبعضها استحسانية، وبعضها توابع ولوازم للمعاني الأصلية، ولكن لزوماً معتبراً في عرف البلغاء، وإلا لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة ...وكذا مقامات الكلام متفاوتة، كمقام الشكر والشكاية، والتهنئة والتعزية، والجد والهزل، وغير ذلك من المقامات... فكيفية تطبيق الخواص على المقامات تستفاد من علم المعاني.

ومداره على الاستحسانات العرفية.



مثال علم المعاني:

ولعل من هذا القبيل ماوري أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ قوله سبحانه: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم}(المائدة/38) فاستنكر منه ختام الآية بصفة الرحمة والمغفرة، حتى تنبه القارئ إلى خطئه فأعاد القراءة على الصحيح :{ والسارق والسارقة ... والله عزيز حكيم} كما نزلت في كتابه الله، عند ذلك قال الأعرابي الآن: استقام المعنى.

فلا يستحسن في مقام العقوبة، وتهديد السارق بقطع يده، والأمر بذلك إن سرق إلا أن يقال( والله عزيز حكيم) حيث يوصف الرب سبحانه بالعزة، التي منها أن يأمر بما يشاء بمن يخالفه، ثم بالحكمة التي منها أن لا تزيد العقوبة عن مقدارها أو تنقص عنه، بل تكون مساوية للذنب ومقاربة.

ومن هذا القبيل أن لا يتفاخر إنسان في مقام الاستجداء والسؤال، وأن لا يمدح من يشكو إلى من هو أكبر منه، ولا يضحك في مقام التعزية، وأن لا يعبس أو يقطب في خطبته أو كلامه أو شعره في مقام التهنئة.



][][§¤°^°¤§][ 2 ـ علم البيان ][§¤°^°¤§][][

وقد عرفه صاحب كشاف اصطلاحات الفنون بقوله: علمُُ يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه..

يقول ابن خلدون في مقدمته: ألا ترى أن قولهم (زيد جاءني) مغاير لقولهم ( جاءني زيد) من قبل أن المتقدم منهما هو الأهم عند المتكلم، فمن قال: جاءني زيد، أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه، ومن قال: زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند، وكذا التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من موصولٍ أو مبهمٍ أو معرفة.



من أمثلة البيان القرآني:

ولقد قال الله سبحانه في كتابه: { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } (الإسراء/31) وقال أيضاً في مقام آخر: { ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم } (الأنعام/151) فلما ذكر الخوف من الفقر مستقبلاً ( خشية إملاق) ولم يذكر وقوعه فعلا،ً قدم رزق الأولاد على آبائهم، من حيث إن الله سبحانه قد رزق الآباء حالياً، لكنهم يخشون الفقر إذا كثر أولادهم، ولما ذكر في الآية الأخرى وقوع الفقر( من إملاق) دعاهم إلى عدم قتل أولادهم، وقدم سبحانه رزقه لهم على رزق أولادهم، حيث يُخشى قتلهم أولادهم لقلة رزقهم الحالي.

ومثل هذا يعد من أرفع أنواع البيان الذي تميز به القرآن فيما خاطب به العرب من بني الإنسان...

ومن هذا القبيل استخدام الاستعارة والكناية والتشبيه والتمثيل وغير ذلك.



][][§¤°^°¤§][ 3 ـ علم البديع ][§¤°^°¤§][][

وهو يشبه بالنسبة للبلاغة العربية كل ما يستخدمه الناس لتجميل أشيائهم تجميلاً ظاهرياً، يلفت الأنظار، ويحرك الأفكار، ويثير الإعجاب، ويطرب الألباب.



تعريف البديع:

وهو علم تُعرف به وجوهُُ تفيد الحسن في الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال، أوهو التحسين والتزيين العرضي بعد تكميل دائرة الفصاحة والبلاغة.

ومن هذا العلم استخدام السجع، وهو نهاية كل جملة على حرف أو حرفين متطابقين، كقول الأعرابي عندما سئل عن دليل وجود الله فقال: البعرة تدل على البعير، وأثر الأقدام يدل على المسير، أَفَسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير.

ومن هذا العلم أيضاً استخدام الطباق والجناس كقولك: تآلف المؤتلف، وتخالف المختلف، وتشابه المتشابه، وتعارض المتعارض...

قال التهانوي في( كشاف اصطلاحات الفنون): وأما منفعته فإظهار رونق الكلام، حتى يلج الآذان بغير إذن، ويتعلق بالقلب من غير كد، وإنما دونوا هذا العلم ، لأن الأصل وإن كان الحسنَ الذاتي، وكان المعاني والبيان مما لا يكفي في تحصيله، لكنهم اعتنوا بشأن الحُسْن العرضي أيضاً، لأن الحسناء إذا عَريت عن المزينات، ربما يذهل بعض القاصرين عن تتبع محاسنها، فيفوت التمتع بها.

ولاشك أن علوم البلاغة الثلاثة لا تنال بمجرد معرفة الاسم، أو مطالعة المبادئ، وإنما لابد للمرء من دراسة مستفيضة، واستماع عميق، ومعايشة ومعاشرة لكتب الأدب وخزائن العربية.



القرآن الكريم كتاب البلاغة الأم:

وليس ثمة أنفع للإنسان من دراسة القرآن الكريم دراسة لغوية بلاغية، لتحصيل علوم البلاغة، بل وعلوم العربية كلها، فضلاً عن الهداية والاسترشاد اللذين هما مقصودا القرآن الأول.

واستمع إلى قوله سبحانه: { وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء، وقضي الأمر، واستوت على الجود وقيل بعداً للقوم الظالمين } (هود/44) ثم انظر إلى الآية كيف حوت: أمرين، وخبرين، وبشارة، ودعاء.

أو أجل فكرك في قوله سبحانه: { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون } (النحل/90) كيف جمعت الأمر بكل خير الدنيا والآخرة، على المستوى الفردي والجماعي ونهت عن كل الشرور الدينية والدنيوية، ثم ختمت ذلك بالتذكير ترغيبا وترهيبا.



كتب البلاغة:

قال السيد أحمد الهاشمي في كتابه (جواهر الأدب): وأول كتاب دون في علم البيان كتاب ( مجاز القرآن ) لأبي عبيدة تلميذ الخليل، ثم تبعه العلماء.

ولا يعلم أول من ألف المعاني بالضبط، وإنما أُثِر فيها كلام عن البلغاء، وأشهرهم الجاحظ في (إعجاز القرآن) وغيره.

وأول من دون كتباً في علم البديع ابن المعتز وقدامة بن جعفر...

وبقيت هذه العلوم تتكامل ويزيد فيها العلماء حتى جاء فحل البلاغة: عبد القاهر الجرجاني فألف في المعاني كتابه( إعجاز القرآن) وفي البيان كتابه (أسرار البلاغة) وجاء بعده السكاكي فألف كتابه العظيم ( مفتاح العلوم).
يتبع ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم سيرين

أم سيرين

عدد الرسائل :
1589

العمر :
56

تاريخ التسجيل :
21/02/2009


علوم البلاغة Empty
مُساهمةموضوع: علاقة التفسير بعلم البلاغة   علوم البلاغة I_icon_minitimeالأربعاء 30 سبتمبر 2009 - 21:48

للوقوف على العلاقة بين البلاغة والتفسير، يجمُل بنا أن نعرف معنى كلٍّ من العلمين: علم البلاغة وعلم التفسير، أما علم التفسير، فهو: العلم الذي يعين على كشف وبيان معاني آيات القرآن الكريم، واستخراج الأحكام منها.


أما البلاغة (لغة) فهي: الوصول والانتهاء، وعرّفها صاحب التلخيص (اصطلاحاً)، فقال: "البلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته .. فالبلاغة راجعة إلى اللفظ باعتبار إفادته المعنى بالتركيب" [التلخيص، القزويني، ص33].

نفهم من هذا أن سلامة تركيب الكلمات إذا أدى إلى إفادة معنى يكون هذا من البلاغة، أي أن الكشف عن المعنى والوصول إلى المقصود هو من البلاغة. وهذا بحدّ ذاته يكشف عن علاقة البلاغة بالتفسير.

وليس عبثاً أن أطلق العلماء على أبرز قسم من أقسام البلاغة (علم المعاني)، فلولا التصاقه بالمعاني وكشفه عنها لما كان لهذه التسمية كبير فائدة.

وليس عبثاً كذلك أن ربط الإمام المفسر صاحب القريحة الوقادة البليغ الماهر جار الله الزمخشري بين القدرة على التصدي لعلم التفسير والبراعة في علمي البيان والمعاني، حيث قال في مقدمة تفسيره (الكشاف): "لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق، إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن، وهما: علم المعاني، وعلم البيان، وتمهل في ارتيادهما آونة،وتعب في التنقير عنهما أزمنة..".

فإذا عرفنا أن التقديم والتأخير (مثلاً) مبحث من مباحث علم المعاني الذي هو أحد أقسام علم البلاغة وإذاعرفنا ما له من أثر على المعنى، نعلم حينئذِ مدى الالتصاق بين علم المعاني وعلم التفسير.

فليس تقديم المفعول (إياك) في قوله تعالى: "إياك نعبد وإياكنستعين" إلا لمعنى أفاده هذا التقديم، وهو التخصيص؛ لذلك قال المفسرون إن تفسيرالآية: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة، ولم يقولوا: نعبدك ونستعينك... وفرقٌ بين التفسيرين.

