الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فكما جاء ذكره في سؤالك – أختنا الكريمة – فإنّ من المصائب أن يكون المريض على فراش الموت، ثمّ لا يُقبِل على الله بالإنابة والتّوبة، وأن يسأله مغفرة الزّلّة

الحوبة.

وما أسعد من سخّر الله له زوجةً صالحة ! وأولادا صالحين ! يذكّرونه بالله وقت الشدّة، وبإقامة حدود الله قبل أن تنقضي المدّة.

· ويجب على المسلم أن يعلم أنّ الصّلاة لا تسقُط على بالغ عاقل، إلاّ صنفين: الحائض والنّفساء.

أمّا غير هذين فالصّلاة في حقّهم واجبة على قدر الاستطاعة والطّاقة.

قال تعالى وهو يخاطب عباده المؤمنين حال احتدام القتال، وقوّة النّزال:{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ } فلمّا كان ربّما اعتذروا

بالقتال، قال بعد ذلك:{ فَإِنْ خِفْتُمْ } أي: العدوّ: { فَرِجَالاً } أي: على أرجلكم مشاةً { أًوْ رُكْبَاناً } أي: على دوابّكم.

فتجب الصّلاة ولا تسقط، ولو بالإيماء والإشارة، والتّهليل والتّكبير والتّحميد.

· فالمريض من باب أولى، فقد قال تعالى – على أحد التّفسيرين -:{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } قال كثير من السّلف: هي صلاة المريض

[" تفسير القرطبي "، أمّا التّفسير الثّاني فهو ذكر الله على كلّ حال].

ويشهد لهذا التّفسير ما رواه البخاري ومسلم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهقَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّمفَقَالَ لِي:

(( صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ )).

· وإذا لم يجد المريض من يوجّهه إلى القبلة عمل بقوله تعالى:{ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ }، وتسقط القبلة عنه، فالمهمّ هو أداء الصّلاة قبل خروج وقتها.

· وإن لم يجد ماءً تيمّم.

· وإن لم يجد ما يتيمّم به، أو كان عاجزا عن استعماله، لشلل، أو حروقٍ، أو غير ذلك، صلّى من غير وضوء، ولا تيمّم، وهو ما يُعرف عند العلماء بـ( صلاة

فاقد الطّهورين ).

· وإن كانت عليه نجاسة، ولم يجِد ما يزيلها به، أو عجر عن إزالتها، وخشِي خروج الوقت، صلّى وعليه النّجاسة، وصلاته صحيحة، فالمهمّ هو أداء الصّلاة في

وقتها.

· وإن لم يجد ما يستر به عورته، صلّى عُريانا بإجماع العلماء، ولا يدع الصّلاة تخرج عن وقتها.

الحاصل:

إن صحّ أنّه استفتَى، وأفْتوهُ بأنّ الصّلاة لا تصحّ وهو حامل النّجاسة !! فإنّما إثمه على من أفتاه، وليس عليه شيء إن شاء الله تبارك وتعالى.

ونسأل الله تعالى له ولموتى المسلمين جميعا الرّحمة والمغفرة، إنّه تعالى سميع قريب مجيب.