الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 ذكرياتي في القطار...

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو همام عبد الحميد

أبو همام عبد الحميد

عدد الرسائل :
261

تاريخ التسجيل :
14/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالجمعة 1 أبريل 2011 - 19:38

ذكرياتي في القطار
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد...
فبينما أنا جالس في حجرتي ، أستعرض شريط الماضي ، إذ بذكريات القطار تستوقفني للحظات ...
سبحان الله ! سنوات عديدة تختصر في لحظات!...
نعم ، سنوات طويلة قضيتها في القطار ذهابا و إيابا كل يوم ، من البيت إلى الجامعة ، تجاوزت الخمس سنين...
فيها ما فيها من أحداث عجيبة و مواقف غريبة استحقت أن تذكر ، و أن تكتب و تنشر...
لا تستغربوا إخوتي إن قلت لكم أن المدة الفاصلة بين المحطة الأولى و محطة الجامعة تقارب الساعة ، فتصير ساعتين ذهابا و إيابا ، ثم كرر هذا كل يوم لأكثر من خمس سنوات ، تجد مخزونا كبيرا من المواقف و الأحداث ، كان فيها العديد من العبر و العظات...
و بدون إطالة إليكم هذه المواقف...
قنبلة في القطار !
و نحن نودع سنوات المأساة الرهيبة ، و قد دخلت بلادنا مرحلة المصالحة ، و استتب الأمن بحمد الله في ربوع الوطن ...
يصعد أخوكم كعادته إلى القطار بكل راحة و أمان ، عائدا من كلية العلوم بعد صلاة الظهر بقليل، و لك أخي أن تتخيل القطار ممتلئا عن آخره بالركاب ، أغلبهم من الطلاب ، و نحن ننتقل من محطة إلى أخرى ، كل شيء على ما يرام لحد الآن ، و بعد أن تجاوزنا محطة وادي السمار و اقتربنا من محطة الحراش ، و الوقت يقارب وقت العصر ، و الهدوء مخيم على الجميع ، إذ بصيحات تأتي من قبل العربات الأمامية :قنبلة..قنبلة!!
(بومبة...بومبة...بالعامية الجزائرية)
طبعا ، لن يشك أحد في صدق الخبر ، و فجأة تنهمر علينا سيول من البشر قادمة من الأمام إلينا ، بحثا عن باب للخروج ،
و أخوكم أبو همام ، يودع آخر الأيام ، و ينطق بشهادتي الاسلام ، قبل أن يصير أثرا بعد عين ، مع أول انفجار...
لا أخفيكم إخوتي ، شعرت لأول مرة بطعم الموت ، و قيمة اغتنام الحياة في طاعة الله...
و استرجعت شريط الحياة في لحظات ، مرت غالية جدا ، كأنها سنوات....
و الآن...ما أسرع النسيان..أيها الانسان !!
لن أنسى موقف تلك العجوز الصابرة الثابتة حين أخذت تقول للناس : الموت واحد...الموت واحد...
( المُوتْ وَحْدَة...بالعامية الجزائرية)
و هي تنظر إلى جموع الشباب المذعورين يندفعون إلى الخارج لا يرحمون صغيرا و لا يوقرون كبيرا ، لا يفكرون إلا في نجاتهم لوحدهم !مع ما أوتوا من بسطة في الجسم !
توقف القطار عن السير بعد تلك الضجة الكبيرة ...
و فتحت الأبواب ، و خرجنا جميعا و قلوبنا تخفق خوفا و رعبا من حصول الكارثة ، و في النهاية لم يحدث شيء من ذلك بحمد الله...
لقد كانت إشاعة !!
(من أحد السارقين كما قالوا...)
الحمد لله على بقاءنا أحياء ، فبقاء المؤمن في الدنيا غنيمة....
نسأل الله أن يطيل أعمارنا بطاعته...
أطلق ربان القطار الصفير لعودة الركاب ، فرجعنا أدراجنا ...لكن الطريف أنني وجدتني بحذاء واحد !!
لقد فقدت الحذاء الثاني دون شعور في غمرة الزحمة و الاندفاع...
صعدت إلى القطار و أخذت أسأل عن حذائي بخجل ، لأن الخطب العظيم قد سيطر على النفوس تماما ، فكيف لها أن تهتم لشأن الحذاء !!
و لن أبالغ إذا قلت أن الناس الذين سألتهم كانوا في شبه سكر و إغماء من فرط الصدمة ، لكن أحدهم خفف من هول الموقف بابتسامة لطيفة ، طمأنت نفسي و أشعرتني بأهمية التفاؤل و البشاشة في مثل هذه الظروف الصعبة ،
كما جاء في الحديث ( تبسمك في وجه أخيك صدقة) ، أخيرا وجدت الحذاء ، و تنفس القدر الصعداء....
لن أنسى تلك الطالبة المدللة التي اجتمع حولها زميلاتها و هن يصبرنها و يثبتنها و هي تقول : بابا ، ماما !! (باللكنة الفرنسية) حيث انهارت تماما من هول ما جرى ، و أخذت تبكي بشكل هستيري...
كانت متبرجة ، نسأل الله أن يسترها بالحجاب ، فقد يكون هذا الموقف سببا لهدايتها !!...من يدري ؟؟
لقد استفدت من هذا الحدث فوائد عديدة منها :
1ـ أنه لا بد من الاستعداد للرحيل في أية لحظة !
(و ما تدري نفس بأي أرض تموت)
(و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون)
2ـ أن الناس يتفاضلون في الفتن و المحن و النوازل قلبا و قالبا بحسب دينهم و معدنهم و تربيتهم و سنهم كذلك....
و التوفيق و التثبيت من الله أولا و آخرا...
و لا ننسى نصيحة رسول الله صلى الله عليه و سلم لنا بالعمل الصالح قبل حلول الفتن لأنها تثبت العبد :
(بادروا بالأعمال الصالحة فتنا كقطع الليل المظلم...)
3ـ أن أخبار الكوارث قد تكون مكذوبة ناجمة عن دعاية و إشاعة ، فلا ينبغي التهور و اتخاذ القرارات السريعة فنندم في النهاية و نخسر كثيرا...بل لا بد من التؤدة و التروي و التأكد من الخبر ، فإن الكذابين اليوم كُثُرٌ !!
و قد عز الصدقُ في هذه الأيام للأسف الشديد...
و يذكرني هذا بقصة النملة المذكورة في القرآن و صدقها و وفائها لقومها و إنصافها للنبي سليمان عليه السلام...
لا أظن مفسرا أنصف النملة كما أنصفها الامام الجزائري عبد الحميد ابن باديس رحمه الله حين تأوه و قال :
آه...ما أحوجنا ـ معشر المسلمين ـ إلى أمثال هذه النملة !!!
و قد ذكر قصتها مع النبي سليمان عليه السلام و كيف أنقذت قومها من هلاك وشيك و علق عليها بقوله :
( هذه نملة وفت لقومها ، و أدت نحوهم واجبها !!
فكيف بالانسان العاقل ، فيما يجب عليه نحو قومه ؟!
هذه عظة بالغة لمن لا يهتم بأمور قومه ، و لا يؤدي الواجب نحوهم ، و لمن يرى الخطر داهما لقومه ، فيسكت و يتقاعس ، و لمن يقود الخطر إليهم و يصبه بيده عليهم…!!!
آه..ما أحوجنا معشر المسلمين إلى أمثال هذه النملة! )
مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير ص 263.و أنا أقول :
ما أحوجنا إلى أمثال هذه النملة ، لتحل المشكلة ، لا أن تدعي القنبلة !!!
و انظر أخي إلى حال نملة لا ترى بالأبصار...
كيف خلد الله ذكرها في الأمصار...
و نشر خبرها في الأقطار....
و انظر إلى حال إنسان يكذب في الأخبار...
و ينذر زورا بالأخطار...
يدعي وجود قنبلة في القطار...
كيف آذى الناس و أغضب القهار...
فرب حشرة خير من ألف إنسان !!
...................يتبع بإذن الله
[/size][/size][/size][center]


عدل سابقا من قبل أبو همام عبد الحميد في السبت 2 أبريل 2011 - 12:30 عدل 12 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو رفيدة البربري