كما أن اختيارَ اللفظة القرآنية الذي هو من مظاهر البلاغة أمرٌ شديد الصلة بالمعنى الذي تفيده الآية، وإلا فلماذا ذكر الله عز وجل كلمة (السنة) تارة، وكلمة (العام) تارة أخرى في الآية نفسها؟ فقد قال تعالى: "ولقدأرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً"؟ لم يكن ذلك إلا لأن كل كلمة تعطي معنى مختلفاً عن الآخر. [للتوسع انظر: إعجاز القرآن الكريم، د. فضل عباس،ص178].

وهذا يقال في جميع مباحث البلاغة من (التعريف والتنكير) و(الحذف والذكر)، وكذا يقال في علم البيان من تشبيهات واستعارات ومجازات.

قد يعترض أحد على ما ذكرتُه بأن هذه الأمور المذكورة كلها أمور تعكس إعجاز القرآن الكريم، فالبلاغة متصلة بالإعجاز لا بالتفسير.

وأقول: إن هذه العلوم متشابكة، لا يمكن الفصل بينها بحدود عازلة، فبعضها يؤدي إلى بعض، ويكمل بعضها بعضاً، فليس لنا أن نكتشف إعجاز القرآن الكريم إنْ لم يكن لدينا علم بمعانيه، ولن نستطيع أن نعرف دقائق هذه المعاني إن لم يكن لدينا علم بالبلاغة.
وأظن أن صلة علم البلاغة بعلم النحو لا يدع مجالاً للشك بأن أهم دعامة من دعائم علم التفسير هي البلاغة؛ ذلك أن أحداً لا يشك بأن التفسير يقوم على علم النحو وأن من أهم شروط المفسر أن يكون على دراية بهذاالعلم.

بيان ذلك: أن تأليف الكلام وفقاً لقوانين النحو وأصوله مدخل لفهم معناه وتحديد المراد منه، ولا يخفى أن الأساس الذي قام عليه علم المعاني ـ وهونظرية النظم ـ هو توخي معاني النحو وأحكامه، كما يقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني صاحب نظرية النظم في كتابه العظيم (دلائل الإعجاز): "...إلا أنك قد علمت علماً أبى أن يكون للشك فيه نصيب، وللتوقف نحوكَ مذهبٌ، أنْ ليس "النظم" شيئاً إلا توخي معاني النحو وأحكامه ووجوهه وفروقه فيما بين معاني الكلم" [ص525].

وهكذا فإن موضوعَي (علم المعاني) و(علم النحو) واحد، فهما يبحثان القوانين التي يجب مراعاتها في تأليف الكلام، والعلاقات القائمة بين الكلمات في الجملة وبين الجمل بعضها مع بعض، وأثر ذلك على أداء المعنى المطلوب.
وإذا ثبتت الصلة بين علم المعاني وعلم النحو،

وإذا ثبتت أهمية علم النحو للتفسير،

يثبت ـ بلا شك ـ مدى الصلة الوثيقة التي بين علمي التفسير والبلاغة.


فلا يجوز إقصاء البلاغة عن التفسير، وإبعادها عن وظيفتها في الوقوف على الخصائص التعبيرية للآيات الكريمة واستخلاص معانيها.

ناهيك عن التأثير الذي تحدثه بلاغة آيات الكتاب العزيز في نفس السامع لها والقارئ وإيصال المعنى إلى قلبه في أحسن صورة من اللفظ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الجبل الأبيض

عاشق الجبل الأبيض

عدد الرسائل :
559

العمر :
44

تاريخ التسجيل :
08/06/2009


علوم البلاغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم البلاغة   علوم البلاغة I_icon_minitimeالإثنين 12 أكتوبر 2009 - 15:13

البيان البلا غة النحو
اريد نصحا استاذتنا الفاضلة حول العلم الاقرب للتفسير البياني للقرآن الكريم بينها
كما ارجو وضع كيفيات للتعمق في هذه العلوم منهجيا وذلك حتى يطور الواحد منا اساليبه التعبيرية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم سيرين

أم سيرين

عدد الرسائل :
1589

العمر :
56

تاريخ التسجيل :
21/02/2009


علوم البلاغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم البلاغة   علوم البلاغة I_icon_minitimeالإثنين 12 أكتوبر 2009 - 22:12

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بورك في اهتمامك وانتقائك

أما بشأن سؤالك يصعب التحديد "أيهما أقرب " لأن كليهما: النحو والبلاغة

يسهمان في الإيضاح .

فالنحو يدرس مجال لغة الكلام والقرآن لغة تواصل وترجمة معاني في حقل


الحياة بمفهومها الواسع فالنحو كما تعلم يدرس الكلام بأقسامه "من اسم وفعل وحرف "

دراسة موسعة وشاملةوحتى الشاذ منها يتناوله ولغة القرآن ليست غريبة

عن هذا التقسيم وبالتالي الذي يفقه قواعد الاسم وقواعد الفعل وقواعد

الحرف قد يتوصل إلى فهم المعنى والتفسير يرتكز على فهم فقه اللغة حنى يتمكن

من ايصال المعنى المراد فمثلا الذي لا يعرف الترادف والاشتقاق والتضادوغيره

من بحر علوم اللغة والنحو فإنه لا يستطيع أن يوفق في تفسيره مهما كانت ثقافته...والكلام طويل في ا المجال

كما أن البلاغة بأقسامها : بيان " ويتجلُى في التشبيهات والاستعارات والكناية "

والمعاني " وتتجلى في الأساليب من قصر وتقديم وتأخير.."

والبديع وما يضم من :طباق وجناس وتورية ومقابلة وسجع وتصريع

فلها يد طولى في تجلية المعاني ولا يستطيع المفسر أن يصل إلى المعنى الوارد في الآية

دون أن يكون على دراية بعلم البلاغة.

وبناء على ما تقدم من ايجاز في القول نجد أنُ التفسير على يستغني عنهما أبدا ولا يمكن أن نحدد الأقرب منهما إليه طالما هما يتماشيان معا

ولذلك ترى أن ُ العلماء والمفسرين القدامى كانوا ملمين بهذه العلوم وفقهاء فيها .

لذلك بني أشكرك على الإهتمام وأتوسم فيك خيرا وأتمنى من الله أن يوفقك

إلى الإحاطة بهذين العلمين فهما نافعين لكل مؤمن غيور على حفظ كتاب الله

وتفسيره ولما لا ...أحسن الله إليك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم سيرين

أم سيرين

عدد الرسائل :
1589

العمر :
56

تاريخ التسجيل :
21/02/2009


علوم البلاغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم البلاغة   علوم البلاغة I_icon_minitimeالإثنين 12 أكتوبر 2009 - 22:24

استزادة من بحر فقه اللغة طالما تريد العمق يا " عاشق الجبل "

فقه اللغة عند الأوائل

إن أول من استخدم اصطلاح فقه اللغة كان ابن فارس (ت 395 هـ) في عنوان كتابه (الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها). ثم نصادف هذا الاصطلاح بعد ذلك في عنوان كتاب الثعالبي: (فقه اللغة وأسرار العربية)). ولكننا نجد مفهوم فقه اللغة مختلفا عند الرجلين.

مفهوم فقه اللغة عند ابن فارس
يتبين المطلع على كتاب ابن فارس (الصاحبي في فقه اللغة) أنه ينظر إلى هذا النوع من التأليف على أنه دراسة القوانين العامة التي تنتظم اللغة في جميع مستوياتها الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية والأسلوبية.

مفهوم فقه اللغة عند الثعالبي:
الثعالبي يرى أنّ فقه اللغة علم خاص بفقه وفهم المفردات، وتمييز مجالاتها واستعمالاتها الخاصة والاهتمام بالفروق الدقيقة بين معانيها. وقد ترجم هذه الفكرة عنه بشكل واضح ابن خلدون في مقدمته حيث قال: "ثم لما كانت العرب تضع الشيء لمعنى على العموم ثم تستعمل في الأمور الخاصة ألفاظاً أخرى خاصة‏ بها فرق ذلك عندنا بين الوضع والاستعمال واحتاج الناس إلى فقه في اللغة عزيز المأخذ، كما وضع الأبيض بالوضع العام لكل ما فيه بياض ثم اختص ما فيه بياض من الخيل بالأشهب ومن الإنسان بالأزهر ومن الغنم بالأملح حتى صار استعمال الأبيض في هذه كلها لحناً وخروجاً عن لسان العرب‏.‏ واختص بالتأليف في هذا المنحى الثعالبي وأفرده في كتاب له سماه (فقه اللغة).

سبب اختلاف المفهومين
ويبدو لنا أن هذا الاختلاف قد نتج عن اختلاف استعمال كلمة (لغة). فابن فارس استعملها بمعناها العام المطلق أي تلك الوسيلة المتعددة المستويات التي يستعملها الناس في التفاهم فيما بينهم. لذا جاء مفهوم فقه اللغة عنده واسعا وشاملا لجميع مستويات اللغة.

أما الثعالبي فقد استخدم كلمة (لغة) في معناها الخاص، الذي يقابل كلمة نحو، وهو معرفة المفردات ومعانيها. لذا نرى فقه اللغة عنده هو فقه للمفردات لا التراكيب والأساليب.

