إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم,,

18/04/2009

السلام عليكم و رحمة الله
(من سلسلة "فلتكن ايجابي"):
"إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم",,,(تناولتُ الآية من وحي الواقع)
------------
...في خضم الأحداث التي تشهدها الدول العربية، و من منطلق الحراك الاجتماعي الذي تعرفه منذ أسابيع عديدة.. يطرح الواحدُ منا سؤالا: هل أفلحت تلك الحركات و الثورات في تغييرالأوضاع العامة لتلك البلاد؟ و هل أخرجتها من ظلمات الاستبداد و القهر و الظلم إلى نور العدل و الأمان و العيش الكريم؟؟
- إنّ الشاهد و المتتبّع لِما آلتْ إليه عواقب تلك التغييرات الاجتماعية السياسية، ليجزم أنّ ريح التغيير التي هبّت كالعاصفة على تلك البلاد لم تُؤتِ أكلها كما كان المرتجى، و لم تُحقّق الكثير من أماني طالبي التغيير.. فالأخبار الأخيرة في مصر و تونس و غيرهما تُخبر و تُنبئ عن حقيقة يغفل عنها الكثيرون و قلّما ينتهون لها: أيّ "تغيير" كفيل بتحقيق النصر و الأمان والعيش الكريم الرغد دون أن يحدث فتنة!!؟ هل كل تغيير مهما كان، نافع و مجدي؟
نحن نغفل عن سنن الله الكونية التي لا تحابي أحدا,,و نغفل عن سننه الشرعية، إنها قاعدة التغيير و سنة التبديل التي أرشدنا إليها الباري في كتابه:( إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم)، (ذلك بأنّ الله لم يَكُ مغيِّراً نعمة أنعمها على قومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم) أي أنّ التغيير الخارجي لا يحدث إلا بعد التغيير الداخلي! تغيير من النفس إلى القوم,,إن ايجابي فكذلك يكون في المجتمع، و إنْ سلبي فسلبي!!..فلا بد أن تنبعث ريحُ التغيير من الداخل، أنْ تنطلق من النفس أولا,, و في التاريخ عبرة و عظة و خير شاهد على هذه القاعدة الربانية، حيث أعزّ اللهُ العربَ و مكّنهم في الأرض و استخلفهم فيها بإسلامهم و إيمانهم، بعد أن كانوا أذلة لا شأن لهم,, فلما أحدثوا تغييرا في نفوسهم: من الجاهلية إلى الإسلام و من الكفر إلى الإيمان، و من المعصية إلى الطاعة و التسليم لرب العالمين,,أحدثَ الله لهم تغييرا فوق ما كانوا يتوقعون. قال تعالى:(قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تَولّوا فإنما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُملتم وإنْ تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين, وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و لَيُمكِّنَنَّ لهم دينهَم الذي ارتضى لهم وليُبدِّلنّهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون), قال البغوي في تفسيره: (قال أهلُ التفسير: "أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه ، فلما قتلوه غيَّر اللهُ ما بهم وأدخلَ عليهم الخوف حتى صارُوا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانا",, و قال ابن كثير:(وقوله: "ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" أي: فمن خرج عن طاعتي بعد ذلك ، فقد فسق عن أمر ربه وكفى بذلك ذنبا عظيما. فالصحابة رضي الله عنهم، لما كانوا أقومَ الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأوامر الله عز وجل، وأطوعهم لله كان نصرهم بحسَبهم، وأظهروا كلمةَ الله في المشارق والمغارب، وأيّدهم تأييدا عظيما، وتحكّموا في سائر العباد والبلاد. ولما قصَّر الناسُ بعدهم في بعض الأوامر، نقص ظهورهم بحسَبِهم ، ولكن قد ثبت في الصحيحين من غير وجه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى يوم القيامة "وفي رواية:"حتى يأتي أمرُ الله، وهم كذلك ",وفي رواية :"حتى يقاتلوا الدجال". وفي رواية : " حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم ظاهرون ". وكل هذه الروايات صحيحة ، ولا تعارض بينها ).
حتى تلك الطرق في التغيير ليست شرعا من وسائل التغيير، لماذا؟ لأنّها مخالفة لما جاء تقريره في السنة النبوية، حيث نهت و حذّرت من الخروج على الحاكم الجائر,,فإذا أتينا نحن لنُغيّر أوضاع البلاد بمثل تلك التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن لهذا التغيير فائدة مرجوة و لن ينصرنا الله، بل سيكون وبالا علينا، لأننا أصلا خالفنا أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، فأنّى لهذا التغيير يؤتي ثمارَه!؟
- يطالب الكثيرون بتغيير النظام و القوانين و بتحسين الأوضاع الاجتماعية بدءا بزيادة الرواتب,,لكني أقول من منطلق عيشي بين هذه الفئة المطالبة بالتغيير: عجيب أمرها حقا و مدهش حالها!!..فئة لا تعمل و لا تكد بل تراها طول النهار في ضحك و ثرثرة و عمل فارغ,,ثم هي تطالب بزيادة الأجر، و هي تتقاضى أجرا لا بأس به..فئة أخلاقها في الحضيض! و معاملاتها فيها ظلم و تعدي على الآخرين! و قد تجرعتُ من ظلمها مرات و مرات,,أناس يسرقون و يغشون و يستغلون عمل غيرهم، ثم هم يستكبرون لحملهم شهادات جامعية!، ترى في معاملاتهم اليومية احتقار غيرهم و ظلمهم، ثم لا يتحرجون في مطالبة غيرهم من كبار المسؤولين بتغيير معاملاتهم!..و ليس من شكّ أنّ أولئك المطالبين بالتغيير، إذا هم حكموا و استولوا على المناصب العليا، أنْ يفعلوا تماما كما فعل أسلافهم! فالمنصب يغري و السلطة تفتن! فإذا كان الواحد منا في موقعه العادي البسيط يظلم غيره و يحتقر أخاه و يغشه و يخدعه و يكذب عليه، قكيف به إذ صار مقتدرا له سلطة على العباد!؟ أفلا يجدر بالناس المنادين بالتغيير و الحانقين على المسؤولين (كلٌ في موقعه) أن ينظروا في أنفسهم أولا، و في تعاملهم مع بعضهم بعضا فيُغيروا من عاداتهم و سلوكياتهم؟؟ إنه قبل المطالبة بتغيير المسؤول، على الفرد أن ينظر في تغيير نفسه أولا!! هذا هو المنطق و المعقول، و قبله شرع ربنا الذي تقرّه الفطر السوية و العقول السليمة,, كيف أطالب غيري بالعدل وأنا أظلم!؟ كيف أطالب بالأجر الوفير و كلي كسل و تقاعس في أداء واجبي,,! أو كيف أطالب النظام بتطبيق الشرع، و كلّي انحراف و ابتعاد عن تعاليمه!؟..عجيب والله حالنا و إلى الله المشتكى,
إنه لا بد من العودة إلى حظيرة العبودية، و لن يتحقق ذلك بين عشية و ضحاها، لكن هذا التغيير في متناول أيدينا، بمراجعة قلوبنا و محاسبة أنفسنا، باستشعارنا لواجباتنا التي علينا فنؤديها كما ينبغي، و بشيء من المجاهدة و المعالجة النفسية و بالصبر، نصل إلى تجسيد هذا "التغيير النفسي" الذي هو أول الطريق نحو "التغيير الخارجي" المنشود على المستوى العام..(و الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا)، ولا شك أنّ التغيير على مستوى الفرد له وسائل متعددة و طرق مختلفة، فكلٌّ بحسب قدرته وظروفه، لكن المهم أن توجد هذه النية في التغيير و أن نخطو باتجاهها خطوات و الله هو الموفق(إنْ يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا),
فثمة ترابط بين الفرد و صلاح المجتمع، فإن غيّر أفرادُ المجتمع ما بأنفسهم من الطاعات بالمعاصي، و استبدلوا التوحيد بمظاهر الشرك، فليس لهم أن يتعجبوا من تقلّب حالهم الاجتماعية من الحسن إلى الأسوأ، و من طيب العيش إلى ضنك الحياة و غمها و ذلها..فلا ننسى هذه القاعدة : (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
و كثيرا ما ينصح المدربون و أخصائيو البرمجة العصبية :"غيّرْ ما بنفسك يتغيّر ما حولك"!!

