الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 خطبة: خصومات أسرية ونزاعات عائلية. الشيخ: فؤاد أبوسعيد حفظه الله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أسامة خضر

avatar

عدد الرسائل :
88

تاريخ التسجيل :
27/09/2011


خطبة: خصومات أسرية ونزاعات عائلية. الشيخ: فؤاد أبوسعيد حفظه الله Empty
مُساهمةموضوع: خطبة: خصومات أسرية ونزاعات عائلية. الشيخ: فؤاد أبوسعيد حفظه الله   خطبة: خصومات أسرية ونزاعات عائلية. الشيخ: فؤاد أبوسعيد حفظه الله I_icon_minitimeالسبت 29 سبتمبر 2012 - 17:54

خُصُومَاتٌ أُسَرِيَّةٌ وَنِزَاعَاتٌ عَائِلِيَّةٌ
حُلُولٌ وَمُعَالَجَاتٌ


الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسلَه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضرُّ إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 70، 71)

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد؛



تنتشرُ هذه الأيامِ ومنذُ زمنٍ خُصُومَاتٌ أُسَرِيَّةٌ، وَنِزَاعَاتٌ عَائِلِيَّةٌ، تؤدِّي إلى التفكُّكِ بين الأُسَرِ، والتعادي بينَ الأفراد، والاختلافِ والتفرقِ في الأمة، وهذا ما يحدثُ بين الخاطبِ ومخطوبتِه، والأزواجِ والزوجات، والأولادِ والبناتِ مع الآباءِ والأمَّهات، والإخوانِ والأخوات، والجيران ِوجيرانهم، وأذكر أمثلةً على ذلك:



يفرحُ الشابُّ إذا وجدَ فتاةَ أحلامِه، وتفرحُ الفتاةُ إذا تقدَّمَ لِخطبتِها فارسُ أحلامِها، الخاطبُ ومخطوبتُه، وهذه بدايةُ الحياةِ الزوجيَّة، وأوَّلُ عَلاقةٍ من العلاقاتِ الأسريَّة، وبعد الوفاقِ والاتفاق؛ يبدأُ الاختلافُ على أمورٍ بسيطةٍ يمكنُ تلافيها، والتغاضي عنها وتحاشيْها، مثلُ الاختلافِ على قدْرِ المهرِ المعجَّلِ والمؤجَّل، أو بدعةِ عفش البيت، أو صالةِ الأفراح، أو بطاقاتِ الدعوات، أو عددِ السيارات الناقلة ونوعِها، أو كيفيةِ إقامةِ الحفْل، وعددِ (المعازيم) أي المدعوِّين من أهلِه أو أهلِها، ونوعيَّةِ وقدْرِ المطعومِ والمشروب الذي سيوزَّع... إلى غيرِ ذلك من الأمورِ الثانويَّةِ الهامِشيَّة.



لقد رفَضَت مخطوبةٌ خاطبَها، وعندما طلبوا مِنِّي الوساطةَ وجدتُ أن الخاطبَ عندما أراد أن يعلمَها تلاوةَ القرآن؛ اعترضَ على بعضِ مخارجِ الحروف عندَها، كما أخبرتني هي بذلك.

ورفض خاطبٌ مخطوبتَه لأنَّه اشتُرِط عليه المداومة على الصلاة.

ورفضوا خاطبَ أختِهم لأنَّ شعرَه طويلٌ رفض قصَّة أو تقصيرَه... وهكذا.



إنَّ المخطوبةَ إذا رفضت الخاطبَ فلا شيء لها ولا عليها، وإن كان الرفض من الخاطب فطلَّقها؛ فلا له ولا عليه قبل تسمية المهر، ولكن! إن سُمِّيَ المهرُ وبُتَّ فيه؛ فلها النصفُ، إلاَّ إن كان هناك عفوٌ وصفح، قال سبحانه: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (البقرة: 237). وإن طلَّقها بعد الدخول فلها المهرُ كاملاً، ويكونُ الدخولُ بالخلوةِ وإرخاءِ الستور.



أما النـزاعات بين الأزواج وزوجاتِهم فحدِّث ولا حرج.

