الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فما تسأل عنه أخي الكريم هو ما يُعرف بـ" الوصيّة الواجبة "، وقد أخذت قوانين الأحوال الشّخصية في كثير من الدّول الإسلاميّة بذلك،

وهو قول الظاهرية كما في " المحلّى " (8/353).

ومعنى الوصيّة الواجبة: أنّ من توفّي قبل أبيه، فإنّ أولاده يرثون من جدّهم أو جدّتهم الثّلث، أوصَى أم لم يُوصِ، مع أنّهم محجوبون بأعمامهم، لأنّ الأبناء أولى بالميراث من

الأحفاد.

أمّا الظّاهريّة فأوجبوها على أصلهم أنّه يجب على الميّت أن يوصِي للأقارب إن لم يكونوا من الورثة، استناداً إلى قوله تعالى:

{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ }.

أمّا المعاصرون كالزّرقا وأبي زهرة والقرضاوي فانطلقوا من مصلحة الأحفاد، فقالوا: لقد اجتمع لهم اليتم والحجب من الميراث؛ بالإضافة إلى ما يسود في هذا الزّمان من

تقصير أقاربهم في صلتهم وبرهم وإحاطتهم بالحنان والرعاية والكفالة.

والصّواب: أنّ هذه الوصيّة جائرة، وليست جائزة، فضلا أن تكون واجبة، لأنّها افتيات على الشّرع، واستدراك عليه.

فإنّ الابن إذا مات في حياة والده لم يكن للأحفاد حقّ في ميراث جدّهم إذا مات وله أبناء، فهو أولى من الأحفاد كما هو مقرّر.

ونلحظ أنّ هذه القوانين الجائرة تعدّت إلى أن جعلت الثّلث ليس لأبناء الابن فحسب، بل حتّى أبناء البنت، مع أنّهم من ذوي الأرحام.

فنسأل الله الهداية لولاة أمور المسلمين، وأن يردّهم إلى دينه ردّا جميلا.