بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة القرآن تعرِّب اللسان

قراءة القرآن وسماعه من اهم اسباب تعريب اللسان وتهذيبه هذا ما اكده
الدكتور علي صبح استاذ الادب في كلية اللغة العربية بجامعة الازهر مؤكدا
على ان تعاليم الاسلام تهذب الطفل منذ مراحل حياته المبكرة بأدب سامٍ يوقظ
فيه - في كل حين- الفطرة المستقيمة, والسريرة الخالصة النقية التي تفضل
بها الله عزوجل على خلقه في ابداعاته حين يتلو او يسمع قوله تعالى:( فاقم
وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك
الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون) . وقال: ان الانضواء تحت اهداف
وغايات الادب الاسلامي تجعل المسلم منذ نشأته الاولى يسلك المنهج القويم,
ويميز بين الطيب والخبيث والهدى والفجور ولذلك حيث القرآن الكريم في ادبه
المعجز العباد على الطريق المستقيم والهدي والوقاية من الضلال والعذاب.
واضاف - في دراسة حديثة, تحت عنوان: (ادب الاسلام للطفل فطرة وعبادة) - ان
النبي صلى الله عليه وسلم ابرز نقاء الفطرة لدى كل مولود في ادب بليغ
يتردد صداه في جوانب النفس وحنايا الوجدان بقوله صلى الله عليه وسلم :(كل
مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه).
كما رغب النبي صلى الله عليه وسلم في مخالطة الاخيار, ونهى عن مجالسة
الاشرار لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا تصاحب الا مؤمنا ولا تأكل الا مع
تقي). واوضح الدكتور صالح ان الطفل اذا عاش في اسرة تفيض بالحب والرحمة,
وفي مجتمع يلفه بالشفقة والعطف والحنان, ينشأ متأدبا بآداب الرحمة متذوقا
اساليب الحب والجمال والخير والحق فيشب الطفل عاشقا للرحمة والمحبة متخذا
صورها الجميلة في قوله ومنهجه وسلوكه لان ادب الاسلام في جميع صوره حث
عليها منذ الصغر على انها عبادة وطاعة ومنهج وسلوك.
فقد صور القرآن الكريم الرحمة بما يعجز عنه البشر فلم تخل سورة من تصوير
قراني لها تهتز له العاطفة وتبعث فيها الحرارة والصدق والدفء, وتغمر
الوجدان فتحييه بالايمان والاخلاص , والحب والمودة فأصبح مفتاح كل سورة
(بسم الله الرحمن الرحيم) لان الله عز وجل (كتب على نفسه الرحمة) ورحمته
وسعت كل شيء لقوله تعالى:( فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة).
وجعل اية الزواج وثمرتها العجيبة المودة والرحمة في السكن والولد لقوله عز
وجل (ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم
مودة ورحمة).. وفي الحديث الشريف يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن رب
العزة:( لما خلق الرحم قال تعالى انا الرحمن وانت الرحم شققت اسمك من اسمي
فمن وصلك وصلته ومن قطعك قطعته). وقد حثت الاحاديث الشريفة على الرحمة
بالبنين والبنات وتأديبهم بآدابها البليغة وصورها الادبية الجميلة التي
تتفتح لها منافذ الادراك في النفس.
ومضى الدكتور علي صبح في دراسته المهمة قائلاً: لقد حث الاسلام على الرحمة
بالطفل لضعفه وقلة حيلته فإذا امتلأت قلوب الاطفال بصورة الرحمة الجميلة
وادبها المهذب, شبوا قادرين على النهوض بأمة الاسلام لتكون العزة لله
ولرسوله وللمؤمنين, لقوله تعالى:(المال والبنون زينة الحياة الدنيا
والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا). ومن الباقيات الصالحات
رعايتهم وتأديبهم قال تعالى:(والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا
بهم ذريتهم وما ألَتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين). ومن
القيم الخلقية في الادب الاسلامي ادب العدالة بين الاطفال فلا يضارون بصور
الظلم وانواعه من الاسرة او من المجتمع مما يترك اثرا بناء في تهذيب نفسه,
وفي رقة مشاعره وعمارة وجدانه فيشب على المحبة والمودة والتعاطف والتعاون
لقوله تعالى: (ان الله يأمر بالعدل والاحسان).