قال ابن فارس في مقدمة كتابه الصاحبي:
"إِن لعلم العرب أصلاً وفرعاً: أمَّا الفرعُ فمعرفة الأسماء والصفات كقولنا: "رجل" و "فرس" و "طويل" و "قصير". وهذا هو الَّذِي يُبدأ بِهِ عند التعلُّم. وأمَّا الأصلُ فالقولُ عَلَى موضوع اللغة وأوَّليتها ومنشئها، ثُمَّ عَلَى رسوم العرب فِي مخاطبتها، وَمَا لَهَا من الافْتِنان تحقيقاً ومجازاً. والنّاسُ فِي ذَلِكَ رجلانِ: رجلٌ شُغل بالفرع فلا يَعْرِف غيرَه، وآخَرُ جَمع الأمريْنِ معاً، وهذه هي الرُّتبة العليا، لأن بِهَا يُعلم خطابُ القرآن والسُّنة، وعليها يُعول أهلُ النَّظر والفُتيا، وذلك أن طالبَ العلم العُلويُ يكتفي من سماء "الطويل" باسم الطويل، ولا يَضِيرُه أن لا يعرف "الأشَقَّ" و "الأَمقَّ" وإن كَانَ فِي علم ذَلِكَ زيادةُ فَضل. وإنَّما لَمْ يَضِره خفاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لأنَّه لا يَكاد يجدُ منه فِي كتاب الله جل ثناؤه فيُحْوَج إِلَى علمه."

كتب فقه اللغة عند العرب
كتاب الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس
موضوعات فقة اللغة في كتاب الصاحبي في فقه اللغة

كتاب القرن الرابع لم يعرفوا تقسيم الموضوعات تقسيماً منهجياً دقيقاً، بل كان يغلب عليهم الاستطراد وعدم المنهجية، لذلك نجد في الكتاب عدداً من الموضوعات عن اللغة وطبيعتها، ثم إن هناك مسائل عن أصوات اللغة وعددا من الأبواب عن الصرف وعن البلاغة ومسائل في الدلالة، وموضوعات في الأسلوب، والاختلاف حول نشأة اللغة. ومن الموضوعات المهمة في فقه اللغة التي نصادفها في كتاب (الصاحبي) ما يلي:

(أ) (باب القول على لغة العرب أتوقيف أم اصطلاح)
وفيه يحتج ابن فارس لنظرية التوقيف التي تقول إن اللغة توقيف وتعليم من الله عز وجل مستدلا بدليل (1) نصي من القرآن هو قوله تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها) و (2) بدليل عقلي هو قوله إن إجماع العلماء على الاحتجاج بلغة القوم فيما يختلفون فيه أو يتفقون عليه ، ثم احتجاجهم بأشعارهم، يدل أنه لو كانت اللغة مواضعة واصطلاحا لم يكن أولئك في الاحتجاج بهم بأولى منا في الاحتجاج بنا على لغة عصرنا، و (3) بدليل اجتماعي وهو زعمه "أنه لم يبلغنا أن قوما من العرب في زمان يقارب زماننا أجمعوا على تسمية شيء من الأشياء مصطلحين عليه."

(ب) اختلاف لغات العرب. في هذا الباب أورد ابن فارس وجوه الاختلاف بين اللهجات العربية القديمة ومما ذكره من أصناف هذه الاختلافات:
(1) الاختلاف فِي الحركات كقولنا: "نَستعين" و "نِستعين" بفتح النون وكسرها. قال الفرَّاء: هي مفتوحة فِي لغة قريش، وأسدٌ وغيرهم يقولونها بكسر النون.
(2) الاختلاف فِي الحركة والسكون مثل قولهم: "معَكم" و "معْكم" أنشد الفرّاء:
(3) الاختلاف فِي إبدال الحروف نحو: "أولئك" و "أُولالِكَ". ومنها قولهم: "أنّ زيداً" و "عَنّ زيداً".
(4) الاختلاف فِي الهمز والتليين نحو "مستهزئون" و "مستهزُوْن".
(5) الاختلاف فِي التقديم والتأخير نحو "صاعقة" و "صاقعة".
(6) الاختلاف فِي الحذف والإثبات نحو "استحيَيْت" و "استحْيت" و "صدَدْت" و "أَصْدَدْت".
(7) الاختلاف فِي التذكير والتأنيث فإن من العرب من يقول "هَذِهِ البقر" ومنهم من يقول "هَذَا البقر" و "هَذَه النخيل" و "هَذَا النخيل".
(8) الاختلاف فِي الإعراب نحو "مَا زيدٌ قائماً" و "مَا زيدٌ قائم" و "إنّ هذين" و "إنّ هذان" وهي بالألف لغة لبني الحارث بن كعب يقولون لكلّ ياء ساكنة انفتح مَا قبلها ذَلِكَ.
(9) الاختلاف فِي صورة الجمع نحو: "أسرى" و "أُسارى".

(جـ) باب (القول فِي اللغة الَّتِي بِهَا نزل القرآن، وأنه لَيْسَ فِي كتاب الله جلّ ثناؤه شيء بغير لغة العرب) عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن عَلَى سبعة أحرُف أَوْ قال بسبعِ لغات، منها خمسٌ بلغة العَجْزِ من هَوازن وهم الذين يقال لهم علُيا هَوازن وهي خمس قبائل أَوْ أربع، منها سَعدُ بن بكر وجُشَمُ بن بكر ونَصْر بن مُعاوية وثَقيف. قال أبو عُبيد: وأحسب أفصَحَ هؤلاء بني سعد بن بكر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أفصَح العَرَب مَيْد أني من قريش وأني نشأت فِي بني سعد بن بكر" وَكَانَ مُسْتَرْضَعاً فيهم، وهم الذين قال فيهم أبو عمرو بن العَلاء: أفصح العرب عُليا هَوازِن وسُفْلى تميم. وعن عبد الله بن مسعود أنه كَانَ يَستَحبُّ أن يكون الذين يكتبون المَصاحف من مُضر. وقال عمر: لا يُمْلِيَنَّ فِي مَصاحِفِنا إِلاَّ غلمان قريش وثَقيف. وقال عثمان: اجعلوا المُمليَ من هُذَيل والكاتبَ من ثقيف.

قال: (أبو عبيد) وزعم أهل العَربية أن القرآن لَيْسَ فِيهِ من كلام العجَم شيء وأنه كلَّه بلسانٍ عربيّ، يتأوَّلون قوله جلّ ثناؤه "إنا جعلناه قرآناً عربياً" وقوله "بلسان عربيّ مبين". قال أبو عبيد: والصواب من ذَلِكَ عندي - والله اعلم - مذهب فِيهِ تصديق القوْلين جميعاً. وذلك أنَّ هَذِهِ الحروف وأصولها عجمية - كما قال الفقهاء - إِلاَّ أنها سقَطَت إِلَى العرب فأعرَبَتها بألسنَتها، وحوَّلتها عن ألفاظ العجم إِلَى ألفاظها فصارت عربيَّة. ثُمَّ نزل القرآن وَقَدْ اختَلَطت هَذِهِ الحروف بكلام العَرَب. فمن قال إنها عَرَبية فهو صادق، ومن قال عجمية فهو صادق.

(د) باب (القول فِي مأخذ اللغة)
تؤخذ اللغة اعتياداً كالصبي العربيّ يسمع أبويه وغيرهما، فهو يأخذ اللغة عنهم عَلَى مَرّ من الأوقات. وتؤخذ تلقُّناً من ملقّن. وتؤخذ سماعاً من الرُّواة الثقات ذوي الصدق والأمانة، ويُتَّقى المظنون.

(هـ) باب القول فِي الاحتجاج باللغة العربية
لغةُ العرب يحتج بِهَا فيما اختلفُ فيه، إِذَا كَانَ "التنازع في اسم أو صفة أو شيء ومما تستعمله العرب من سننها في حقيقة ومجاز، أو ما أشبه ذلك مما يجيء في كتابنا هذا إن شاءَ الله. فأما الذي سبيله سبيل الاستنباط، أو ما فيه لدلائل العقل مجال - فإن العرب وغيرهم فيه سواء؛ لأن سائلا لو سأل عن دلالة من دلائل التوحيد أو حجة في أصل فقه أو فرعه - لم يكن الاحتجاج فيه بشيء من لغة العرب، إذ كان موضوع ذلك على غير اللغات. فأما الذي يختلف فيه الفقهاء - من قوله جل وعز: (أو لامستُم النِساء) وقوله: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قُروء) وقوله جل وعز: (ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم) وقوله: (ثم يعودون لما قالوا) - فمنه ما يصلح الاحتجاج فيه بلغة العرب، ومنه ما يوكل إلى غير ذلك.

(و) باب (القول على لغة العرب هل لها قياس وهل يشتق بعض الكلام من بعض؟)
أجمع أهل اللغة إلا من شذ عنهم أن للغة العرب قياساً وأن العرب تشتق بعض الكلام من بعض، وأن اسم الجنّ مشتق من الاجتنان. وأن (الجيم والنون) تدُلاَّن أبداً عَلَى الستر. تقول العرب للدّرع: جُنَّة. وأجَنه الليلُ. وهذا جنين، أي هو فِي بطن أمّه أَوْ مقبور. وأن الإنس من الظهور. يقولون: آنَسْت الشيء: أبصرته. وَعَلَى هَذَا سائرُ كلام العَرَب، عَلم ذَلِكَ من عَلِم وجَهِلَه من جهل.. وَلَيْسَ لَنَا اليوم أن نخترع ولا أن نقول غير مَا قالوه، ولا أن نقيس قياساً لَمْ يقيسوه، لأن فِي ذَلِكَ فسادَ اللغة وبُطلان حقائقها. ونكتةُ الباب أن اللغة لا تؤخذ قياساً نَقيسهُ الآن نحن.

(ز) باب (مراتب الكلام فِي وُضوحه وإشكاله)
أما واضح الكلام - فالذي يفهمه كلّ سامع عرَف ظاهرَ كلام العرب. كقول القائل: شربت ماءً ولَقيت زيداً. وكما جاء فِي كتاب الله جلّ ثناؤه: "حُرِّمَتْ عليكم المَيْتَةُ والدمُ ولحمُ الخِنْزير" وكقول النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وسلم: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أحدُكم من نومه، فلا يَغْمِسْ يدَه فِي الإِناء حَتَّى يَغْسِلَها ثلاثاً".

