الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الأموي

الأموي

عدد الرسائل :
31

تاريخ التسجيل :
22/12/2008


أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة Empty
مُساهمةموضوع: أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة   أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة I_icon_minitimeالأربعاء 20 يوليو 2011 - 18:48



مــقـدمــة


إن المتتبع لتاريخ المغرب الإسلامي ليجد أن معظم الدول التي نشأة على أرضه وتطورت فيها قامت على أسس مذهبية بغية الإصلاح والانتقال من حال الظلم والفساد إلى حال العدل و الصلاح ,وهذا شأن قيام الخلافة الفاطمية إذ كانت الدعوة لأصحابها مبنية على التغيير و الإصلاح الذي بدأ بإيفاد أول دعاتهم إلى المنطقة في بداية القرن الثالث الهجري أين وجدوا الجو مناسبا لزرع بزور دعوتهم والتي اعتنى بها وحصدها وداعيهم الكبير أبو عبد الله الشيعي الذي استطاع أن يقضي على الاغالبة ويعلن قيام الدولة الشيعية الأولى على أرض المغرب والتي استمرت فيه إلى سنة 362هـ تاريخ انتقالها إلى القاهرة .
ونفس الشيء يمكن أن نقوله عن خلافة الموحدين إذ بدأ المهدي بن تومرت دعوته في بلاد المغرب الأقصى مستغلا فساد الأمور في دولة المرابطين ليبدأ في تجميع الناس حوله بحجة التغيير إلى الأحسن سواء في الأمور الدينية أو الدنيوية .
ولا ريب أن يكون بين هاتين الدعوتين نقاط اختلاف و توافق في مجالات كثيرة , اخترنا منها جانب العقيدة لأهميته في تحديد وجهة الدولة وسياستها المستقبلية في المنطقة , فكان بحثنا هذا منصبا على دراسة أهم نقاط الاختلاف و الاتفاق في مسائل عقدية أربع هي : الإمامة, المهدية , العصمة و أصول الدين .








خـطـة الـبحـث
مــقدمــة
1* مسألة الإمامة:
/ الإمامة عند الشيعة الإسماعيلية .
/ الإمامة عند المهدي بن تومرت .
/ أوجه الاتفاق .
/أوجه الاختلاف
2* مسألة العصمة :
/ العصمة عند الإسماعيلية .
/ العصمة عند المهدي بن تومرت .
/ أوجه الاتفاق .
/أوجه الاختلاف
3* مسألة المهدية :
/ المهدية عند الإسماعيلية .
/ المهدية عند بن تومرت .
/ أوجه الاتفاق .
/ أوجه الاختلاف .
4* مسألة أصول الدين :
/ أصول الدين عند الإسماعيلية.
/ أصول الدين عند المهدي بن تومرت .
/ أوجه الاتفاق .
/ أوجه الاختلاف .
الخــاتـمــة



1- الإمامــــــــة:


كان لقضية الإمامة أو الخلافة بالذات شأن كبيـر في تاريخ الإسلام فقد حدثت بسببها اختلافات لم يكتف المتنازعون فيها بالحوار و الجدل بل لجأوا في أغلب الأحيان إلى السيف لحل النزاع فهذا الشهر ستاني يقول : "و أعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان و لهذا فلا عجب أن تنشأ الفرق في الإسلام انطلاقا من هذه القضية بالذات , و الملاحظ أنّ هذا الاختلاف بين الفرق الإسلامية كان مستمرا لا ينقطع أبدا , وإذا علمنا أنّ الفرق الإسلامية قد بلغ ثلاثا و سبعين فرقة كما تذكر أغلب المصادر أدركنا مدى الخلاف الهائل الذي حدث فيها بينهم ,فمن قائل بإقامة خليفة أو خليفتين أو أكثر و بجواز ارتكابه المعاصي وعدم جواز ذلك عليه , ومن قائل أن يكون الإمام من قريش أو غيرها ,كما اختلفوا كذلك في وجوب الخلافة أو عدم وجوبها ,وإن كان الجمهور الأكبر يرى بوجوبها وهم جميع أهل السنّة و جميع الخوارج ,و سنعرض في هذا البحث لرأي الشيعة الإسماعيلية و محمد بن تومرت زعيم الموحدين في الإمامة , وأهم نقاط الاتفاق و الاختلاف بينهما قي هذه المسألة.
فالإمامة عند الإسماعيلية هي اعتقاد وصاية علي بن أبي طالب و إمامة الأئمة المنصوص عليهم من ذرية علي بن أبي طالب و فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم , ووجوب طاعتهم فطاعة الله عزّ و جلّ مقترنة بطاعتهم , ولن يقبل الله من مطيع إلاّ بطاعة من افترض عليهم طاعته من أوليائه الذين هم الأئمة من أهل البيت , وفي هذا المعنى يقول القاضي النعمان : " فإنّه لا يتصل بين الله و بين عباده سبب إلاّ بمحبتهم لآل محمد صلى الله عليه وسلم , قال الله جلّ ذكره :" قل لا أسألكم عليه أجرا إلاّ المودة في القربى " ( الشورى 20) , وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :"ومثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق" ويقول الداعي الإسماعيلي محمد بن سعد بن داود الدفنة (ت458 ه) :"ولا يتمّ ذلك (أي دخول الجنّة ) إلاّ بمعرفة صاحب الوقت , وبولاية الأئمة الأطهار الذين هم السفن الجارية في بحار الأنوار الصافية ,فمن ركب السفينة فقد فاز ".
وهي – أي الإمامة – عندهم هي المحور الأساسي الذي تدور حوله كل عقائدهم , لأنّ ولاية الإمام الركن الأساسي لجميع أركان الدين,بل هي من دعائم الدين السبعة وهي ماسك الجميع و رابطه و المانع من اختلاله , فإذا بطلت من الدين ولاية الأئمة و الوصي بطلت دعائم الدين الأخرى و هي :الطهارة و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج والجهاد , و عاد الدين بذلك جاهلية .
وطاعة الأئمة و الاقتداء بأقوالهم و أفعالهم هي من مصادر التشريع الأساسية التي قرنوها مع كتاب الله عزّ وجلّ , و استبعدوا سنــّـة المصطفى صلّى الله عليه وسلم , وقد عنى هذا المعنى أبو عبد الله الشيعي في كتابه الذي قرئ على منابر إفريقية حال توجهه إلى سجلماسة جاءفيه:" ثم دلّ الرسول صلى الله عليه وسلم أمته على الشيئين المنجيين من الضلال الهاديين إلى الرشاد و أمر صلى الله عليه وأله أمته بالتمسك بهما فقال :" إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل البيت ", فمن تعلق بكتاب الله و عمل به و تصرف مع أوامره و وزاجره فقد تعلق بالصحبة العظمى
و من تمسك بسيرة رسول الله صلى الله عليه و آله و سيرة بيته وسلك سبيلهم فقد استمسك بالعروة الوثقى , و قاداه معا إلى النجاة ووقفا به على محجة الحق الذي أمر الله به داود (عليه السلام ) أن يحكم به فقال: "يا داود إنّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين النّاس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحســاب " (ص26)







ولعلّه ليس من الغريب بعد الهالة العظيمة التي أحاط فيها الإسماعيلية أئمتهم أن يصفوهم بالعلم الكامل و أنّهم يعلمون الظاهر و الباطن , بل يخبرون بدنو أجلهم و يعلمون الغيب و ما يحزّ في نفوس الأتباع و الأعداء، فهذا القاضي النعمان في كتابه المجالس و المسايرات يصف إمامه المعزّ لدين الله الفاطمي بأنّه متبحر في كل علم و فن , عارف بعلم الظاهر و الباطن و بأحكام الدين و أصوله و فروعه و بالعلوم الرياضية و الطب و الهندسة و علم النجوم و الفلسفة، و له باع طويل في المباحث اللغوية أيضا، و هو صاحب اختراعات عجيبة لم يسبقه إليها كالقلم الخازن للحبر ، وله معرفة بتركيب الأدوية و هو متضلع في الفقه يجيب عن قضايا عويصة و لا غرابة عنده فانّ هذا العلم يرثه , كما يرث الخلافة و هو العلم الذي يتنقل من إمام إلى آخر , فعلم المعزّ لم يكن قد حصل له بالتحصيل و التعلّم , بل بالتأييد الإلهي إذ لم يكن له مؤدب أدبه في طفولته و لا جالس ذوي العلم و المعرفة و لا رحل فخالط النّاس . فهو مثل جدّه النّبي صلى الله عليه و سلم - اتصل بالعلم كما اتصل محمد صلى الله عليه و سلم بالوحي سواء بسواء , و يؤكد المعزّ أنّ العلم انتقل إليه فجأة عند وفاة المنصور و يستشهد بحادثة وقعت له معه فيقول:" كان المنصور ألقى عليّ مسائل قبل وفاته (ص) تعذر عليّ الجواب فيها و أظلم ، فما هو إلاّ أن قبض (ص) حتى تهيأ لي ما كان اعتاص عليّ من جوابه دفعة بغير تدبر و لا روّية , فعلمت أنّ ذلك كما قيل : "إنّ الله ينقل ما كان عند الماضي من الأئمة إلى التالي منهم في آخر دقيقة تبقى من نفس الماضي " , ولقد غالى القاضي النعمان جدا في المعزّ لدين الله , إذ أنّ هذا الأخير كما يقول الدكتور إبراهيم شبوح و زملائه محققي كتاب المجالس و المسايرات للقاضي النعمان – قد تتلمذ على أبيه المنصور في طرق المناظرة و أساليب الجدال , مع حضوره لمجالس الحكمة التي تعقد في القصر , و كان كذلك المعز يثور على الأتباع الذين يضفون على الأئمة صفات مغالية كمعرفة الغيب أو ينسب إليهم مواقف مارقة فيعيب غلوهم و يلومهم , وكذلك استنكر المنصور ما نسبه أحد الغلاة إلى الأئمة بأنّ عندهم من حكمة الله و علمه ما يزيلون به الجبال و يخرقون به البحار , و إنّ هذا الدفاع من طرف الدكتور إبراهيم و زملائه ضعيف ،لأنّ كتب القوم تكاد تئط أطا من عقائد غلت في الأئمة و جعلتهم فوق مراتب النبوة , فهذا القاضي النعمان نفسه يروي أن المهدي تنبأ للمنصور و هو جنين بكشف غمّة أبي يزيد , بل و يدّعي بأنّ الأئمة يخبرون بدنو أجلهم , أوليس من الغلو الذي يستغربه من لايدين بمذهبهم أنّهم يعتقدون أنّ الأئمة يحوون العلم كلّه و يعرفون جواب كلّ مسألة و هم شفعاء عند الله و التوسل بهم باب الإجابة , و يروون أنّ المعزّ حلّ بمكان يشكو الجفاف و الجدب فينزل معه المطر و تخصب الأرض و تزول آفة الجراد , ثم يرون أنّ المعزّ هو سابع إمام من أئمة دور الستر , و هو خاتم الدور يمتاز بقوة كبيرة يجدد بها الشريعة , و لقد أحسن الأستاذ محمد كامل حسين - يما نقلته عنه الدكتورة نشيده رافعي – في قوله ردا على فلسفة العقل الكلي و النفس الكلية التي قالوا بها "....و إذا عرفنا ذلك كله استطعنا أن نقول أنهم لم يأتوا بهذه الآراء عبثا , بل جاؤا بها لإسباغ صفة خاصة على الإمام الذي قالوا انه من بشر , ذلك أنهم ذهبوا أن كل الأسماء و الصفات التي خلعت على العقل الكي هي أيضا صفات و أسماء للإمام , لأن الإمام مثل العقل الكلي , فأسماء الله الحسنى التي قالوا أنها أسماء العقل الكلي هي أسماء للإمام إذن هو الواحد الأحد الفرد الصمد و لذلك قال ابن هانئ الأندلسي في مدح المعز لدين الله :
ما شئت إلا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهـــــار"
و الإمامة عند المهدي بن تومرت تقع نفس موقعها لدى الشيعة , فهي عنده تعني الإتباع و الاقتداء و السمع و الطاعة و التسليم و امتثال الأمر و اجتناب النهي و الأخذ بسنة الإمام في القليل و الكثير و لعل إبراز المهدي بن تومرت لعنصر الطاعة في تعريفه للإمامة يشير إلى مناط اهتمامه و تركيزه و تصوره لحقيقتها واقتناعه بها , وهو ما يفسره الدور السياسي الذي كان يقوم به عمليا , و هذا ما يدل عليه قوله :"..... لا بد من العمود الذي قامت به السموات و الأرض في سائر الأزمان في الدنيا و و هو الإمام متى زال العمود خر السقف من فوق , و متى اتبع الحقد أهواء الناس فسدت السموات و الأرض , و متى ضيع أمر الإمام أو عوصي أو نوزع أو خولف أو أهمل ...أو عرض عنه في خردله ...فمتى كان شيء من ذلك عطل أمره و زال العمود وسقط السقف على الأرض..".
والإمامة عنده كذلك هي :" ركن الدين و عمدته و لا يصح قيام الحق في الدنيا إلا بوجوب اعتقاد الإمامة في كل زمان و مكان إلى أن تقوم الساعة , و اعتقادها دين و العمل بها دين والتزامها دين , و لا يكذب بهذا الأمر إلا كافر أو منافق أو ذائع أو مبتدع أو مارق أو فاجر أو فاسق أو رذل أو ندل لا يؤمن بالله و اليوم الآخر " , فالتكذيب بالإمامة عنده يؤدي إلى تعطيل الإيمان بالله و اليوم الآخر , وهو بهذا يعتبر من جنس العقائد لا من جنس الفــــروع .