قبل الزواج؛ يكون الزوج منشرحا، مسرورا فرِحا، يُتعِب نفسَه بجمعِ المهر، وتجهيزِ البيت، وإقامة الوليمة، وغيرِ ذلك مما يكلِّفُ الأزواجُ بها أنفسَهم، وما تطلبُه مخطوبته منه يُنَفِّذُه فورًا، وكأنَّه حملٌ وديع، وزوجُ المستقبلِ المطيع، فعندما وصلت فتاةُ أحلامِه إليه، وأَمْسَتْ بين يديه، أصبحَ عليها أسدًا غضنفرا، وشجاعًا لا يشق له غبار، ولإثباتِ رجولته، وتعريفِها مدى فحولتِه، يصفعُها ويَلطِمُها، وفي وجهها يلْكُمُها، ويرفِسُها وبرجله يركُلُها، ويعلوها بالدِّرَّةِ، ويمشُقُها بالسَّوْطِ، ويخْفِقُها بالنَّعْلِ والحذاء، ناهيك عن الألفاظ النابية؛ من سبِّها ولعنِها، وسبِّ أبيها وأهلِها، أو وصفِها وأهلِها بالحيواناتِ الدنيئَة، والألقابِ القبيحة، والأوصافِ الذميمة.

شكت امرأةٌ زوجَها؛ الذي جعلَ وجهَها مرتفعاتٍ ومنخفضاتٍ مختلفًا ألوانُها، فهي جُدَدٌ زرقٌ وخضرٌ وغرابيبُ سودٌ، وكأنّ رُوحَ هذا الزوجِ ونفسَه وإنسانيتَه غابَ عنها إيمانُها، وبخِلَت بعفوِها وصفحِها وإحسانِها، لم يجدْ عصًا مناسبة، أو هراوةً مواتية، فاقتلع رجلَ السرير وقائمتَه، فراغَ عَليها ضربًا بِاليمينِ، وكأنه ينفِّذُ قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: 34).

بل كأنَّه جلاَّدٌ فارقتْه شفقتُه ورحمتُه، وسجَّانٌ يؤدي مَهَمتَه ووظيفته، ونسي قولَ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ". مسلم (1218).

وتناسى قولَه: «لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ». البخاري (5204).

وتغاضى عن قولِه «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ،..». =يَعْنِي: أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ=،. سنن الترمذي (1163).



عَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟) قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ["وَلَا تُقَبِّحْ"؛ أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَكِ اللَّهُ]. سنن أبي داود (2142). فضَرَبَها هذا الضربَ المبرِّحَ لأسباب تافهة، وقبَّحها أشدّ تقبيح.



عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، ... قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا -يَعْنِي الْبَذَاءَ-). قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَطَلِّقْهَا إِذًا»، قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ)، قَالَ: فَمُرْهَا يَقُولُ: "عِظْهَا فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ، وَلاَ تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ". سنن أبي داود (142)، وعند ابن حبان: "وَلاَ تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ إِبِلَكَ". صحيح ابن حبان (10/ 368، رقم 4510) أي [أَنْ لَا يَضْرِبَهَا كَمَا يَضْرِبُ أَمَتَهُ، =أي خادمتَه أو بعيرَه أو ناقتَه=، وَلَكِنْ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا دُونَ ذَلِكَ , وَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ، إِذْ كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَبَاحَ ضَرْبَهُنَّ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}] (النساء: 34) شرح مشكل الآثار (6/ 342)

فالضرب المباحُ هو الضرب غيرُ المبرِّح، الذي لا يكسرُ عظمًا، ولا يمزِّق لحمًا، ولا يسيل دمًا.

عبد الله! إذا تزوجت فتاة؛ فكن لها أبا وأما وأخا؛ لأنها تركت أباها وأمها وإخوتها وتبعتك، فمن الحق أن ترى فيك رأفة الأب، وحنان الأم، ورفق الأخ. فاصبر عليها فإن أغضبك منها خلق، أرضاك منها آخر.



أما الزوجات المشاكسات المعاندات، فمنهن من تجلبُ المشاكل لزوجها، وتحوِّلُ البيتَ الهادئَ إلى بيتٍ يعجُّ بالنكد، والصراخِ والزعيق، وترفع صوتَها على زوجِها بما يشبه الشهيق والنهيق، وربما خرجت إلى بيت أبيها، تاركةً وراءَها أطفالَها ورضيعَها، لتضغطَ على زوجهِا وأهلِه، فإن تأخَّروا عن الجريِ وراءَها يومًا أو يومين، ليطلبوا رضاها ورجوعَها؛ فلا تسألْ عن حزنِها وندمِها، وبكائها على فراق أطفالهِا، فكيف لو علمت أنَّ زوجها يسعى للخلاصِ منها، وحدَّد موعدًا عند المحكمة لفراقِها وطلاقِها؟!

وكيف حالُها عند استلامها ورقةَ طلاقِها، ثم تعلمُ بعد ذلك أن زوجَها الذي كان زوجَها قد خطب وتزوج غيرها؟!



كيف حالُ أطفالِها وأولادِها عند زوجة أبيهم، فأمُّهم هي السبب في الفراق والطلاق؟ وربما تبعث من طرفٍ خفيٍّ مَنْ يسعى لإرجاعها إلى أطفالها!



عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى الْحَسَنِ، فَقَالَتْ: (يَا أَبَا سَعِيدٍ! لَا وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ زَوْجِي، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ مَا فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، فَهَلْ تَأْمُرُنِي أَنْ أَخْتَلِعَ؟) فَقَالَ الْحَسَنُ: (كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْمُخْتَلِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ). قَالَ: فَضَرَبَتْ رَأْسَهَا بِيَدِهَا، فَقَالَتْ: (إِذًا أَصْبِرُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى)، فَقَالَ الْحَسَنُ: (يَرْحَمُهَا اللَّهُ! مَا كُنْتُ أَرَى أَنْ تَفْعَلَ). مصنف عبد الرزاق الصنعاني (6/ 514، رقم 11890)

حقًّا؛ «المُخْتَلِعَاتُ هُنَّ المُنَافِقَاتُ». سنن الترمذي (1186)



أما المنازعات الغريبة، والمخاصمات العجيبة، أن تحصل بين الابن وأبيه، أو البنت وأمها، فالوالد الذي لا يعدلُ بين أولاده، فقد خالف أمر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمُ، اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ»، سنن أبي داود (3544)، والنسائي (3687)، وأوغَر صدورَ أولادِه، وأفسدَ قلوبهم، وأحدثَ بينهم العداوةَ والبغضاء.



فهذه بنتٌ تدعو على والدِها لأنه كتبَ كلَّ أموالِه -ظلما- لأبنائِه الذكور وحرم الإناث، ولم يُبْقِ لهنَّ شيئا.

وأخرياتٌ حرمهنَّ آباؤهنَّ وإخوانُهنَّ من الزواج؛ حتى لا تذهبَ التركاتُ والأموالُ من بين أيدهم، مخالفين بذلك نداء الله وأمرَه جلَّ جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. (النساء: 19)



وشكا إليّ موظَّفٌ يقهرُه والده فيأخذ من مال ابنه الموظف لابنه المتقاعسِ الكسول؛ لا لحاجةِ الوالدِ للنفقة؛ فهي واجبة على الأولاد تجاه والديهم، فيعيش الولدُ المقهورُ في غُصَّةٍ من حياته، وحقدًا على أخيه، ويرحمُ والدَه الذي خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعدلِ بين الأولادِ ذكورا وإناثا.



وهذه أمٌّ تحتقر إحدى بناتها وتحترم وتفضِّل غيرَها، فتخصّهن بالعطايا والهبات دونها، وهذا من الظلم.

وهذا أب ترك أولاده مع أمهم المطلقة، لا يرعاهم ولا يسأل عنهم، ولا يحنو عليهم انتقاما من أمهم، فربما لو رآهم أو رأوه؛ لا يعرفونه ولا يعرفهم إلاّ بالنفقة، وهذا ظلم عظيم من الوالد.



أما نزاعات الأولاد مع آبائهم، فنعلم من شرعنا وديننا؛ أن طاعة الوالدين -وإن ظلموا- فريضةٌ على الأولاد، فريضةٌ بعد طاعة الله ورسوله، قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. (الإسراء: 23، 24).

فإن أمراك بما حرم الله؛ فـ«لا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ». مسلم (1840)، {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. (العنكبوت: 8).

وقُرِن العقوقُ بالشركِ والقتل، فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ". البخاري (6675).



وكما جُمِعَ الطائعُ لوالديه مع أهل الصلاة وأهل الجهاد، وأنه يدخل من أوسط أبواب الجنة، كما في صحيح الترغيب (2486)، فـ"من سرَّه أن يُمَدَّ له في عُمُرِه ويُزادَ في رزقه؛ فلْيَبَرَّ والديه، وليَصِلْ رحمَه". حسنه لغيره في صحيح الترغيب (2488).

وإن أردت رضا الله فعليك بإرضائهما، فـ"رضا اللهِ في رضا الوالد، وسَخَطُ اللهِ في سخط الوالد". حسّنه لغيره في صحيح الترغيب (2501).