أبو رفيدة البربري

عدد الرسائل :
688

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
17/03/2010


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالسبت 2 أبريل 2011 - 0:31

مقالك بليغ رائع .. قد حرك الأشجان
كيف لا و نحن من عايش مواقف كثيرة مماثلة له
جزاكم الله خيراً أخي الفاضل أبو همام
نتابع معك بشغـف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سليلة الغرباء
Admin
سليلة الغرباء

عدد الرسائل :
6335

الموقع :
جنة الفردوس بإذن الله

تاريخ التسجيل :
19/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالسبت 2 أبريل 2011 - 9:31

فعلا صدقت إذ قلت :
فرب حشرة خير من ألف إنسان !!!

أولا : نرحب بعودتك للمنتدى ونتمنى أن يكون عودا حميدا دائما من غير رجعة للإنقطاع

ثانيا : جزاك الله خيرا إذ متعتنا بما سردت لنا من ذكريات في هذه الحكاية ، وما جرى في نواحي العاصمة أكيد أكثر مما جرى في غيرها في سنوات خلت وقد مررنا وذقنا جميعا رعب الخوف ولو مما نشاهده ونسمعه وكنا ننتظره أحيامنا برعب شديد لأن الحال واحد ومتعد والله المستعان

من تلك المفارقات بين قول العجوز المسنة الموت واحد ، وبين مؤمن بالله متذكر للشهادة حين تلقي الخبر ومستقبل للموت وبين فتاة مدللة أفقدها الموقف سيطرتها على نفسها وملأها خوفا ورعبا وارهبها فتذكرت امها وأباها ، ومن هنا نستنتج ما تربى عليه الإنسان وسيقت نفسه لحب هذا الذي تربى على حبه وتشبع به حتى ظهر له كأنه عبرته في خاتمته

نسال الله السلامة في عقائدنا وضمائرنا ولك كل الشكر على ما أفدتنا به من درر وقيمات في انتظار بقية هذه الذكريات



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
33

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالسبت 2 أبريل 2011 - 12:18

[b]

وعاد الأسد إلى عرينه بين أحبابه وخِلانه , يُمتِّع بالطّرائف أخلادهم , ويملئ بالفوائد
أفكارهم , ويحي بالأمل نفوسهم , ويذكر بالله عقولهم وقلوبهم .
بوركت من أديب فصيح مليح , زادك ربي توفيقا ورأيا سديد
اتدري يا حبيب , بأني أقرأ مقالاتك مرّات عديدة , وخاصة في أوقات الفتور , لأستلهم منها الفوائد والنوادر و العوائدة الحميد ..

فعودا حميدا... يا عبد الحميد


عدل سابقا من قبل سمير الجزائري في السبت 2 أبريل 2011 - 12:55 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
أبو همام عبد الحميد

أبو همام عبد الحميد

عدد الرسائل :
261

تاريخ التسجيل :
14/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالسبت 2 أبريل 2011 - 12:47

حياك الله أخي الحبيب : سمير الجزائري....

جزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة ، و إن كنت لا أستحق عشر ذلك ، و أسأل الله الاندراج تحت تلك المسالك (هذه عبارة مأخوذة من مطلع متن نخبة الفكر في اصطلاح أهل الأثر للامام بن حجر رحمه الله)....

عدت إليكم أخي الفاضل سمير ....عودة الابن لبيته و أهله ، لأن المرئ لا يرتاح إلا في بيته و بين أهله ، لنرتوي من معينكم الصافي ، إذا ظمئنا و تهنا في البيداء و الفيافي ، و نجد الجواب الكافي ، ونشرب الدواء الشافي ، و ننظم معكم لآلئ القوافي ، ضمن عقد فريد ، أساسه المنهج السلفي الرشيد ، و العقل السليم السديد ، إنه مسلك منتديات تبسة الاسلامية الأكيد...

فالحمد لله ذي العرش المجيد.....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو سليمان سليم الجزائري

أبو سليمان سليم الجزائري

عدد الرسائل :
12

تاريخ التسجيل :
23/07/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالأحد 3 أبريل 2011 - 19:27

بحق ذكريات لا تنسى، وكيف تنسى وقد صارت جزءا منا..