وأما المشكل، فالذي يأتيه الإشكال من: غَرابة لفظه، أَوْ أن تكون فِيهِ إشارة إِلَى خبر لَمْ يذكره قائلهُ عَلَى جهته، أَوْ أن يكون الكلام فِي شيء غير محدود، أَوْ يكون وَجيزاً فِي نفسه غير مَبْسوط، أَوْ تكون ألفاظه مُشتركةً.

فأما المُشكلِ لغرابة لفظه - فمنه فِي كتاب الله جلُّ ثناؤه "فلا تَعْضُلوهن"، "ومِن الناس من يعبُد الله عَلَى حَرف"، "وسَيِّداً وحَصُوراً"، "ويُبْرئُ الأكْمَهَ" وغيرُهُ مما صَنَّف علماؤنا فِيهِ كتَبَ غريب القرآن. ومنه فِي حديث النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وسلم: "عَلَى التِّيعَةِ شاة. والتِّيمة لصاحبها. وَفِي السُّيُوبِ الخُمُس لا خِلاطَ ولا وِراطَ ولا شِناقَ ولا شِغارَ

والذي أشكل لإيماء قائله إِلَى خبر لَمْ يُفصح بِهِ – فكقوله: إِن العصا قُرِعَت لِذِي الحِلْمِ.

والذي يشكل لأنه لا يُحَدُّ فِي نفس الخطاب - فكقوله جلّ ثناؤه: ""أقيموا الصلاة" فهذا مجمّل غير مفصل حَتَّى فَسَّره النبي صلَى الله تعالى عَلَيْهِ وسلم:

والذي أشكل لوجَازة لفظه قولهم:

الغَمَراتِ ثُم َّيَنْجَلِينَا

والذي يأتيه الإشكال من اشتراك اللفظ: قول القائل: وضَعوا اللُّجَّ عَلَى قَفيَّ. (اللج هو السيف) ويظهر هنا أن الإشكال ليس من جهة الاشتراك اللفظي كما زعم ابن فارس وإنما من جهة غرابة اللفظ.

(ح) باب (الأسماء كَيْفَ تقع عَلَى المسميات)
يُسمَّى الشيئان المختلفان بالاسمين المختلفين، وذلك أكثر الكلام كرَجُل وفَرَس. ونُسمى الأشياء الكثيرة بالاسم الواحد، نحو: "عين الماء" و "عين المال" و "عين السحاب".

ويسمى الشيء الواحد بالأَسماء المختلفة (الترادف)، نحو: "السيف والمهنّد والحسام".

والذي نقوله فِي هَذَا: إن الاسم واحد وهو "السيف" وَمَا بعده من الألقاب صفات، ومذهبنا أن كل صفة منها فمعناها غير معنى الأخرى. وَقَدْ خالف فِي ذَلِكَ قوم فزعموا أنها وإن اختلفت ألفاظها فإنها ترجع إِلَى معنى واحد. وذلك قولنا: "سيف وعضب وحُسام". وقال آخرون: لَيْسَ منها اسم ولا صفة إِلاَّ ومعناه غيرُ معنى الآخر. قالوا: وكذلك الأفعال. نحو: مضى وذهب وانطلق. وقعد وجلس. ورقد ونام وهجع. قالوا: ففي "قعد" معنى لَيْسَ فِي "جلس" وكذلك القول فيما سواهُ . . . ومن سُنَن العرب فِي الأَسماء أن يسمّوا المتضادَّين باسم واحد. نحو "الجَوْن" للأسود و "الجَوْن" للأبيض. وأنكر ناس هَذَا المذهب وأن العرب تأتي باسم واحد لشيء وضدّه. وهذا لَيْسَ بشيء. وذلك أن الَّذِين رَوَوْا أن العرب تُسمي السيف مهنَّداً والفَرَسَ طِرْفاً هم الَّذِين ر***ْا أن العرب تُسمِّي المتضادَّين باسم واحد. وَقَدْ جرَّدنا فِي هَذَا كتاباً ذكرنا فِيهِ مَا احتجوا به، وذكرنا ردَّ ذَلِكَ ونقصه، فلذلك لَمْ نكرّرِهُ.

(ط) باب (النحت)
العرب تَنْحَتُ من كلمتين كلمةً واحدة، وهو *** من الاختصار، وذلك مثل: "رجل عَبْشَميّ" منسوب إِلَى اسمين، وأنشد الخليل:

أقول لَهَا ودمعُ العين جارٍ ألَمْ تَحْزُنْكِ حَيْعَلةُ المنادي

مكان قوله: "حَيَّ علي". وهذا مذهبنا فِي أنّ الأشياء الزائدة عَلَى ثلاثة أحرف أكثرها منحوت، مثل قول العرب للرجل الشديد "ضَبَطرٌ" [ضبط وضبر] وَفِي "الصِّلِّدْم" إنه من "الصَّلد" و "الصَّدْم". وَقَدْ ذكرنا ذَلِكَ بوجوهه فِي كتاب مقاييس اللغة.

معجم مقاييس اللغة
لأبن فارس كتاب آخر نادر في موضوعة وقيّم في مادته هو (معجم مقاييس اللغة)، فهو معجم فريد في بابه ، لا يشبهه في تناول المفردات إلا كتاب (مفردات غريب القرآن) للأصفهاني، إلا أن الأخير خاص بمفردات القرآن الكريم لا يتعداها، وأما المقاييس فقد تناول معظم مفردات اللغة. وقد بُنـي معجم مقاييس اللغة على فكرتين تُعدان من أهم موضوعات فقه اللغة: (1) إن لمفردات العربية مقاييس صحيحة وأصولا تتفرع منها. وهذه الفكرة ذكرها ابن فارس أيضا في الصاحبي في باب (القول على لغة العرب هل لها قياس وهل يشتق بعض الكلام من بعض) حيث قال: "أجمع أهل اللغة إلا من شذ عنهم أن للغة العرب قياساً وأن العرب تشتق بعض الكلام من بعض، وأن اسم الجنّ مشتق من الاجتنان. وأن الجيم والنون تدُلاَّن أبداً عَلَى الستر. تقول العرب للدّرع: جُنَّة. وأجَنه الليلُ، وهذا جنين، أي هو فِي بطن أمّه أَوْ مقبور." وقد طبق هذه الفكرة في معجم المقاييس. (2) والفكرة الثانية هي رأيه في أصل ما فوق الرباعي، وقد ذكر ذلك في الصاحبي عندما قال: "مذهبنا فِي أنّ الأشياء الزائدة عَلَى ثلاثة أحرف أكثرها منحوت، مثل قول العرب للرجل الشديد "ضَبَطرٌ" [ضبط وضبر] وَفِي "الصِّلِّدْم" إنه من "الصَّلد" و "الصَّدْم." ولكنه في المقاييس توسع في تطبيق هذا المفهوم على ما يريو على ثلاثمائة لفظ، وما خرج عن ذلك نسبه إما لزيادة حرف على الثلاثي أو نسبه إلى أصل الوضع. وهنا سنورد أمثلة الاشتقاق الذي اصطلح من بعده على تسميته بالاشتقاق الأصغر:

برم الباء والراء والميم يدلُّ على أربعة أصولٍ: إحكام الشَّيء، والغَرَض به، واختِلاف اللَّونين، و***ٌ من النَّبات.

فأمّا الأوّل فقال الخليل: أبْرَمْتُ الأمرَ أحكمتُه. قال أبو زياد: المبارم مغازلُ ضِخامٌ تُبْرِم عليها المرأةُ غَزْلَها، ويقال أبرمْتُ الحَبْلَ، إذا فتَلْتَه متيناً، وَالمُبْرَم الغزْل.

وأمَّا الغَرَض فيقولون: بَرِمْتُ بالأمرِ عَيِيتُ به، وَأبرَمَنِي أعْيَانِي. قال: ويقولون أرجُو أنْ لا أَبْرَمَ بالسُّؤَالِ عن كذا، أي لا أعْيَا.

وأمّا اختلاف اللَّوْنَيْن فيقال إنّ البريمَينِ النَّوعانِ مِنْ كلّ مِن ذي خِلْطَيْنِ، مثل سوادِ اللَّيْلِ مختلطاً ببياض النهار، وكذلك الدَّمع مع الإثْمِد بَريمٌ. قال أبو زياد: ولذلك سُمّي الصُّبْحُ أوَّلَ ما يبدُو بَرِيماً، لاختلاط بياضِه بسواد اللَّيل؛ وَالبريم شيءٌ تشدُّ به المرأةُ وسَطَها، منظَّم بخَرَزٍ.

والأصل الرابع: البَرَم، (وأطيبُها ريحا) بَرَمُ السَّلَم، وأخْبَثُها ريحاً بَرَمَةُ العُرْفُط، وهي بيضاءُ كبَرَمَةِ الآس. قال أبو زياد: البَرَمَةُ الزَّهرةُ التي تخرج فيها الحُبْلة. أبو الخطّاب: البَرَم أيضاً حُبوبُ العِنَب إذا زادَتْ على الزَّمَعِ، أمثال رُءُوس الذّرّ.

وشذّ عن هذِهِ الأصول البُرَام، وهو القُرَاد الكبير، تقول العرب: «هو أَلْزَقُ مِنْ بُرام»؛ وكذلك البُرْمة، وهي القِدْر.

والظاهر أن الأمر بخلاف ما قال ابن فارس لأن هذه المعاني راجعة إلى أصل واحد وهو اللف والبرم. فالغرض هو الشعور بعصر في الجوف، وبرم الشجر لأن زهرته مبرومة، واختلاف اللونين لأن الحبل يلف منمن شريختين مختلفتي اللون.

جدر الجيم والدال والراء أصلان.

فالأوَّل الجِدار، وهو الحائط وجمعه جُدُر وَجُدْران، وَالجَدْرُ أصل الحائط، ومنه الجَديرة، شيءٌ يُجْعَل للغنم كالحظيرة. ومن هذا الباب قولهم هو جديرٌ بكذا، أي حريٌّ به، وهو مما ينبغي أن يثبت ويبني أمرَه عليه. ويقولون: الجديرة الطبيعة.

والأصل الثاني ظُهور الشيء، نباتاً وغيره. فالجُدرِيّ معروف، وهو الجَدَرِيُّ أيضاً. وَالجَدَر سِلْعَةٌ تظهر في الجَسَد، وَالجَدْر النبات، يقال: أجْدَرَ المكانُ وَجَدَرَ، إذا ظهر نباته.

وَالجَدْرُ: أثر الكَدْمِ بعُنق الحمار، وإنما يكون من هذا القياس لأنَّ ذلك يَنْتَأُ له جلدُه، فكأنَّه الجُدَرِيّ.

جرح الجيم والراء والحاء أصلان: أحدهما الكسب، والثاني شَقّ الجِلْد.

فالأوّل قولهم (اجترح) إذا عمل وكَسَب؛ قال الله عزّ وجلّ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} (الجاثية21)؛ وإنّما سُمّي ذلك اجتراحاً لأنه عَمَلٌ بالجوَارح، وهي الأعضاء الكواسب. وَالجوارحُ من الطَّير والسباع: ذَوَاتُ الصَّيد.

وأما الآخَر (فقولهم) جرحَه بحديدةٍ جرْحاً، والاسم الجُرْح. ويقال جرَح الشاهدَ إذا ردّ قولَه بِنَثاً غيرِ جميل، وَاستَجْرَحَ فلانٌ إذا عمل ما يُجْرَح من أجله.

عوي العين والواو والياء: أصلٌ صحيح يدلُّ على ليّ في الشىء وعطْفٍ له.

قال الخليل: عَوَيت الحبلَ عَيًّا إذا لويتَه، وعَوَيت رأس النّاقة، إذا عُجْتَه فانعوى، والناقة تَعْوِي بُرَتَها في سَيرها، إذا لوَتْها بخَطْمها، وتقول للرّجُل إذا دعا النّاسَ إلى الفتنة: عوى قومًا، واستعوى. فأمَّا عُوَاء الكلب وغيرِه من السباع فقريبٌ من هذا، لأنّه يَلوِيه عن طريق النَّبْح: يقال عَوَتِ السّباع تَعوِي عُواءً؛ وأمّا الكَلْبة المستحرِمة فإنَّها تسمَّى المعاوِيَة، وذلك من العُواء أيضًا، كأنَّها مُفاعلة منه. والعَوَّاء: نجمٌ في السماء، يؤنّث، يقال لها: «عوّاء البَرْد»، إذا طلعت جاءت بالبرد، وليس ببعيد أن تكون مشتقَّةً من العُواء أيضًا، لأنّها تأتي ببردٍ تعوي له الكلاب؛ ويقولون في أسجاعهم: «إذا طلعت العَوَّاء، جَثَمَ الشتاء، وطابَ الصّلاء»، وهي في هذا السَّجع ممدودة، وهي تمدُّ وتقصر. ويقولون على معنى الاستعارة لسافِلَة الإنسان: العَوَّاء.

ويبدو لنا أن ما قرره ابن فارس من أن عوى الذئب مأخوذ من معنى لوى ليس صحيحا لأنه من الكلمات المحاكية لمعناه أي لصوت الذئب، لأنه يخيل إلينا أن صوته (عووووو).

برق الباء والراء والقاف تعود إلى أصلين أحدهما اللمعان والآخر شئ به نقط بيض وسود. والواقع أن هذا أصل واحد وليس كما زعم. والذي يظهر لنا أنهما يعودان إلى أصل واحد لأن اجتماع البياض والسواد يؤدي إلى حدوث ما يشبه البريق لتداخل اللونين كما يتداخل النور والظلام.

ما جاء من كلام العرب على أكثَر من ثلاثة أحرف

اعلم أنّ للرُّباعيّ والخُماسيّ مذهباً في القياس، يَستنبِطه النَّظرُ الدَّقيق. وذلك أنّ أكثر ما تراه منه منحوتٌ، ومعنى النَّحت أن تُؤخَذَ كلمتان وتُنْحَتَ منهما كلمةٌ تكون آخذةً منهما جميعاً بحَظَ. والأصل في ذلك ما ذكره الخليل من قولهم حَيْعَلَ الرَّجُل، إذا قالَ حَيَّ عَلى.

ومن الشيءِ الذي كأنَّه متَّفَقٌ عليه قولهم عَبْشَمّى من عبد شمس.

فعلى هذا الأصل بَنَيْنَا ما ذكرناه من مقاييس الرُّباعي، فنقول: إنَّ ذلك على ضربين: أحدهما المنحوت الذي ذكرناه، والضَّرْب الآخر (الموضوع) وضعاً لا مجالَ له في طُرق القياس، وسنبيِّن ذلك بعَون الله.

ما جاءَ منحوتاً من كلام العرب في الرُّباعي

ومن ذلك بَحْثَرْتُ الشيءَ، إذا بَدّدته، وَالبَحْثَرَة: الكَدَر في الماء. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من بحثْتُ الشَّيء في التراب ومن البَثر الذي يَظْهَر على البَدَن، وهو عربيٌّ صحيحٌ معروف، وذلك أنَّه يَظْهَرُ متفرِّقاً على الجِلْد

ومن ذلك السَّحْبَل: الوادي الواسع، وكذلك القِرْبة الواسعة: سَحْبلة؛ فهذا منحوت من سحل إذا صبّ، ومن سَبَل، أومن سَحَبَ إذا جرى وامتدّ،

ومن ذلك المُغَثْمَرُ، وهو الثَوْب الخشنُ الرَّدىء النَّسْج. يقال: ألبستُهُ المغَثْمَرَ لأدفع به عنه العينَ؛ وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من غثم وغثر، أمّا غثر فمن الغُثْر، وهو كلُّ شىء دُونٍ. وأمّا غثم فمن الأغثم: المختلط السَّواد بالبياض.

ما زيد فيه حرف للمبالغة

ومن هذا الباب ما يجيءُ على الرُّباعي وهو من الثلاثي على ما ذكرناه، لكنَّهم يزيدون فيه حرفاً لمعنىً يريدونه مِنْ مبالغةٍ، كما يفعلون ذلك في زُرْقُمٍ وخَلْبَنٍ، لكن هذه الزيادَة تقع أوّلاً وغيرَ أوّلٍ.

ومن ذلك البَحْظَلَة قالوا: أنْ يَقفِزَ الرَّجُل قَفَزانَ اليَربوع، فالباء زائدةٌ؛ قال الخليل: الحاظل الذي يمشي في شِقِّه، يقال مَرَّ بنا يْحَظَلُ ظالِعاً.

ومن ذلك البِرْشاع الذي لا فُؤاد له. فالرَّاء زائدة، وإنما هو من الباء والشين والعين التي تدل على الكراهة والضيق.

ومن ذلك البَرْغَثَة، الراء فيه زائدة وإنما الأصل الباء والغين والثاء. والأبغث من طير الماء كلون الرَّماد، فالبَرْغَثَةُ لونٌ شبيهٌ بالطُّحْلة، ومنه البُرْغُوث.

ومن ذلك البَرْجَمَةُ: غِلَظُ الكَلام، فالراء زائدةٌ، وإنَّما الأصل البَجْم. قال ابنُ دريد: بَجَم الرّجُل يَبْجُمُ بُجُوماً، إذا سكَتَ من عِيَ أو هَيْبَةٍ، فهو باجِمٌ.

ومن ذلك بَرْعَمَ النَّبْتُ إذا استدارَتْ رُءُوسُه، والأصل بَرَع إذا طال ومن ذلك البَرْكَلَةُ وهو مَشْيُ الإنسان في الماء والطِّين، فالباء زائدةٌ، وإنما هو من تَرَكَّلَ إذا ضَرَبَ بإحدى رجليه فأدخلها في الأرض عند الحفْر.

ومن ذلك الفَرقَعة: تنقيضُ الأصابع، وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله فَقَع.

ما وضع من الرباعي وضعا

البُهْصُلَةُ: المرأة القَصِيرة، وحمار بُهْصُلٌ قصير. وَالبُخْنُق: البُرْقُع القصير، وقال الفرّاء: البُخْنُق خِرْقةٌ تَلْبَسُها المرأة تَقِي بها الخِمَار الدُّهْنَ. البَلْعَثُ: السّيِء الخُلُق. البَهْكَثَةُ: السُّرْعة. البَحْزَج: وَلَدُ البَقَرة وكذلك البُرْغُزُ. بَرْذَنَ الرَّجُل: ثَقُل. البرازِق: الجماعات. البُرْزُلُ: الضخم. ناقة بِرْعِس: غَزِيرة. بَرْشَط اللَّحْمَ: شَرْشَرَهُ. بَرْشَمَ الرَّجُلُ، إذا وَجَمَ وأظهر الحُزْن، وَبَرْهَم إذا إدامَ النظَر. والبَرْقَطَة: خَطْوٌ متقارب.