أوجـــــه الاتفاق:اتفق المهدي و الإسماعيلية في مسألة الإمامة على نقاط أهمها:
 يعتبر الإسماعيلية و المهدي بن تومرت زعيم الموحدين أن الإمامة من مسائل العقيدة لا من مسائل الفروع , و هي التي يقوم بها الدين و يصلح بها الأمــر للمسلمين , و قد سبق بيان ذلك.
 انفق المهدي و الإسماعيلية على وجوب الإمامة , وأن الذي متوقف في قيامه بين الناس وفي سيطرة أحكامه على الخلق على إمام يرعى قواعده و يعمل على تنفيذها .
 اتفق المهدي و الإسماعيلية كذلك على أن إقامة الإمامة يعتمد على عنصر أساسي يعتبر جوهرها وهو عنصر إتباع الإمام و طاعته و الامتثال له , و وجوب الاقتداء بأفعاله والرجوع لعمله فابن تورمت اقترب كثيرا بفكرته هذه من التشيع ’ حيث يعتبر أن هذه الواجبات إزاء الإمام إذا ما أقيمت تم بها الأمر و ثبت بها العمود الذي قامت به السموات و الأرض و هو الإمام أما متى ضيع أمر الإمام أو عصي أو نوزع أو خولف أو أهمل أو أعطل و لم يرجع إليه أو أستبد دونه بقول أو فعل أو رأي أو نظر أو أخذ أو عطاء أو أمر أو نهي أو استغني عنه في دقيقة أو أعرض في خردله , و متى لم يرجع إلى عمله في الدقيقة و الجليلة , ومتى لم يتبرأ الكل من الأمر إلا له من حرج و لا ضيق و لا تهمة ولا سوء ظن , فمتى كان شيء من ذلك عطل أمره و زال العمود و سقط السقف على الأرض , فهذا الفكر كله من محض التشيع و هو مبني على الاعتقاد بعصمة الإمام و اختصاصه بالعلم السري المورث , وهو ينتهي إلى الاعتبار أن النظام الكوني عامة و المجتمع الإنساني خاصة قائمان تحقق الإمامة بالطاعة , فيها يتم الانتظام , و بدونها يؤول الأمر إلى الانخرام , و هذه فكرة شيعية صميمة .
أوجـــه الاختـــــــلاف :
 يختلف المهدي بن تورمت عن الإسماعيلية في صرف الإمامة إلى أولاد علي رضي الله عنه , فهو لا يرى أن الإمامة منصوصة عليهم , و لا أدل على ذلك من اعترافه بخلافة الشيخين أبي بكر و عمر ثم عثمان و علي من بعدهما , فهذا دليل على أنه يرى الإمامة كالطاعة العمياء و الإتباع و الانقياد و الاقتداء به .
 كما أن المهدي بن تورمت لم يدعي أن الأئمة يعلمون الغيب و أن لديهم علم الظاهر و علم الباطن و أن علمهم يورث و لا يكتسب كما فعلت الشيعة , بل هو شخصيا جد و اجتهد و رحل في طلب العلم إلى المشرق فدرس على كبار علماء عصره , و ألزم أتباعه من بعد ذلك على منهج تعليمي خاص كونهم فيه و أسس دولة الموحدين , كما أنه لم يذكر في مؤلفه "أعزما يطلب" أن الإمام يعلم الظاهر و الباطن و أخفى , بل هي من الخصائص و الصفات التي تنسب إلي الله عز وجل , كما يلاحظ فرق آخر و هو كون المهدي بن تومرت قد ألف عدة رسائل موجهة إلى العامة و أخرى إلى العلماء و الخاصة يصف فيها منهجه و ينشر فيها علمه , والعكس تماما نجده عند الأئمة الإسماعيلية فهم ألصقت بهم صفة العلم من دون دليل مادي على ذلك , وحتى هذا العلم كان ينشر فقط أمام الخاصة أو العلية كما يزعمون و لم يؤثر عنهم أي مخطوط أو كتاب يثبت اتصافهم بالعلم إلا ما نسب إلى المعز لدين الله الفاطمي أنه ألف كتاب سمــاه "تأويل الشريعة "و ذكر القاضي النعمان أنه ألف كتــبا تأثر بها هو شخصيا و استفاد منهـــــــــا .
 تعتقد الإسماعيلية أن الإمامة بعد الرسول صلى الله عليه و سلم هي من حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أبنائه من فاطمة بنت النبي صلى الله عليه و سلم و لا يجوز أن تخرج إلى غيرهم لأنها منصوصة فيهم دون غيرهم, وان أبا بكر و عمر و عثمان اغتصبوا الخلافة من علي بن أبي طالب و بالتالي فهم لا يعترفون بخلافتهم و يكفرونهم ,بينما نجد المهدي بن تومرت يتفقد في ترتيب الأئمة بعد الرسول صلى الله عليه و سلم مع أهل السنة و يعتبر أن الإمامة بعده صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر الصديق اختاره للصلاة بالناس ورضيه لهم إماما في دينه , فكان أمينا في دينه , حفظ الإمامة و رعاها حق رعايتها , ثم خلفه عمر بن الخطاب في الإمامة فقام بها أحسن القيام و أطاعه الناس بالصفاء و المودة , ثم عثمان و علي من بعدهما حتى انقضت مدة خلافة النبوة ثلاثين سنة بعد المصطفى صلى الله عليه و سلم ثم يقفز بعد الخلافة الراشدة عبر القرون ليعتبر أن الإمامة الحق هي إمامة المهدي المنتظر الذي يعيد الحق إلى سالف عهده , مشيرا بذلك إلى نفسه تلميحا باعتبار أنه هو المهدي المنظر , فيكون بذلك قد افترق عن سائر الفرق في مستويات مختلفة تختص كل واحدة منها برأي في الإمامة فافترق عن الشيعة ابتداءا من الخليفة الأول الذي اعتبره أبو بكر ويعتبرونه عليا , و افترق عن الخوارج في عثمان رضي الله عنه , وافترق عن أهل السنة و المعتزلة فيما بعد الخلافة الراشدة ليستقل برأيه في اعتبار الإمام المهدي الحق .


