الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات Empty
مُساهمةموضوع: كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات   كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات I_icon_minitimeالجمعة 2 أكتوبر 2009 - 10:54

كلمة في منهج الدعوة إلى الله
للشيخ عبد الغني عوسات

إنَّه لا يخفى على أحدٍ واقعُ المسلمين، وما وَصَلُوا إليه من الذُّلِّ والصَّغَارِ، وفسادِ الأحوال المؤْذِنِ بالخرابِ والدَّمارِ، ممَّا لا يجدي عدّ صور هذا الواقع دون معالجة جادَّة لهذا الوضع المرِيرِ.

وَلَعَلَّ المرْءَ عندما يَنْظُرُ إلى النَّتِيجَةِ يقوده نظرُه إلى المقدِّمة التي هي مخاضُها ومناطُها ـ فالحكم على الشَّيْءِ فَرْعٌ عن تصوُّرِه ـ فيجد السَّبب الرَّئيس الذي آلَ بالمسلمين إلى هذه الحالة المزْرِيَةِ، هو ابتعادُهم عن كتاب الله تعالى، وعدمُ تمسُّكِهم بسنَّةِ المصطفى ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ وزهدُهم في اتِّباع منهج سَلفهم الصَّالح، وهو ما أشار إليه نبيُّ هذه الأمّة ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ في هذا البيان المعبَّر عنه بأصدق لسانٍ، حين قال: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللِه، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ، لاَ يَنْزعُهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ».(1)

وقال أيضًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَضُرِبَ(2) الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي»، فَبَلَغَ بذلك الذُّلُّ والهوانُ استغلالَ أهل الشِّرك والكفر لخيراتِ المسلمين وسفْكَ دمائهم، وتدنيسَ أعراضهم، وانتهاكَ مقدَّساتِهم، حين تَنَادَوْا عليهم مُؤْتَمِرِينَ وتداعوْا عليهم مُتَحَالِفِينَ، فلم تُغْنِ عنهم كَثْرَتُهم شيئًا وذاقوا وبالَ أمرِهم وانقلبوا خاسِرينَ، وهو ما أخبر عنه الصَّادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فقال قائل: «أوَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذ؟» قال: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهن»، قالوا: يا رسول الله! وما الوهنُ؟ قال: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ».(3)

وبهذا يُدركُ العاقلُ الأَرِيبُ أنَّ ذلك راجع إلى المسلمين أنفسِهم، وأنَّ كلَّ ما أصابَ النَّاسَ من مصيبة فبِما كسبت أيديهم، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾[الأعراف : 165]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾[الشورى : 30].

وقال ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ: «مَا اخْتلج عِرْقٌ وَلاَ عَيْنٌ إِلاَّ بِذَنْبٍ، وَمَا يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ أَكْثَرُ».(4)

وإنَّ ذوي النُّفوس الأبِيَّة مهما حلَّت بهم رَزِيَّةٌ أو ألمَّتْ بهم رَدِيَّةٌ فإنَّهم يَسْعَوْنَ إلى إزالتِها بإرادةٍ قويَّةٍ وآمالٍ سَنِيَّة وأعمال سُنِّيَّةٍ، وسُرعان ما يُمْعِنُونَ النَّظرَ ويُنْعِمُونَ الفِكْرَ ويُحكِمُون السَّبْرَ لواقعهم، فيحاسبون أنفسَهم فَيُدْرِكُونَ مواقع العِلَلِ ويهتدون إلى مواطنِ الزَّلَلِ، ويتنبهون إلى سببِ الخَلل، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾[الرعد : 11].

وعن الرَّسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّه قال: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ»، قالوا: فكيفَ لنَا يا رسُولَ الله؟ وكيفَ نصنعُ؟ قال: «تَرْجِعُونَ إِلَى أَمْرِكُمُ الأَوَّل»(5)، وبذلك يعلمون أنْ لا مَنَاصَ مِنَ الواقع المزْرِي ولا خلاص مِنَ الوضع المتَرَدِّي إلاَّ بإصلاح ما أُفسِد، وجَبْرِ ما انْكَسَر، وتَقويةِ ما ضَعُف، وحُسنِ الرُّجوع إلى الحقِّ المبين، وصدقِ العودة إلى المنبَع المَعين، وذلك هو سبيل القوَّة والتَّمكين، والخروجِ من هذا الوضعِ المهِين، وذلك لا يتعلَّق ولا يتحقَّقُ إلاَّ بالإصلاح الصَّحيح القائمِ على أسُسِهِ المتِينَةِ والمُنبَثق من مظانِّه المُبِينة.