وممّا وضع وضعًا وليس ببعيدٍ أن يكون له قياس: غَرْدَقْتُ السَّتْرَ: أرسلتُه، والغُرْنُوق: الشاب الجميل. والغُرْنَيْق طائر.

كتب على شاكلة الصاحبي في فقه اللغة
هناك كتب أخرى طرقت موضوعات تشبه تلك التي اشتمل عليها كتاب الصاحبي. من هذه الكتب: (الخصائص) لابن جني، و(المزهر في علوم اللغة) للسيوطي.



كتاب الخصائص لابن جني
ولد ابن جني من أب رومي يوناني. نشأ بالموصل وأخذ النحو عن الأخفش وأبي على الفارسي الذي لازمه طويلاً، واجتمع بالمتنبي الذي، أعجب بسعة علمه في اللغة، في بلاط سيف الدولة وفي شيراز عند عضد الدولة. وكان المتنبي إذا سئل عن دقيقة في شعره قال: اسألوا عنها صاحبنا ابن جني . أهدى كتاب (الخصائص) إلى بهاء ***الذي تولى الملك في بغداد. وتوفي هذا العالم اللغوي الفذ سنة 392هـ.

جاء في مقدمة الخصائص "هذا أطال الله بقاء مولانا الملك السيد المنصور المؤيد بهاء ***... كتاب لم أزل على فارط الحال وتقادم الوقت ملاحظا له عاكف الفكر عليه ... هذا مع إعظامي له وإعصامي بالأسباب المنتاطة به واعتقادي فيه أنه من أشرف ما صنف في علم العرب وأذهبه في طريق القياس والنظر ... وأجمعه للأدلة على ما أودعته هذه اللغة الشريفة من خصائص الحكمة ونيطت به من علائق الإتقان والصنعة.

ثم يبين ابن جني غرضه من تأليف هذا الكتاب قائلا: "ذلك أنا لم نر أحدا من علماء البلدين تعرض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه فأما كتاب أصول أبي بكر [ابن السراج] فلم يلمم فيه بما نحن عليه إلا حرفا أو حرفين في أوله وقد تعلق عليه به وسنقول في معناه. على أن أبا الحسن [الأخفش] قد كان صنف في شئ من المقاييس كتيبا إذا أنت قرنته بكتابنا هذا علمت بذاك أنا نُبْنا عنه فيه وكفيناه كُلفة التعب به وكافأناه على لطيف ما أولاناه من علومه."

ابن جني قصد بقوله في المقدمة "لم نر أحدا من علماء البلدين تعرض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه" تطبيق مناهج أصول الكلام والفقه على المباحث اللغوية. وبعبارة أخرى يريد أن يطبق منهج التعليل والقياس الذي اعتمده الأصوليون والفقهاء في استنباط الأحكام من النصوص على النظر في اللغة. ويقال إنه أول من أدخل منهج القياس في الدرس اللغوي.

ونجده في (باب ذكر علل العربية أكلامية هي أم فقهية) يقارن بين القياس عند اللغويين من جهة وعند الفقهاء والكلاميين من جهة أخرى، فيقول: "اعلم أن علل النحويين وأعنى بذلك حذاقهم المتقنين لا ألفافهم المستضعفين أقرب إلى علل المتكلمين منها إلى علل المتفقهين وذلك أنهم إنما يحيلون على الحس ويحتجون فيه بثقل الحال أو خفتها على النفس وليس كذلك حديث علل الفقه وذلك أنها إنما هي أعلام وأمارات لوقوع الأحكام ووجوه الحكمة فيها خفية عنا غير بادية الصفحة لنا ألا ترى أن ترتيب مناسك الحج وفرائض الطهور والصلاة والطلاق وغير ذلك إنما يرجع في وجوبه إلى ورود الأمر بعمله ولا تعرف علة جعل الصلوات في اليوم والليلة خمسا دون غيرها من العدد ولا يعلم أيضا حال الحكمة والمصلحة في عدد الركعات ولا في اختلاف ما فيها من التسبيح والتلاوات إلى غير ذلك مما يطول ذكره ولا تحْلى النفس بمعرفة السبب الذي كان له ومن أجله وليس كذلك علل النحويين وسأذكر طرفا من ذلك لتصح الحال به.

ويحتج للشبه بين علل النحويين والكلاميين بما ذكره أبو إسحاق في سبب رفع الفاعل ونصب المفعول حيث قال: "إنما فعل ذلك للفرق بينهما، ثم سأل نفسه فقال فإن قيل فهلا عكست الحال فكانت فرقا أيضا قيل الذي فعلوه أحزم وذلك أن الفعل لا يكون له أكثر من فاعل واحد وقد يكون له مفعولات كثيرة فرفع الفاعل لقلته ونصب المفعول لكثرته وذلك ليقل في كلامهم ما يستثقلون ويكثر في كلامهم ما يستخفون فجرى ذلك في وجوبه ووضوح أمره مجرى شكر المنعم وذم المسئ في انطواء الأنفس عليه وزوال اختلافها فيه ومجرى وجوب طاعة القديم سبحانه لما يعقبه من إنعامه وغفرانه ومن ذلك قولهم إن ياء نحو ميزان وميعاد انقلبت عن واو ساكنة لثقل الواو الساكنة بعد الكسرة وهذا أمر لا لبس في معرفته ولا شك في قوة الكلفة في النطق به وكذلك قلب الياء في موسر وموقن واوا لسكونها وانضمام ما قبلها ولا توقف في ثقل الياء الساكنة بعد الضمه لأن حالها في ذلك حال الواو الساكنة بعد الكسرة وهذا كما تراه أمر يدعو الحس إليه ويحدو طلب الاستخفاف عليه وإذا كانت الحال المأخوذ بها المصير بالقياس إليها حسية طبيعية فناهيك بها ولا معدل بك عنها."

يمكن القول بأن موضوعات الخصائص تدور حول القضايا التالية:
أ) ماهية اللغة وتعرفها وماهية الكلام والقول والإعراب.
ب) أصل اللغة ومبدئها وجمع اللغة وتوثيقها وحجيتها.
ج) موضوعات تتعلق مستويات الدرس اللغوي: الأصوات والاشتقاق والصرف والنحو.

موضوعات فقه اللغة في كتاب الخصائص
يجدر بنا في هذا المقام أن نفصل الكلام في قضايا فقه اللغة المشهورة التي وردت في الخصائص وهي كالتالي:

- تعريف اللغة:
- نجد في الخصائص أشهر تعريف للغة في الفكر العربي والإسلامي، وهو تعريف تناقله بعد ذلك اللغويون والأصوليون. يقول ابن جني: أما حدها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم هذا حدها، وأما تصريفها ومعرفة حروفها فإنها فعلة من لغوت أي تكلمت وأصلها لغوة ككرة وقلة وثُبَة كلها لاماتها واوات لقولهم كروت بالكرة وقلوت بالقلة، وقيل منها لغي يلغي إذا هذي ومصدره اللغا. وكذلك اللغو قال الله سبحانه وتعالى وإذا مروا باللغو مروا كراما أي بالباطل وفي الحديث من قال في الجمعة صه فقد لغا أي تكلم.

- مبدأ اللغات:
- تعرض ابن فارس لمبدأ اللغات ولكن بشكل مقتضب أما ابن جني فقد ذكر النظريات الثلاث المتداولة بين مفكري عصره في باب بعنوان (باب القول على أصل اللغة أإلهام هي أم اصطلاح).

بدأ أولا ببيان صعوبة البحت في هذا الموضوع الشائك قائلا: "هذا موضع محوج إلى فضل تأمل." ثم بدأ بعد ذلك بإيراد رأي أهل الاصطلاح قائلا: غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة إنما هو تواضع واصطلاح لا وحي وتوقيف‏.‏ وذلك أنهم ذهبوا إلى أن أصل اللغة لا بد فيه من المواضعة. قالوا‏:‏ وذلك كأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعداً فيحتاجوا إلى الإبانة عن الأشياء المعلومات فيضعوا لكل واحد منها سمة ولفظاً إذا ذكر عرف به ما مسماه ليمتاز من غيره وليغنى بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين فيكون ذلك أقرب وأخف وأسهل من تكلف إحضاره لبلوغ الغرض في إبانة حاله‏.‏ بل قد يحتاج في كثير من الأحوال إلى ذكر ما لا يمكن إحضاره ولا إدناؤه كالفاني وحال اجتماع الضدين على المحل الواحد ... فكأنهم جاءوا إلى واحد من بني آدم فأومئوا إليه وقالوا‏:‏ إنسان إنسان إنسان فأي وقت سمع هذا اللفظ علم أن المراد به هذا الضرب من المخلوق وإن أرادوا سمة عينه أو يده أشاروا إلى ذلك فقالوا‏:‏ يد عين رأس قدم أو نحو ذلك‏.‏ فمتى سمعت اللفظة من هذا عرف معنيُّها وهلم جرا فيما سوى هذا من الأسماء والأفعال والحروف‏.‏ ثم لك من بعد ذلك أن تنقل هذه المواضعة إلى غيرها فتقول‏:‏ الذي اسمه إنسان فليجعل مكانه مرد والذي اسمه رأس فليجعل مكانه سر وعلى هذا بقية الكلام‏.‏

ثم ذكر رأي القائلين بالتوقيف وحججهم:

إلا أن أبا علي رحمه الله قال لي يوماً‏:‏ هي من عند الله واحتج بقوله سبحانه‏:‏ ‏(‏وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا‏)‏ وهذا أيضاً رأي أبي الحسن على أنه لم يمنع قول من قال‏:‏ إنها تواضع منه‏.‏ على أنه قد فسر هذا بأن قيل‏:‏ إن الله سبحانه علم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات‏:‏ العربية والفارسية والسريانية والعبرية والرومية وغير ذلك من سائر اللغات فكان آدم وولده يتكلمون بها ثم إن ولده تفرقوا في الدنيا وعلق كل منهم بلغة من تلك اللغات فغلبت عليه واضمحل عنه ما سواها لبعد عهدهم بها‏.‏ وإذا كان الخبر الصحيح قد ورد بهذا وجب تلقيه باعتقاده والانطواء على القول به‏.‏

ثم بعد هذا يذكر رأي عباد بن سليمان الصيمري الذي يرى أن اللغة بدأت طبيعية عن طريق المحاكاة: "وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات كدوي الريح وحنين الرعد وخرير الماء وشحيج الحمار ونعيق الغراب وصهيل الفرس ونزيب الظبي ونحو ذلك‏.‏ ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد‏.‏ وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل‏.‏

ثم نراه أمام هذه الآراء المتباينة وغياب الأدلة القطعية يفصح عن تردده في هذه القضية قائلا: "واعلم فيما بعد أنني على تقادم الوقت دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع فأجد الدواعي والخوالج قوية التجاذب لي مختلفة جهات التغول على فكري‏.‏ وذلك أنني إذا تأملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة وجدت فيها من الحكمة والدقة والإرهاف والرقة ما يملك علي جانب الفكر حتى يكاد يطمح به أمام غلوة السحر‏.‏.. ثم أقول في ضد هذا‏:‏ كما وقع لأصحابنا ولنا وتنبهوا وتنبهنا على تأمل هذه الحكمة الرائعة الباهرة كذلك لا ننكر أن يكون الله تعالى قد خلق من قبلنا .. من كان ألطف منا أذهاناً وأسرع خواطر وأجرأ جناناً‏.‏ فأقف بين تين الخلتين حسيراً وأكاثرهما فأنكفيء مكثوراً‏.‏

- باب في الاشتقاق الأكبر
هذا موضع لم يسمه أحد من أصحابنا غير أن أبا علي رحمه الله كان يستعين به ويخلد إليه مع إعواز الاشتقاق الأصغر‏.‏ لكنه مع هذا لم يسمه وإنما كان يعتاده عند الضرورة ويستروح إليه ويتعلل به‏.‏ وإنما هذا التلقيب لنا نحن‏.‏ وستراه فتعلم أنه لقب مستحسن‏.‏ وذلك أن الاشتقاق عندي على ضربين‏:‏ كبير وصغير‏.‏ فالصغير ما في أيدي الناس وكتبهم كأن تأخذ أصلا من الأصول فتتقراه فتجمع بين معانيه وإن اختلفت صيغه ومبانيه‏.‏ وذلك كتركيب ‏"‏ س ل م ‏"‏ فإنك تأخذ منه معنى السلامة في تصرفه نحو سلم ويسلم وسالم وسلمان وسلمى والسلامة والسليم‏:‏ اللديغ أطلق عليه تفاؤلا بالسلامة‏.‏

وعلى ذلك بقية الباب إذا تأولته وبقية الأصول غيره كتركيب ‏"‏ ض ر ب ‏"‏ و ‏"‏ ج ل س ‏"‏ و ‏"‏ ز ب ل ‏"‏ على ما في أيدي الناس من ذلك‏.‏ فهذا هو الاشتقاق الأصغر‏.‏ وقد قدم أبو بكر رحمه الله رسالته فيه بما أغنى عن إعادته لأن أبا بكر لم يأل فيه نصحا وإحكاما وصنعة وتأنيسا‏.‏

وأما الاشتقاق الأكبر فهو أن تأخذ أصلا من الأصول الثلاثية فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحداً تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه وإن تباعد شيء من ذلك عنه رد بلطف الصنعة والتأويل إليه كما يفعل الاشتقاقيون ذلك في التركيب الواحد‏.‏

وقد كنا قدمنا ذكر طرف من هذا الضرب من الاشتقاق في أول هذا الكتاب عند ذكرنا أصل الكلام والقول وما يجيء من تقليب تراكيبهما نحو ‏"‏ ك ل م ‏"‏ ‏"‏ ك م ل ‏"‏ ‏"‏ م ك ل ‏"‏ ‏"‏ م ل ك ‏"‏ ‏"‏ ل ك م ‏"‏ ‏"‏ ل م ك ‏"‏ وكذلك ‏"‏ ق و ل ‏"‏ ‏"‏ ق ل و ‏"‏ ‏"‏ و ق ل ‏"‏ ‏"‏ و ل ق ‏"‏ ‏"‏ ل ق و ‏"‏ ‏"‏ ل و ق ‏"‏ وهذا أعوص مذهباً وأحزن مضطربا‏.‏ وذلك أنا عقدنا تقاليب الكلام الستة على القوة والشدة وتقاليب القول الستة على الإسراع والخفة‏.‏ وقد مضى ذلك في صدر الكتاب‏. لكن بقي علينا أن نحضر هنا مما يتصل به أحرفا تؤنس بالأول وتشجع منه المتأمل‏.‏

فمن ذلك تقليب ‏"‏ ج ب ر ‏"‏ فهي أين وقعت "للقوة والشدة‏."

منها جبرت العظم والفقير إذا قويتهما وشددت منهما والجبر‏:‏ الملك لقوته وتقويته لغيره‏.‏ ومنها رجل مجرب إذا جرسته الأمور ونجذته فقويت منته واشتدت شكيمته‏.‏ ومنه الجراب لأنه يحفظ ما فيه وإذا حفظ الشيء وروعى اشتد وقوى وإذا أغفل وأهمل تساقط ورذى‏.‏

ومنها الأبجر والبجرة وهو القوي السرة‏.‏

ومنه البُرج لقوته في نفسه وقوة ما يليه به وكذلك البَرج لنقاء بياض العين وصفاء سوادها هو قوة أمرها وأنه ليس بلون مستضعف

ومنها رجبت الرجل إذا عظمته وقويت أمره‏.‏ ومنه رجب لتعظيمهم إياه عن القتال فيه وإذا كرمت النخلة على أهلها فمالت دعموها بالرجبة وهو شيء تسند إليه لتقوى به‏.‏ والراجبة‏:‏ أحد فصوص الأصابع وهي مقوية لها‏.‏

ومنها الرباجي وهو الرجل يفخر بأكثر من فعله قال‏:‏ وتلقاه رباجيا فخورا تأويله أنه يعظم نفسه ويقوي أمره‏.‏

واعلم أنا لا ندعى أن هذا مستمر في جميع اللغة كما لا ندعي للاشتقاق الأصغر أنه في جميع اللغة‏.‏ بل إذا كان ذلك الذي هو في القسمة سدس هذا أو خمسه متعذرا صعبا كان تطبيق هذا وإحاطته أصعب مذهبا وأعز ملتمسا‏. ‏بل لو صح من هذا النحو وهذه الصنعة المادة الواحدة تتقلب على ضروب التقلب كان غريباً معجباً‏.‏ فكيف به وهو يكاد يساوق الاشتقاق الأصغر ويجاريه إلى المدى الأبعد.

- إمساس الألفاظ أشباه المعاني
يقصد ابن جني بعبارة (إمساس الألفاظ أشباه المعاني) محاكاة الألفاظ لمعانيها. وقد بين أنواع هذه المحاكاة:

(أ) محاكاة الصوت: من ذلك تسميتهم الأشياء بأصواتها كالخازباز لصوته والبط لصوته والواق للصرد لصوته وغاق للغراب لصوته وحنين الرعد.

(ب) محاكاة طبيعة الأحداث والأشياء: يقول: كثيراً ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها فيعدلونها بها ويحتذونها عليها‏. من ذلك قولهم‏:‏ خضم وقضم‏.‏ فالخضم لأكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب‏. والقضم للصلب اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك‏.‏ فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب والقاف لصلابتها لليابس حذواً لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث‏.‏

ومن ذلك قولهم‏:‏ النضح للماء ونحوه والنضخ أقوى من النضح. قال الله سبحانه‏:‏ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ‏‏ فجعلوا الحاء لرقتها للماء الضعيف والخاء لغلظها لما هو أقوى منه‏.‏

(جـ) محاكاة الحركة: قال سيبويه في المصادر التي جاءت على الفعلان‏:‏ إنها تأتي للاضطراب والحركة نحو النقزان والغلبان والغثيان‏. فقابلوا بتوالي حركات المثال توالي حركات الأفعال‏.‏ ووجدت أنا من هذا الحديث أشياء كثيرة على سمت ما حداه ومنهاج ما مثلاه‏.‏ وذلك أنك تجد المصادر الرباعية المضعفة تأتي للتكرير نحو الزعزعة والقلقلة والصلصلة والقعقعة والصعصعة والجرجرة والقرقرة‏.‏ ووجدت أيضاً الفَعَلى في المصادر والصفات إنما تأتى للسرعة نحو البَشَكي والجَمَزي والوَلَقي.

(د) محاكاة قوة الأحداث أو كثرتها: ومن ذلك أنهم جعلوا تكرير العين في المثال دليلاً على تكرير الفعل فقالوا‏:‏ كسّر وقطّع وفتّح وغلّق‏.‏ وذلك أنهم لما جعلوا الألفاظ دليلة المعاني فأقوى اللفظ ينبغي أن يقابل به قوة الفعل والعين أقوى من الفاء واللام وذلك لأنها واسطة لهما.