في انتظار التتمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نور

ام نور

عدد الرسائل :
953

العمر :
33

الموقع :
رياض الصالحين

تاريخ التسجيل :
10/03/2011


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالإثنين 4 أبريل 2011 - 21:02

اييييييييييييه والله هناك كثير من المواقف والذكريات مرت في حياتنا كان لها وقع واثر كبير في حياتنا.
وذكرياتك اخي لها معنى عميق اننا لاننسى بان الموت يمكن ان يدهمنا في اي لحظة فما اجمل ان ياتينا ونحن على طاعة .
اللهم احسن عاقبتنا .
اللهم انا نسالك حسن الخاتمة .
اللهم انا نعوذ بك من موت الفجائة ومن سوء الخاتمة ..
اللهم اميييييييييييييييييييييييين..
جزاك الله خير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو همام عبد الحميد

أبو همام عبد الحميد

عدد الرسائل :
261

تاريخ التسجيل :
14/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالخميس 7 أبريل 2011 - 14:32

أبو سليمان سليم الجزائري كتب:
بحق ذكريات لا تنسى، وكيف تنسى وقد صارت جزءا منا..

في انتظار التتمة

ام نور كتب:
اييييييييييييه والله هناك كثير من المواقف والذكريات مرت في حياتنا كان لها وقع واثر كبير في حياتنا.
وذكرياتك اخي لها معنى عميق اننا لاننسى بان الموت يمكن ان يدهمنا في اي لحظة فما اجمل ان ياتينا ونحن على طاعة .
اللهم احسن عاقبتنا .
اللهم انا نسالك حسن الخاتمة .
اللهم انا نعوذ بك من موت الفجائة ومن سوء الخاتمة ..
اللهم اميييييييييييييييييييييييين..
جزاك الله خير.
جزى الله خيرا كل من تابع الموضوع وأعتذر عن تأخر ردي وأبشروا بذكريات ومواقف أخرى طيبة..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو همام عبد الحميد

أبو همام عبد الحميد

عدد الرسائل :
261

تاريخ التسجيل :
14/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالخميس 7 أبريل 2011 - 14:39

أُم تروي قصتها العجيبة !!



لازلت أذكر ذلك الصباح الذي كنت فيه مع صاحبي في القطار ، متجهين إلى الجامعة ، كانت الساعة السابعة و بضع دقائق ، كنت أتداول معه الجلوس على الكرسي ، و في مقابلنا امرأة عجوز قد بلغت من الكبر عتيا ، كانت مهيبة عليها مسحة من نور ، ترمقنا ببصرها طويلا ، باسمة المحيا ، طيبة النفس ، هانئة الحال.
فقلت في نفسي كأني بها تريد الإفصاح عن مكنون قلبها ، و إذا بالجواب يأتي بالعجاب ، و يكشف عن الحجاب...
بدأت العجوز تكلمنا مستهلة حديثها بقولها :
il faut étudier mes enfants !!...
أي يجب أن تدرسوا يا أبنائي !...
حدثتنا بلغة فرنسية صحيحة ، ليس عليها أثر من لحن أو خطأ !...
فأخذت تسترسل في كلامها معنا تارة بالعربية و تارة بالفرنسية ، تحدثنا عن أهمية العلم و ضرورة الصبر و الكفاح في سبيل نيله و الضفر به …!!
فلم أتمالك نفسي و قلت لها : يا خالتي الفاضلة كيف لك أن تتحدثي بالفرنسية بطلاقة ؟ هل أنت متعلمة ؟!
فأجابت و هي تبتسم : لا يا ولدي و لا حرف واحد !!
فسألناها : و كيف حصل ذلك ؟؟
فشرعت المرأة الفاضلة ، تروي لنا قصتها الكاملة قائلة :
اعلموا يا أبنائي أنه قبل عقود من الزمان خلت ، كنت طفلة يافعة تنبض بالحياة ، أعيش في ضواحي الجزائر العاصمة ، زمن الاحتلال الفرنسي ، في كنف أسرة بسيطة الحال ، قليلة اليد ، ألعب مع قريناتي من بنات الفرنسيين ، بحكم الجوار و قرب الدار ، كن يحببني كثيرا ، و يعلمنني مختلف الأغاني و الأناشيد و الأهازيج الفرنسية التي يرددنها أثناء اللعب ، فأخذت أتعلم لغتهن مشافهة حتى أتقنتها !!...
بعدها ، رحت أتبعهن إلى المدرسة ، و أشيعهن إليها كل مرة ، فأمشي بينهن و أخفي نفسي و أتوارى عن أنظار المراقبات ، و صواحبي تساعدنني في ذلك بكل حيلة ، حتى تمكنت من دخول القسم !!
غير أن المعلمة الفرنسية تفطنت لي و أخرجتني من الصف ،و لن أنسى مقولتها تلك : (لا يا ابنتي المسكينة ، ستضيعين لقمة عيشي !)
و هكذا ، حرمت من التعلم ، كباقي الجزائريين حينها....
و بقيت أنظر إليهن من النافذة كل يوم ، ألقي النظرة تلو النظرة ، أحس كأنني معهن في الصف ، قلبي معهن لا يفارقهن ، كانت في نفسي رغبة جامحة لأدرس و أتعلم مثلهن ، تركت نارا في صدري ، أكتوي بها طول عمري ، لا يطفئها ماء ، و لا يشفيني منها دواء....
و تمضي السنون ، فكبرت و تزوجت ، و رزقت بأولاد ، و تزامنت معها البشائر ، بتحرر الجزائر بحمد الله...
فبدأت مشروعي العظيم : تربية أولادي و تعليمهم...
فأخذت على عاتقي تربيتهم تربية خاصة ، أساسها التعليم الجيد و الصرامة فيه إلى أبعد الحدود !!
كل هذا يحدوني فيه ذلك الأمل ، و يحركني في كل لحظة منه ذلك الألم و الجرح الدفين العميق ( الأمية) ،
فألزمت أولادي بالمذاكرة الشديدة المستمرة ، و كان لي فيها حال عجيبة معهم ، خاصة مع ولدي الأكبر ، فعندما بلغ الصف السادس ، ليجتاز امتحان شهادة التعليم الابتدائي ، كنت أربط قدميه بقيود من حديد مع قوائم طاولته في الغرفة ، فيمكث طويلا في مكانه يراجع و يذاكر ، دون أن يرحل أو يغادر ، حتى يتم دروسه اللهم إلا في الحالات الحرجة فقط !!!
كان أبنائي يحصلون أعلى الدرجات في كل المراحل بحمد الله ، فتقر عيني ، و تطيب نفسي ، و يلتئم جرح أمسي ، شيئا فشيئا مع كل نجاح ، و مع كل تفوق...
فلما بلغوا المرحلة الجامعية...
كان لي معهم حال أخرى عجيبة...
كنت لا أدعهم يضيعون الأوقات ، بل آمرهم باستثمار الطاقات ، و البعد عن التسكع في الطرقات ، و لو كان لاقتناء الحاجات و الضرورات...
فألزمهم بالمراجعة في البيت ، و أذهب بنفسي لأقضي لهم حاجاتهم المادية ، ليس هذا فحسب ، و إنما العلمية كذلك!
فأشتري لهم ما يحتاجونه من مجلات ثقافية و كتب أدبية و أخرى علمية متخصصة !
فقلنا لها : كيف تحفظينها ؟
فقالت : هذا أمر سهل ، كنت أحفظها باسمها الكامل ، لأنني أحسن الفرنسية (سردت لنا أمثلة على ذلك فذكرت كتاب البؤساء لفكتور هوغو و غير ذلك (!،
تواصل قائلة :
صرت أتردد على محلات الكتب في أنحاء العاصمة ، فعرفني الجميع و أحبوني و أكنوا لي كل الاحترام و التقدير لكبر سني و اهتمامي بشأن العلم و الثقافة و إن كنت أمية لا أقرأ و لا أكتب !
ثم أردفت قائلة :
و ها هم اليوم بحمد الله ، كلهم كوادر و مثقفون ، فابني الأكبر هو نائب عميد إحدى الجامعات ، و الآخر مهندس و غيرهم...
تقول ذلك بنبرة الواثق المطمئن...
لتختم حديثها بحثنا على طلب العلم مرة أخرى ، و ضرورة الدراسة و المذاكرة..
فشكرناها و مدحناها كثيرا ، و دعت لنا بخير ، وودعناها بإكبار و احترام و تقدير....
و الله كان الجميع من ركاب القطار يستمع إليها بإعجاب ، كانت تخطب فينا كالأستاذ الجامعي و هي لا تقرأ حرفا واحدا!
و لله في خلقه شؤون...
لله درها من أم مجاهدة...
لله درها من أم صابرة...
لله درها من صاحبة همة عالية...
لله درها من امرأة واعية و إن لم تتعلم...
لله درها من مربية ذكية متوقدة..
هذه أم لم تدرس.....فكيف لو درست !!
هذه أم عرفت شيئا من الفرنسية ....
فكيف لو تعلمت العربية و أتقنتها ؟؟؟

أترك لكم الجواب....
أيها القراء الأحباب...
مع موقف آخر ...بإذن الله العزيز الوهاب.....
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
الأم ذلك المهندس الخفي !
الذي همش دوره في المجتمع الإسلامي للأسف الشديد...
.....................يتبع بإذن الله
[/size][/font][/size][/size]


عدل سابقا من قبل أبو همام عبد الحميد في السبت 9 أبريل 2011 - 13:34 عدل 9 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سليلة الغرباء
Admin
سليلة الغرباء

عدد الرسائل :
6335

الموقع :
جنة الفردوس بإذن الله

تاريخ التسجيل :
19/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالجمعة 8 أبريل 2011 - 8:49

قصة تجدها في واقع كل أمي لكنه ليس بجاهل والحكمة تملأ عقله لكنه لا يعرف حروف كتابتها ولسانهم ينطق بها

لا غرابة أبدا قد تجد مثقفا لم يتعدى مراحل الإبتدائي وتجد جامعي رأسه فارغة خصوصا في زماننا زمن (( نقل تنتقل))

جزاك الله خيرا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نور

ام نور

عدد الرسائل :
953

العمر :
33

الموقع :
رياض الصالحين

تاريخ التسجيل :
10/03/2011


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالجمعة 8 أبريل 2011 - 13:12

أصبحت يا بنت الجز ائر للبطو
لة والفدا عـلـمـا مـن الأعـلام
ورسمت للـبـنـت الأبـيـة لـوحـة
من مثلها عجزت يد الرسام
لا تيأسي فالفـجـر لاح ضـيـاؤه
أمع الـضـيـاء بـقـيـة لـظـلام !

للشاعرصالح خباشة

يا جميـلـة ومـا عـهـد نـسـاك إلا
دعـوات لـلـجـهـاد جـمـيـلـة
لملمي الجرح فـالـنـهـار تـجـلـى
والربيع الندي أرض ظليله
لك من حـولـنـا رفـيـقـات عـهـد
جئن يحملن للعـلا أكـلـيـلـه
كل بنت منهن أمضى من السهم
و للحرب والفخار سلـيـلـه.

للشاعرمحمد بلقاسم خمار
اهديهاهذه لكل امهاتنا اللواتي ناضلن ايام الثورة الجزائرية
والى كل امهات الجزائروامهات العرب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الجبل الأبيض

عاشق الجبل الأبيض

عدد الرسائل :
559

العمر :
44

تاريخ التسجيل :
08/06/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالجمعة 8 أبريل 2011 - 16:55

الام مدرسة اذا اعددتها **اعددت شعبا طيب الاعراق

بوركتم.......................................
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو همام عبد الحميد

أبو همام عبد الحميد

عدد الرسائل :
261

تاريخ التسجيل :
14/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالسبت 9 أبريل 2011 - 12:49

سليلة الغرباء كتب:
قصة تجدها في واقع كل أمي لكنه ليس بجاهل والحكمة تملأ عقله لكنه لا يعرف حروف كتابتها ولسانهم ينطق بها

لا غرابة أبدا قد تجد مثقفا لم يتعدى مراحل الإبتدائي وتجد جامعي رأسه فارغة خصوصا في زماننا زمن (( نقل تنتقل))

جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا و بارك فيك أختنا : سليلة الغرباء

صدقتِِ و رب الكعبة !!..

رب أمي نبيه....و رب متعلم سفيه....

و الموفق من وفقه الله....

الهداية من عند الله وحده....

لا تحسبن العلم ينفع وحده....ما لم يتوج ربه بخلاق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو همام عبد الحميد

أبو همام عبد الحميد

عدد الرسائل :
261

تاريخ التسجيل :
14/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالسبت 9 أبريل 2011 - 13:00

عبد القادر 26 كتب:
مقالك بليغ رائع .. قد حرك الأشجان
كيف لا و نحن من عايش مواقف كثيرة مماثلة له
جزاكم الله خيراً أخي الفاضل أبو همام
نتابع معك بشغـف

حفظك الباري و جزاك كل خير أخي العزيز : عبد القادر 26....
أعتذر عن تأخر ردي عليك....فلم أنتبه لتزاحم الأشغال ....
نعم ....
صدقت فالمواقف تتكرر و تتشابه ، فالقطار هو القطار ، و إن تغيرت الأماكن و الأقطار....
و الانسان هو الانسان...و إن تغير اللسان والزمان و المكان و الألوان....

متابع لردودك و مشاركاتك بشغف....

و أهلا بمواقفكم الجميلة....
لنحلي بها هذه الذكريات...

فلست وحدي من ركب القطار...أيها الشطار !!!

(ابتسامة أخوية)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو همام عبد الحميد

أبو همام عبد الحميد

عدد الرسائل :
261

تاريخ التسجيل :
14/05/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالسبت 9 أبريل 2011 - 13:09

ام نور كتب:
أصبحت يا بنت الجز ائر للبطو
لة والفدا عـلـمـا مـن الأعـلام
ورسمت للـبـنـت الأبـيـة لـوحـة
من مثلها عجزت يد الرسام
لا تيأسي فالفـجـر لاح ضـيـاؤه
أمع الـضـيـاء بـقـيـة لـظـلام !

للشاعرصالح خباشة

يا جميـلـة ومـا عـهـد نـسـاك إلا
دعـوات لـلـجـهـاد جـمـيـلـة
لملمي الجرح فـالـنـهـار تـجـلـى
والربيع الندي أرض ظليله
لك من حـولـنـا رفـيـقـات عـهـد
جئن يحملن للعـلا أكـلـيـلـه
كل بنت منهن أمضى من السهم
و للحرب والفخار سلـيـلـه.

للشاعرمحمد بلقاسم خمار
اهديهاهذه لكل امهاتنا اللواتي ناضلن ايام الثورة الجزائرية
والى كل امهات الجزائروامهات العرب

بارك الله فيكم يا أم نور...

كلمات طيبة تستحقها كل أم مسلمة و كل امرأة و بنت و أخت مسلمة تهتم لهذا الدين و تناضل في خدمة وطنها المسلم ليحيى شامخا أبيا بإسلامه و عروبته و مجده الخالد بإذن الله.....

وفق الله أمهات الجزائر و سائر بلاد المسلمين لإخراج جيل التمكين و حرس الحدود الذين يذبون عن حياض الاسلام و ينهضون بأمتهم على أساس متين من التوحيد و السنة الصحيحة و الأخلاق الزكية الفاضلة....

الله الله في التصفية و التربية يا أهل الاسلام !!!....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو سليمان سليم الجزائري

أبو سليمان سليم الجزائري

عدد الرسائل :
12

تاريخ التسجيل :
23/07/2009


ذكرياتي في القطار... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرياتي في القطار...   ذكرياتي في القطار... I_icon_minitimeالإثنين 11 أبريل 2011 - 13:15

تسجيل متابعة..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

ذكرياتي في القطار...

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مبحرًٌ في ذكرياتي......ساهر في الليل وحدي
» لا تركب القطار وهو يتحرك
» ذكرياتي .. و محطات دعوية و إيمانية ..في حياتي !! متجدد
»  << زيارة سيدي عابد ! >> ـ[1]ـ أحاديثنا في القطار
» إلى زيارة سيدي عابد ! ـ ـ أحاديثنا في القطار بقلم الأستاذ الزّاهري العضو الإداري لجمعيّة العلماء الم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: في رحــــاب المنتــدى :: إسـهامات الأعضــاء-