04/12/2010

بارك الله فيكم موضوع جيد وطرح أحسن منه

18/03/2009

بارك الله فيك هذه هي استاذتنا واختنا اسماء كرامدي

عندما تحمل القلم والورقة

19/05/2009

جزاك الله خيرا أسماء لا تحرمينا مما يخط يراعك أستاذتنا الفاضلة

18/04/2009

و فيكم بارك الله و جزاكم خيرا
(أختاي الكريمتان لستُ أستاذة، و عبثا تحاولان إثارتي!!!!!!)

10/03/2011

ما شاء الله عيك يا استاذتنا اسماء مبدعة
استاذة ومبدعة ومتالقة شئتي ام ابيتي ' ما تزعفيش خلاص نقولوا استاذة المستقبل هكا مليح
(ابتسامة )
لي عودة لقراءة موضوعك بروية

17/03/2010

جزاكم الله خيراً .. و نفع بطرحكم و بارك فيه ...

20/08/2008

قال بعضهم ....

إذا الشعب يوما أراد الحياة*****وتـغـيـيـر حـال إلى مـا يـسرّ.
فمُرهم بنهـج الإلـه الـعـلـي*****على هدي أحمدَ خير البشر.
وآل كـرام وصـحـب عظامٍ*****فــلا فضل إلا اتـبــاع الأثــر.

نسأل الله أن يصلح أحوالنا...
جزيت خيرا أختي الفاضلة أسماء لكرامدي

18/04/2009

و إياكم جزى الله خيرا
بارك الله فيكم على المرور الطيب
شكرا لك أختي أم معاوية على تلك الأبيات

16/05/2011

طريقة جميلة في اخذ الموضوع من الواقع المعاش
بارك الله فيك
و زادك علما و فراسة

18/07/2009

نفع الله بكم الجزائر

18/04/2009

و فيك بارك الله أختي أم هيثم و أحسن إليكِ
أخي المراقب العام، أسأل اللهَ أن ينفعَ بكم المنتدى و أن يردّكم إليه مفيدا و مستفيدا

05/05/2010

اقتباس :: فإذا كان الواحد منا في موقعه العادي البسيط يظلم غيره و يحتقر أخاه و يغشه و يخدعه و يكذب عليه، قكيف به إذ صار مقتدرا له سلطة على العباد!؟

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

» حديث: «من تشبَّه بقوم فهو منهم»(رواية ودراية) الشيخ توفيق عمروني
» خطبة: من آذى رسول الله فعليه الغضب واللعنة من الله. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
» نظف قلبك وإطرد الشيطان بذكر الله تعالى⚔* عن ابن عباس رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى ال
» عاقبة من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
» يعرض كلام ربيع المدخلي -هداه الله- على الإمام العلامة عبد الله بن غديان رحمه الله فيقول....

إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم,,

إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم,,

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة