الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فكلّ ما أمر الله تعالى به، وحضّ عليه، فإذا لم يقدّره شرعا، فالمرجع فيه إلى العُرف، كما قرّر ذلك أهل العلم ["أعلام الموقّعين" لابن القيّم رحمه الله].
وكذلك صلة الأرحام، فإنّ الله أمر بصلتها أمرا مطلقا، ولم يبيّن لنا المدّة ولا المسافة لذلك.
فالمرجع إلى العُرف وحال الشّخص:
- فالولد الّذي يقطن بجوار أهله، فإنّ صلته لهم أوكد ممّن كان أبعد.
والولد الذي يعيش ببلدة والديه، فإنّ صلته لهما أوكد ممّن كان يعيش خارج البلدة، وقِس على ذلك.
والمُتعارف عليه عند النّاس: أنّ من كان يعيش في ولاية غير الولاية الّتي يعيش بها الوالدان فإنّه يصلهما أيّام العُطل ، والإجازات.
ومن كان يعيش خارج القطر، فإنّه يصلهما في العطلة الصّيفيّة، ونحو ذلك.
ولكن، يبقى الاتّصال بهم هاتفيّا أو عن طريق الرّسائل أمرا حتميّا، لأنّ المقصود من صلة الأرحام ليس مجرّد الزّيارة وتبادل الحديث، ولكنّ المقصود منها:
- تفقّد شؤونهم.
- نصحهم وتوجيههم
- مساعدتهم وعونُهم.
وهذا لا يمكن بمجرّد الزّيارة الموسميّة أو السّنويّة.
- أمّا إذا تعذّر الاتّصال بهم ولو عن طريق هذه السّبل، فالمرء مُطالبٌ بإيجاد الوسيلة، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، فإذا بذل المجهود، وتعذّر عليه ذلك، فـ:{ما على المحسنين من سبيل}.
والله الموفّق لا ربّ سواه.