فقد جُمِع العاقُّ لوالديه في الحديث مع أهلِ الكبائر، والقتلةِ والحلاّفينَ أيمانَ الغموس، والفرَّارين من الجهاد في سبيل الله يوم الزحف، والذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات، ويذْكَرُ العاقُّ مع السَّحَرَة، وأَكَلَةِ الرِّبا، وأكلةِ أموالِ اليتامى ظلمًا، ومدمني الخمر، والمنانين في عطائهم، إن العاقَّ من الثَلَاثَةٌ الذين "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى". سنن النسائي (2562).



لقد وصل العقوقَ نهايته عندما يعصي الولد أبويه اللذين يأمرانه بعبادة الله جلَّ جلاله، ويُكذِّب بيوم القيامة: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين} (الأحقاف: 17).



إنَّ مَن شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّى الْخَمْسَ، وَأَدَّى زَكَاةَ مَالِه، وَصام شَهْرَ رَمَضَانَ؛ فَقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حقِّه: «مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا، كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَكَذَا -وَنَصَبَ إِصْبَعَيْهِ-؛ مَا لَمْ يُعَقَّ وَالِدَيْهِ». مسند أحمد (39/ 522، رقم 24009/ 81)، انظر صحيح الترغيب (2/ 334، رقم 2515).



وعَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: نَزَلْتُ مَرَّةً حَيًّا، وَإِلَى جَانِبِ الْحَيِّ مَقْبَرَةٌ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ انْشَقَّ مِنْهَا قَبْرٌ؛ فَخَرَجَ رَجُلٌ رَأْسُهُ رَأْسُ حِمَارٍ، وَجَسَدُهُ جَسَدُ إِنْسَانٍ، فَنَهِقَ ثَلاَثَ نَهْقَاتٍ، ثُمَّ انْطَبَقَ عَلَيْهِ الْقَبْرُ، فَإِذَا عَجُوزٌ تَغْزِلُ شَعْرًا أَوْ صُوفًا، وَقَالَتِ امْرَأَةٌ: (تَرَى تِلْكَ الْعَجُوزَ؟) قُلْتُ: (مَا لَهَا؟!) قَالَتْ: (تِلْكَ أُمُّ هَذَا)، قَالَ: (وَمَا كَانَ قِصَّتُهُ؟!) قَالَتْ: كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، فَإِذَا رَاحَ تَقُولُ لَهُ أُمُّهُ: (يَا بُنَيَّ! اتَّقِ اللَّهَ، إِلَى مَتَى تَشْرَبُ هَذَا الْخَمْرَ؟) قَالَ: فَيَقُولُ لَهَا: (إِنَّمَا أَنْتِ تَنْهَقِينَ كَمَا يَنْهَقُ الْحِمَارُ)، قَالَتْ: (فَمَاتَ بَعْدَ الْعَصْرِ)، قَالَتْ: (فَهُوَ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ بَعْدَ الْعَصْرِ كُلَّ يَوْمٍ؛ فَيَنْهَقُ ثَلاَثَ نَهْقَاتٍ، ثُمَّ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الْقَبْرُ). شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي (المتوفى: 418هـ) (6/ 1218، رقم 2157)، وحسَّنه موقوفا في صحيح الترغيب (2/ 335، رقم 2517).

قال المنذري عبد العظيم بن عبد القوي (المتوفى: 656هـ) في الترغيب: [رواه الأصبهاني وغيره، وقال الأصبهاني: حدّث أبو العباس الأصمُّ إملاء بنيسابورَ بمشهدٍ من الحفَّاظ فلم ينكروه]. قلت: ورواه في (الترغيب والترهيب) لقوام السنة: إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشي الطليحي التيمي الأصبهاني، أبو القاسم.. (المتوفى: 535هـ) (1/ 292، رقم 471) إلاّ أنه قال: (نزل جبا) مكان (نزل حيًّا). عافانا الله من العقوق، ورزقنا السمع والطاعة.



وينشأ التنازع بين الإخوة بسبب الغيرة بين النساء، أو الأطفال والأولاد، ونحو ذلك، فتتفرق الأسرة وتتشتتُ العائلة، فهذا أخٌ يعتدي بسبب ذلك على أخيه، فيحصل رفعُ الأصوات، وتخريبُ الممتلكات، والضربُ ورفعُ السلاح، وقد يصلُ إلى القتل، ثم السَّجنُ ودفعُ التعويضات، وتكمنُ في النفوسِ المريضةِ الأخذُ بالثأرِ ولو بعد حين.



والتحصُّنُ من ذلك قبلَ وقوعِه، فالوقايةُ خيرٌ من العلاج، إذا نَقل إلينا نساؤنا وأولادُنا ما غابَ عنَّا من أخبار، فنولي هذا الأمر باهتمام في الظاهر، حتى نمتصَّ غضَبَهم، والعزمُ على الإصلاحِ في الباطن، دونَ تصديقِ كلِّ ما يُقال، فإن تعسَّر أَمرُ الإصلاح داخليًّا؛ نتَّجِهُ إلى أهل الحلِّ والعقد من أهل الخير والإصلاح، فيسودُ الحبُّ والوئام، فإن صلحت النوايا صلحت الأعمال.



وهذه أخت ترفع القضيةَ تِلْوَ القضيةِ على إخوانها الذين يريدون أكل ميراثها من والدها، فالمحاكمُ المدنِيَّة تغصُّ بملفاتٍ ومجلداتٍ من هذا النوع من القضايا، وأصحابُ الدواوين وأهلُ الإصلاح يسعونَ مواصلينَ ليلَهم بنهارهم، ليفضُّوا مثلَ هذه النزاعات، وأبناءُ الأخوات يطالبون بحقوقِ أمَّهاتِهم من أخوالهم، فحصلَ التنافرُ والتقاطعُ والتدابر، بلْ وصلَ الأمرُ في بعض الأحيان إلى جرائم التزوير، أو الاعتداءِ بالضربِ أو حتى القتل. فما أحسن الصفح وأجمل العفو، فاسترداد الحقوق بالحسنى أولى من استردادها بالسيِّء أو الأسوأ.



أما الخصوماتُ والمنازعاتُ التي تنشأ بين الحين والحين بين الجارِ وجارِه، فحدِّث ولا حرج، فهذه دابَّةٌ أو طيرٌ انطلق يخرِّب في زرع الجار، وهؤلاء أطفالُ الجيرانِ يلعبون فيكسرون زجاجَ النوافذ، ومرايا الحماماتِ الشمسية، وهذه امرأة تؤذي بلسانِها جيرانَها، وتفتعل المشاكل لأهلها...



إنَّ من فساد الجوار أن يُبتلَى الإنسانُ بجارٍ سيئِ الأخلاق، ذميمِ الصفات، فقد شكا رجلٌ من جاره فقال: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي)، فَقَالَ: "انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ". فانطلقَ فأخرجَ مَتَاعَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالُوا: (مَا شَأْنُكَ؟!) قَالَ: لِي جَارٌ يُؤْذِينِي، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "انْطَلِقْ فأخرِج مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ", فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: (اللَّهُمَّ العَنْه، اللَّهُمَّ اخْزِه). فَبَلَغَهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: (ارجع إلى منـزلك؛ فوالله لاَ أؤذيك). الأدب المفرد (124)، «التعليق الرغيب» (3/ 235).

وكَانَ ثَوْبَانُ يَقُولُ: (مَا مِنْ رَجُلَيْنِ يَتَصَارَمَانِ =أي يتهاجران= فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، فَيَهْلِكُ أَحَدُهُمَا، فَمَاتَا وَهُمَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمُصَارَمَةِ، إِلاَّ هَلَكَا جَمِيعًا، وَمَا مِنْ جَارٍ يَظْلِمُ جَارَهُ وَيَقْهَرُهُ، حَتَّى يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ، إِلاَّ هَلَكَ) صحيح الأدب المفرد (127).

يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ». سنن أبي داود (4915).



أيها الجارُ الجائرُ الظالمُ لجارك! تفقَّدْ إيمانك، وتدبَّرْ قَسَمَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ويمينَه: «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ» قِيلَ: (وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ» البخاري (6016).



فهل يكون مؤمنا الجارُ الذي يكيدُ لجارِه، ويتربَّص به الدوائر، وجارُه منه على تخوُّف؟! والجواب في الحديث الشريف: «ليس بمؤمنٍ مَن لا يأمنُ جارُه غوائله». صحيح الجامع (5387)، والصحيحة (2181).

وتوبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



***الخطبة الأخيرة***
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعد؛



أيها الجارُ! لا تغلقْ بابك عن جارك؛ إن جاءك محتاجا إليك، فعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ: لَقَدْ أَتى عَلَيْنَا زَمَانٌ، أَوْ قَالَ: حِينٌ وَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ الآنَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَحَبُّ إِلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَمْ مِن جارٍ مُتعلق بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا أَغْلَقَ بابهُ دُوني فَمَنع مَعْرُوفَهُ». الأدب المفرد (111)، حسنه لغيره في الصحيحة (2646).



فهل من الإيمان والإسلام أن يشبعَ الجارُ، ويُلقي ما زاد من طعامه إلى النفايات وجارُه جائع؟! قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وجارهُ جَائِع». الأدب المفرد (112)، الصحيحة (149).

قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلانَةً تَقُومُ اللَّيْلَ، وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ وَتَصَّدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا خيرَ فيها! هي من أهلِ النار"، (وَفُلانَةٌ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ وَتَصَّدَّقُ بِأَثْوَارٍ، وَلا تُؤْذِي أَحَدًا). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هي من أهلِ الجنَّة". الأدب المفرد (119)، الصحيحة (190).



عبادَ الله! «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ، فَإِنَّ الْجَارَ الْبَادِي مُحَوَّلٌ عَنْكَ». السنن الكبرى للنسائي (7886)، وانظر صحيح الجامع (2967) والصحيحة (1443).



هل وصلنا إلى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يقتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وأخاه وأباه"؟. الأدب المفرد (118)، والصحيحة (3185).

قَالَ أَبُو مُوسَى الأشعريُّ رضي الله تعالى عنه: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَهَرْجًا»، قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الْهَرْجُ؟) قَالَ: «الْقَتْلُ»، فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا نَقْتُلُ الآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ»، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا! تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ لا عُقُولَ لَهُمْ». سنن ابن ماجه (3959)، انظر الصحيحة (1682).

فعجبًا ممن كانت هذه حالُه؛ ويصلى قيام الليل، ويصوم تطوعا، ويحج ويعتمر؟!!



إنَّ سلفنا الصالح رضي الله تعالى عنهم أخذوا بتعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يكرمون جيرانَهم ولو كانوا يهودا!!

فهذا عَبْدُ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو؛ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». سنن الترمذي (1943).

فـ«خَيْرُ الأصْحَاب عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى خيرُهم لصاحبِه، وخيرُ الجيرانِ عندَ اللهِ خيرُهم لجارِه». الأدب المفرد (115)، الصحيحة (103).



فالجارُ الصالحُ لا يحدِثُ نزاعات، ولا يفتعلُ خصوماتٍ، سامعًا مطيعًا لقولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: (مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ! وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ). البخاري (2463).

و«جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ أَوِ الأَرْضِ». سنن أبي داود (3517)، فالجارُ أولى من غيره بشراء الأرض أو الدار المجاورة له عند البيع.



وفي الختام؛ هذه هي السعادة، وهذه هي الشقاوة في حياة المسلم، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ الضِّيقُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ». صحيح ابن حبان (9/ 340، رقم 4032)، صححه لغيره في صحيح الترغيب (1914)، الصحيحة (282).



«اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ عِيشَةً تَقِيَّةً، وَمِيتَةً سَوِيَّةً، وَمَرَدًّا غَيْرَ مُخْزٍ وَلَا فَاضِحٍ».

«اللهم متعنا بأسماعنا وأبصرانا، واجعلهما الوارثَ منا، وانصرنا على من يظلمنا، وخذ منه بثأرنا».

«اللهم إنا نعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء».

«اللهم اغفر لنا واهدنا، وارزقنا وعافنا، ونعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة».

«اللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء».

أيها المسلمون! {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب: 56)

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وآله وخلفائه وأصحابه، وأنصاره والمهاجرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45).



كتب وجمع وألف بين الجمل: أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد

من الزعفران المغازي بالوسطى غزة

12 من ذي القعدة 1433 هلالية،

وفق: 28 سبتمبر أيلول 2012 شمسية.

للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: zafran57@yahoo.com

أو زوروا الموقع الالكتروني الرسمي للشيخ: www.alzafran.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

خطبة: خصومات أسرية ونزاعات عائلية. الشيخ: فؤاد أبوسعيد حفظه الله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» خطبة: من آذى رسول الله فعليه الغضب واللعنة من الله. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
» خطبة: توحيد الله والعبادة أساس كل خير وسعادة. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
» خطبة: الهجرة هجر الذنوب والخطايا. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
» خطبة: شهر شعبان فوائد وأحكام. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
» خطبة: يوم الجمعة فضائل وأحكام. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: في رحــــاب المنتــدى :: المــــنبـــــــر العــــــــــام-