إني أخاف الله
اعلم أخي أن الإيمان بالله والخوف منه صمام الأمان العاصم للعبد من مواقعة الحرام والانسياق وراء الشهوات والبعد عن كل ما يبغض الرب تعالى ، كما أنهما الحافز والداعي إلى طاعة الرحمن.
إني أخاف الله : كلمة قالها أحد ابني آدم لما أراد أخوه أن يقتله {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) سورة المائدة
وقالها ذلك الرجل الذي أكرمه الله يوم القيامة بظله يوم لا ظل إلا ظله ،كما جاء في الحديث المتفق عليه : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ .... وذكر منهم : وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ .
وقالها يوسف عليه السلام بقوله معاذ الله وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله، وهي من جنس أخاف الله ، ولا تصدر مثل هذه الكلمة وما كان من جنسها: مَعَاذَ اللَّه [يوسف:23] في ذلك الموطن إلا ممن راقب الله في سره وفي علانية أمره، وخافه في الغيب والشهادة.. وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ [ق:31-33] أين؟ أين خشي الرحمن؟ بِالْغَيْبِ [ق:33] إذا غاب عن الناس وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ [ق:33-34]. فالمؤمن إذا تربى على مراقبة الله، ومطالعة أسرار أسمائه وصفاته كالعليم والسميع والبصير والرقيب والشهيد والحسيب والحفيظ والمحيط والمهيمن؛ أثمر ذلك خوفاً من الله في السر والعلانية، وانتهاءً عن المعصية، وصدوداً عن الشهوة المحرمة .
اعلم أخي أن أصل كل خير الخوف من الله تعالى ، قال أبو سليمان الداراني : (وأصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله عز وجل) جزء من كلام طويل له أخرجه : البيهقي في " شعب الإيمان " ( 5715 ) ، والخطيب في " تأريخه " 10/248 .
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله : من خاف الله دله الخوف على كل خير.
وقال ابن القيم رحمه الله: "ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الخوف وهى من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل أحدٍ، قال الله تعالى: {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران/ 175 وقال تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}البقرة/ 40 {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} البقرة: 150.
وقال صاحب أضواء البيان رحمه الله : الواقع أن صفة الخوف من الله تعالى هي أجمع صفات الخير في الإنسان لأنها صفة للملائكة المقربين ،كما قال تعالى عنهم: {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} النحل/50 .اهـ (9/54)
كتبه أبو هاني/قطر
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: إني أخاف الله 
الإثنين 21 أبريل 2014 - 11:06
