الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
33

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد  Empty
مُساهمةموضوع: الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد    الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد  I_icon_minitimeالثلاثاء 26 مارس 2013 - 17:51

أتحدث –وكلي اعتزاز بهذا الحديث- عن شخصية فذة من الشخصيات الإيمانية والعلمية والجهادية التي حباها الله بالشهادة في سبيله بعد أن خصها بخصال الجد الصارم والتأبّي على الذلة لغير الله والشجاعة في مواجهة المواقف الصعبة مع الفقه الواسع والدقيق لكتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- ولسنن الخالق –سبحانه- في الأكوان والمجتمعات البشرية. قال عنه أخوه في العلم والجهاد لتحرير العقول والأوطان والعباد الشيخ "البشير الإبراهيمي" –رحمه الله-

[إن الأستاذ العربي التبسي إذا تكلم في الدين جاء كلامه تجلية حقائق في نصوع بيان وإذا تحدث في السياسة كان حديثه كله حملات على الاستعمار ومكايده وإذا تحدث عن السياسيين والنواب جاء حديثه كحديث المحايد الحر الذي لا يتحيز لفريق دون فريق ولا يرضى لنفسه ولمقامه أن يكون "بوق دعاية" لمبدإ دون مبدإ لأن مبدأه أسمى منها جميعا. وكان حديثـُه عن العلم حديث العالم الذي يزن الرجال بأعمالهم وحيث لا أعمال فلا رجال ويزن الأحزاب بوضوح مبادئها وحيث لا وضوح في المبادئ فلا أحزاب ...والأستاذ التبسي عالم عريق النسبة في الإصلاح بعيد الغور في التفكير سديد النظر في الحكم على الأشياء عزوف الهمة عن المظاهر والسفاسف. انتهى به العلم والتجربة وأحداث الزمن إلى القناعة الراسخة بأن تونس والجزائر والمغرب شعب واحد لا نصر لحركة التحرر من فرنسا الباغية الطاغية إلا إذا أتّحدت تحت راية إسلامها وعروبة لسانها. ثم انتهى به العمل لهذه المقاصد السامية إلى معرفة حظ العالم من العمل وحظه من تبعة التقصير فيه . لذلك كله أصبح عَلَما فردا في قيادة الأمة في جميع ميادين حياتها ... وهو صاحب آثار جليلة في العلم والإصلاح والآراء السديدة في السياسة والاجتماع والمواقف الجريئة في تمكين الإسلام والعروبة بالقطر الجزائري، كان الشيخ التبسي مخلصا في خدمة الأمة مرابطا في نشر العلم يقضي نهاره وليله في إعطاء الدروس العلمية للتلاميذ مجّانا ودون أن يتقاضى مقابل ذلك أي ثمن...](1)
هذه شهادة حق نعتز بها أيما اعتزاز خاصة وقد جاءت على لسان وبقلم أحد أهم وأبرز أقطاب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأعظم بها وأكرم بها شهادة على أن شيخنا الجليل "العربي التبسي" تفرّد من بين جميع علماء الجزائر بكونه نحا نحو الإصلاح الديني والوطني في صبر ومصابرة وجد ومثابرة وعزم ومخاطرة لم تأخذه في الله لومة لائم حتى عانق الشهادة راضيا عن ربه الذي اصطفاه لها بعد أن اغتالته أيدي فرنسا الآثمة المجرمة بصورة شنيعة وفظيعة.
وتنبني فكرة الإصلاح لتغيير ما بالنفوس –في تصوره- -رحمه الله وأرضاه- على أن العلم –والشرعي منه بالخصوص- هو الأداة الفعالة للكفاح من أجل البقاء فطلبُه فرض على كل مسلم ومسلمة كما صح عن الرسول الكريم –صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- في ما يرويه مسلم في صحيحه وقد جعله هذا المبدأ يسخّر جهده ووقته وأطوار حياته كلها وبتفان من أجل نشره في الأمة وتعليم وتربية نواشئها وسائر شبابها وكهولها . وكان شديد الحرص على قرن هذا العلم بالأخلاق لاعتقاده أن العلم وحده لا ينفع صاحبه إذا لم يقترن بالأخلاق و كثيرا ما كان يستظهر –كما يقول بعض تلامذته ممن لا يزالون أحياء يُرزقون بشاعر "أرض الكنانة"- حافظ ابراهيم
لا تحسبن العلم ينفع وحده
ما لم يُتوّج ربه بخلاق
ولهذا سعى –رحمه الله وأرضاه- سعيه الجاد الدائب لأخلقة الحياة العلمية والوطنية بناء على عقائد الدين الحنيف على اعتبار أن أخلاقنا الإسلامية نابعة –أساسا- من معين التوحيد وما تـُثمره الشعائر التعبدية من عزة بالله ورسوله ومن حياء وإيثار وأمانة وصدق وعفة وتعفف وتطلع إلى معالي الأمور وهي –جميعها- سمان وحدة الصف و الهدف كما كان يقول دوما و يكتب في "الشهاب" لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في العقد الثلاثيني.
ويتبدّى من كل ما كان يتعاطاه –رحمه الله وأرضاه- من أنشطة علمية واجتماعية ونضالية، أن بناء الأخلاق في الأمة يمر –حتما- من طريقين هما : القدوة الصالحة التي لا تكون إلا في العلماء وقادة الرأي العام من النخب السياسية والفكرية والإعلامية ثم اصطباغ مناهج التعليم والإعلام ومختلف أنشطة التوجيه الاجتماعي بالصبغة الخلقية. ولم يك –في هذا- بدعا من العلماء. فقد كانت هذه استراتيجيتهم في إيقاظ الأمة للدفع بها إلى أخذ زمام التغيير لأوضاعها العامة والمسك بخطام إصلاحها بهدايات دينها أخذا ومسكا قوييْن تفرض بهما نفسها في ساحة التحرير للجزائر من سطوة الباغي الفرنسي على العرض والأرض.
وهل بمستطاع أمة ظل الإسلام لحمتها وسداها على مر الأحقاب أن تنهض من جديد لتكسر قيود احتلال بغيض رسفت فيها ردحا من الزمان طويلا إذا هي لم تتخلّق بأخلاق دينها معتصمة بعقيدتها القائمة على توحيد خالقها ذلك التوحيدَ الخليَّ من شوائب الشرك و ظواهره و مظاهره؟ هذا ما كان يتجلى –وبوضوح جلي لا غبش فيه- من منهج الشيخ العربي التبسي التغييري الإصلاحي. وهو منهج –كما قلنا- يشترك في مقوماته و في مبادئه وأهدافه وفي سماته وملامحه وخصائصه. مع الذي ظل ينهجه إخوانه في جمعية العلماء و يقوم على قاعدة [ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم] الرعد 11.
ويستتبع هذا المسعى الإصلاحيُّ التغييري تقويض العدد العديد من العادات والتقاليد الجاهلية البالية التي استحكمت نسائجها في البنيان البشري الجزائري ومنها "الطائفية" و "الفئوية" و "العروشية" و "الجهوية" و "الحزبية الضيقة" ومنها أيضا "الخضوع المخزي" لحرّاس معابد "الشعبذة" و "الشعوذة" وغيرها من دلائل زيغ العقائد وزيف العوائد مما استأثر –في الغالب الأعم- بحملات الشيخ "العربي بن فرحات التبسي" الشعواء في كل ناد وباد. وهنا يبدو اهتمامه الجوهري بالسنة المطهرة –صحيحها وصريحها- بوصفها التطبيق العملي الفذ لحقائق ودقائق وهدايات وتوجيهات القرآن العظيم، فكان –رحمه الله- يركز على قوله تعالى: }لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر و ذكر الله كثيرا{(من سورة الأحزاب).
ولعل أعظم مواقفه وأشهرها على الإطلاق وأشدها على جبهة الرضوخ للسان وثقافة فرنسا الاستدمارية كان موقفه في شهر كانون الثاني جانفي 1938م من قضايا:
1. التجنس بالجنسية الفرنسية
2. استئناف الأحكام الشرعية لدى المحاكم المدنية الفرنسية
3. التزوج بغير المسلمات
4. الوصية للورثة على يد الموثق المدني الفرنسي
فقد أصدر فتوى في ذلك التاريخ باسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بين فيها –بأسلوب العالم الفقيه- الذي لا يداجي ولا يوارب ولا يحابي ولا ينافق حكم الله في كل تلك المسائل وقال إنها قضايا جدّت بسبب تسلط الغرب المتكبر المستكبر على الشرق الضعيف المستضعف وأعلن في غير مل لجلجة و دجدجة أن [القصد من التجنس هو غزو العقائد الدينية و تحويل تفكير المتجنس بطريقة تستهوي الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة] وصرح أن [هذا المتجنس بالجنسية الفرنسية غدا مبتوت الصلة ومقطوع الوشيجة بحسَبه الإسلامي ونسَبه العربي] وكذلكم كان موقفه العظيم من قضية الزواج بالأجنبيات حيث أفتى بحرمته نظرا لملابسات الوضع زمانذاك .
ومن قضية الوصية للورثة التي كان بعض الناس يوصون بإنفاذها –بعد وفاتهم- على يد الموثق المدني الفرنسي (2).
وله في عديد القضايا الفقهية غير هذه صولات و جولات سجلها التاريخ بأحرف من نور ونار. وسيظل يحتفظ بقولته الشهيرة الصادعة [ من يتزوج بفرنسية يدخل الاستعمار بيته]، و مما يرويه أقاربه و تلامذته عنه أنه كان لا يني يردّد [من عاش فليعش بعداوته لفرنسا و من مات فليحمل معه عداوته هذه إلى القبر] (3).
وهذا هو الموقف الرجولي البطولي الذي وقفه هذا " العالم الرباني" من فرنسا الاستدمارية (و لا أقول "الاستعمارية" لأنني أعتقد -كما اعتقد من قبلي الشيخ العلامة البشير الابراهيمي- أن كلمة "الاستعمار" مظلومة) و قد كلفه حياته –كما قلنا- و مضى إلى ربه صادقا وصدوقا ونحسبه كذلك و لا نزكي على الله أحدا. ولسنا –إلى اليوم- نعرف أين أُقبر، فقد يكون عرف مصير "أصحاب الأخدود" الذين أكلت النيران أجسادهم و راح جسدُه هو طعمة للزيت المغلي في المرجل المحمي.
وأعظم –بعد هذا- بموقفه من المرأة المسلمة التي ركز أقطابُ الفكر الاستدماري في فرنسا و غيرها على إفسادها تمهيدا لتمسيح الأمة المسلمة و فك ارتباطها بدينها و لسانها العربي المبين. فقد نادى –في حماسة فياضة- بتعمير المدارس الإصلاحية بالبنات و البنين على أساس:
1. [ أن فساد العقول وانحطاط الأخلاق كانا شامليْن للأمة -ذكورا وإناثا-]
