الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فالأصل في عقود البيوع والمعاوضات قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ }[النّساء من
الآية:29].
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا )) [متّفق عليه].
فلو اشترى شيئا بدينار، وباعه بألف عن تراضٍ، فهو حلال، عذب زُلال.
أمّا ما شاع لدى بعضهم أنّه لا يحلّ أن يربح أكثر من ثلاثة أضعاف، فهو ممّا لا أصل له.
ولكنْ يُستحبّ للمسلم أن يكون: (( سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحاً إِذَا اشْتَرَى ))، و( إٍنًّمًا يًرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ ).
· تنبيه: هذا هو الحكم العامّ، أمّا أصحاب المحلاّت التّجاريّة، فإنّه: إذا وضع الحاكم تسعيرةً لشيءٍ لرفع الضّرر عن النّاس فإنّه عليه أن يتقيّد بالسّعر، مراعاة
للمصلحة العامّة قبل المصلحة الخاصّة.
أمّا ما رواه التّرمذي وأبو داود وابن ماجه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَلَا السِّعْرُ، فَسَعِّرْ لَنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه
وسلّم: (( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ )).
فهو حديث صحيح، ولكنّه يُحمَل على أحد أمرين:
1) أنّ المخاطَبَ به هو الحاكم، فإذا سعّر مراعاة للنّظام العامّ فيجب التقيّد بما وضعَه.
2) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما أراد أن يُسعِّر لأنّه لم يفحَش الغلاء، ولكن إذا ظهر من يبتزّ أموال النّاس، ويحجّرون عليهم حاجاتهم، فهنا يضرِب الحاكم
على أيدي هؤلاء بالتزام التّسعيرة.
وهو مذهب عمر بن الخطّابرضي الله عنه، رواه عنه الإمام مالك رحمه الله بسند صحيح، وعليه المالكيّة والحنفيّة.
· وكذلك لو أراد بائع أن يبيع بأرخص من ثمن السّوق، فإنّه إن أضرّ بالآخرين، فللحاكم أن يُلزمه بالبيع بثمن المثل، كما فعل عمر رضي الله عنه مع حاطب رضي
الله عنه. والحديث في " الموطّأ " بسند صحيح.
والله الموفّق لا ربّ سواه.
الرئيسية 
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
موضوع: هل هناك مقدار في الربح في التجارة / مقدار الفائدة مع رأس المال /؟ 
السبت 7 نوفمبر 2009 - 17:07
