الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، ونسأل الله تعالى أن يجمعنا في هذه الدّنيا على طاعته، ويوم القيامة في دار كرامته، ومستقرّ رحمته، آمــيــن.

· فاعلم – أخي الكريم – أنّ مسائل الطّلاق لا يجوز نقل الفتوى فيها، بل لا بدّ من السّماع من صاحب الحادثة شخصيّا.

· ولا بدّ أن تعلم أيضا أنّ الفرقة إذا حصلت بلفظ " الطّلاق " فإنّها تعدّ طلاقا، لأنّه لفظ صريح.

وإنّما يُسأل الزّوج عن نيّته وماذا قصد بلفظ الطّلاق في حالتين:

- في الطّلاق المعلّق بشرط، كأن يقول: أنت طالق لو خرجت. فلعلّه قصد اليمين.

- أو إذا تلفّظ بلفظ يحتمل الطّلاق، ويحتمل شيئا آخر، كأن يقول لها: الحَقِي بأهلك، ونحو ذلك، فعندئذ يُسأل عن نيّته.

· ثمّ اعلم أنّ الغضب ليس كلّه عذرا في عدم وقوع الطّلاق، وإنّما الّذي يُعتبر عذرا هو الغضب الشّديد الّذي يغلق فيه على صاحبه، حتّى لا يشعر كيف خرجت من

فيه لفظة الطّلاق.

كلّ ذلك، يُوجِبُ عليك – أخي الكريم – أن تُرشِد السّائل ليتّصل بإمام فقيه بحيّه، أو يتّصل بالدّعاة إلى الله، ليستفصِلوا في الأمر.

وأرقام هواتف المشايخ – حسب علمي – مدوّنة بركن من أركان المنتدى.

ورقم أخيك المجيب قد تغيّر منذ مدّة إلى الرّقم التّالي: 0550819699 / ولك الاتّصال بعد صلاة الظّهر يوميّا.

· وفي الختام أرى لزاما عليّ أن أذكّرك – أخي الكريم – بأنّه لا يجوز الخروج والتحدّث إلى الزّوجة قبل الزّفـاف، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَرْقُ مَا

بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ ))، والسّفاح

هو الزّنا..

وفي رواية للإمام أحمد: (( فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الصَّوْتُ وَضَرْبُ الدُّفِّ )).

فكأنّه صلّى الله عليه وسلّم يقول لك: إذا أردت أن تفرّق بين العلاقة الشّرعيّة وغير الشّرعيّة فأَعْلِن النّكاح ..

وقد ذكرنا ذلك مرارا، وبيّنّا المفاسد المترتّبة عن هذا الأمر، وذكرنا ما هو واقع فيه االسّائل مع زوجته ..

فالرّجل إذا زُفّت إليه المرأة، وعاشت تحت كنفِه في بيته، يكون من الصّعب جدّا فراقها. لأنّه أقام عرسا، وأنفق الأموال الطّائلة، وسمع بزواجه الجماهير الهائلة.

أمّا لو حدث أدنى خلافٍ بينهما قبل الزّفاف، فإنّ الفسخ يسهُل عليهما جدّا. وبهذا نكون قد فتحنا بابا واسعاً للشّيطان الرّجيم الّذي همّه الأعظم أن يفرّق بين المرء

وزوجه. فلا بدّ من تضييق مجال الشّيطان في ذلك.

ومن الطّرائف الّتي حدثت لي مع أحدهم- أقصد ممّن يخرجون مع من عقدوا عليها -، أنّه تعجّب من كلامي هذا ! وقال لي: كيف ؟ هي زوجتي !؟

فتفاديت الخوض معه لحظات، ثمّ سألته قائلا: لعلّك إن شاء الله ترسل بالنّفقة إليها ؟ فقال لي متعجّبا أكثر من ذي قبل:

مــاذا ؟ وهل هي زوجـتــي حتّى أنفق عليها ؟

فكان – ولله الحمد – قد أجاب نفسه بنفسه.

والله أعلم وأعزّ وأكرم.

السلام عليكم
يا شيخ نشهد الله الذي لا إله إلاٌ هو أننٌا نقدر هذه المجهودات الجبارة خاصة و أنٌنا نعلم كثرت إنشغالاتكم فالمسجد من جهة و العائلة من الجهة و الندواة خارج العاصمة من جهة و مع ذلك تجيدون الوقت للإجابة عن الأسئلة و المشاركة في المنتدى لو كان في اليوم 80 ساعة ما كفانا لفعل مثل ذلك لكن الله يبارك لمن يشاء و ربٌما لنا نصيب من الفضل (إبتسامة) فوالله لا ننقطع عن الدعاء لكم في ضهر الغيب
شيخنا الحبيب أثار في سؤال الأخ أبي أنس بعص التساءلات و يو من باب العلم فالسؤال عن حكم شرعي لا فتوى

نفس السؤال لكن لو كان طلاق بلفظ صريح و بقصد و كان المطلق ملتزما بما قلتم أي لا يخرج مع المعقود عليها و لا يتكيم معها و طلٌٌقها لسبب ما ثمٌ أراد أن يراجعها فما العمل؟
هل لها العدة أم يقع الطلاق مباشرة؟
إذا كان يقع الطلاق مباشرة فهل يجب عليه فسخ العقد المدني أمام القاضي ثم إعادة عقد مدني جديد أم يبقي على العقد المدني و يكتفي فقط بإعادة العقد الشرعي بكل شروطه؟
إذا فسخ المتعاقدين العقد و لم يكونا قاما بالعقد المدني بل العقد الشرعي فقط فكيف يكون الفسخ؟

معذرة على كل هذه الأسئلة يا شيخنا الحبيب فهي كما قلت من باب العلم لا الفتوى فخذوا كل وقتم و أجيبوا متى شئتم فالأمر غير عاجل
اللهم بارك لنا في شيخنا و حبيبناو والدنا و احفظه لنا و وفقنا لحفظ علمه لنكون له صدقة جارية غير منقطعة اللهم آمين

نصّ الجواب:


فبارك الله فيك أخي الكريم أبا عبد الرّحمن على كلماتك الطيّبة، وجعلني الله تعالى عند حسن ظنّكم.

فأقول وبالله أستعين، وهو حسبنا ونعم الوكيل:

1) المطلّقة قبل الدّخول يثبت في حقّها من الأحكام ما يلي:

أ‌) أنّ طلاقها طلاق بائن بينونة صغرى، بمعنى أنّه ليس له أن يرجعها إلاّ بعقد جديد.

ب‌) إن كان هو من رغِب في الطّلاق أعطاها نصف المهر المسمّى، قال تعالى:{ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا

أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ }.

ومفهوم ذلك:

- أنّه لو لم يَكُن المهر مسمّى، فإنّما تجب لها المتعة فحسْب، وهي واجبة لقوله تعالى:{ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا }.

- ولو كانت هي الرّاغبة في الطّلاق فلا شيء لها.

ت‌) ليس عليها عدّة، لقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا }.

تنبيه: هذا إذا لم تحدُث خلوة بينهما، أمّا إذا خلا بها خلوة صحيحةً ولو لم يدخُلْ بها، فالصّحيح أنّ عليها العدّة، ووجب لها المهر كاملا لا يُنصّف.

وذلك لأنّ دفع الشّبهات مقصد من مقاصد هذا الدّين الحنيف.

روى الإمام أحمد والبيهقيّ وغيرهما عن زُرارةَ بنِ أوفى قال: " قَضَى الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ المَهْدِيُّونَ أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بَاباً أَوْ أَرْخَى سِتْراً، فَقَدْ وَجَبَ المَهْرُ، وَوَجَبَتْ العِدَّةُ

".

وثبت القول بذلك أيضا عن الأحنف بن قيس، وابن عمر، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم جميعا.

وهو قول أبي حنيفة، والشّافعيّ في القديم، ومشهور مذهب أحمد، وإسحاق، والأوزاعيّ.

2) إذا لم يرغب في أن يرجع من طلّقها قبل الدّخول، وجب عليه فسخ العقد المدنيّ أمام القاضي، كيلا تبقى المرأة معلّقةً من النّاحية الإداريّة.

ولكن إن رغب في إرجاعها فلا يجب فسخ العقد المدنيّ عند القاضي، وإنّما يكتفي بالعقد الجديد أمام الشّهود بأنّه قد عقد عليها من جديد.

ذلك لأنّ القاضي إنّما وُجِد من أجل توثيق العقود من زواج أو طلاق، لا من أجل إثبات صحّتهما، فحال هذا المطلِّق حال من طلّق زوجته طلاقا رجعِيّا، ثمّ راجعها، فلا

يجب عليه إرجاعها أمام القاضي، وإنّما يُشهِد على الرّجعة كما هي السنّة.

3) فسخ عقد الزّواج يتمّ بمجرّد قول الرّجل: طلّقتك، أو فارقتك.

فإن كان بائنا وجب الإشهاد لوجوب العقد الجديد بجميع شروطه.

وإن كان رجعيّا كان من السنّة الإشهاد على ذلك أيضا – وبخاصّة الرّجعة –، لما رواه أبو داود عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنه سُئِلَ

عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَقَعُ بِهَا وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَلَا عَلَى رَجْعَتِهَا ؟ فَقَالَ: ( طَلَّقْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، وَرَاجَعْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَعَلَى رَجْعَتِهَا، وَلَا

تَعُدْ ).

والله أعلم وأعزّ وأكرم.

بارك الله فيك يا شيخنا و حبيبنا
الله يحفظك لينا