الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فالظّاهر من سؤال الأخ الفاضل أنّه يسأل عن المعنى الشّرعي للسنّة والهدي، والفرق بينهما. لذلك فليس ثمّة من حاجة لنتطرّق إلى معناهما اللّغويّ، ففي اللّغة ليس
هناك ترادفٌ من جميع الوجوه.
فاعلم – أخي الكريم – أنّه لا فرق بين السّنّة والهدي عموما من النّاحية الشّرعية إذا أضيف كلّ منهما إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
· فالسنّة: هي طريقة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في فهم وتطبيق الدّين في جميع أبوابه: الاعتقاد، والعبادات، والمعاملات، والسّلوك.
لذلك عرّفها أهل الحديث بأنّها: ما ثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة خِلْقيّة أو خُلُقيّة.
وتطلق السنّة أيضا على ما أجمع عليه الصّحابة رضي الله عنهم، لأنّهم لا يُجمِعون إلاّ على ما ثبت لديهم أنّه من الدّين.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
" والسنّة هي: الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسّك بما كان عليهصلّى الله عليه وسلّم هو وخلفاؤه الرّاشدون: منالاعتقادات، والأعمال، وا لأقوال، وهذه هي
السنة الكاملة ".
· والهدي: هو ما دلّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليه أمّتَه: بأقواله، أو أفعاله، أو تقريراته، أو بصفاته.
وعلى هذا، فلا فرق بين السنّة والهدي، وإذا قلت:
خير الهدي هدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هو مثل قولك: خير السّنن سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
· وكذلك عمل النبيّ صلّى الله عليه وسلّميسمّى هديا ويسمّى سنّة، لما سبق ذكره.
· وكذلك لا فرق من النّاحية الشّرعيّة واللّغويّة بين كتاب اسمه " سنن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم" وآخر اسمه " هدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم".
أمّا من النّاحية العلميّة والواقعيّة، فإنّ الكتب المسمّاة بـ" السّنن " فهي تجمع سنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالأسانيد.
أمّا كتاب ابن القيّم " زاد المعاد في هدي خير العباد "، فهو عنوان اختاره رحمه الله لكتابه العظيم في بيان سيرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وسنّته، من غير ذكر
للأسانيد، بل ربّما تطرّق إلى كثير من المباحث الفقهيّة والأصوليّة الّتي يستنبطها من أحداث سيرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
فلا وجه للمقارنة بين كلمة السنّة الّتي يراد بها الدّين، مع كلمة ( الهدي ) إذا أطلقها مؤلّف ما اسما على كتابه.
· وأخيرا، فلا شكّ أنّ هناك فروقا بين السنّة والهدي في استعمالات العلماء وإطلاقاتهم، وهي كالتّالي:
1) فإذا أرادوا ما كان عليه السّلف الصّالح بمجموعهم فإنّهم يقولون: كان من هدي السّلف كذا وكذا .. ومن هدي العلماء كذا وكذا.
ولا يقولون: كان من سنّتهم كذا، لأنّ السنّة لا تطلق إلاّ على ما ثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأجمع عليه أصحابه.
2) قد تطلق السنّة ويراد بها معنًى من المعاني بحسب الفنون الشّرعيّة، ولا تسمّى حينها هديا:
- فقد يطلقها المصنّفون في العقيدة على ما كان عليه السّلف من الاعتقاد الصّحيح، ككتاب السنّة لابن منده، وابن أبي خيثمة، وابن سلاّم، وغيرها، ولا يقال عنها "
هدي ".
- وقد يطلق الفقهاء لفظ ( السنّة ) ويريدون بها ما قابل الواجب، ولا يسمّونها هديا.
- وقد يطلقها الأصوليّون ويريدون بها أقوال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأفعاله وتقريراته خاصّة، ولا يعتبرون صفاته منها، لأنّ بحوثهم تتعلّق بما يُستنبط منه
الأحكام الشّرعيّة، ولا يسمّونها هديا.
- ويطلق علماء الشّريعة عموما كلمة السنّة ويريدون بها الأصل الثّاني الّذي تُستنبط منه الأحكام، فيقولون: دلّ على هذا الكتاب والسنّة، ولا يسمّونها هديا.
الخلاصة: أنّه لا فرق بين الهدي والسنّة عموما.
والله أعلم، وأعزّ وأكرم.
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: ألفرق بين السنة والهدي 
الإثنين 16 نوفمبر 2009 - 20:37