2. [ أن المرأة شقيقة الرجل في الإنسانية فلتكن شريكته في التربية والتهذيب فلا ينبغي أن تـُحرم من نمائر ينابيع العلم والتربية وأن الأم هي المدرسة الأولى التي يتلقى فيها الأبناء معارفهم الأولى في الحياة]
3. [ أن الأنثى مكلفة في حكم الإسلام بمثل ما كُلف به الرجل لا يفترقان إلا فيما يرجع للقوة و السيادة فيختص الرجل بالإمامة و القوامة و ولاية مناصب الحكم و إلا فيما يعود إلى سطوة العاطفة و صولة المشاعر فيختص بالمرأة]
4. [ و أن المرأة شريكة الرجل في منزله و قرينتُه في حياته لا غنى لأحدهما عن الآخر فلا بد من تشاركهما في التهذيب و تقاربهما في التثقيف](4)
وهذا –لعمري- هو الموقف الصحيح الموافق لروح و مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء. و انظر إلى ما جنيناه –نحن- في عالم العروبة و الإسلام من إطلاق العنان لـ "حرية المرأة" في غشيان كل ميادين الحياة العامة –كما هو مبتغى و مشتهى عبيد الفكر الغربي- فهل ازددنا إلا تخلفا و تقهقرا و ذلة و قلة ؟ !!
و اقرأ معي هذه الصيحة المضرية منه –رحمه الله و أرضاه- و قد أطلقها عام 1935 على عمود من أعمدة "الشهاب":
[ إن كل أمة ابتُليت بداء التقليد قد أضاعت رشدها وضلت سواء السبيل وتركت أعظم ميزة مُنِحها الإنسان ألا وهي العقل فيطرقها الخلل في أعمالها المادية والأدبية وتصبح مملوكة للغير. علينا أن نطلق للفكر سراحه ليصول و يجول و على دعاة الإصلاح العاملين لإنقاذ الأمة الجزائرية من ربقة التقليد أن يجعلوا فكرة الإصلاح على قاعدة الدين أولا و أخيرا مرتكز و منطلق حركة التحرير و التغيير](5)
وفي هذه الدعوة منه إلى نبذ التقليد دليل قوي على صواب منهجه و سداد فكره و رشاد سعيه و بعد نظره و هو يجوب طول الجزائر و عرضها لتعبئة الجماهير و صب حركتها في بوتقة "الحرية الحقيقية" التي تقوم –أول ما تقوم- على الاعتزاز بالذات الحضارية و تحقيق مراد الله و رسوله بتجسيد هدايات الدين في الواقع الحيوي -وحدة صف و هدف- و -اتحاد كلمة و مواقف- في مواجهة الصليبية العاتية و الصهيونية العابثة الباغية و عبيدهما من أشباه المفكرين و المُنقـّفين (بالنون لا بالثاء فتنبه).
لقد كان الشيخ "العربي التبسي" يحمل إلى الأمة ما حمله –بلا شك- رعيلُ "جمعية العلماء" الأول من فكر و منهج للإصلاح قرآنيّي الأساس و نبويّي المنبع بيد أنه تميز عنهم بحدة و شدة و جد و صرامة جعلته مهيب الجانب قوي النظرة عصيّ القولبة لا يضحك إلا قليلا، جادّ المسعى في ابتغاء القوم رجاء أن يُسلموا حقا للحق –سبحانه-.
ففي هذا خلاصهم الأبدي من العبودية لغير الله و من التبعية لغير نبيه الخاتم الذي جاء ليضعهم على مهيع الحضارة الرائدة المتصلة فيها الأرض بالسماء و المتواصلة فيها قيم الرفاه المادي بقيم الولاء و الوفاء للدين لا للطين.
اعقلوا يا عباد الله فما عقل خطاب ربه إلا عبد أسلم القلب والعقل لباريهما.
إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون

إ.عثمان أمقران

الهوامش:

1. البشير الإبراهيمي، الدروس العلمية، بتبسة، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ط1، مطبعة المغرب الإسلامي، بيروت، 1999، ص 32
2. أسبوعية البصائر، عدد25، 14 جانفي 1938
3. أنظر الملحق 1 من كتاب الأعمال الكاملة للشيخ العربي التبسي للدكتور أحمد رفاعي الشرفي
4. اقرأ كتاب "شهداء معهد ابن باديس" للشيخ أحمد حماني –رحمه الله-
5. نقلا عن مقال له –رحمه الله- نشر له في "الشهاب"، عام 1936.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
33

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد    الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد  I_icon_minitimeالثلاثاء 26 مارس 2013 - 18:01



تـــــابع

عرضنا في المقال الأول لبعض مواقف "الكوكب التبسي" كما كان يسميه بعض علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من قضية الإصلاح لتغيير ما بالنفوس، وفصلنا القول في سعيه الدائب لإنجاز مشروع "الإحياء الحضاري" للشعب الجزائري بغرض تعبئته للثورة على فرنسا الباغية العاتية وقد علمت -فيما أحسب- بعد أن قرأت ما حبّرتـُه لك من القول المسطور عن ذلك أنه –رحمه الله وأرضاه- كان ذلك العالم الجاد الصارم الذي يأخذ ما أتاه الله من علم وفقه بقوة القديسين والحواريين لا يُجمجم ولا يُهمهم ولا يتلعثم ولا يتعكّم.
نماذج من بيانه الكتابي
وأريد –الآن- أن أنقل إليك بشيء من التفصيل نماذج من كتاباته في بعض جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لتعلم أن الرجل كان ينافح عن دينه ووطنه المسلم وتاريخه ولغته بكل وسائل ووسائط المنافحة في غير ما لجلجة ولا رجرجة ثابتا ثبات الرواسخ الشوامخ على مبادئه لا تلهيه عنها دواعي شهوات الغي ولا دفعات الهوى والهُويّ.
كتب –رحمه الله وأرضاه- عن "الإصلاح والتقدم وأسباب النجاح" مقالا ضافيا نقتطف منه ما يلي: [ حقا إن بلايا الحياة كثيرة تتلوّن بتوالي الأيام وتداول العصور والأجيال، فعدّ بعضُ العلماء أن أولى البلايا اليوم هي "شرب الخمر" وثانيها هي "التدخين" وأنا أعدّ ثالثها هي "لعب الورق" (الكارطا والدومينو والقزة) ذلك الداء الفاتك الذي فتّ في ساعد هذا الشعب المسكين حتى انعكف أفراده على لعبها وعدم مبارحتها صباحا ومساء وكثيرا ما استدرج بذلك إلى المسير الذي لا يجهل أحد عاقبته].
ثم يقول: [ أقول ذلك لا عن تكهن أو ظن فقد رأيت بأم رأسي الأب يقاتل بنيه وهم في ذلك يتفحشون بالقول ولا ينطقون بسواه. هذا ما هو جار في قطرنا الجزائري، إليكم أيها المتهتكون المتغالون أبَلَغَ بكم الانهماكُ والولعُ بلعب الورق إلى حد كنتم به أحدوثة النوادي الأجنبية وسمر الذين يريدون إلصاق كل منقصة بكم؟ فطلبُ المعالي والحزم أولى...فلم تعد الأيام ترضى بمثل ما أرى وأسمع. وقد كان ما كان. وتجلت الحقيقة بهندامها الأصلي ولم يعد الخليقُ بنا إلا الإقبال على شؤوننا والتمسك بأذيال الحزم ومجاراة الذين يرومون العيش في نعيم وثراء... ! ].
ويستطرد –رحمه الله- فيقول: [ ومما ألفت نظر القارئ إليه بالخصوص هو منع الأبناء الصغار من تخطي مجالس هذه الفئة المتحدَّث عنها. فهم يُعرفون بأقوام "الكسل" الذين لا صنعة لهم إلا " القهاوي" و"شرب الخمور" وما شابه ذلك. وإذا سألت أحدا منهم عن مسجد أو مدرسة فلا يجيبك إلا بقول "الضالّ المضل". هل تريد المُدام؟ !! ...كلا إن ذلك لهو الضلال والداء الذي لا دواء له، فالناهض اليوم هو الرجل الذي يعمل ليل نهار لإصلاح شأنه ولفائدة بني جلدته أما الفريق المارق عن الجادة فهو الغبي.
