اتقوا دعوة المظلومين من أهل الدين والصلاح

27/03/2011

اتقوا دعوة المظلومين من أهل الدين والصلاح

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
اعلم أخي المسلم أن الله تعالى حرَّم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرما كما في الحديث القدسي : عن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ اللَّهِ تَبارك وتَعالى قَالَ: (يَا عِبادِي إِني قَد حَرمتُ الظُلمَ عَلى نَفسِي وجَعلتُهُ مُحرماً بَينَكُم فَلا تَظالَمُوا .....)) مسلم (2577)
كما حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من الظلم فقال : (( إياكم والظلم فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة .( جزء من حديث أخرجه ابن حبان والحاكم وأحمد وهو صحيح ( الصحيحة 858)
واعلم أخي أن الظلم كلمة عامة تشمل كل أنواع الظلم ، وسواء كان ذلك باللسان أو باليد أو بغيره ، فضرب الناس أو قتلهم أو احتقارهم أو التطاول عليهم أو الكذب عليهم كل هذا من الظلم الذي حرم الله ورسوله .
والواجب على المرء أن يحذر من الظلم كلّ الحذر ، وأن يحذر دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب وفي حديث معاذ الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وقال له فيه : (( و َاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ )) متفق عليه
وعند الطبراني كما في الصحيحة (1474) وحسنه من حديث أبي الدرداء (( اعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى وإياك ودعوات المظلوم فإنهن مجابات وعليك بصلاة الغداة وصلاة العشاء فأشهدهما فلو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا ))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ ـ لَا شَكَّ فِيهِنَّ ـ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ودعوة الوالد على وَلَدِهِ )) حسنه الألباني كما في صحيح أبي داود (1374)
وفي بعض الروايات : (( اتقوا دعوة المظلوم فإنها تُحمَلُ على الغمام يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين )) صحيح ( الطبراني والضياء في المختارة عن خزيمة بن ثابت ) صحيح الجامع 117
واعلم أخي المسلم أنَّ هذه الإجابة تشمل حتى الكافر مما يبين أن الظلم جرم شنيع وفعل قبيح وعمل يبغضه الله تعالى ، ففي الحديث : اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب )) حسن (أحمد والضياء ) عن أنس بن مالك ) صحيح الجامع (119)
وبعد هذه المقدمة عن الظلم ، اعلم رحمك الله أن ظلم الأتقياء والصالحين والعلماء أشد في إجابة الدعوة من غيرهم وإليك مثالين لمن أجاب الله دعاءهم على من ظلمهم وأخطأ في حقهم

المثال الأول : سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة
أخرج البخاري بإسناده إلى جابر بن سمرة رضي الله عنه قَالَ: شَكَا أَهْلُ الكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لاَ تُحْسِنُ تُصَلِّي، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ «فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلاَةَ العِشَاءِ، فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيَيْنِ»، قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا إِلَى الكُوفَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلَّا سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ: أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ، قَالَ سَعْدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ، قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ ))
البخاري (الصلاة / باب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها ) رقم 755 ومسلم ( الصلاة / باب القراءة في الظهر والعصر ) رقم 453

المثال الثاني : بسر بن سعيد المدني العابد: قال ابن سعد
كان من العباد المنقطعين ، وأهل الزهد في الدنيا ، وكان ثقة كثير الحديث ورعا .
وسئل عنه أبو حاتم رحمه الله : فقال : هو من التابعين لا يسأل عن مثله .
قَال قدامة بن محمد الخشرمي، عن الحجا بْن صفوان بْن أَبي يزيد: وشى رجل ببسر بْن سَعِيد إِلَى الوليد بْن عبد الملك إنه يطعن عَلَى الأمراء ويعيب بني مروان. فأرسل إليه والرجل عنده. قال: فجئ بِهِ والرجل ترعد فرائصه. فأدخل عليه، فسأله عَنْ ذلك. فأنكره وَقَال: ما فعلت، قال: فالتفت إِلَى الرجل فقَالَ: يا بسر هذا يشهد عليك فنظر إليه بسر وَقَال: هكذا! فقَالَ: نعم.
فنكس رأسه وجعل ينكث فِي الأرض ثم رفع رأسه فقَالَ: اللهم قد شهد بما قد علمت أني لم أقله، فإن كنت صادقا فأرني بِهِ آية، قال: فانكبَّ الرجل عَلَى وجهه، فلم يزل يضطرب حتى مات.
ذكرها المزي في تهذيب الكمال (4/74)
وفي ضوء هذين المثالين والأمثلة كثيرة حري بالمؤمن أن يتقي الله تعالى ويحذر من ظلم العباد بلسانه وجوارحه وبأي شيء يؤذي به عباد الله وخاصة المتقين منهم . أعاذني وإياكم من ظلم كائنا من كان ، وفي دعاء بعض الصالحين : اللهم سلمنا وسلم المسلمين منا .
وفي الحديث : (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )) متفق عليه

كتبه أبو هاني / نصرالدين بلقاسم ـ قطر

07/04/2008

بورك فيكم شيخنا الحبيب

09/07/2008

نعم فظلم العلماء أعظم بكثير منظلم غير العلماء،فأهل الدين و الصلاح أقرب إلى الله من غيرهم و لا يوجد شك لدي أن دعوتهم لمظلمة أصابتهم مستجابة عند الله.

بارك الله فيكم شيخنا و حفظ الله علماء الأمة.

19/05/2009

وقانا الله شر الظلم والظالمين

اللهم آمين

بارك الله فيك شيخنا الفاضل

21/01/2009

جزاك الله خيرا شيخنا

» الأدلّة النقلية على أنّ دعوة جمعية العلماء الجزائريين كانت دعوة سلفية
» دعوة
» دعوة
» دعوة الى الابتسامة
» الدين والسنن الكونية لشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله الجزء التاني

اتقوا دعوة المظلومين من أهل الدين والصلاح

اتقوا دعوة المظلومين من أهل الدين والصلاح

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة