الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فإنّ القول بإباحة الخِطبة عن طريق الهاتف، أو الشّبكة العنكبوتيّة، أو غير ذلك من وسائل الاتّصال الحديثة فيه غفلة عن أمور مهمّة، منها أمور ثلاثة:
1- تمكين الشّيطان من قلب الإنسان ..
والله تعالى يقول في محكم تنزيله:{ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب: من الآية32]
وإنّ مخاطبة الرّجل للأجنبيّة ! أو مراسلتها ! أو إخبار أحد الجنسين بأحوال الآخر فيه من المفاسد على القلب ما لا يخفى.
ولو سألك -أخي القارئ- سائلٌ: عن حكم تدارس المرأة والرّجل كتاب الله ! فما عساك أن تجيب ؟
أليس الجواب الفصل أنّه لا يحلّ لأنّه من أعظم خطوات الشّيطان، والوقوع في حبائل الرّذيلة والعصيان !؟
فالمرأة إذا أرادت مدارسة العلم فلديها الوسائل المشروعة، وليس لها أن تطلبه بالوسائل الممنوعة، فإن اضطُرّت وسألت عالما أو داعية عن حكم شرعيّ أو آية قرآنيّة يشترط أن يكون موثوقا به، دون
خضوع بالقول في حدود الضّرورة.
ورحم الله من قال: ( ثلاثة لا تدخل عليهم ولو علّمتهم القرآن: المرأة، والحاكم، والمبتدع ).
فكيف يجوز مراسلتها ومحادثتها وتعريف كلّ من الجنسين بنفسه للآخر ؟ وكثيرا ما يتحوّل ذلك إلى أن يدور كلامهما حول ما تتطلّع النّفوس إليه، ألا وهو العشرة بين الجنسين ! فلا شكّ أنّ فيه توسيعا
لمداخل الشّيطان .. وإعلان عن إقرار زواج الأخدان !
2- إهدار مكانة الوليّ:
فإنّ الله تعالى شرع الزّواج والخطبة بشرط أن يكون الوسيلة إليها هو وليّ الفتاة، لأنّ الأصل في الرّجل المسئول التريّث والرّزانة، والتّجربة والفطانة، ويمكنه أن يسأل عن الخاطب سؤالا موضوعيّا لا
يعتريه نقص.
أمّا حكم المرأة على الرّجل الخاطب فغالبا ما يكون حكما خاطئا، لأنّها تفتقد إلى عنصر أساس في الحكم، وهو الموضوعيّة، والبعد عن الهوى.
وإذا كنّا نسأل ونبحث، ونفتّش وننقّب عمّن هو بين ظهرانينا، يصلّي معنا، ويكلّمنا ويعاملنا، فكيف بمن هو وراء البحار ؟!
3- الشّبكة العنكبوتيّة لها أحكام المجالس:
فكما لا يحلّ الخضوع بالقول في المجالس فلا ينبغي أن يكون ذلك أثناء المراسلة والكتابة والمحادثة، كما سبق ذكره في قوله تعالى:{ وَلاَ تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ }، وهل الحديث عن
الزّواج والعشرة تحت ظلاله - في خلوة على الشّبكة، دون وليّ ولا وصيّ - إلاّ خضوع بالقول ؟
والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للّتي هي أقوم.
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: سؤال لشيخنا أبي جابر عبد الحليم حفظه الله 
الأحد 17 يناير 2010 - 18:58