…إنّا ها هنا نفكر -أيها السادة- في من يريد ترقية البلد، هل هي هذه الطائفة الضالة المضلة أو الأغنياء الذي لا يهمهم إلا الدار والدينار والدرهم وليس الحرير وكنز الذهب والفضة التي لا ينفقونها في سبيل الله [فبشرهم بعذاب أليم] ؟!! هل رأيت من هذه الطائفة من شيد المساجد أو المدارس لأبنائه المنهمكين في اللهو واللعب ولفقرائه الذين يتلاطمون في الأزقة والشوارع ؟!! –يا للأسف- على هذا الشعب المسكين الذي كان ولا يزال وجهه مسودا وهو كظيم] هـ (1)
أنا أنقل هنا ما كتب بقلمه لا أنقص منه ولا أزيد فقد لاحظت معي –بلا شك- بساطة الكلمات والعبارات في بيانه المكتوب. وقد كان هذا دأبه –رحمه الله وأرضاه- في خطاباته وكتاباته، سهل العبارة –نعم- لكن في وضوح صارخ يفهم به العامي مقاصد كلامه.
ويقول –بعد ذلك- متحدثا عن موقف جمعية العلماء من هذا الوضع: [ أما نحن فنتبع الذين يهمهم مستقبلُ الجزائر وحياتها في مختلف البلاد الخارجية، ونقتبس الدروس الغالية التي نحن في أمس الحاجة إليها وما هذا إلا واجب متحتم علينا القيامُ به وإلا كنا أبناء غرباء عن الجزائر التي نضحي في سبيل حياتها بكل غال ورخيص بعدما نهضت من نومتها بعض النهوض لأننا نريد أن تكون عزيزة قوية الجانب. ولَكَمْ يُقطّع قلوبنا الأسى وتُمزّق أكبادنا الحسرة حين نعلم أنهم يقيمون في وجهها العقبات ويضعون في سبيلها الأحجار الضخمة ويحفرون بأيديهم الهوّات السحيقة وهم متخاذلون متمواتون تاركون ما نحن بصدده...ولا شك أن هذه السياسة المشؤومة لا يمكن أن تعود على البلاد إلا بالشقاء...وقاها الله شر المفسدين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ويسّر لها من أبنائها المخلصين من يخدُمها خدمة صادقة أنه قريب مجيب]هـ(2)
وقد ذيّل مقاله هذا بهذه العبارة: [ الكوكب التبسي العربي بن بلقاسم التبسي]
هو -حقا- كوكب من كواكب الجزائر
وكذلك كان –رحمه الله وأرضاه- كوكبا من كواكب الجزائر العربية المسلمة المنيرة في سماء العروبة والإسلام يهتدي بأنوارها أبناؤُها وبناتها الذين واللائي آثروا وآثرن ما عند الله على ما في أيدي الفانين من ذوي السطوة والثروة.
وانظر كيف وضع في مقاله البسيط –لا شك- في مبناه الإصبع على الجرح فأرانا أن أسّ البلايا عندنا إنما هو تقاعسُنا وتخاذلـُنا وإخلادُنا إلى الأرض مما مكن للعدو في ديارنا.
والتغيير إنما يبدأ بالانسلاخ عن الاتـّضاع بالارتفاع وعن الذلـّة بالعزّة وعن الجهل بالعلم وعن العصبية الجاهلية بالحمية الدينية والنفحات الإيمانية.
والذي أراه أن هذا هو "المنهج التغييري الأقوم والأسلم " لابد أن يتولاه العلماء الخبراء بالرحمان الحكماء الحلماء من خلال استراتيجية بعيدة المدى مؤازَرين برجال همُّهم الآخرة وديدنهم الإيثار لا الأثر.
وسيحشدون خلفهم جماهير لا تنتظر سوى "القيادة القدوة" البصيرة بأشواك وأحساك الطريق وهنا ينصرف بالي ويذهب خيالي إلى شعوب العروبة التي تثور هذه الأيام ثورتها المشهودة على الاستبداد السياسي والفساد الاقتصادي والانحلال الخلقي في أنظمة حكمها التي ترعاها -بيقين- قوى البغي العالمية. فلابد لي –إذن- من وقفة مستبصرة.

الهوامش:
1.جريدة النجاح، عدد فيفري 1925
2.نفس المصدر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
 

الإصلاح الديني ومنهجه التغييري في فكر الشيخ الشهيد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الشيخ العربي التبسي " العالم الشهيد مجهول القبر"
» من معالم الإصلاح عند الشيخ العربي التبسي - رحمه الله -
» ناصر الإصلاح و المصلحين في الجزائر :الشيخ محمد نصيف (ت : 1391هـ - 1971م)
» الخطبة المرئية لفضيلة الشيخ أبي جابر حفظه الله رسالة الإصلاح في زمن الغربة
» بشرى : بإفتتاح موقع طريق الإصلاح بإشراف الشيخ الورع السلفي محمد حاج عيسى الجزائري* حفظه الله *

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: الدعوة والدعاة في الجزائر :: الشيخ العربي التبسي - رحمه الله--