والاحاديث الشريفة البليغة التي وردت في ذلك كثيرة وهي عامة للاطفال
وغيرهم ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(ادبني ربي فأحسن تأديبي)
لانه تأدب بأدب القرآن وتخلق بأخلاق القرآن.
فقراءة القرآن وسماعه او حفظه يعرِّب اللسان ويهذبه فيكون اعظم بيانا
وفصاحة وبلاغة وادبا ويرقى بالعاطفة فتتسم بالصدق والاخلاص في الايمان
ويعمر الوجدان بالمشاعر الرقيقة والاحاسيس المرهفة ويقوم العقل والفكر
بقيمه السامية واخلاقه وتشريعاته الزكية وبذلك تتحقق للانسان السعادة في
الدينا والاخرة.
فحينما حفظ الاطفال سورا قصارا بعد وفاة ابيهم رفع الله العذاب عنه في
قبره فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم امهم وزوج المعذب في قبره عما صنعت
بعد دفنه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(خيركم من تعلم القرآن
وعلمه) وقال تعالى :(واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون).
واوضح الدكتور علي صبح ان الله عز وجل عظم ثواب القران في الدنيا بما تقدم
ذكره من قيم السعادة فيها, وفي الاخرة بأعظم واخلد انو اع السعادة برضوان
الله عز وجل إما من قرأه وعمل به فشفعه فيه وادخله الجنة فإنما يحث المؤمن
على دوام قراءته وتعليمه لاهله واولاده ورعيته فهو مسؤول عنهم وعن الانفاق
على تعليمهم القرآن وعلومه كما دلت الآيات السابقة في ادب قرآني معجز
والاحاديث الشريفة في بلاغتها الجامعة في ادب نبوي سام يترك ذلك اثره
البليغ والسريع في تأديب الاطفال وتربيتهم اذا ما تعلموها وقراوها في
مراحل تعليمهم.
وهذا ما جعل اطفال المسلمين يتدافعون لحفظ كتاب الله عز وجل وتعلمه حتى
ضاقت المساجد بالصبيان فاضطر الضحاك بن مزاحم معلم الصبيان ومؤدبهم الى ان
يطوف على حمار ليشرف على طلاب مكتبه الذين بلغ عددهم ثلاثة آلاف صبي وكان
لا يأخذ اجرا على عمله. ولهذا اصبح الازهر الشريف اعظم جامعة واقدمها في
العالم قاطبة لتخريجه علماء اجلاء ينشرون الاسلام وعلومه في بقاع العالم
لانهم كانوا يحفظون القرآن الكريم في مراحل الطفولة المبكرة ويتأدبون
بأدبه السامي وبلاغته المعجزة وكذلك الحديث الشريف.
ومما يدعو الاطفال الى التأدب بأدب القرآن والسنة الشريفة ان الاسلام أوجب
على الوالدين ان يرعيا أولادهما منذ سبع سنين على سبيل الوجوب والالزام
بتعليمهم الصلاة وان يعينوهم على ادائها وان يضربوهم عليها لا نسألك رزقا
نحن نرزقك والعاقبة للتقوى)..
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم :(مروا اولادكم بالصلاة وهم ابناء سبع
سنين واضربوهم عليها اذا ما بلغوا عشر سنين وانصرفوا عنها لقوله تعالى:
(وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) وهم ابناء عشر وفرقوا بينهم في
المضاجع). وشدد الدكتور علي صبح على ان اعتياد الصلاة يؤدبهم بما تهدف
اليه من قيم اخلاقية كثيرة وما تشتمل عليه من القران والذكر فتؤدبهم عن
طريق حفظ فاتحة الكتاب وترديدها وحفظ كثير من السور القرآنية وبعض الايات
التي تعقب الفاتحة في الصلاة وعن طريق سماع القرآن من الامام في الصلاة
الجهرية وعن طريق سماع الخطبة في صلاة الجمعة وهي فن ادبي من فنون النثر
الفني وما يحتوي عليه من الايات القرانية والاحاديث الشريفة وادب الصحابة
والتابعين والحكم والامثال والشعر الاسلامي الذي يتمثل به الخطيب في خطبة
الجمعة والعيدين او في المحاضرات والندوات والدروس التي تلقى في المسجد
اثناء مصاحبة الطفل لوالده او حضوره بنفسه للمشاركة في صلاة الجماعة او
صلاة الجمعة والعيدين بعد ان يعتاد على الصلاة وحده

.
منقول بتصرف

نقل طيب أحسن الله إليك

فكن في حل وترحال
في ثنايا الذكر الحكيم
انه التربية والتهذيب
والنصح والانيس
والحسنة والاجر والثواب
بارك الله فيكم على النقل الطيب