قال العلاَّمةُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَحْيَى المُعَلِّمِي اليَمَانِي: «قد أَكْثَرَ العارفُون بالإسلام ـ المخلصون له ـ من تَقْرِير أنَّ كلَّ ما وقع فيه المسلمون من الضَّعف والخَوَر والتَّخاذل ـ وغيرِ ذلك من وجوه الانْحِطَاطِ ـ إنَّما كان لبُعدهم عن حقيقة الإسلام.

وأرى أنَّ ذلك يرجعُ إلى أمُور:

الأول: الْتِبَاسُ ما ليس من الدِّين بما هو منه.

الثاني: ضَعْفُ اليَقِينِ بما هو من الدِّين.

الثالث: عدمُ العمل بأحكام الدِّين.

وأرى أنَّ معرفةَ الآدابِ النَّبويَّة الصَّحيحةِ، في العبادات والمعاملات، والإقامةِ والسَّفر، والمُعَاشَرَةِ والوَحْدَةِ، والحركةِ والسُّكونِ، واليقظةِ والنَّومِ، والأكلِ والشُّرْبِ، والكلامِ والصَّمْتِ، وغيرِ ذلك ممَّا يَعْرِضُ للإنسان في حياته، مع تَحَرِّي العملِ بما يَتَيَسَّرُ، هو الدَّوَاءُ الوحيدُ لِتِلْكَ الأمراضِ، فإنَّ كثيرًا من تلك الآداب سَهل على النَّفس، فإذا عمل الإنسانُ بما يسهُل عليه منها تاركًا لما يخالفُها لم يَلْبَثْ ـ إنْ شاء الله تعالى ـ أن يَرْغَبَ في الازْدِيادِ، فعسى أن لا تمضيَ عليه مدَّةٌ إلاَّ وقد أصبح قدوَةً لغيره في ذلك؛ وبالاهتداء بذلك الهَدْيِ القَويم، والتَّخَلُّقِ بذلك الخُلُقِ العظيم ـ ولو إلى حدٍّ مَا ـ يَسْتَنِيرُ القلبُ، ويَنْشَرِحُ الصَّدْرُ، وتطمئِنُّ النَّفْسُ، فيَرْسَخُ اليقينُ ويَصْلُحُ العملُ.

وإذا كَثُرَ السَّالِكُونَ في هذا السَّبيل لم تَلْبَثْ تلك الأمراضُ أنْ تزولَ إن شاء الله».(6)

ولمَّا كان الإصلاحُ بهذه المنزلة الرَّفيعة والمَهمَّة العظيمةِ، كان لِزَامًا على من يُريد الإصلاحَ أن يكون على بصيرة من أمرهِ ومُتَحَلِّيًا في ذلك بصفاته الجديرةِ، قال تعالى: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[يوسف : 108]، ومُتَّسما في دعوتِه بما أمره به ربُّه حيث قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾[النحل : 125].

قال العلاَّمةُ ابن باديس ـ رحمه الله ـ: «شرع اللهُ لعباده ـ بما أنزلَ في كتابه، وما كان من بَيان رسولِه ـ ما فيه استنارةُ عقُولهم، وزكاءُ نفوسِهم واستقامةُ أعمالهم، وسمَّاه سبيلا؛ ليلتزمُوه في جميع مراحلِ سيرِهم في هذه الحيَاة؛ ليُفضِيَ بهم إلى الغايةِ المقصودةِ، وهيَ السَّعادة الأبديَّةُ في الحياةِ الأُخرى؛ وأضافَه إلى نفسِه ليَعلَمُوا أنَّه هو وَضعَهُ وأنَّه لا شيءَ يُوصِلُ إلى رضْوانِه سِوَاه»(7).

وإنَّ على الدَّاعيةِ إلى الإصلاحِ على عِلمٍ وبَصيرةٍ أن يجعلَ نصبَ عَيْنَيْهِ جهودَ الأوَّلين فإنَّها كانت غيرَ قَصِيرَةٍ، وكانت آثَارُها غَزِيرَةً، وعلى رأسِهم الأنبياءُ الَّذين في نهجِهم الحكمةُ والعقلُ، والعصمةُ من الزَّلَلِ، وكان شعارُهم في ذلك ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾[هود : 88]، وتبَعًا لهم الصَّحابةُ ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فقد كانوا على الإصلاح حَرِيصِينَ وعلى الصَّلاح ثَابِتِينَ، ويليهم من اتَّبَعَهُمْ فيه بإحسان إلى يوم الدِّين من الَّذين يَصْلُحُون إذا فَسَد النَّاسُ، والذين يُصْلِحُون ما أفسَدَ النَّاسُ.

فلابدَّ إذًا من منهج سديدٍ وطريق رشيدٍ يَتَّبِعُهُ كلُّ مَنْ يريدُ الإصلاحَ لا يَزِيغُ عنه ولا يَحِيدُ، وهو ما كان مُنْضَبِطًا في ذاته وضَابِطًا لغيره، ولقد قال الإمام مالك بنُ أنسٍ ـ إمامُ دارِ الهجرة وإمامُ عِلْمٍ وهُدَى ـ كلمةً ذهبيَّةً مُذَكِّرًا المُصلِحين بأنْ لا سبيل للصَّلاح والإصْلاح إلاَّ إذا كان على سبيل الصُّلاَّح، فقال ـ رحمه الله ـ: «وَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا لاَ يَكُونُ اليَوْم دِينًا، وَلَنْ يصلح آخر هذه الأمَّةِ إلاَّ بما صلح به أوَّلها».(8)

وعَقيبَ هذه الكلمةِ القويَّة قال الإمامُ محمَّد البشير الإبراهيمي متعلِّقا بمَبناها ومُعلِّقا على معناها: «جملةٌ إن لم تكن من كلامِ النُّبوَّة فإنَّ عليها مَسحةً من النُّبوَّة، ولمحَةً من روحها، ووَمضَةً من إشراقها؛ والأمَّةُ المشارُ إليها في هذه الجملةِ أمة محمَّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وصلاحُ هذه الأمة شيءٌ ضُربت به الأمثال، وقُدِّمت عليه البراهين، وقام غائبُه مقامَ العَيان، وخَلَّدته بطونُ التَّواريخ، واعترفَ به الموافقُ والمخالفُ، ولهج به الرَّاضي والسَّاخط، وسجَّلته الأرض والسَّماء، فلو نطقت الأرض لأخبَرت أنَّها لم تَشهد ـ منذ دَحْدَحها الله ـ أمَّةً أقومَ على الحقِّ وأهدى به من أوَّلِ هذه الأمَّة، ولم تشهد منذ دَحدحها الله مجموعةً من بني آدم اتَّحدت سَرائرُها وظواهرُها على الخير مثلَ أوَّل هذه الأمَّة، ولم تشهد منذُ دَحدحها الله قومًا بدأوا في إقامة قانُون العدلِ بأنفسهم، وفي إقامة شِرْعَة الإحسان بغيرِهم مثلَ أوَّل هذه الأمَّة، ولم تشهد منذُ أنزل الله إليها آدمَ وعَمَرَها بذريَّتِه مثالا صحيحًا للإنسانيَّة الكاملةِ حتَّى شهدته في أوَّلِ هذه الأمَّة، ولم تشهد أمَّةٌ وحَّدَتِ اللهَ فاتَّحدَت قُوَاها على الخير قبلَ هذه الطَّبقة الأولى من هذه الأمَّة».(9)

فهو منهجٌ إذًا تَمتَدُّ أُصُولُه إلى الصَّدر الأوَّل وتَنْبعُ جذورُه مما قَرَّرَهُ العلماء الرَّبَّانِيُّونَ على مدار القُرُونِ، لا يَتَغَيَّرُ بتغيُّر الزَّمان والمكان، مهما تباعدتِ الأمْصَارُ وتقادمتِ الأعصارُ، فكانت قاعدةً جامعةً ومقالةً نافعةً: «نقتَدِي ولا نبتَدِي، نَتَّبِعُ ولا نَبْتَدِعُ»، فإنَّ منهج السَّلف حجَّةٌ على الخلَفِ، قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: «من كان مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بأصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنَّهم كانوا أبرَّ هذه الأمَّة قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، وأقومَها هَدْيًا، وأحسنَها حالاً؛ قومٌ اختارَهُم الله لصُحبَةِ نَبِيِّهِ، وإقامةِ دينهِ، فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبعوهم في آثارهم، فإنَّهم كانوا على الهدى المستقيم»(10)، ولتأكيد ذلك في أذهان النَّاس وتقريره، قال الإمام الأوزاعي ـ رحمه الله ـ مقولةً مشهورةً في تعبيره: «اصبرْ نَفْسَك على السُّنَّةِ، وَقِفْ حيث وَقَفَ القومُ، وقُلْ بما قالوا، وكفَّ عما كفُّوا، واسلكْ سبيلَ سلفِك الصَّالحِ، فإنَّه يَسَعُك ما وَسِعَهم».(11)

ولعل القارئَ إذا أنعم النَّظرَ في دعوة الرُّسُل عليهم صلوات الله أجمعين، يجدُها ثابتةً غير متغيِّرة على اختلاف الزَّمان والمكان وحالِ الأقوام الذين أُرْسِلُوا إليهم وطولِ الفترة بين الرُّسل، فلم يتغيَّر أساسُ الرِّسالةِ ونقطةُ البدايةِ في الدّعوة والإصلاح ولو مرَّةً واحدة، وإنَّما قامت جميع الرِّسالات بالدَّعوة إلى إفراده سبحانه بالعبادة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾[النحل : 36]، وقال لنبيِّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مخبرًا إيَّاه بما أُرسِل من سبقه في الميدان والبَيَان: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء : 25]، فإنَّ الله تعالى العليم الحكيم اللَّطيف الخبير، العليم بأحوال عباده والخبير بما يليق ويصلح لهم في كلِّ حال قد اختار هذا لجميع الأوَّلين بدايةً بالمرسلين وكذلك المُرْسَلِ إليهم، فأَمَرَهُم أن يكونوا لهم من المتَّبِعين.

فليس لأحدٍ من البَشَرِ أن يغيِّرَه باختياره لنفسِه أو لغيرِه طريقًا وصراطًا ومنهجًا للإصلاح غير هذا الطَّريق بدَعْوى «تغيِّر الظُّروف» أو «اختِلافِ المَطالبِ» وغيرِ ذلك من المسوِّغات الوَهْمِيَّة والمبرِّرَات غيرِ الشَّرْعِيَّة، قال تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾[النساء : 115]. ويا دُعاة الإصلاح! اتَّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتُمْ.

أمَّا مجالات الإصلاح التي ينبغي للمصلح أن يعتنيَ بها في دعوته ورسالته فإنَّها كثيرةٌ متعدِّدَةٌ تَعَدُّدَ ما دَخَلَ على أصولِ الدِّين وفروعِه من محدثات وتحريفات في مختلف المجالات بدءًا بالعقيدة والسُّنَّة والفقه والدَّعوة والسُّلوك وغيرها، والله المستعان وعليه التكلان.




--------------------------------------------------------------------------------

(1)رواه أبو داود والبيهقي وأحمد وغيرهم من رواية ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، راجع: «السلسلة الصحيحة»(11).
(2) وفي رواية: «وجعل الذل...»، رواه أحمد (2/50، 92) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، انظر: «إرواء الغليل» (1269).
(3) رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ.
(4) «صحيح الجامع .(5521) «
(5) رواه الطبراني في «الكبير» و«الأوسط»، عن أبي واقد الليثي؛ وهو حديث حسن؛ «الصحيحة» (3165).
(6) في مقدمته على «فضل الله الصمد» (1/17).
(7) «الدُّررُ الغاليةُ في آداب الدَّعوة والدَّاعية» (25 ـ 26) للإمام ابن باديس رحمه الله .(8)رواه عنه ابن الماجشون، كما ذكرها الشاطبي في «الاعتصام».
(9) هذه الكلمات طليعة حديث كان ألقاه الشيخ البشير الإبراهيمي بدار الإذاعة في بغداد واختص به مجلة «الأخوة الإسلامية»، (العدد 1/22 نوفمبر 1952)، ثم نقلته «البصائر»، (العدد 5/20 فيفري 1953) ويمكننا قراءة الحديث كاملا في «آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي» (4/93-95).
(10) رواه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (1810).
(11) الآجري في «الشريعة» (1/58)

منقووووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
33

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات Empty
مُساهمةموضوع: رد: كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات   كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات I_icon_minitimeالأربعاء 3 فبراير 2010 - 21:01

احسن الله إليك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
 

كلمة في منهج الدعوة إلى الله للشيخ عبد الغني عوسات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» كلمة حول شهر رمضان : بقلم الشيخ عبد الغني عوسات - حفظه الله -
» شرح كتاب العلم للإمام البخاري للشيخ عبد الغني عوسات - حفظه الله -
» الدعوة إلى الله : للشيخ لزهر سنيقرة الجزائري * حفظه الله *
» زجر الدهماء عن إراقة الدماء بقلم الشيخ عبد الغني عوسات -حفظه الله
» خصائص منهج السلف رحمهم الله في الدعوة إلى الله تعالى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: العــقيــدة الصحيحة-