الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالإثنين 21 مارس 2011 - 0:35



تفسير سورة البـقرة (1) مدخـل إلى السّـورة









الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:



فإنّ سورة البقرة هي السّورة الثّانية باعتبار ترتيب المصحف، وآياتها ستّ وثمانون ومائتا آية.

ولنا مباحث خمسة تتعلّق بهذه السّورة المباركة قبل الشّروع في تفسيرها.

المبحث الأوّل: في مناسبة مجيئها بعد سورة الفاتحة.

المبحث الثّاني: في كونها مكّية أو مدنيّة.

المبحث الثّالث: في اسمها من حيث إثباتُه واشتقاقُه ومعناه.

المبحث الرّابع: سبب تسميتها بهذا الاسم.

المبحث الخامس: هل ورد شيء في فضلها ؟






المبحث الأوّل: في مناسبة مجيئها بعد سورة الفاتحة.


من
الجدير بالتّنبيه عليه تحت هذا المبحث هو أنّ سور القرآن جاءت على ترتيب
محكم، وتناسق منسجم، ممّا جعل كثيرا من العلماء يربطون السّور بعضها ببعض.


هذا النّوع من العلم بديع جدّا، قال في شأنه الفخر الرّازي:" أكثر لطائف القرآن مودعةٌ في التّرتيبات والرّوابط "، وهذا ما يجعلنا نتحدّث عن ترتيب الآيات والسّور، أمّا:

* ترتيب الآيات:

فقد
انعقد الإجماع على أنّ ترتيب الآيات توقيفيّ لا شبهة في ذلك، وممّن نقل
الإجماع على ذلك الزّركشيّ في " البرهان في علوم القرآن " حيث قال رحمه
الله:


ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلّى الله عليه وسلّم وأمرِه من غير خلاف في هذا بين المسلمين ".

وأيدّه السّيوطي في " الإتقان ".

ومستند
هذا الإجماع سنّته صلّى الله عليه وسلّم العمليّة، فقد كان صلّى الله
عليه وسلّم يقرأ السّورة من القرآن على وفق هذا التّرتيب، ومشى عليه
أصحابه رضي الله عنهم.


ففي صحيح البخاري أنّ عبد الله بن الزّبير قال لعثمان بن عفّان رضي الله عنهم في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: من الآية 240]: قد نسخها الآية الأخرى - يعني قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة: من الآية 234]- وهذه قبلها في التّلاوة، قال: فَلِمَ تَكْتُبُهَا ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه:يَا ابْنَ أَخِي لاَ أُغَيِّرُ شَيْئاً مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ.

وروي
الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والتّرمذي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم مِمَّا
تَنَزَّلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ، فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ
وَيَقُولُ لَهُ: (( ضَعْ هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا
)) وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْآيَتَانِ فَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ.

* ترتيب السّور:

أمّا ترتيب السّور على هذا النّحو الّذي نجده في المصحف فقد اختلف العلماء فيه على أقوال ثلاثة:

- القول الأوّل: مذهب الجمهور أنّه باجتهاد من الصّحابة رضي الله عنهم.

- القول الثّاني: أنّه توقيفيّ، لا من اجتهاد الصّحابة رضي الله عنهم.

وممّن
ذهب إلى ذلك القاضي أبو بكر الباقلاّني، والبيهقيّ، والأنباريّ،
والكرماني، والطّيبيّ، وابن الحصّار والسّيوطيّ رحمهم الله جميعا.


- القول الثّالث:
أنّ كثيرا من السّور عُلِم ترتيبها في حياته صلّى الله عليه وسلّم،
كالسّبع الطّوال، والحواميم، والمفصّل، وأنّ ما سوى ذلك يمكن أن يكون
باجتهاد من الصّحابة،.


وهذا اختاره ابن عطيّة، وقوّاه أبو جعفر بن الزّبير، وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (9/42):

" ترتيب بعض السّور على بعضها أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفيّا، وإن كان بعضه من اجتهاد بعض الصّحابة ".

ويشهد لهذا القول ما رواه أحمد عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ[1]، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ[2]، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ[3]، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ[4] )).

والشّاهد أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخبر عن المصحف على وفق التّرتيب المعهود لدينا.


وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ:" بَنُو إِسْرَائِيلَ - أي: الإسرءا- وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالأَنْبِيَاءُ هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الأُوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلادِي " ( أي من قديم ما قرأته ).

* وإنّما
لم نقل بوجوب التّرتيب بين كلّ السّور لاختلاف مصاحف بعض الصّحابة، كما
في مواضع من " مجموع الفتاوى " منها (13/396)، و(22/353).


* ويؤيّد أنّ الترتيب بين أكثر سور القرآن كان توقيفيّا تلك المناسبات بين السّور.

وهي قسمان: واضح جليّ، منها:

- انتهاء سورة النّجم بقوله تعالى:{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ(61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}.

ثمّ قال في سورة القمر بعدها:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1]، حتّى انتهت بقوله تعالى:{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:55].

وبدأت سورة الرّحمن بعدها بقوله تعالى:{الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)}.

- الرّبط بين سورتي الضّحى والشّرح.

- الرّبط بين الماعون والكوثر.

- الرّبط بين الفيل وقريش، حتّى إنّ ابن عبّاس رضي الله عنه كان لا يفصل بينهما.

ومن غير الواضح هو ما يتفطّن له أهل العلم:

- كتناسب سورتي النّحل والإسراء،
فكلاهما نزل بمكّة أيّام اشتداد وطأة المشركين على النبيّ صلّى الله عليه
وسلّم وأتباعه، فجاء ذلك موافقا لأحداث سيرته صلّى الله عليه وسلّم.


فقبل سورة الإسراء كانت خواتيم سورة (النّحل) تسلّيه عمّا أصابه صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل:120]..

ثمّ يأمره الله تعالى بالدّعوة إلى الله والصّبر عليها:{ادْعُ
إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ
ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
(125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}..


ثمّ أكرمه الله قائلا:

{سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
} [الإسراء:1].


ومن هذا القبيل جاءت السّور الثّلاثة الأولى: الفاتحة، والبقرة وآل عمران، والمناسبة تظهر من أوجه ثلاثة:

1)
تضمّنت الفاتحة الدّعاء بالهداية إلى الصّراط المستقيم، وهو صراط المنعم
عليهم من النبيّين والصدّيقين والشّهداء والصّالحين، والتعوّذ من صراط
المغضوب عليهم والضالّين، فناسب أن تليَها سورة البقرة تذكر صفات المنعَم عليهم وتبيّن نعوتهم، بأنّهم المتّقون المؤمنون بالغيب وغير ذلك، وتذكر صفات المغضوب عليهم وهم اليهود، وتتولّى سورة آل عمران بيان صفات الضّالّين من النّصارى.


2)
في سورة البقرة تجد الحديث عن اليهود المغضوب عليهم بالتّفصيل، وفي سورة
آل عمران تجدها أكثر تفصيلا في بيان حال النّصارى الضّالين.


وهذا ما يسمّى في علم البلاغة باللفّ والنّشر المرتّب.

وهذا
مناسب جدّا أيضا للواقع، فإنّ التّوراة أصل والإنجيل فرع، والنبيّ صلّى
الله عليه وسلّم حين هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم، ولم يكن جهاده
للنّصارى إلاّ في آخر الأمر.


3)
تبيين الأحكام التي يتعبّد المسلم بها ربّه، فبعدما بيّنت الفاتحة أنّ
سبب وجود الإنسان هو العبادة، وضمّنت الإقرار بوحدانيّة الله وألوهيّته
وربوبيّته والالتجاء إليه بالثّبات على دين الإسلام والصّيانة من دين
اليهود والنّصارى، جاءت سورة البقرة تذكر دعائم هذا الدّين وقواعده.


أمّا آل عمران فجاءت تدفع الشّبهات الّتي يوجّهها الخصوم، وبيان حكم من ترك المحكم البيّن واتّبع المتشابه.

المبحث الثّاني: في كونها مكّية أو مدنيّة.

قال ابن كثير رحمه الله: " والبقرة جميعها مدنيّة بلا خلاف، وهي من أوئل ما نزل بها - أي: بالمدينة- ..".

ولكنّ السّيوطيّ ذكر في " الإتقان " أنّ بعضهم استثنى آيتين:{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا}، وآية:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}، وذلك:

- لاعتقادهم أنّ العفو والصّفح إنّما كان بمكّة فقط.

- وأنّ الآية الثّانية نزلت في شأن أبي طالب.

والصّواب:

-أمّا آية العفو والصّفح: فإنّ العفو والصّفح يعمل به الحاكم المسلم وقت القوّة أيضا إذا رأى المصلحة في ذلك.

ثمّ إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نزلت عليه هذه الآية في أوّل أيّامه بالمدينة وما كان ليواجه اليهود بالمحاربة في أوّل أيّامه.

ثمّ
إنّه ليس بالضّرورة أن يؤمر بالعفو عن كفّار أهل الكتاب، بل إنّه مأمور
بالعفو عن المنافقين، فقد روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد أنّ
النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:


(( يَا سَعْدُ ! أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ ؟ )) - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أُبَيٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا.

قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ،
فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ
بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، ولَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ
الْبُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ،
فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ،
شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ.


فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الْآيَةَ.. وَقَالَ اللَّهُ:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ..

- أمّا آية {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} فسيأتي إن شاء الله بيان أنّها نزلت في المسلمين عندما أبوا أن يرضخوا لقراباتهم من المشركين، وليس في أبي طالب.

وإنّما نزل في أبي طالب آية أخرى، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ الّذي نزل في أبي طالب قوله تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56].

فصحّ بذلك أنّ سورة البقرة كلّها مدنيّة، وكأنّ ابن كثير لم يعتبر هذا خلافا لضعفه، وكما قيل:

( ليس كلّ خلاف جاء معتبرا إلاّ خلاف له حظّ من النّظر )

ولقد ناسب نزول هذه السّورة واقع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقد دخل المدينة ليعيش جوذا جديدا ما عرفه من قبل: ليعيش مع طائفتين:

الأولى: هم أهل الكتاب من اليهود،
الّذين يعدّون أخبث النّاس طويّة، وأسوأهم نيّة، وأقبحهم سريرة، وأفظعهم
سيرة، وأنّه لا عهد لهم ولا أمان، وأنّهم لو آمن من أحبارهم عشرة فحسب
لآمن اليهود جميعهم.


وذكر
له ربّه سبحانه تلك الآيات الباهرات والمعجزات القاهرات الّتي ظهرت على
أيدي أنبيائهم، ومع ذلك تولّوا وهم معرضون، وأنّهم قتلة الأنبياء، وأنّهم
محرّفون للكتاب، كاتمون لأخبار رسل الله، وأنّهم يوالون أهل الشّرك
والارتياب، وغير ذلك، فكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه الكرام على أتمّ استعداد للتصدّي لمكرهم، والصّمود أمام كفرهم.


الثّانية: طائفة تبطن الكفر وتُظهر الإسلام، ألا وهم المنافقون، فنزلت عليهم آيات تفضحهم كالبرق الخاطف، والرّعد القاصف، فكشفت عوراتهم، وفضحت مخطّطاتهم.

تنبيه: ينبغي أن يُستثنى من قول ابن كثير: " وهي من أوائل ما نزل بالمدينة " آيات جاء الدّليل على تأخّر نزولها، كآية الرّبا، وآية:{وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281]، فقد نزلت قبل وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بثمانية أيّام.والله أعلم وأعزّ وأكرم
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



[1]/ يعني السّور السّبع الطِّوال، وهي من {البقرة} إلى {براءة}.
[2]/ وهي من السّور ما كان فيها مئة آية فأكثر.
[3]/ أي: السّبع المثاني، وهي الفاتحة كما تقدّم، وسمِّيت بذلك لأنّها تُثنّى في كلّ صلاة.

[4]/ والمراد به السّور الّتي كثرت فصولها، وهي من {الحجرات} إلى آخر القرآن على الصّحيح كما في "فتح الباري" (9/74).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالإثنين 21 مارس 2011 - 0:46

تفسير سورة البقرة (2) مباحث في اسم السّورة






الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فقد تطرّقنا فيما سبق إلى المبحث الأوّل وتضمّن: بيان مناسبة مجيء سورة البقرة بعد الفاتحة من وجوه، وتضمّن المبحث الثّاني: إثبات أنّ السّورة مدنيّة كلّها، أمّا:

المبحث الثّالث فهو: لماذا سمّيت السّورة بـ " سورة البقرة " ؟






قال الزّركشيّ رحمه الله في " البرهان في علوم القرآن " (1/270):

" ينبغي النّظر في وجه اختصاص كلّ سورة بما سمّيت به، ولا شكّ أنّ العرب تراعى في الكثير من المسمّيات أخذَ أسمائها من نادر، أو مستغرب يكون في الشيء من خلُق أو صفة تخصّه .."اهـ

لذلك كان من الواضح لكلّ ذي لبّ أنّ هذه السّورة ما سُمّيت بالبقرة عبثا، وليس لمجرّد ذكر البقرة فيها.

وإنّما سُمّيت بذلك لأنّ الغاية من قصّة البقرة هو: تقرير المعاد والبعث الّذي جحده المشركون بقولهم:{قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [المؤمنون:82]، وذلك من الغيب الّذي يذعن له المؤمنون فمُدِحوا بذلك في أوّل السّورة.

ثمّ جاءت قصّة البقرة العجيبة ! وكيف أنّها ذبِحت وقطّعت أربا أربا ؟ فقال لهم موسى: اضربوا الميّت ببعضها ! وكانت المعجزة الدالّة على قدرة الله تعالى على البعث بعد الموت:{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة:73]..

واليهود يستمعون إلى هذه القصّة ولا يستطيعون إنكارها ولا تكذيبها،
فكان لزاما على المشركين - وهم الأمّيون الّذين يعظّمون اليهود ويسمّونهم
أهل الكتاب – كان الأولى بهم أن يُعلنوها صريحة أن: لا إله إلاّ الله،
ولكنّهم قومٌ عمُون.


وأكّد الله أمر القدرة على البعث بقَصص أخرى:

- قصّة الّذين صُعقوا، كما في قوله تعالى:{فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)}.

- قصّة الأربعين ألفا {الَّذِينَ
خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ
لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ
عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ
} [البقرة: من الآية243].


- قصّة عزير:{أَوْ
كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ
أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ
مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ
} [البقرة: من الآية259].


- ثمّ قصّة إبراهيم عليه السّلام مع النّمروذ:{إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}

- ثمّ سؤاله ربّه تعالى أن يُريَه كيف البعث ؟:{وَإِذْ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ
أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ
فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ
عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ
سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
} [البقرة:260].


وإنّما لم تُسمَّ بقصّة إبراهيم، ولا عزير، ولا غيرهما لأنّه - كما قال البقاعيّ رحمه الله في " نظم الدّرر " (1/24)- بأنّها:

أحقّ من قصّة إبراهيم عليه السّلام؛ لأنّ الإحياء هناك ثمّ في نوع الطّير، وفي قصّة البقرة تمّ في نوع البشر.

وكانت أولى من قصّة المصعوقين والأربعين ألفا؛ لأنّ الإحياء هناك لم يُرَ بالعِيان.

ولم تُسمّ بقصّة عزير؛ لأنّه ما كان أحدٌ معه يشاهد ما حدث.

أمّا في قصّة البقرة فإنّ الإحياء تمّ بسبب ضعيف، وهم الّذين ضربوا الميّت ببعض البقرة ! ورأوا الميّت ينهض أمامهم من بعد موت !

فإن قيل: فلماذا أمرهم بذبح البقرة بالذّات دون غيرها ؟

فالجواب ما ذكره القرطبيّ في " تفسيره " عن الماورديّ قال:

" وإنّما أُمِروا - والله أعلم - بذبح بقرة دون غيرها لأنّها من جنس ما عبدوه من العِجل ليهُون عندهم ما كانوا يرونه من تعظيمه، وليعلم بإجابتهم ما كان في نفوسهم من عبادته "اهـ.

المبحث الرّابع: في اسمها من حيث اشتقاقُه ومعناه وإثباتُه.

* أمّا اشتقاق اسمها ومعناه:

فهو مشتقّ من البقرة: واحدة البقر، وهي أنثى الثّور، والبقر اسم جنس يقع على الذّكر والأنثى، وعلى الأهليّ والوحشيّ.

وأصل الكلمة معناه: الشقّ، تقول: بقرت الشّيء بقَرا، إذا شققته وفتحته ووسّعته، ومنه قول أمّ سليم يوم حنين: إن دنا منّي أحد من المشركين بقرت بطنه.

ومنه: التبقّر في العلم وهو التوسّع فيه، وكان يقال لمحمّد بن عليّ ابن الحسين بن عليّ ( الباقر ) لأنّه بقر العلم وعرف أصله واستنبط فرعه.

ومنه أيضا: التبقّر في المال وهو التوسّع فيه، روى الإمام أحمد عن ابنِ مسعود رضي الله عنه قال: ( نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ التَّبَقُّرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ ).

قال شعبة: فقلت لأَبي التيّاح: ما التّبقّر ؟ فقال:" الْكَثْرَةُ "، وقال أبو عبيد:" التبقّر: التوسّع في المال وغيره ".

فسمّيت البقرة بقرة لأنّها تشق الأرض بالحرث وتثيره.

* أمّا إثباته:

- فقد سمّاها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بهذا الاسم في أحاديث كثيرة تفوق الحصر - كما سيأتي ذكره في فضلها -.

- ومن أسمائها " سَنام القرآن "، لما رواه التّرمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

(( لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ )).

والسَّنام - بفتح السين - هو الرّفعة والعلوّ، استعير من سنام الجمل.

قال ابن الأثير في " النّهاية ":" سنام كلّ شيء أعلاه، ( وإنّ سنام القرآن سورة البقرة ) إمّا:

لطولها واحتوائها على أحكام كثيرة.

أو لما فيها من الأمر بالجهاد، وبه الرّفعة الكبيرة :اهـ.

ولم تُعرف باسم غير هذين، إلاّ اسما سمّاها إيّاه بعض الصّحابة والتّابعين، من ذلك:

1- النّساء الطّولى، سمّاها به عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

ففي
صحيح البخاري وغيره يوم اختلف الصّحابة رضي الله عنهم في الحامل المتوفَّى
عنها زوجها، هل تعتدّ بأربعة أشهر وعشرٍ عدّة الوفاة، أو تعتدّ بالوضع ؟


فسألوا
أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، فقالت:" قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ
الْأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ
بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ، فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى
الله عليه وسلّم، وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا.


ووافقها
ابن مسعودٍ رضي الله عنه فقال حينها: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا
التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ ؟! لَنَزَلَتْ
سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.


يقصِد
أنّ سورة النّساء الصّغرى – وهي سورة الطّلاق الّتي فيها العدّة بالوضع -،
نزلت بعد النّساء الكبرى، وهي سورة البقرة الّتي فيها العدّة بأربعة أشهر
وعشر، فتكون آية الطّلاق خصّصت آية البقرة.


2- فُسطاط القرآن: سمّاها به خالد بن معدان رحمه الله، ولا يصحّ رفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

قال السّيوطي رحمه الله[1]:" وذلك لعظمها ولما جمع فيها من الأحكام التي لم تذكر في غيرها "اهـ

وقال الشّيخ الطّاهر بن عاشور رحمه الله:" والفسطاط ما يحيط بالمكان، لإحاطتها بأحكام كثيرة ".

( تنبيه ):

" قد كره بعضهم أن يقال: سورة كذا، لما رواه الطبراني والبيهقي عن أنس مرفوعا:

(( لاَ تَقُولُوا: سُورَةُ البقَرة، وَلاَ سُورة آلِ عمرَانَ، وَلا سُورة النّساءِ، وَكَذا القُرآن كُلّه، وَلكِن قُولُوا: السُّورَة الّتِي تُذْكَر فِيهَا البَقَرَة، وَالّتِي يُذْكَر فِيهَا آلُ عِمْرَان، وَكَذَا القُرْآنُ كُلُّه )).

وإسناده ضعيف، بل ادّعى ابن الجوزي أنّه موضوع " [" الإتقان في علوم القرآن "].

والله تعالى أعلم.


[1] " الإتقان " (1/171) تـ: مصطفى ديب البغا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
سليلة الغرباء
Admin
سليلة الغرباء

عدد الرسائل :
6335

الموقع :
جنة الفردوس بإذن الله

تاريخ التسجيل :
19/05/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالإثنين 21 مارس 2011 - 10:30

بارك الله فيك وفي الشيخ

لو تنزل التفسير وتترك بين كل موضوع يومين على الأقل ليتسنى للجميع المتابعة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالثلاثاء 22 مارس 2011 - 23:44

سليلة الغرباء كتب:
بارك الله فيك وفي الشيخ

لو تنزل التفسير وتترك بين كل موضوع يومين على الأقل ليتسنى للجميع المتابعة

و فيكم بارك الله سيتم مراعاة الوقت بحول الله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة (3) فضائل السّورة الكريمة    تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالثلاثاء 22 مارس 2011 - 23:53

تفسير سورة البقرة (3) فضائل السّورة الكريمة



الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فما زلنا في ذكر المسائل المتعلّقة بسورة البقرة.

* المبحث الخامس: هل ورد شيء في فضلها ؟

سورة
البقرة من أعظم سور القرآن الكريم، حتّى استقرّ ذلك في نفوس الصّحابة
والتّابعين، ويدلّ على ذلك ما رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه
قَالَ: ( كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا - يعني عَظُمَ -).


وقد ثبت لها من الفضائل الكثير، إمّا لمجموعها، أو لبعض آياتها، ومن هذه الفضائل:






- الفضل الأوّل: أنّها أطول سورة.

ويثبت فضلها بذلك من وجهين اثنين:

أ)
لأنّها أكثر السّور حروفا، فتكون أكثرها أجرا، روى التّرمذي عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى
الله عليه وسلّم:


(( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ {الم} حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ )).

ب) ولمّا كانت أطول السّور كانت أكثرها آياتٍ، وللمؤمن بكلّ آية يحفظها درجة في الجنّة، روى التّرمذي، وأبو داود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا )).

وبهذا الحديث استدلّ العلماء أنّ درجات الجنّة أكثر من مائة، ولا يعارض ذلك قولَه صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ )) فقد قال ابن القيّم في توجيهه:

"وهو لا ينفي أن يكون درج الجنة أكبر من ذلك، ونظير هذا قوله في الحديث الصّحيح (( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ ))"اهـ [" حادي الأرواح " (47)].

ويمكن أن يقال: إنّ المائة المذكورة في هذا الحديث إنّما أعدّها الله للمجاهدين في سبيله، بدلالة آخر الحديث، والله أعلم.

- الفضل الثّاني: أنّ الشّيطان يفرّ من البيت الذي تُقرأ فيه.

ولا شكّ أنّ هذا ثابت لجميع القرآن، كما قال تعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً} [الإسراء:45].

ولكنّ
هذه السّورة الكريمة خُصّت بذلك، روى مسلم والنّسائي والتّرمذي عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم
قَالَ: (( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ - وفي رواية: ينفر - مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ {الْبَقَرَةِ} )).


وإنّما خصّت بالذّكر لأسباب ثلاثة:

الأوّل: لطولها وكثرة أسماء الله تعالى والأحكام فيها، هذا ذكره المباركفوري رحمه الله.

الثّاني: أو لأنّ فراره يطول أكثر من فراره من غيرها.

وقد استدلّوا على ذلك بما رواه ابن حبان من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه: (( مَنْ قَرَأَهَا لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا لَمْ يَدْخُلْ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ))، وهو حديث ضعيف كما في "الضّعيفة" (1349).

ولكن يمكن أن يستدلّ لذلك بما ثبت لخواتيم سورة البقرة بلفظ: (( لاَ يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاَثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبَهَا شَيْطَانٌ )).

وفي رواية التّرمذي عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ، خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ {الْبَقَرَةِ وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ )).

الثّالث: لكونها تحتوي على آية الكرسيّ، وهي ممّا يفرّ الشّيطان منها.

فيجتمع لها ثلاثة أسباب: ما ثبت للقرآن جملة، وما ثبت لآية الكرسيّ خاصّة، وما ثبت لأواخرها ثالثا.

- الفضل الثّالث: أنّها حَوَت على نور لم يؤته نبيّ قبل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

وهما خواتيم سورة البقرة، فقد روى مسلم والنّسائيّ وغيرهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:

(( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ[1]، فَقَالَ:

" هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ:" هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ:أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ {الْبَقَرَةِ} لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ )).

فقوله: ( لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا ) أي: ممّا فيهما من الدّعاء ( إلاّ أعطيته ).

وهذا لا يختصّ به صلّى الله عليه وسلّم، بل يعمّ أمّته صلّى الله عليه وسلّم. وذلك:

لأنّ
سورة الفاتحة تضمّنت طلب الاستعانة على العبادة، وطلب الهداية، والثّبات
على الاستقامة، ومخالفة صراط المغضوب عليهم والضّالّين، وقد آتى الله تعالى هذه الأمّة سؤالها،
فيسّر لها كثيرا من أسباب الطّاعة، وضاعف لها الأجور، وسلّمها من الوقوع
فيما وقع فيه اليهود والنّصارى من تحريف الكتاب وتأويله على غير وجهه.


كما
تضمّنت أواخر البقرة سؤال التّخفيف ورفع الأغلال والآصار التي كانت على من
قبلهم، ورفع عنهم الخطأ والنّسيان، لذلك جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:


لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: {لِلَّهِ
مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي
أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ
يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
} قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم.


فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ! كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا ؟!

فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ؟! بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )).

قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا:{آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ
آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ
رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
}.


فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{لَا
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ
وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ
أَخْطَأْنَا
} قَالَ: نَعَمْ.{رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ: نَعَمْ.{رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قَالَ: نَعَمْ. {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قَالَ: نَعَمْ.


- الفضل الرّابع: أنّها تشفع لحاملها.

- الفضل الخامس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سمّاها زهراء. وهذان تشاركها فيهما سورة آل عمران.

- الفضل السّادس: أنّها أمان من السّحر.

وهذه الفضائل الثّلاث يدلّ عليها ما رواه مسلم عن أبي أمامة الباهلِيّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

(( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ{الْبَقَرَةَ} وَسُورَةَ{آلِ عِمْرَانَ} فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا.

اقْرَءُوا سُورَةَ {الْبَقَرَةِ} فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ )).

قال معاوية بن سلاّم: بلغني أنّ البطلة: السَّحَرَةُ.

وقد وصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سورة البقرة وكذا آل عمران بأنّهما ( زهراوان )، وهو مثنّى زهراء.

قال النّووي رحمه الله:" قالوا: سمّيتا الزّهراوين لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما ".

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( فإنّهما يأتيان يوم القيامة كأنّهما غمامتان أو كأنهما غيايتان ) قال العلماء: المراد أنّ ثوابهما يأتي كغمامتين.

ومن المعلوم أنّ القرآن كلّه شافع لأصحابه، ولكنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خصّ هاتين السّورتين بالذّكر لسببن اثنين:

- لأنّهما يتقدّمان القرآن كلّه، كما ينصّ عليه حديث النّواس بن سمعان رضي الله عنه.

- أو يريد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يُعلِم أمّته بأنّ من فاته القرآن كلّه فليحرص على هاتين السّورتين.

ثمّ أكّد على سورة البقرة خاصّة بقوله: (( فَإِنّ أَخْذَها بَرَكَة )) أي يحصل بها الخير المنشود، وأنّ ( تَرْكها حَسْرَة ) لما يُرَى من أجر حفّاظها، ولذلك كلّه قال أنس بن مالك رضي الله عنه:" كان الرّجل إذا حفظ البقرة جدّ فينا ".

- الفضل السّابع: أنّها سنام القرآن.

روى التّرمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ )).

وروى ابن حبّان في صحيحه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.. )).

وقد سبق أن شرحنا معنى هذا الحديث في ذكر أسماء السّورة الكريمة.

- الفضل الثّامن: أنّها سبب لنزول السّكينة.

روى ابن حبّان عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللهِ ! بَيْنَمَا أَنَا أَقْرَأُ اللَّيْلَةَ سُورَةَ البَقَرَةِ إِذْ سَمِعْتُ وَجْبَةً مِنْ خَلْفِي، فَظَنَنْتُ أَنَّ فَرَسِي انْطَلَقَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( اِقْرَأْ أَبَا عَتِيكٍ)).

قال: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا مِثْلُ المِصْبَاحِ مُدَلَّى بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَرَسُولُ الله ِصلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( اِقْرَأْ أَبَا عُتَيْكٍ )).

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضِيَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( تِلْكَ المَلاَئِكَةُ نَزَلَتْ لِقِرَاءَةِ سُورَةِ {البَقَرَةِ} أَمَا إِنَّكَ لَوْ مَضَيْتَ لَرَأَيْتَ العَجَائِبَ )).

فلا جرم أن يجِدّ الرّجل في الصّحابة الكرام إذا حفِظ هذه السّورة.

بل إنّك لترى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستنفر بمنزلتها الأنصار رضي الله عنهم يوم حنين، فقد روى الإمام أحمد أنّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم خَطَبَهُمْ - أي: يوم حُنين، وَقَالَ:

(( الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ )) وَقَالَ: (( نَادِ يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ !)).

نسأل الله التّوفيق والسّداد، والهدى والرّشاد.




[1] أي: جبريل عليه السّلام كما في رواية.




عدل سابقا من قبل يوسف الجزائري في الأربعاء 23 مارس 2011 - 12:11 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
سليلة الغرباء
Admin
سليلة الغرباء

عدد الرسائل :
6335

الموقع :
جنة الفردوس بإذن الله

تاريخ التسجيل :
19/05/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالأربعاء 23 مارس 2011 - 9:38

وذلك ما ذكر في فضل سورة البقرة ، نسأل الله أن يجازيك والشيخ خيرا

(( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّصلّى الله عليه وسلّمسَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ[1]، فَقَالَ:

ملاحظة

هناك اتصال بين الكلمات نتيجة نسخ الموضوع من ملف آخر ونقله هنا لذلك افصل بين الكلمات حتى تعطي معناها الصحيح بارك الله فيك

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالخميس 24 مارس 2011 - 0:57

سليلة الغرباء كتب:
وذلك ما ذكر في فضل سورة البقرة ، نسأل الله أن يجازيك والشيخ خيرا

(( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّصلّى الله عليه وسلّمسَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ[1]، فَقَالَ:

ملاحظة

هناك اتصال بين الكلمات نتيجة نسخ الموضوع من ملف آخر ونقله هنا لذلك افصل بين الكلمات حتى تعطي معناها الصحيح بارك الله فيك


تمّ ذلك
بارك الله فيكم على التنبيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة (4) { الم } والحروف المقطعة    تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالخميس 24 مارس 2011 - 1:09

تفسير سورة البقرة (4) { الم } والحروف المقطعة




الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فينحصر الكلام حول الحروف المقطّعة في مبحثين اثنين:

المبحث الأوّل: فائدة افتتاح بعض السّور بالحروف المقطّعة.

يسمّيها العلماء بالحروف المقطّعة، وهي حروف الهجاء، والمعنى واحد، قال عبد العزيز البخاري الحنفيّ في " كشف الأسرار ":

" الحروف المقطّعة
أي: الحروف الّتي يجب أن يقطع في التكلّم كلّ حرف منها عن الباقي، بأن
يُؤتَى باسم كلّ منها على هيئته، كقوله: ألف لام ميم، بخلاف قوله " أَلَمْ
"، فإنّه يجب أن يوصل بعضها ببعض ليفيد المعنى ".






وقال التفتازاني رحمه الله في " التّلويح ":" سُمّيت بذلك لأنّها أسماء لحروف يجب أن يقطع في التكلّم كلّ منها عن الآخر على هيئته ".


وقبل معرفة الغرض من ذكر هذه الحروف في أوّل بعض السّور، فإنّه لا بدّ من تنبيهين:

- التّنبيه الأوّل: لقد جرى كثير من المفسّرين على اعتبار هذه الأحرف من أسرار القرآن الّتي لا يمكن أحدا الاطّلاع عليها، حتّى إنّهم ليُمثّلون بها للقرآن المتشابه الّذي استأثر الله بعلمه.

وقد
أيّدوا قولهم هذا بآثار عن بعض الصّحابة كأبي بكر الصدّيق، وعليّ بن أبي
طالب رضي الله عنهما، وأقوال بعض التّابعين، منها ما نُقِل عن عامر الشّعبي
وسفيان الثّوري وجماعة من المحدّثين أنّهم قالوا: هي سرّ الله في القرآن،
ولله في كل كتاب من كتبه سر.


والّذي يمعن النّظر في هذه الآثار والأخبار يجدها: إمّا لا سند له، أو ممّا سندُه بيّن الضّعف.

وهذا
القول رفضه وردّه كثير من العلماء المحقّقين؛ ذلك لأنّ الله تعالى دعانا
في كتابه في أكثر من موضع إلى تدبّر آياته وفهم مدلولاته، فقال:


{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً } [النساء:82]، وقال: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } [محمد:24]، وقال: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ص:29]، وقال: { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [القمر:17].

فكيف يأمرنا الله تعالى بفهم وتدبّر ما استأثر هو سبحانه بعلمه ؟

إنّما استأثر الله بعلم حقائق الأشياء المتعلّقة بأمور الغيب ونحو ذلك.

- التّنبيه الثّاني: إذا علمنا أنّها ليست من المتشابه، وأنّ لها غرضا يدركه العرب، علمنا أيضا أنّها لم تُذكر عبثا، وأنّها ليست مخلّة بفصاحة الكلام.

إذ لو كان الأمر كذلك لسارع المكذّبون من العرب - وهم أحرص النّاس يومئذ - إلى تسفيه النبيّ صلى الله عليه وسلّم والطّعن في كلام الله تعالى على أنّه يأتي بحروف لا معنى لها.

أمّا
وأنّهم قد خرِست ألسنتهم وحارت أفئدتهم في كلام الله، واعترفوا بأنّه بلغ
ناعوس البحر، وأنّه لا يستطيع أن يأتي بمثله بشر، دلّ كلّ ذلك على أنّ لها
مدلولا، وأنّ لها غرضا
[ أفاده ابن العربي المالكيّ رحمه الله ].

فما غرض هذه الأحرف ؟

بلغت
أقوال العلماء في بيان معنى الحروف المقطّعة الّتي افتُتِحت بها بعض
السّور واحدا وعشرين قولا، أكثرها قائم على آثار واهية وموضوعة، وبعضها
قائم على محض الرّأي.


وأولى
هذه الأقوال بالصّواب إن شاء الله هو ما ذهب إليه المبرّد وقطرب والفرّاء -
وهؤلاء من أساطين اللّغة -، ونصره الزّمخشريّ وابن تيمية وابن القيّم
والمزّي وابن كثير وغيرهم رحمهم الله جميعا، أنّها:


" إشارة إلى حروف الهجاء، أعلم الله بها العرب حين تحدّاهم بالقرآن أنّه مؤلّف من حروف هي الّتي منها بناء كلامهم، ليكون عجزُهُم عنه أبلغ في الحجّة عليهم، إذ لم يخرج عن كلامهم ".

ويؤيّد
مذهبهم هذا نظرة خاطفة على أكثر السّور المبدوءة بهذه الأحرف، تراها قد
ذُكر القرآن بعدها إعلاما للعرب بأنّ هذا القرآن الّذي عزمتم على تكذيبه
إنّما هو من هذه الأحرف الّتي بها تنطقون، ولغتكم الّتي بها تلهجون، فقال
تعالى:


- { الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) } [البقرة].

- { الم (1) ) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ (3) } [آل عمران].

- { المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) } [الأعراف].

- { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) } [يونس].

- { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) } [هود].

- { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)} [يوسف].

- { المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (1)} [الرعد].

- { الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ
إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ
رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ
(1)} [إبراهيم:].


- { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1)} [الحجر:.

- { طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) } [طه].

- { طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) } [الشعراء].

- { طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1)} [النمل].

- { طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) } [القصص].

- { الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) } [لقمان].

- { الم (1) ) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) } [السّجدة].

- { يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) } [يـس].

- { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } [ص:1].

- { حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) } [غافر].

- { حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) } [فصّلت].

- { حم (1) عسق (2) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) } [الشّورى].

- { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) } [الزّخرف].

- { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) } [الدّخان].

- { حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) } [الجاثـية].

- { حم (1)تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) } [الأحقاف].

- { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} [ق].

- { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} [القلم]. ذلك لأنّ المراد بالنّعمة هنال القرآن والرّسالة، وذلك حين قال المشركون: { وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } [القلم:51]، فردّ الله عليهم مقسما: { مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ }.

قال الزّمخشريّ رحمه الله: " ولهذا كلّ سورة افتُتِحت بالحروف فلا بدّ أن يُذكر فيها الانتصار للقرآن وبيانُ إعجازه وعظمته ".

فحيثما
رأينا هذه الأحرف ذُكر الكتاب والقرآن بعدها، إلاّ في ثلاث سورٍ: مريم
والعنكبوت والرّوم، لذلك قلنا إنّ الكتاب ذكر بعدها في أغلب السّور
المفتتحة بها.
[1]

إذن
فالله تعالى يفتتح هذه السّور بهذه الأحرف لينبّههم على أنّه ما ألِّف هذا
القرآن إلاّ من لغتهم، وتمّ التحدّي ولم يجد القرآن منهم المتصدّي ..


المبحث الثّاني: أسرار تتعلّق بهذه الحروف.

ذكرت هذه الحروف في تسع وعشرين سورة، وهي أربعة عشر حرفا مجموعة في قولهم: ( نصّ حكيم قاطع له سرّ ).

فذكر
الزّمخشريّ، والنّسفي، والسّيوطي، وابن القيّم رحمهم الله جميعا هذه
النّكت واللّطائف الّتي تدلّ على حكمة الله البالغة من جهة، وعلى رسوخ قدم
هؤلاء الأعلام من جهة أخرى:


1- ذكر الله أربعة عشر حرفا، وهي نصف حروف اللّغة العربيّة.

2- قال ابن كثير رحمه الله:" ذكر أشرف الحروف وهي نصف الحروف عددا، والمذكور منها: أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف ".

3- وذكر من كلّ جنس نصفه:

فمن حروف الحلق:( الحاء والعين والهاء ).

ومن أقصى اللّسان: ( القاف والكاف ).

ومن حروف الشّفة: ( الميم ).

ومن الحروف المهموسة: ( السّين والحاء والكاف والصّاد والهاء ).

ومن حروف الشدّة ( الهمزة والطّاء والقاف والكاف ).

ومن المطبقة ( الطّاء والصّاد ).

ومن حروف الجهر ( الهمزة والميم واللاّم والعين والطّاء والقاف والياء والنّون ).

ومن حروف الاستعلاء ( القاف والصّاد والطّاء ).

ومن المنخفضة - أي: حروف الاستفال - نصفها ( الهمزة واللاّم والميم والرّاء والكاف والهاء والياء والعين والسّين والحاء، والنّون ).

ومن حروف القلقلة ( الطّاء والقاف ).

4-
ذكر حروفا مفردة، وما تكوّن من حرفين، وما تكوّن من ثلاثة، وما تكوّن من
أربع، وما تكوّن من خمس، لأنّ تراكيب الكلام على هذا النّمط ولا يزاد على
خمسة أحرف أبدا.


5- كلّ سورة بُدِئت بهذه الأحرف، ترى أكثر كلماتها وحروفها مماثل لها:

- فسورة ( ق ) بدئت بهذا الحرف لما تكرّر فيها من الكلمات بلفظ ( القاف ): من ذكر القرآن، والخلق، وتكرير القول ومراجعته مرارًا، والقرب من ابن آدم، وتلقّي الملكين، وذكر الرّقيب، والقرين، والسّائق، والإلقاء في جهنّم، وإلقاء الرواسي، وبُسُوق النّخل، والرّزق، وذكر القوم، والتقدّم بالوعيد، وذكر المتّقين، والقلب، والقرون، والتّنقيب في البلاد، وتشقّق الأرض، وإحقاق الوعيد، وغير ذلك.

- واشتملت سورة ( ص ) على خصومات متعدّدة، فأوّلها خصومة النبيّ صلى الله عليه وسلّم مع الكفّار، وقولهم: { أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا }، ثمّ اختصام الخصمين عند داود عليه السّلام، ثمّ تخاصم أهل النّار، ثمّ اختصام الملأ الأعلى، ثمّ تخاصم إبليس في شأن آدم، ثمّ في شأن بنيه وإغوائهم‏.‏

- و( الم ) جمعت المخارج الثّلاثة‏:‏ الحلق واللّسان والشّفتين على ترتيبها، وذلك إشارة إلى البداية الّتي هي بدء الخلق والنّهاية التي هي بدء الميعاد والوسط الذي هو المعاش من التشريع بالأوامر والنّواهي.

وكلّ سورة افتتحت بها فهي مشتملة على الأمور الثلاثة‏.

قال ابن القيّم رحمه الله:"‏ فتأمّل ذلك في البقرة، وآل عمران، وتنـزيل السّجدة، وسورة الرّوم ".

- وسورة الأعراف زيد فيها الصّاد على ( الم ) لما فيها من زيادة شرح القصص كقصّة آدم فمن بعده من الأنبياء، ولما فيها من ذكر { فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ }.

وزيد في ( الرّعد ) راء، لأجل قوله:{ رَفَعَ السَّمَوَاتِ } ولأجل ذكر الرّعد والبرق وغيرهما‏.

قال ابن القيّم: " فليتأمّل اللّبيب الفطن .. وهذه قطرة من بحرٍ من بعض أسرار هذه الحروف ". [انظر " بدائع الفوائد " (3/692، 693)].

( تنبيه )

ممّا سبق يتبيّن أنّ ( طه ) و( يس ) من الحروف المقطّعة أيضا، وأنّ من الأخطاء الشّائعة اعتبارَ النّاس ذلك من أسماء النبيّ صلى الله عليه وسلّم؛ لأنه لم يرد لا في كتاب الله ولا في سنّة صحيحة أنّ ( طه ) اسم من أسمائه صلى الله عليه وسلّم.

وربّما ظنّوا كلاّ من قوله تعالى: { طه } و{ يس } هنا منادى ! وهذا بعيد جدّا، من وجوه:

1- أنّها من الحروف المقطّعة كما بيّنّاه.

2- أنّ من المقرّر أنّ أسماء الله تعالى وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلّم مطابقة للمسمى في المعنى.

قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا شأن أسماء الرب تعالى، وأسماء كتابه، وأسماء نبيه، هي أعلام دالّة على معان هي بها أوصاف، فلا تُضَادُّ فيها العلميةُ الوصفَ، بخلاف غيرها من أسماء المخلوقين.." [جلاء الأفهام (1/171)].

فمن أسماءه تعالى "الرحمان"، و"العزيز"، و"القهار"، وكلّها ذات معنى هو صفة له تعالى.

ومن
أسمائه صلى الله عليه وسلّم "نبيّ الرحمة"، و"نبيّ الملحمة"، و"الحاشر"،
و"القاسم"، وكلّها ذات معنى هو صفة له صلى الله عليه وسلّم.


فإذا تقرر هذا، فما معنى" طه" و" يس " ؟

3- ‍أنّنا لم نسمع عن أحد من الصّحابة ولا من التّابعين أنّه سمّي بـ:طه أو يس، ممّا يدلّ على أنّ السّلف ما اعتبروا هذين من الأسماء.

أمّا ( يس )، الّذي صار علما على كثير من النّاس، فنراهم ربّما تعلّقوا بقوله تعالى: { سَلاَمٌ عَلىَ إلْ ياَسِينْ }.

فاعلم أنّه " إلياس" عليه السّلام، زيدت عليه النّون لأنّه أعجميّ، وهذا ما تفعله العرب، كما قيل في "طور سيناء": طور سينين، وقالوا عن إدريس ( إدريسين )، بل يتوسّعون في أكثر من ذلك فيزيدون في نحو: ميكال فيقولون ( ميكائيل )، وغير ذلك.

والله تعالى أعلم، وأعزّ وأكرم.



[b][1]/ وقد ذكر السّيوطي في " الإتقان " أنّه ذكر الحكمة من ذلك في كتابه " أسرار التّنزيل ".[/b]







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
سليلة الغرباء
Admin
سليلة الغرباء

عدد الرسائل :
6335

الموقع :
جنة الفردوس بإذن الله

تاريخ التسجيل :
19/05/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالخميس 24 مارس 2011 - 9:43

شرح للحروف المتقطعة نافع بارك الله فيك وفي الشيخ أولا على هذا التفسير الماتع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالخميس 24 مارس 2011 - 11:11

بارك الله فيك وفي الشيخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالسبت 26 مارس 2011 - 2:18

بورك فيكم و أحسن إليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة (5) القرآن العظيم كتاب هداية    تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالسبت 26 مارس 2011 - 2:29

تفسير سورة البقرة (5) القرآن العظيم كتاب هداية





قال عزّ وجلّ:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2)}.

وفي هذه الآية مسألتان:

المسألة الأولى: براعة الاستهلال في الآية.

براعة الاستهلال من بدائع علم البلاغة، وقد بيّن ما في القرآن منه ابن أبي الإصبع في كتاب سمّاه " الخواطر السّوانح في أسرار الفواتح ذكره السّيوطي رحمه الله في " الإتقان ".

وتعريف براعة الاستهلال: ( أن يشتمل أوّل الكلام على ما يناسب الأمر المتكلَّم فيه )، وقد بيّنا ذلك في سورة الفاتحة، حيث ابتدأ كتاب الله بما يدلّ عليه.








ومن أمثلته في سورة النّساء أنّها تضمّنت أحكام الأسباب والرّوابط الّتي بين النّاس، وهذه الرّوابط نوعان:

- مخلوقة لله ابتداءً كالنّسب.

- ومقدورة للبشر كالمصاهرة.

ولهذا افتُتِحت بقوله:{اِتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} ثمّ قال:{وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}.

قال السّيوطي رحمه الله:"
فانظر هذه المناسبة العجيبة في الافتتاح وبراعة الاستهلال، حيث تضمّنت
الآية المفتتح بها ما جاء أكثرُ السورة في بيان أحكامه من نكاح النّساء،
ومحرّماته، والمواريث المتعلّقة بالأرحام "اهـ.


فسورة البقرة من هذا القبيل، إذ لمّا شرع الله تعالى
في ذكر تفاصيل ما جاء في كتابه العظيم من أحكام، وتعاليم عِظام، بدأه بنفي
الرّيب عنه، وأنّه كتاب هداية وإنقاذ من سبل الغواية كما قال
تعالى:{إِنَّ
هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ
الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً
كَبِيراً
} [الإسراء:9].

المسألة الثّانية: شرح ألفاظ الآية.

-( ذَلِكَ ): (ذا) اسم إشارة، واللاّم للبعد، ويستعمل ذلك للإشارة إلى غائب، أو كلام سابق، أمّا إذا أشرت إلى حاضر أو كلام لاحق فإنّك فتقول ( هذا )، فلماذا استعمل هنا في الإشارة إلى الحاضر ؟

فالجواب عن ذلك هو: أنّه قد يُستعمل (ذلك) بمعنى ( هذا ) للتّعظيم، كما قال تعالى عن نفسه::{ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [الأنعام: من الآية95]، وقال:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: من الآية10].

فمعنى: ( ذلك الكتاب ) أي:" هذا الكتاب "، كما رواه الطّبريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنه وعكرمة ومجاهد والسدّي.

وروى البخاري تعليقا قال:" وَقَالَ مَعْمَرٌ:{ذَلِكَ الْكِتَابُ}: هَذَا الْقُرْآنُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} هَذَا حُكْمُ اللَّهِ ".

فمعرفة
هذا الأسلوب مهمّ، لأنّ بعض المفسّرين وقف أمام ظاهر الإشارة، فقال: إنّ (
ذلك ) راجع إلى ما نزل من القرآن قبل سورة البقرة، ولا يخفى بعدُه.


وأتى بلام البعد للإشارة إلى بعد المكانة لا بعد المكان.

-( الكِتَابُ ): في لغة العرب مشتقّ من الكَتْبِ، وهو الجمع، ومنه " الكتيبة " للمجموعة من الجيش، وقالت العرب: تكتّبوا بمعنى: تجمّعوا، وتكتّبت الخيل أي: تجمّعت.

والكتاب على وزن ( فِعال ) بمعنى ( مفعول ) كفراش بمعنى مفروش، وبساط بمعنى مبسوط، وإله بمعنى مألوه، فكتاب بمعنى مكتوب أي: مجموع؛ لأنّه يجمع حرفا إلى حرف.

واستُعمل لفظ " الكتاب " ومادّته في القرآن الكريم وسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمعانٍ أخرى، منها:

- اللّوح المحفوظ: ومنه قوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام:38].

- الأمر المفروض الواجب: ومنه قوله تعالى:{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء: من الآية103]، أي: أمرا مكتوبا مفروضا، كما في قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: من الآية178] {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: من الآية216].

- الوقت المحدّد: نحو قوله تعالى:{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: من الآية38].

- المكاتبة: نحو قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور: من الآية33]، والمكاتبة هي: أن يدفع العبد مالا إلى سيّده تلقاء حرّيته.

- كتاب خاصّ فوق العرش: فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي )).

والمراد به هنا هو القرآن الكريم، لا اللّوح المحفوظ، ولا الكتاب الذي فوق العرش.

فصار " الكتاب " من أسماء القرآن إلى جانب أسماءٍ أخرى كلّها تدّل على شرفه وعظمته، فيكون لكلام الله عدّة أسماء منها:

- القرآن: لأنّه مقروء.

- والكتاب: لأنّه مكتوب.

- والفرقان: لأنّه يفرّق بين الحقّ والباطل، قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان:1].

- الذّكر: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت:41].

ومعنى تسميته ذكرا:

إمّا ذكرُ الله؛ فهو أعظم ما يُذكر الله به.

ويمكن أن يكون بمعنى الشّرف، نحو قوله تعالى:{لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء:10]أي: شرفكم.

- حبل الله: لقوله عزّ وجلّ:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} [آل عمران: من الآية103].

وبعضهم
بالغ فذكر خمسة وخمسين اسما له، كالزّركشي، والصّحيح أنّها أوصاف،
كالعليّ، والعزيز، والمبين والهدى والنّور، والرّوح، وغير ذلك.


-( لاَ رَيْبَ فِيهِ ): لا نافية للجنس، و الرّيب هو الشكّ، ومنه قوله تعالى:{أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا} [النور: من الآية50]، أي: شكّوا.

والمراد: أنّ هذا القرآن لا شك في أنّه نزل من عند الله، وهو قول جمهور السّلف كابن عبّاس رضي الله عنه وتلميذه ابن جبير، ونافع مولى ابن عمر رضي الله عنه، وغيرهم، وهو مثل قوله تعالى:{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [السجدة:2].

وقد ذكر العلماء قولين آخرين لا يخالفان ما ذكره السّلف:

الأوّل: أنّه لا شكّ فيه أنّه هدى للمتّقين، وهذا حقّ لأنّ الله إذا نفى الشكّ أنّه من عنده سبحانه، فكلّ ما أخبر به لا يُشكّ فيه كذلك.

الثّاني: أنّ المراد من ( لا ريب ) النّهي، أي: لا ترتابوا، فهو خبر يراد منه النّهي، نحو قوله تعالى:{فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ} [البقرة: من الآية197]. وهذا المعنى صحيح أيضا، لأنّ الله إذا نفى الشكّ عن كتابه فلا يحلّ تكذيب خبره.

-( هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ): الهدى والهداية هو الدّلالة الكاملة.

والهدى الشّرعيّ هو: " الإرشاد إلى ما فيه صلاح العاجِل والآجل ".

وقوله تعالى:{هُدًى} وصف للقرآن الكريم وخبر آخر عنه، فهو لا شكّ فيه أنّه من عند الله، وهداية للمتّقين.

وقد يقول قائل: وهل هو هدى للمتّقين فقط ؟ أليس القرآن هداية للنّاس جميعا ؟ فالجواب أنّ:

الهداية نوعان – كما سبق بيانه في تفسير سورة الفاتحة –:

· هداية إرشاد ودلالة: وهي ثابتة لكلّ دالّ على طريق.

· وهداية توفيق: وهذه ليست إلاّ لله تبارك وتعالى الّذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلّبها كيف يشاء. ومنه قوله تعالى حكاية عن نبيّه شعيب عليه السّلام:{وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: من الآية88].

فالقرآن بالمعنى الأوّل للهداية ( هداية الدّلالة ): فهو هدًى للمتّقين وغيرهم، فمن قرأه وتدبّره تبيّن له الطّريق الموصل إلى الله عزّ وجلّ.
وبالمعنى الثّاني للهداية ( هداية التّوفيق ):
فإنّه لا ينتفع بما في القرآن من أحكام وزيادة في الخيرات إلاّ المتّقون،
أمّا غيرهم من المعرضين عنه، الّذين لا يلتفتون إليه، ولا يرفعون رؤوسهم
إليه فهم لا ينتفعون به.


وهذا مثل قوله تعالى:{وَأَمَّا
ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى
فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
} [فصّلت:17]، أي دللناهم على الخير بالآيات وهي النّاقة، فأعرضوا، كما في آية أخرى:{وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} [الإسراء: من الآية59].

( فائدة ): من القراء من يقف على قوله تعالى:{لاَ رَيْبَ}، ويستأنف من قوله تعالى:{فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، وهو وقف صحيح.

ولكنّ الوقف على قوله تعالى:{لاَ رَيْبَ فِيهِ} أولى، وذلك لسببين:

‌أ- ليصير قوله تعالى: ( هُدًى ) وصفا للقرآن، وهذا أبلغ من كونه فيه هدى.

‌ب- ليوافق قوله تعالى في سورة السّجدة:{تَنْزِيلَ الكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ العَالَمِينِ}.

-و( المُتَّقِينَ ): من التّقوى والاتّقاء، وهي مأخوذة من الوقاية.

ومعناها في اللّغة: ما يجعله المرء من حاجز يقيه السّوء، ومنه قوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النّحل: من الآية81]، ومنه قول البراءِ رضي الله عنه-كما في مسلم-: " كُنَّا وَاللَّهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ صلّى الله عليه وسلّم".

والمراد بالتّقوى هنا: الإتيان بالطّاعات واجتناب النّواهي. وعلى التّفصيل: هو فعل المأمور، وترك المحظور، والصّبر على المقدور.

وعبارات السّلف كثيرة في تعريف التّقوى، ومعناها كلّها راجع إلى ما ذكرناه:

- سأل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أبيَّ بنَ كعب رضي الله عنه عن التّقوى، فقال له: أما سلكت طريقًا ذا شوك ؟ قال: بلى، قال: فما عملت ؟ قال: شمّرت وحذرتُ، قال: فذلك التّقوى.

وقد أخذ هذا المعنى ابن المعتزّ فقال:

خلِّ الذّنـوب صغيرها *** وكبيـرها ذاك التُّـقَى

واصنع كمـاش فوق أر *** ضٍ الشّوك يحذر ما يرى

لا تحقـرنّ صغـيـرة *** إنّ الجبـال من الحصـى

- وقال الحسن رحمه الله: " التّقوى ألاّ تختار على الله غير الله، وتعلم أنّ الأمور كلّها بيد الله ".

- وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: " التّقوى ألاّ يجِد الخلق في لسانك عيبا، ولا الملائكة في أفعالك عيبا، ولا ملك العرش في قلبك عيبا ".

- وقال الواقديّ: " التّقوى أن تُزيِّن سرّك للحقّ، كما زيّنت ظاهرك للخلق ".

- وقال بعضهم: " التّقوى ألاّ يراك مولاك حيث نهاك، وألاّ يفتقدك حيث أمرك ".

المغزى العامّ للآية:

أنّ القرآن لا ريب أنّه كلام الله عزّ وجلّ، أنزله إلى خلقه كي يتّخذوه دليلا وهاديا على خير الدّنيا ونعيم الآخرة، ولكن لا ينتفع بهذا القرآن الكريم إلاّ من عمل به وأقام حدوده.

ثمّ بدأ الله عزّ وجلّ يذكر صفات المتّقين في الآية التّالية.

ولكن قبل ذلك فإنّه لا بدّ من وقفة لنتأمّل فيها منازل المتّقين عند ربّ العالمين، وذلك في حلقة قابلة إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
RAHMA23

RAHMA23

عدد الرسائل :
318

تاريخ التسجيل :
13/07/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالسبت 26 مارس 2011 - 6:32



جزاكـــم الله خـيــرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالأحد 27 مارس 2011 - 13:17

RAHMA23 كتب:


جزاكـــم الله خـيــرا

و جزاكم الله خيرا مثله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة (6) منازل المتّقين عند ربّ العالمين    تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالأحد 27 مارس 2011 - 13:19

تفسير سورة البقرة (6) منازل المتّقين عند ربّ العالمين




الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أوّل منازل المتّقين الّتي بيّنتها الآية الكريمة:

- منزلة الهداية: وقد تبيّن لنا من قوله عزّ وجلّ:{ هُدًى للْمُتَّقِينَ } أنّ الّذين ينتفعون بالقرآن إنّما هم المؤمنون المتّقون فحسب، ويؤيّد هذه الآية آيات أخرى منها:
قوله تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً} [الإسراء:82].





وقوله عزّ وجلّ:{وَإِذَا
مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ
هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً
وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
} [التوبة:124].



وقوله سبحانه:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} [فصلت: من الآية44].


وقوله:{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ
لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
} [يونس:57].



وقوله:{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً} [المائدة: من الآية64]، وغير ذلك.



فترى أهل التّقوى يميّزهم الله بالنّور والبصيرة، فيرون الأشياء على حقيقتها، يرون الدّنيا .. يرون المال .. يرون الجاه .. يرون الإنسان .. كلّ ذلك يرونه على حقيقته، قال تعالى:{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ
فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
} [الأنفال:29]، وقال عزّ وجلّ:{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ
يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ
بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
} [الحديد:28].

ومن منازل المتّقين ومراتبهم:

- أنّهم هم لبّ البشريّة: فهم النّاس، وغيرهم ليسوا بشيء.

ومن ألطف ما وقفت عليه من كلام أهل العلم في تفسير هذه الآية ما قاله الرّازي رحمه الله في " تفسيره ":

" ولوْ لم يكن للمتّقي فضيلة إلاّ ما في قوله تعالى:{هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} لكفاه، لأنّه تعالى بيّن أنّ القرآن هُدى للنّاس في قوله:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ} [البقرة: من الآية185]، ثمّ قال ههنا في القرآن: إنّه هُدًى للمتّقين، فهذا يدلّ على أنّ المتّقين هم كلّ النّاس، فمن لم يكن متّقيا كأنّه ليس بإنسان " اهـ.

ويؤكّد ذلك:

- أنّهم أهل الشّرف عند الله عزّ وجلّ:

فقد جعل الله تعالى التّقوى هو ميزانَ الشّرف والمكارم، فقال جلّ جلاله:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: من الآية13].

لذلك قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" من أحبّ أن يكون أكرم النّاس فلْيتّق الله، ومن أحبّ أن يكون أقوى النّاس فليتوكّل على الله ".

- أنّهم الفائزون بمحبّة الله عزّ وجلّ:

فقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: من الآية4]. وإنّ الله إذا أحبّ عبدَه تولاّه وحماه، ونصره وكفاه ...

وفي الحديث القدسيّ: (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ: يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ )) [رواه البخاري].

- وأنّهم الفائزون بمعيّة الله عزّ وجلّ: ومن كان الله معه، حاز الخير أجمعه.

قال عزّ وجلّ:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:128]، وقال جلّ جلاله:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة:من الآية194].

فإذا بلغ العبد منزلة المتّقين حاز مفاتيح الخير في الدّنيا والدّين.

- فتقوى الله عزّ وجلّ مفتاح الولاية: قال تعالى:{وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثـية: من الآية19].

وإذا تولّى الله عبده أذهب عنه حزن الماضي وخوف المستقبل، إذ قال جلّ ذكره:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)} [يونس].

فليس الوليّ من بُنِيت عليه القِباب، ودُعِي من دون الله العزيز الوهّاب، ولكنّه من اتّقى الله عزّ وجلّ: بفعل المأمور، وترك المحظور، والصّبر على المقدور.

- وتقوى الله هو المخرج من كلّ ضيق:

هو المخرج من الكروب والغموم، والمضايق والهموم، إذ قال تعالى وهو أحسن القائلين، ووعَد وهو أوفى الواعدين:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق: من الآية2].

وجعل التّقوى من أعظم أسباب الرّزق، فقال:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (3)} [الطلاق].

- وتقوى الله مفتاح الفوز والفلاح:

فقد قال عزّ وجلّ:{وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: من الآية200]،

وغاية الفلاح الفوز بالجنّة فقال تعالى:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} [النبأ:31]، وقال عزّ شأنه:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر].

ثمّ النّجاة من النّار، قال تعالى:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} [مريم:72].

فما على العبد إلاّ أن يحمل نفسَه طائعةً أو كارهةً على تقوى الله عزّ وجلّ، حتّى وإن زلّت به القدم، فاقترف الفواحش واللّمم، فليعلم أنّ من تقوى الله التّوبة والنّدم.

ذلك أمر الله، وتلك هي وصيّة الله عزّ وجلّ للأوّلين والآخرين، فقال:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: من الآية131]، فأخرج نفسك من زمرة المرضى وقل:{ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}.

والله الموفّق لا ربّ سواه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
يوسف الجزائري
Admin
يوسف الجزائري

عدد الرسائل :
2754

الموقع :
http://nebrasselhaq.com/

تاريخ التسجيل :
21/01/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة (7) { الّذين يؤمنون بالغيب ...} وبيان معنى الإيمان   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالإثنين 4 أبريل 2011 - 20:22

تفسير سورة البقرة (7) { الّذين يؤمنون بالغيب ...} وبيان معنى الإيمان










الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد
ذكر الله تعالى – كما سبق بيانه – في أكثر من موضع في كتابه أنّ هذا
القرآن لا ينتفع به إلاّ المتّقون، فناسب أن يبدأ في ذكر صفات أهل التّقوى
الّذين وعدهم بالهدى والفلاح، والفوز والصّلاح، فقال عزّ وجلّ:


{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }.








المبحث الأوّل: شرح ألفاظ الآية.

- ( يؤمنون ): الإيمان في اللّغة: يطلق ويراد به ثلاثة معان:

1) التّأمين، أي: إعطاء الأمان، وذلك إذا تعدّى بنفسه، كقوله تعالى:{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: من الآية4]، ومنه – على قول - اسم الله تعالى ( المؤمن )، فهو الّذي أمِن العبادُ من ظلمه، ويؤمّن المؤمنين يوم القيامة.

2) التّصديق المجرّد، وذلك إذا تعدّى باللاّم، ومنه قوله تعالى:{وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التّوبة: من 61]، وقوله تعالى:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت: من الآية26]، وقوله:{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} [يونس: من الآية83]، وقول إخوة يوسف عليه السّلام:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: من الآية17].

3) التّصديق مع العمل: وذلك إذا تعدّى بالباء، كهذه الآية:{يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ}، وأكثر ما يطلق في القرآن وهو مراد به هذا المعنى.

وعليه
تدرك أنّ تفسير الأشاعرة للإيمان بمعنى " التّصديق " خطأ، لأنّه أحد معاني
الإيمان، لا معنى الإيمان. وخطأهم قائم على عدم التّمييز بين هذه المعاني
الثّلاثة، فهم يفسّرون الإيمان المتعدّي بالباء بمعنى الإيمان المتعدّي
باللاّم.


- ( بالغيب ): الغيب في لغة العرب: مصدر غاب يغيب غيبا وغيبةً، ومنه قول امرأة العزيز:{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف:52]،
أي: إن كنت قد كذبت عليه في حضرته، وهدّدته بالسّجن وأن يكون من
الصّاغرين، فها أنا ذا أقلب كلّ الحقائق وإنّي أعلن في غيبته أنّه بريء،
فلعلّه يعفو عنّي ويصفح،
والشّهادة بظهر الغيب أقوى، كما أنّ الدّعاء بظهر الغيب أقوى.

والغيب
في القرآن والسنّة: هو كلّ ما غاب عن العباد، ولا يُدرَك بالحواسّ، لذلك
يسمّى عالَم الغيب، ويقابله كلّ ما يدرك بالحواسّ فيسمّى شهادة، والله
عالِمُ الغيب والشّهادة سبحانه.


وللعلماء في المراد من قوله تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ} قولان اثنان:

الأوّل: قول جمهور العلماء أنّ الغيب كلّ ما غاب عن العباد
وأخبرنا به الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فيدخل في ذلك الإيمان بالله
وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه، وكلّ ما ذكر من
الغيوب.


ويدخل في ذلك أيضا الإيمان بأخبار الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عن الأمم السّابقة.

وهذا هو الظّاهر عند الإطلاق، ومنه قوله تعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} [مريم:61].
أي: إنّ الله " وعدهم إيّاها وعداً غائبا، لم يشاهدوها ولم يروها، فآمنوا
بها وصدّقوا غيبها وسعوا لها سعيها، مع أنّهم لم يروها، فكيف لو رأوها ؟
إذن لكانوا أشدّ لها طلبا وأعظم فيها رغبة، وأكثر لها سعيا، ويكون في هذا
مدح له بإيمانهم بالغيب الّذي هو الإيمان النّافع "
[تفسير السّعدي رحمه الله].


- الثّاني:
قول زيد بن أسلم رحمه الله، فقال: المراد أنّهم يؤمنون بالله ويخشون الله
حال غيابهم عن النّاس، فيؤمنون به باطنا كما يؤمنون به ظاهرا، ويعملون
بطاعته باطنا كما يطيعونه ظاهرا.


وعلى قوله رحمه الله تكون الآية قد أخرجت الكافرين بالإيمان، والمنافقين بالإيمان بالغيب، فالمنافقون ذكر الله حالهم بقوله:{وَإِذَا
لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى
شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ
} [البقرة:14].

وتفسير ابن زيد رحمه الله يشبه آيات كثيرة، كقوله تعالى:{لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْب} [المائدة: من الآية94]، وقوله:{الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء:49]، وقوله:{إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} [يـس:11]، وقوله:{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق:33]،و غيرها من الآيات.

- ( يقيمون الصّلاة ): إقام الصّلاة له درجتان:

الأولى: إقامة الصّلاة بالمداومة عليها في أوقاتها، لأنّ القيام على الشّيء هو المداومة عليه، ومنه قوله تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} [آل عمران: من الآية75]، وقوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: من الآية113]،
ومنه حديث الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر المشهور: (( مَثَلُ
الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ
اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ...)) الحديث.


الثّانية: إقامة الصّلاة بمعنى إحسانها وإتقانها،
قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" أي: يقيمون الصّلاة بفروضها "، وقال في
رواية أخرى: " إقامة الصّلاة: إتمام الرّكوع، والسّجود، والتّلاوة،
والخشوع، والإقبال عليها فيها ".


وقال قتادة:" إقامة الصّلاة: المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها ". وكذلك قال مقاتل بن حيّان.

قال الرّاغب الأصفهانيّ رحمه الله في " المفردات ":

" إقامة الصّلاة توفية حدودها وإدامتها، وتخصيص الإقامة تنبيه على أنّه لم يُرِد إيقاعها فقط، ولهذا لم يأمر بالصّلاة ولم يَمدح بها إلاّ بلفظ {أَقِمِ الصَّلاَةَ}، وقوله:{وَالمُقِيمِينَ الصَّلاَةَولم يقل ( المصلّي ) إلاّ في المنافقين:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [المـاعـون]، وذلك تنبيه على أنّ المصلّين كثير، والمقيمين لها قليل " اهـ.

-( الصّلاة ): أُخِذت الكلمة من الصَّلْي - على قول الزجّاج والأزهريّ -، وهو: الإقامة على الشّيء وملازمته، يقال: صلِي واصطلى أي: لزم، ومنه قوله تعالى:{لاَ يَصْلاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [اللّيل:15] أي: لا يلزمها إلاّ أشقى النّاس.

وفي الكتاب والسنّة والعرف تُطلق ويراد بها:

· الدّعاء والثّناء، ومنه قوله تعالى:{خُذْ
مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ
عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
} [التوبة:103]،
وامتثل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا الأمر ففي صحيح البخاري ومسلم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ
النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ
قَالَ: ((
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ )) فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: (( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى )).

وفي الحديث الّذي رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ )).

· وتطلق الصّلاة أيضا على العبادة، كقوله تعالى:{وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: من الآية35].

· وتطلق أيضا على القراءة، كقوله تعالى:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء: من الآية110].

قال ابن عبّاس رضي الله عنه: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ،
فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ
وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: {
وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [متّفق عليه].

أمّا في الاصطلاح الفقهيّ: هي عبادة تتضمّن أقوالا وأفعالا خاصّة، في أوقات خاصّة، مفتتحةً بالتّكبير، مختتمة بالتّسليم.

-( وممّا رزقناهم ينفقون ): " من " هنا للتّبعيض، أي: وبعضَ ما رزقناهم ينفقون.

والإنفاق:
هو الإخراج، فإنفاق المال هو إخراجه من اليد إلى من يستحقّه، ومنه قولهم
للدابّة: نفقت، أي: خرجت روحها، وقولهم للمرأة: نافقة، أي: ستجدين من
يتزوّجك وتخرجين من بيت والدك، وأنفق القوم: فَنِي زادهم، ومنه قوله
تعالى:{
إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ} [الإسراء: من الآية100]. وسيأتي بيان سبب تسمية المنافق بذلك.

فما المراد من النّفقة هنا ؟

- فقيل: إنّها الزّكاة الواجبة.

- وقيل: إنّها النّفقة على الأهل والعيال.

- وقيل: إنّها صدقة التطّوّع.

والصّواب
هو ما اختاره ابن جرير الطّبريّ رحمه الله أنّ الآية عامّة في الزّكاة
والنّفقات، من غير فرق بين النّفقة على الأقارب وغيرهم وصدقة الفرض
والنّفل.


· المبحث الثّاني: الإيمان تصديق، وقول، وعمل.

إنّ الّذي عليه أهل السنّة والجماعة أنّ الإيمان له أركان ثلاثة يُبنى عليها:

· أوّلها: التّصديق، وهذا ما يدلّ عليه المعنى اللّغويّ للكلمة، وباشتراط هذا الشّرط خرج المنافقون.

· ثانيها: القول: بدليل قوله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: من الآية136]، بدليل أنّه قال بعد ذلك: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: من الآية137].

وقال تعالى عن المكذّبين:{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا (85)} [غـافر]، فثبت أنّهم لو قالوا آمنّا قبل العذاب لنفعهم قولهم، فاعتبره إيمانا.

فلا يصحّ إيمان أحد إذا ترك النّطق بها وإن اعتقدها، وها هو أبو طالب كان يعلم ويصدّق النبيّ صلّى
الله عليه وسلّم ولكنّه لمّا أبى النّطق بها كان كافرا بالله، وقال النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم - فيما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
رضي الله عنه -: ((
أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ))، وقال: (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )) [رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه]. [انظر "المنهاج في شعب الإيمان" (1/26)].

· ثالثها: العمل،
بدءا من عمل القلب كحبّ الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، وحبّ الإيمان
وأهله، إلى عمل اللّسان كالذّكر ونحوه، إلى عمل الجوارح. وفي الحديث
السّابق الّذي رواه مسلم: ((
الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً: فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )).

وبقدر
ما يترك المرء من العمل بقدر ما ينقص من إيمانه، كحديث الشّيخين عَنْ
أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: ((
لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )).

ومنه حديث البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ ))، وفي مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُون حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ )). وغير ذلك من الأحاديث.

ومن العمل التّرك، نحو:

ترك موالاة المشركين:{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
} [المائدة:51].

وترك
الفواحش ما ظهر منها وما بطن، كحديث الشّيخين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: ((
لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ )).

وكحديث البخاري عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: (( وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ )) قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ )) [البوائق: هي الشّرور والمصائب].

وغير ذلك من النّصوص، لذلك قال السّلف: الإيمان يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية.

ومنه
نُدرك أنّ أوّل خطوة لمن ضعُف إيمانه، وقلّ يقينه أن يتقرّب إلى الله
بعملٍ صالح، كأداء ركعتين في جوف اللّيل، أو التصدّق على مسكين، أو صلة
رحم، وغير ذلك من الأعمال الصّالحة، فإنّه حينها يقترب الله منه كما وعد في
الحديث القدسيّ: ((
وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )).

أمّا
أن يظلّ مقِيماً على المعصية، مواظبا على السيّئة، ثمّ ينتظر أن تنزل عليه
الهداية، وتزول عنه الغواية، دون سعيٍ ولا عمل، مكتفيا بالأمانيّ والأمل،
فيصدق عليه قول الشّاعر:


أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل *** ما هكذا يا سعدُ تُورَد الإبل

والحمد لله أوّلا وآخرا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://nebrasselhaq.com/
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)   تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله) I_icon_minitimeالإثنين 4 أبريل 2011 - 21:27

جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تفسير سورة البقرة للشيخ عبد الحليم توميات (متجدد بحول الله)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تفسير سورة الفاتحة (7):{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. للشيخ عبد الحليم توميات
» تفسير سورة الفاتحة (2) الكلام عن الاستعاذة. للشيخ عبد الحليم توميات
» تفسير سورة الفاتحة (10) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، للشيخ عبد الحليم توميات حفظه الله
» تفسير سورة الفاتحة (1) معنى كلمة: سورة للشيخ عبد الحليم توميات
» تفسير سورة الفاتحة (5) الكلام عن البسملة للشيخ عبد الحليم توميات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: القرآن الكريم وعلومـــه-