العصمــــــة:
من المسائل التي يوجد فيها توافق بين الإسماعيلية و مهدي الموحدين هي مسألة العصمة والتي هي فرع من الإمامة لأنها صفة من صفات الإمام , و هي تعني الخلو من الأخطاء و الآثام على مستوى الفكر و السلوك , وسائر الفرق الإسلامية من غير الشيعة لا يثبتون العصمة إلا للأنبياء و ينفون وجوبها عن كل من سواهم من البشر و اختلفوا في مناط العصمة زمانا و موضوعا , وصار الأكثرون إلى أن الأنبياء معصومون بعد نبوتهم عن الخطأ في التبليغ و عن ارتكاب الكبائر و الخسيس من الصغائر على وجه العمد وجوزوا الخطأ و النسيان فيما دون ذلك من الأفكار و الأفعال .
أما الشيعة عامة الإسماعيلية خاصة فقد أثبتوا العصمة للأئمة إلى جانب الأنبياء , وذهبوا في ذلك إلى الإطلاق فزعموا أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل و الفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمدا و سهوا , كما يجب أن يكون معصوما من السهو و الخطأ و النسيان فهي بذلك تؤمن بالعصمة اللامتناهية للإمام وتعتقد أن الإمام لقب من الله يقول المعز لدين الله الفاطمي :"...نعم و الله إني لممنوع من الظلم و التعدي و إن الله لينتصر لي و ينتقم ممن تناول ممن ليس له."
وهم ستدلون على العصمة بأن الإمام منصوب من قبل الله عز وجل لهداية الخلق و هو خليفة النبي و هو لذلك واجب الطاعة و الإتباع فإذا ما جاز أن يصدر الخطأ و النسيان و المعصية جاز تبعا لذلك أن يفعل الناس الخطأ و المعصية برخصة من الله بل وجب عليهم ذلك و هو باطل - كما يزعمون بضرورة الدين و العقل
أما ابن تومرت فهو كذلك يثبت للإمام العصمة على وجه القطع و الصراحة , فيقول:" ولا يكون الإسلام إلا معصوما من الباطل و معصوما من الضلال و معصوما من الفتن و معصوما من العمل بالجهل"
العصمة عنده تتعلق بجانبين أشار إليها في قوله : "لا يصح الاتفاق إلا بإسناد الأمور إلى أولي الأمر و هو الإمام المعصوم من الباطل و الظلم " فالجانب الأول تتضمنه العصمة من الباطل و هي تعني عصمة الإمام في الأداء و التعاليم و المبادئ التي يدعوا إليها و يبشر بها فهي كلها حق و لا يدخلها الباطل بحال من الأحوال كالكذب و الجهل و الابتداع و غيرها من الطرق المؤدية إلى الخطأ .
و الجانب الثاني تتضمنه العصمة من الظلم و هو يتعلق بسياسة الناس و القيام على شؤونهم و تدبير أمورهم وأمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر و قد بدا واضحا في كلامه الذي وجهه للأمير علي بن يوسف بن تشافين في في مجلس أحضره فيه للمناظرة فقال له:" إنما أنا رجل فقير طالب الآخرة و لست بطالب دنيا و لا حاجة لي بها غير إني آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر و أنت أول من يفعل ذلك فانك المسؤول عنه و قد وجب عليك إحياء السنة و إماتة البدعة و قد ظهرت بمملكتك المنكرات فشت البدع و قد أمرك الله بتغييرها و احيياء السنة بها إذ لك القدرة على ذلك و أنت المأخوذ به المسؤول عنه."
وإذا كان المهدي بن تومرت قد وافق الشيعة الإسماعيلية في إلحاق صفة العصمة بالإمام فما هو موقع العصمة التي قال بها المهدي الشيعة الإسماعيلية ؟
يرى الدكتور عبد المجيد النجار و هو من المتخصصين في فكر المهدي بن تومرت أن عصمة المهدي بن تومرت هي أقل رجة من عصمة الشيعة التي تتصف بالشمول و الإطلاق كما مر بيانه في حين تتسع عصمة المهدي لبعض الأخطاء و المعاصي و يبدو أن ما ذهب إليه المهدي من العصمة ليس إلا تعبيرا عن الشروط التي اشترطها أهل السنة و المعتزلة في الإمام و لكنه عبر بتعبير اكتسى صيغة الغلو بفعل القسوة التي أحاطت به في دعوته كما هو الشأن في كثير من أفكاره المتعلقة بالإمامة و يستدل الدكتور عبدا لمجيد النجار على رأيه هذا بأدلة منها :
أن الشروط التي اجتمعت عليها الفرق من أهل السنة و المعتزلة و الخوارج ترجع إلى نقطتين أساسيتين الأولى: بلوغ درجة من العلم تبوئ للاجتهاد في أصول الدين و فروعه و الثانية : بلوغ درجة من العدالة تستجمع صفات الورع و الاهتداء إلى وجوه السياسة و حسن التدبير, وهاتين النقطتين تقابلان ذنيك المناطات اللذين تعلقت بهما العصمة عند المهدي هما : العصمة من الباطل و يقابلها العلم , و العصمة من الظلم و يقابلها العدل .
المهدي ينسب العصمة أحيانا إلى نفسه وأحيانا إلى الإمام بإطلاق و هو كما تقدم معنا جعل من سلسلة الأئمة الخلفاء الراشدين الأربعة , فيكون هؤلاء مشمولين بالعصمة التي نسبها إلى الإمام عامة و من المستبعد أن ينسب إليهم عصمة حسب المفهوم الشيعي و قد تحدث عن أبي بكر و عمر مطولا ووصفهما بالعفة و الورع وحسن السيرة و لم يشر إلى عصمتهما لا من قريب ولا من بعيد و هو ما يقوم دليلا على أنه لم يقصد بالعصمة مفهومها الشيعي و إن كان المهدي قد وافق الشيعة إطلاق لفظ العصمة على الإمام , كما يقول ابن خلدون :"....و لم يحفظ عنه فلتة في البدعة إلا ما كان من وفاقه الامامية من الشيعة في القول بالإمام المعصوم." إلا أنه يريد المفهوم اللغوي فقط دون اصطلاح الشيعة , فيكون بذلك ما يذهب إليه من أن الإمام لا يكون إلا معصوما من الباطل ومن الظلم مقصودا به أن لا يكون إلا كافا عن الباطل و الظلم و يقترب بذلك من اشتراط أهل السنة للإمام من العلم والعدالة و لكن التعبير بلفظ العصمة مع الإلحاح عليه و المبالغة فيه إلى جانب ما أحاطه بشخص المهدي بعض أتباعه المفتونين به من تعظيم و ما نسبوه إليه من كرامات و خوارق تصور العناية الإلهية به جعل الدراسيين و المؤرخين ينسبون إليه القول بالعصمة بالمفهوم الشيعي و هو ما عبر عنه ابن خلدون بالعبارة السابقة الذكر, واستدل ابن تومرت على العصمة بأن الإمام مهمته أن يقاوم الباطل و الظلم و ينشر الحق و العدل و الباطل و الظلم لا يرتفعان إلا بالحق و العدل ولذلك وجب أن يكون الإمام معصوما من الظلم و الباطل حتى ينشر الحق و العدل
المهدية:
تقوم المهدي كما عرفت في العالم الإسلامي على الإيمان برجل منتظر يضرب نسبه في آل البيت و يكون مخلصا للأمة من الظلم و الطغيان فيملا الأرض عدلا بعدما ملئت جورا و يسمى المهدي لأن الله قد هداه فاهتدى و هي من عقائد المسلمين التي بشر بها النبي صلى الله عليه و سلم أمته لكن لها نظير في الديانات الشرقية القديمة كاليهودية و النصرانية كما توجد أساطير المغول و المصريين القدماء و الفرس و في الثقافة الصينية و الهندية .
و اهتمت الشيعة بهذه الفكرة بالغا و روجوا لها كجزء من عقيدتهم و رووا لهل الأحاديث الكثيرة حتى غلو فيها و من فرقهم التي اعتبرت المهدية منة صنف العقائد الشيعة الاثنان عشرية و الشيعة الإسماعيلية و يكمن الفرق بينهما في أن الإسماعيلية تدعو إلى إمام مستور و الاثنان عشرية تدعو إلى إمام خفي , و الفرق واضح بين الخفي و المستور , ولعل هذه الفكرة هي التي جعلت الداعي الاسماعيلي الكبير أبو عبد الله الشيعي يتحول من عقيدة الاثنان عشرية التي كان يدعو إليها أول أمره إلى عقيدة الإسماعيلية الباطنية لأن الأمل في إمام مستور أكبر من الأمل في إمام خفي و فكرة المهدية من المسائل ذات الأهمية التي استعملها الإسماعيلية في تثبيت أقدام دعوتها في بلاد كتامة إذ أن الإمام الذي كان يبشر به كل من الحلواني و أبو سفيان و من بعدهما أبو عبد الله الشيعي كان يوصف لأهل كتامة بأنه المهدي المنتظر الذي يملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا و هو المخلص و المجدد للدين الموصوف بالعصمة و العلم المورث عن الأنبياء و المرسلين و المنصوص عليه من رب العالمين و أول ما قام به الدعاة الاسماعليون في أرض المغرب هو غرس حب آل البيت و نشر علمهم و الذي عبر عنه القاضي النعمتان بمصطلح :(ظاهر علم الأئمة) , ثم التبشير بقرب خروج المهدي و أنهم عليهم تمهيد الطريق لذلك , وقد درج الحلواني و أبو سفيان و من بعدهما أبو عبد الله الشيعي على ترسيخ هذا المعتقد في نفوس البربر حتى تمكنوا من تأسيس دولتهم و هذا يتطلب فطنة و ذكاء كما هو معلوم .
و على غرار الشيعة الإسماعيلية دعا ابن تومرت إلى المهدي المنتظر مستغلا في ذلك الظروف التي يعيشها أهل المغرب في ذلك الزمان من انتشار للفساد و تعدد لمظاهره و كثرة الظلم و الجهل و قلة الحق و فشو الباطل , و كل هذا الوضع كان ابن تومرت يزيد في تضخيمه و يحذر الناس من خطره و يبشرهم بخروج المهدي المنتظر ليخلصهم من كل هذا الوضع المزري واصفا لهم أوصافه فيقول :"انه فرد زمانه , صادق في قوله , و انه يملأها بالعدل كما ملئت بالجور و أن أمره قائم إلى أن تقوم الساعة " ولم يكتف ابن تومرت بهذا بل غالى فيه فاعتبر أن السموات و الأرض ما قامت إلا به أن سنته هي سنة الله و رسوله , بل إن بموافقة و متابعة المهدي تنال السعادة و بطاعته تنال الأجور العظيمة و أوجب اعتقاد كل هذا و التدين و الالتزام به ما قامت الدنيا.
غير أن المهدي كان يتحاشى أن يصرح بأنه المهدي حتى في الخطبة التي بويع فيها بالمهدية التي لم يسند الأمر فيها إلى نفسه بصفة نهائية و إنما قال : "الحمد لله الفعال لما يريد القاضي بما شاء لا راد لأمره و لا معقب لحكمه ....و صلى الله على سيدنا محمد المبشر بالمهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا , يبعثه الله لنسخ الباطل بالحق أن يملي مكان الجور العدل و المغرب الأقصى منتبه وزمانه آخر الزمان والاسم الاسم والنسب النسب و الفعل الفعل "فلما رأى أصحابه هذا الوصف لا ينطبق إلا على نفسه بايعوه على ذلك .


كما يذكر الدكتور عبد المجيد النجار أن إعلان ابن تومرت للمهدية كان سنة 515ه لما استقر بالسوس و أنه لم يجد في مؤلفات ابن تومرت و رسائله ادعاءا صريحا من قبله للمهدية , وقد كان في إسلامه يلقب يلقب نفسه بألقاب مختلفة إلا لقب المهدي ومن ذلك ما جاء في إحدى رسائله :"محمد بن عبد الله العربي القريشي الهاشمي الحسني الفاطمي المحمدي"
و لعلنا نستطيع أن نقول أن ابن تومرت ارتقى بفكرة المهدية إلى درجة الغلو و الغموض جعلها تتميز بكيان منفرد وافق فيها الإسماعيلية إلى حد بعيد لا نكاد نجد بينهما اختلافا إلا إذا استثنينا عنصر الرجعة بعد الغيبة الذي يعتقد الشيعة عامة .

أصول الدين :
و في هذا المحور يظهر الفرق الكبير و البون الشاسع بين المهدي بن تومرت و الإسماعيلية إذ أنهم يختلفون كليا في مسائل أصول الدين كتوحيد الله و صفاته و حقيقة الخلق و النبوة و المنهج المتبع في تفسير الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية , فبينما نجد أن الإسماعيلية قد استعملت في بيان عقيدتها الفلسفية الغنوصية كاملة بما فيها من فيثاغورثية محدثة و أفلاطونية محدثة مختلطة بغنوص المذاهب الفارسية آخذة من الخطابية مصدر داخلة في الدور الباطني المخيف , ثم انضمت إلى الإسماعيلية فلول من الخطابية والأبي مسلميه و الأبي الهاشمية و الزيدية و الامامية نفسها مما ساهم في تشكيل عقيدة أقرب إلى ما تكون إلى الفلسفة منها إلى روح الإسلام الموحى من عند الله عز وجل .
أمّا فيما يخص توحيد الله سبحانه وتعالى فهم يعتقدون أنّ الله عز وجل كما يقول داعي دعاتهم محمد بن سعد بن داود الدفنة ."ليس هو موجود فيوصف, ولا غائب فينعت....سبحانه لا اله إلا هو , ظهر للكل بالكل , فلولا وجوده لما عرفه أحد ’ لأنه لا بمكان كائن و لا يوجد تفاوت في ذاته القويمة القديمة.... ." فالله عندهم ليس بباق و ليس هو لازال و إنما الباقي هو أمره و كلمته و الذي لازال خلقه الذي فاض عنه بأمره و يظل الله هو الذي لا يمكن للإفهام أن تدركه بحال , ومذهبهم في صفات الله تعالى هو التعطيل متأثرين بذلك بالمعتزلة و الجهمية و هم يتخلصون من صفات الله تعالى الواردة في القرآن بتحليل نسبوه إلى الإسلام موسى الباقر قال فيه : "لما وهب الله تعالى العلم للعالمين قيل هو عالم و لما وهب القدرة للقادرين قيل هو قادر فهو عالم وقادر بمعنى أنه وهب العلم و القدرة لا بمعنى أنه قام به العلم و القدرة و لذلك هاجمهم أهل السنة بأنهم نفاة للصفة الحقيقية و بأنهم معطلة لذاته عن جميع صفاته و قد تناول نفيهم صفة القدم , فقالوا: انه ليس بقديم و لا محدث بل القديم أمره و كلمته و المحدث خلقه و فطرته " و بالتالي نشأ عندهم مذهب كلامي كامل سلبي و أصبح من غير الممكن أن ينسب إلى الله في ذاته اسم أو صفة بل إن التوحيد الصحيح أن لا ينسب الله تعالى حتى الوجود نفسه , والأسماء التي جاءت في القرآن إنما تدل على أنها هي ذاته .
وعندهم أن أول خلق لله كان العقل الكلي و يسمى أيضا بالمبدع الأول و بالعرش و السابق و الأول و قد رمز الله إليه بالقلم – حسب زعمهم – في قوله تعالى : "نون و القلم و ما يسطرون "(نون,1,2) ولهذا فالعقل الكلي هو الخالق المبدع القاهر و هم يعتقدون أن الله لم يخلق العالم خلقا مباشرا و إنما أبدع العقل الكلي بعمل من أعمال الإرادة و هو "الأمر" و أن العقل الكلي محل لجميع الصفات الإلهية و هو عندهم الإله ممثلا في مظاهره الخارجية و لما كانت الصلاة لا يمكن أن تؤدى لكائن ةلا يدرك (لأن الله فوق متناول العقل أن العقل عاجز عن إدراك كنهه) فهي تؤدى في رأيهم لمظهره الخارجي أي العقل الذي أصبح بذلك الإله الحقيقي عند الإسماعيلية و بما أنه ليس في مقدور الإنسان أن يصل إلى معرفة ذات الله و أنما يعرف العقل وحده لهذا يسمى الإسماعيلية العقل الحجاب أو المحل أو الصلة أو النفس أو الأول .
وهم يقولون أن العقل الكلي أبدع النفس الكلية و خاصتها الحياة كما أن العلم خاصة العقل و إذ كان العقل غير كامل في علمه فهو يحاول بالضرورة بلوغ الكمال فتحدث عن ذلك حركة مضادة لحركة الصدور (هو فيض الكائنات عن الخالق جلا و علا , و على هذا تكون الحركة المضادة لحركة الصدور مقصودا منها سمو العقل إلى الخالق ) , و رمزوا إلى النفس الكلية باللوح المحفوظ و جعلوا لها جميع الصفات التي للعقل الكلي إلا أن هذا الأخير كان أسبق في الوجود و إلى توحيد الله و تنزيهه , لهذا سمي بالسابق و سميت النفس الكلية بالتالي و بالملك و القدر و الصورة و بالقمر .
و يقول داعي الدعاة الاسماعيلي أبو يعقوب إسحاق السجستاني أنه يطلق على النفس الكلية و العقل الكلي "الأصلان "و معناه أن العقل و النفس مرجع الأشياء سواء أكان روحانيا أو جسمانيا فلا يتعريان عنهما و لا يكتفي بأحدهما دون الآخر ’ و هذا معناه أن العقل الكلي و النفس الكلية بواسطتهما وجدت جميع المخلوقات الروحانية و المخلوقات الجسمانية بل كل ما نشاهده في هذه الدنيا من جماد و نبات و حيوان و إنسان وما في السماوات من نجوم و كواكب و يعللون ظهور الإنسان بحاجة النفس الكلية إلى بلوغ العلم الكامل حتى تسمو إلى مرتبة العقل الكلي و بالتالي فما يطلقه المسلمون على الله سبحانه و تعالى خلعته الإسماعيلية على العقل الكلي و فإذا ذكر الله عندهم فالمقصود هو العقل الكلي و قد أشار هذا صراحة محمد بن سعد الرفنة
و يعللون ظهور الأنبياء بإرادة الإنسان لبلوغ السعادة التي لا يحصل عليها إلا بتحصيل العلم الذي لا يمكن أن يتأتى له إلا بحلول العقل الكلي في إنسان هو النبي و في الأئمة الذين يخلفونه و لذلك لا يمكن فإنهم يعتبرون أئمتهم آلهة لأن العقل الكلي هو خالق كل شيء كما سبق بيانه و العقل الحال في هذا الإنسان يسعي عندهم "ناطقا " وتسمى النفس الحالة "أساسا" و الأول في رأيهم"النبي" الذي يبلغ الكلام المنزل أما الثاني
فهو الذي يفسره معتمدا على التأويل1 و أعوا أن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق هو خاتم النبيين و استندوا بالآية الكريمة "و ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن خاتم النبيين " 2و زعما أنه أتى بالتأويل و أن محمد (صلعم) و محمد بن إسماعيل وعلة كونهم سبعة و هم نوح وإبراهيم و موسى و محمد صلى الله عليه وسلم و محمد بن إسماعيل و علة كونهم سبعة فذلك لأن النظام الكوني و النظام الإنساني سبع : يدان و رجلان وظهر و بطن و قلب و للرأس الإنساني سبع : عينان وأذنان و أنف و فم و لسان والأئمة سبعة وقلبهم محمد بن إسماعيل3 .
كما ترى الإسماعيلية أن ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم من الفرائض و السنن لهل ظاهر و باطن و أن جميع ما استبعد الله به العباد في الظاهر من الكتاب و السنة هي أمثال مضروبة و تحتها معاني في بطونها وأن هذه البطون هي التي عليها من العمل و فيها النجاة أما الظواهر ففي استعمالها الهلاك و الشقاء و هي جزء من العقاب الأدنى عذب الله به قوما إذ لم يعرفوا الحق و لم يقولوا به فالشريعة إذا في نظرهم عقاب يكلف به من لم يعرف إمام زمانه الذي يعرفها عنه4 و جد واجتهد في تأويل القرآن موافقة لمذاهبهم فالسموات السبع والأراضين السبع إشارة إلى الأئمة السبع و "المدبرات أمرا" ليست هي الكواكب و النجوم بل هي الأئمة5 و غيرها من التأويلات التي استعملوا فيها التلاعب بالأعداد6.
كل هذا و غيره كثير من عقائدهم الخارجة عن الإسلام و التي فارقوا بها الجماعة و سمحت لأئمتهم بادعاء الإلوهية و السماح للشعراء بوصفهم كما فعل إمامهم الأول في دور الظهور عبد الله المهدي حيث قيل فيه لما حل برقاده :
حل برقاده المسيـــــح حل بها آدم و نوح
حل بها احمد المصطفى حل بها الكبش و الذبيح
حل بها الله ذو المعالي و كل شيء سواه ريح7
و قد وافق المعتزلة في محور أصول الدين في نقطة واحدة و هي أنه مزج دعوته بكثير من الآراء و الأفكار و استطاع بما وهبه الله من ذكاء أن ينشر أفكاره و أرائه أن يجمع حوله الكثير من الأتباع لكن هذا المزج المختلط للآراء و الأفكار لم يدخل فيها الفلسفة و الآراء الشركية كما فعل الإسماعيلية بل تأثر ابن تومرت بالفرق الإسلامية المختلفة فوافق الشيعة في الإمامة و المهدية ووافق المعتزلة في نفي الصفات عن الله و تعطيلها و يذهب مذهب الأشاعرة في العقيدة إلا الصفات فهي كما أسلفنا عطلها كالمعتزلة , كما نجده يميل إلى الأشاعرة في نفي خلق الإنسان لأفعاله و القول بالكسب الذي سيأخذ فيه القدر الإلهي مكانه عليا و كذلك في تعلق الثواب و العقاب بالمشيئة الإلهية المطلقة ودون استحقاق الإنسان لها و نجده كذلك يميل إلى المعتزلة في إثبات التوحيد على طريق التنزيه المطلق و في نفي التكليف بها لا يطاق و في الحكم على مرتكب الكبيرة بأنه في درجة بين الكفر و الإيمان و هي درجة الفسق و نجده يميل إلى آراء ابن حزم الظاهري فيما يتعلق بمسألة الصفات الإلهية و علاقتها بالذات توقيفا على ما يسمى به الله نفسه من أسماء و نفيا بما ذهب إليه الأشاعرة و المعتزلة من القول بالوحدة و الزيادة أي ينفي عن الله الصفات و يجعل أسماء الله التي وردت في القرآن هي التي يجب على المسلمين التزامها
و أما فيما يخص العقل فابن تومرت جعله الأساس في حصول المعرفة بحقائق العقيدة و هو في ذلك يقدمه على السمع أي النص في معرفة هذه الحقائق العقدية لأنها " لا يصح فيها العلم بالتواتر إذ ليس طريقها النقل " و إنما طريقها العقل يقول ابن تومرت : " أما التوحيد طريقه العقل و كذلك التنزيه , ولا طريق للتواتر فيهما " وجعل المهدي للعقل حدا لا يتعداه و هو مجال الإثبات فقط دون الكيفية لأنها تؤدي به إلى التجسيم و التشبيه .
كما جعل القرآن و السنة هم المصدران الأساسيان للأحكام ثم ما يلحق يهما من الجماع دون تأويل باطني كما تدعيه الإسماعيلية و قد عبر عن هذا الأساس بقوله : هو كل ما ثبت من السمع الذي هو الكتاب و السنة و الإجماع بالأصل المقطوع به و هو المتواتر."
كما أكد ابن تومرت على أن العقل لا يثبت الشرع أي أن العقل ليس بقادر على أن يبني الأحكام على وجه الاستقلال بمعزل عن النص بل الأحكام تؤخذ من النص و تفهم بالعقل و هو في هذا متأثر بالمذهب الأشعري تحديد دور العقل في الشريعة8.
واهتم المهدي بالقرآن و الحديث اهتمام بالغا حتى فرض على أصحابه أن يحفظوا جزءا منه و ألف لهم في ذلك تأليف تسهل عليهم ما ألزمهم به فوضع مختصرا لصحيح مسلم و مختصرا لموطأ مالك بن أنس و عدة رسائل رتب فيها الحديث ترتيبا فقهيا و شدد عليهم في التزام بذلك تشديدا غليظا9 كما جعل الهدي من حقيقة
التوحيد المتمركز الأساسي لقيام دولته التي شرع في تأسيسها و هو ما يؤكده قوله لأصحابه في آخر أيامه :" اشتعلوا بتعليم التوحيد فانه أساس دينكم حتى تنفوا عن الخافق الشبيه و الشريك و النقائض و الآخات و الحدود و الجهات فمن جعله في وجهة و مكان فقد جسمه و من جسمه فقد جعله مخلوقا ومن جعله مخلوقا فهو كعابد وثن " و وضع في حقيقة التوحيد عدة رسائل أصبحت فيما بعد دستورا لأصحابه ومن أشهرها رسالة المرشد و رسالة التوحيد الباري و رسالة في آن التوحيد هو أساس الدين
و الحق أن ابن تومرت خير من الإسماعيلية و أفضل و دولته لها مواقف شرفت الإسلام و انتصرت له و الرجل كان يترضى على الصحابة و يقر بخلافة الأربعة و يوحد الله سبحانه و تعالى و يقر بوجوده إلا ما شابه من تأثر بالمعتزلة , وكان يعترف بمكانة الأنبياء و يحفظ لهم مكانتهم و قدرهم و لا يقدم أحدا عنهم و يجتهد في إقامة الفروض و الصلاة و الزكاة و كتابه " أعز ما يطلب " مليء بالأحاديث التي يرويها أهل السنة و هو يأخذ بفقههم و اجتهادهم رغم الأمور المستهجنة كادعاء العصمة و الغلو في بعض التصرفات كقتل المتخلف عن الصلاة بغير عذر.
























الخاتمة
نستنتج من خلال عرضنا لهذا البحث أن المهدي بن تومرت وافق الإسماعيلية في أشياء واختلف معهم في أشياء أخرى إذ كان هو المتأثر بهم لا هم , فوافقهم في وجوب إطلاق العصمة على الإمام ووافقهم أيضا في المهدية فزعم أنه المهدي المنتظر , وخالفهم بصفة كبيرة جدا في مسألتي الإمامة وأصول الدين ففيهما يظهر البون الشاسع بين عقيدة المهدي المتأثرة بالاعتزال و الأشعرية وبين الإسماعيلية التي بنت عقيدتها على شركيات ضمتها من الديانات الشرقية القديمة ممزوجة بتأثير الفلسفة الغنوصية داخلة في ضلالات الفرق الشيعية الخارجة عن الإسلام كالأبي هاشمية و الكيسانية .

















المرفقات
أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة Attachmentأوجه التشابه و الاختلاف بين العبيديين و الموحدين في العقيدة.doc
لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
(156 Ko) عدد مرات التنزيل 0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أسماء كرامدي

أسماء كرامدي

عدد الرسائل :
1331

تاريخ التسجيل :
18/04/2009


أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة   أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة I_icon_minitimeالجمعة 22 يوليو 2011 - 18:41

اقتباس :

و الحق أن ابن تومرت خيرٌ من الإسماعيلية و أفضل, و دولته لها مواقف شرفت الإسلام و انتصرت له, و الرجل كان يترضّى على الصحابة و يقر بخلافة الأربعة و يُوحد الله سبحانه و تعالى و يقر بوجوده إلا ما شابه من تأثر بالمعتزلة ,
الخاتمة :
نستنتج من خلال عرضنا لهذا البحث أن المهدي بن تومرت وافق الإسماعيلية في أشياء واختلف معهم في أشياء أخرى إذ كان هو المتأثر بهم لا هم ,,,,, خالفهم بصفة كبيرة جدا في مسألتي الإمامة وأصول الدين ففيهما يظهر البون الشاسع بين عقيدة المهدي المتأثرة بالاعتزال و الأشعرية, وبين الإسماعيلية التي بنت عقيدتها على شركيات ضمتها من الديانات الشرقية القديمة ممزوجة بتأثير الفلسفة الغنوصية داخلة في ضلالات الفرق الشيعية الخارجة عن الإسلام كالأبي هاشمية و الكيسانية .
بارك الله فيكم أخي الكريم على بحثكم الذي استفدتُ منه أمورا,, خصوصا و أنّ البحث تناول المقارنة من جانب العقيدة، و كما ذكرتُم:"اخترنا منها جانبَ العقيدة لأهميته في تحديد وجهة الدولة وسياستها المستقبلية في المنطقة"، فأجدني أتساءل عن الدور الذي لعبه القائد ابن تومرت في خدمة الإسلام و تشريفه, و هو الداعية لنفسه!!؟ و رغم جهلي الكبير بالتاريخ، استسمحكم بالتعقيب على ما ورد في قولكم.
- قولكم: يُوحد الله سبحانه و تعالى و يقر بوجوده إلا ما شابه من تأثر بالمعتزلة
الإقرار بوجود الله لا يعني توحيده أخي الكريم، و إلا فإنّ المشركين مقروّن بوجوده عز وجل,,وابن تومرت كان على طريقة المعتزلة في الصفات، أي كان نافيا لها!! و تسمية أتباعه بالموحدين فيه بيان لحقيقة توحيد ابن تومرت!، فإذا كان التوحيد عنده نفي الصفات و تعطيلها (يميل إلى المعتزلة في إثبات التوحيد على طريق التنزيه المطلق)، فأي توحيد هذا!؟,وقد ذكرتم عن الاسماعيلية أنّ مذهبهم في باب الصفات (هو التعطيل متأثرين بذلك بالمعتزلة و الجهمية، و لذلك هاجمهم أهل السنة بأنهم نفاة للصفة الحقيقية و بأنهم معطلة لذاته عن جميع صفاته),
فالذي أردت التنبيه عليه، أنّ آراء ابن تومرت المتاثرة بمنهج المعتزلة, متأثّرة هي أيضا بالفلسلفة اليونانية و الهندية و لا يخفى ما فيها من الشرك و الخرافات,,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

أوجه التشابه و الاختلاف بين الخلافة الفاطمية ( العبيدية ) و الموحدية في العقيدة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» من أوجه البلاغة...
» صلة الإمارة و الخلافة بالعقيدة ... محمّد بن إبراهيم الحمد
» تحرير أوجه الأزرق من طريق النشر الكبير.
» تناقض الشيعة و أقوالهم في الخلافة
» حتى نتعلم ادب الاختلاف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: العــقيــدة الصحيحة-