(هـ) محاكاة ترتيب الحدث: وذلك أنهم قد يضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبر عنها بها ترتيبها وتقديم ما يضاهي أول الحدث وتأخير ما يضاهي آخره وتوسيط ما يضاهي أوسطه سوقاً للحروف على سمت المعنى المقصود والغرض المطلوب‏.‏ وذلك قولهم‏:‏ (بحث‏).‏ فالباء لغلظها تشبه بصوتها خفقة الكف على الأرض والحاء لصحلها تشبه مخالب الأسد وبراثن الذئب ونحوهما إذا غارت في الأرض والثاء للنفث والبث للتراب‏. ومن ذلك قولهم‏:‏ شد الحبل ونحوه‏.‏ فالشين بما فيها من التفشي تشبه بالصوت أول انجذاب الحبل قبل استحكام العقد ثم يليه إحكام الشد والجذب وتأريب العقد فيعبر عنه بالدال التي هي أقوى من الشين ولاسيما وهي مدغمة فهو أقوى لصنعتها وأدل على المعنى الذي أريد بها‏.

- تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني
وهو أن تتقارب الحروف لتقارب المعاني‏.‏ وهذا باب واسع‏.‏

من ذلك قول الله سبحانه‏:‏ {‏‏أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} أي تزعجهم وتقلقهم‏.‏ فهذا في معنى تهزهم هزا والهمزة أخت الهاء فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين‏.‏ وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز‏.‏

ومنه العسف والأسف والعين أخت الهمزة كما أن الأسف يعسف النفس وينال منها والهمزة أقوى من العين كما أن أسف النفس أغلظ من التردد بالعسف‏.‏ فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين‏.‏

ومنه الجرفة وهي من ‏"‏ ج ر ف ‏"‏ وهي أخت جلفت القلم إذا أخذت جُلْفته وهذا من ‏"‏ ج ل ف ‏"‏ وقريب منه الجنف وهو الميل وإذا جَلَفت الشيء أو جرفته فقد أملته عما كان عليه وهذا من ‏"‏ ج ن ف ‏"‏‏.‏

ومن ذلك تركيب ‏"‏ ح م س ‏"‏ و ‏"‏ ح ب س ‏"‏ قالوا‏:‏ حبست الشيء وحمس الشر إذا اشتد‏.‏ والتقاؤهما أن الشيئين إذا حبس أحدهما صاحبه تمانعا وتعازا فكان ذلك كالشر يقع بينهما‏.‏
ومنه العَلْب‏:‏ الأثر والعَلْم‏:‏ الشقّ في الشفة العليا‏.‏ فذاك من ‏"‏ ع ل ب ‏"‏ وهذا من ‏"‏ ع ل م ‏"‏ والباء أخت الميم
ومن ذلك العلز‏:‏ خفة وطيش وقلق يعرض للإنسان وقالوا العلوص لوجع في الجوف يلتوي له.
ومنه الغَرب‏:‏ الدلو العظيمة وذلك لأنها يغرف من الماء بها فذاك من ‏"‏ غ ر ب ‏"‏ وهذا من ‏"‏ غ ر ف ‏".‏
واستعملوا تركيب ‏"‏ ج ب ل ‏"‏ و ‏"‏ ج ب ن ‏"‏ و ‏"‏ ج ب ر ‏"‏ لتقاربها في موضع واحد وهو الالتئام والتماسك‏.‏ منه الجبل لشدته وقوته، وجبن إذا استمسك وتجمع، ومنه جبرت العظم ونحوه أي قويته‏.‏

وقد تقع المضارعة في الأصل الواحد بالحرفين نحو قولهم‏:‏ السحيل والصهيل قال‏:‏
وذاك من ‏"‏ س ح ل ‏"‏ وهذا من ‏"‏ ص هـ ل ‏"‏ والصاد أخت السين كما أن الهاء أخت الحاء‏.‏
ومنه قولهم سحل في الصوت وزحر، والسين أخت الزاي كما أن اللام أخت الراء‏.‏

ومن من مضارعة الأصلين: جلف وجرم فهذا للقشر وهذا للقطع وهما متقاربان معنى متقاربان لفظاً لأن ذاك من ‏"‏ ج ل ف ‏"‏ وهذا من ‏"‏ ج ر م ‏"‏‏.‏

ومن مضارعة الأصول الثلاثة: ا‏:‏ صال يصول كما قالوا‏:‏ سار يسور‏.‏
وقالوا‏:‏ زأر كما قالوا‏:‏ سعل لتقارب اللفظ والمعنى‏.‏
وقالوا‏:‏ صهل كما قالوا‏:‏ صهل كما قالوا‏:‏ زأر‏.‏
ومنه غدر و ختل (وتدلان على الخفاء).

المزهر في علوم اللغة للسيوطي
المزهر وفقة اللغة : لم يذكر السيوطي صراحة أن هذا الكتاب في فقه اللغة، إذن ما هي مسوغات اعتباره من كتب فقة اللغة . هناك اعتباران وراء هذا:

1- مما يدل على أنه أحد كتب فقه اللغة هو أنه ضمن في مقدمته جزءاً من مقدمة ابن فارس في كتاب الصاحبي في فقه اللغة، يقول: "وقبل الشروع في الكتاب نصدر بمقالة ذكرها أبو الحسين أحمد بن فارس في أول كتابه فقه اللغة قال: اعلم أن لعلم العرب أصلا وفرعا . . إلخ."

2- عند النظر في موضوعات هذا الكتاب نجد أبواباً كثيرة من موضوعات فقه اللغة التى عرفناها في كتاب الصاحبي أو في الخصائص فمثلاً هناك موضوع بداية اللغة، والاشتقاق، الترادف، والاشتراك اللفظي، والقياس. إذن لاشك أن السيوطي وضع هذا الكتاب وفي ذهنه أنه يضع كتاباً في فقه اللغة .

ترتيب المزهر:
- لقد اتبع السيوطي ترتيبا لطيفا "هذا علم شريف ابتكرت ترتيبه واخترعت تنويعه وتبويبه وذلك في علوم اللغة وأنواعها وشروط أدائها وسماعها حاكيت به علوم الحديث في التقاسيم والأنواع وأتيت فيه بعجائب وغرائب حسنة الإبداع وقد كان كثير ممن تقدم يلم بأشياء من ذلك ويعتني في بيانها بتمهيد المسالك غير أن هذا المجموع لم يسبقني إليه سابق ولا طرق سبيله قبلي طارق وقد سميته بالمزهر في علوم اللغة."

موضوعات المزهر:
إن المزهر يتميز بتقسيم منهجي واضح بعكس الكتب السابقة. وهذا التقسيم متأثر بمنهج علماء الحديث. وهناك خمسة أقسام رئيسة:

(ا) اللغة من حيث الإسناد: في هذا القسم والذي يليه يظهر تأثير علم الحديث واضحا في المنهج والمصطلحات. يعدد السيوطي في مقدمته ثمانية أنواع من الموضوعات عائدة إلى إسناد اللغة، هي: (1) معرفة الصحيح الثابت، (2) معرفة ما روي من اللغة ولم يصح ولم يثبت (3) معرفة المتواتر والآحاد (4) معرفة المرسل والمنقطع (5) معرفة الأفراد (6) معرفة من تقبل روايته ومن ترد (7) معرفة طرق الأخذ والتحمل (8) معرفة المصنوع وهو الموضوع ويذكر فيه المدرج والمسروق.

(ب) اللغة من حيث الألفاظ: يشتمل على ثلاثة عشر نوعا: معرفة الفصيح، معرفة الضعيف والمنكر والمتروك، معرفة الرديء المذموم، معرفة المطرد والشاذ، معرفة الحوشي والغرائب والشوارد والنوادر، معرفة المهمل والمستعمل، معرفة المفاريد، معرفة مختلف اللغة، معرفة تداخل اللغات، معرفة توافق اللغات، معرفة المعرب، معرفة الألفاظ الإسلامية، معرفة المولد.

(جـ) اللغة من حيث المعنى: يتضمن ثلاثة عشر نوعا من الموضوعات: خصائص اللغة، معرفة الاشتقاق، معرفة الحقيقة والمجاز، معرفة المشترك، معرفة الأضداد، معرفة المترادف، معرفة الإتباع، معرفة الخاص والعام، معرفة المطلق والمقيد، معرفة المشجر، معرفة الإبدال، معرفة القلب، النحت.

(د) طرائف اللغة وملحها: يدخل تحته موضوعات مثل: معرفة الأمثال، معرفة الآباء والأمهات والأبناء والبنات والإخوة والأخوات والأذواء والذوات، معرفة الملاحن والألغاز.

(هـ) حفظ اللغة وضبط مفاريدها: ومنه معرفة الأشباه والنظائر.

(ز) رجال اللغة ورواتها: وأنواعه تتعلق بموضوعات مثل: معرفة آداب اللغوي، معرفة كتاب اللغة، معرفة التصحيف والتحريف، معرفة الطبقات والحفاظ والثقات والضعفاء، معرفة الأسماء والكنى والألقاب والأنساب.

أهمية كتاب المزهر: كتاب المزهر من أهم كتب اللغة بوجه عام ومن أهم كتب فقه اللغة بوجه خاص لأمور منها :

(1) اشتماله على أبحاث وافية تتعلق بعدد من موضوعات فقه اللغة, مثل: أصل اللغة، وظيفة اللغة، الاشتقاق، الاشتراك اللفظي، الأضداد، الترادف، القلب، الإبدال، النحت، وغيرها.

(2)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

علوم البلاغة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» أثر علم البلاغة على علم التفسير
» بين البلاغة والنقد
» وجوه البلاغة
» من أوجه البلاغة...
» بماذا أبدأ في فن البلاغة ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: اللّغـــات و علومها :: اللغة العربيــة وعلومهـا-