الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 الهوية تحت المجهر الشرعي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محب الجزائر

محب الجزائر

عدد الرسائل :
428

تاريخ التسجيل :
05/06/2009


الهوية تحت المجهر الشرعي Empty
مُساهمةموضوع: الهوية تحت المجهر الشرعي   الهوية تحت المجهر الشرعي I_icon_minitimeالأحد 31 مارس 2013 - 17:20

يعدّ الأخذ والرد في ملف "الهوية" من الطابوهات بلغة الصحافة، التي يخشى الكثير من الناس الكلام والخوض فيها، وما ذلك إلا لظنهم بأن مثل هكذا مواضيع، لا علاقة لها بالماهيات المكونة لديننا الحنيف أو أنها من المجالات التي تنضوي تحت الكلام في دهاليز السياسة الوضعية والمزايدات الفلسفية التي لا طائل من ورائها وأمامها، ولعل هذا من أهم الأسباب التي خلقت نفورا بين المرء من جهة والبحث عن هويته المفقودة من جهة أخرى، حتى أضحى بالكاد بلا هوية لا يفقه ولا يفهم مدلولها إلا من خلال وثائقه الشخصية أو ما تمليه عليه وسائل الإعلام، بغث مادتها العلمية التي تخلط في كثير من الأحايين بين المصطلحات ومقاصدها أو تغيب عن قصد مكونات لها حصة الأسد في رسم ملامحها، متطرقة لها سطحيا من دون شرح متروي، بل وحتى أهداف ومرامي العلم بمكنونات الهوية والبحث عن خباياها علما وتبنيا ودفاعا، وقد تكون هذه هي نقطة البحث وهذا هو مربط الفرس في موضوعنا هذا، وهو الدافع الرئيسي من وراء صنيع رجال التاريخ الذهبي الناصع في الدفاع باستماتة عن قيمنا في أحلك العصور وأضيق الدهور، ولا أدل على ذلك ونحن في باب المناسبة من عمل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي ضحت بالغالي والنفيس، في سبيل الحفاظ على وعاء الأمة الذي يصون لها هويتها من الذوبان داخل قمقم المستدمر الفرنسي،

يصب في مصب مغاير لمصبنا النقي بأركانه الأربعة: دينا ولغة وأرضا وتاريخا، يقول العلامة إبن باديس طيب الله ثراه: «ففهمت الأمة هذا الشر والكيد المدبرين لدينها وقرآنها ولغة قرآنها ودينها، وفهمته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الممثلة للأمة في دينها وقرآنها ولغة دينها وقرآنها والناطقة في الدفاع عنها في هذه الناحية بلسانها والمعاهدة لله وللأمة على ذلك الدفاع إلى آخر رمق من حياتها» الآثار ج3/ 244. ويقول العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله: "إن جمعيتكم هذه أسست لغايتين شريفتين، لهما في قلب كل عربي مسلم بهذا الوطن مكانة لا تساويها مكانة وهما: إحياء مجد الدين الإسلامي وإحياء مجد اللغة العربية» الآثار ج1/ 132. وهكذا حمل أؤلئك الأشاوس مشعل تلك القافلة الخالدة والمسيرة الطيبة، يكملونها زمنا ومكانا لا ماهية وكنها على سنن سلفهم، ممن جابهوا العدوان الغاشم بشقيه الداخلي والخارجي، بداية من لدن الفاروق وسيف الله المسلول إلى عصر الفاتحين من أمثال صلاح الدين وقطز وطارق المغرب والأندلس، ثم وثبة أسود المنابر من العلماء الربانيين في مشارق الأرض ومغاربها، ومن قبل كل هؤلاء دأب القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة مؤكدتين في غير ما آية وحديث على ضرورة الحفاظ على هوية المسلمين، والدفاع عن أمصارهم أرضا ووطنا.

ولتعلم رحمني الله وإياك أنه لأجل هذا وغيره ما كانت السياسات الخارجية والحروب الصليبية، لتقوم لها قائمة لولا هدف وحيد أسمى في أذهانهم؟؟؟ وهو مسخ الهوية الإسلامية للشعوب التي تدين بها، وإلا فإنهم في غنى عن ثرواتنا وخيراتنا كما يشهد لذلك الواقع المعاش والحياة اليومية، التي تؤكد أننا نعيش على فتات قمحهم ورحمة ما جادت به تكنلوجيا أصحاب العيون الضيقة، يقول أحد كبار المستشرقين في محاضرة ألقاها في مدريد بعنوان "لماذا كنا نحاول البقاء في الجزائر": « أننا لم نكن نسخر نصف المليون جندي من أجل نبيذ الجزائر أو زيتونها... إننا كنا نعتبر أنفسنا سور أوروبا الذي يقف في وجه زحف إسلامي محتمل يقوم به الجزائريون وإخوانهم من المسلمين عبر المتوسط ليستعيدوا الأندلس التي فقدوها وليدخلوا معنا في قلب فرنسا، بمعركة جديدة ينتصرون فيها ويكتسحون أوروبا الواهنة ويكملون ما كانوا قد عزموا عليه أثناء حكم الأمويين بتحويل المتوسط إلى بحيرة إسلامية خالصة.... من أجل ذلك كنا نحارب الجزائر». [من كتاب قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام وأبيدوا أهله ص 38]. ويقول مساعد وزير الخارجية الإمريكية ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م: «يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية». [قادة الغرب يقولون ص23]. أما عن الحروب الصليبية فها هو ذا جنديهم يناغي أمه بأعلى صوته، حين كان يلبس بزته العسكرية قادما لاستعمار بلاد الإسلام: «أماه ؟؟؟ أتمي صلاتك لا تبكي... بل اضحكي وتأملي... أنا ذاهب إلى طرابلس... فرحا مسرورا... سأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة... سأحارب الديانة الإسلامية... سأقاتل بكل قوتي القرآن». [القومية والغزو الفكري لمحمد جلال كشك 208].

أقول: هذا ومن يظن أنّ حروبهم الصليبية بحلقاتها المعادة وطبعاتها المختلفة، قد انتهت في يوم من الأيام إلى يوم الناس هذا فهو أضل من حمار أهله، وإليك الدليل: «خرج أعوان إسرائيل في فرنسا بمظاهرات قبل النكسة يحملون لافتات وسار تحت هذه اللافتات جون بول سارتر، وقد كتبوا عليها وعلى جميع صناديق التبرعات لإسرائيل جملة واحدة من كلمتين هما "قاتلوا المسلمين"، فالتهب الحماس الصليبي الغربي وتبرع الفرنسيون بألف مليون فرنك، خلال أربعة أيام فقط كما طبعت إسرائيل بطاقات معادية كتب عليها "هزيمة الهلال"، بيعت بالملايين، لتقوية الصهاينة الذين يواصلون رسالة الصليبية الأوروبية في المنطقة وهي محاربة الإسلام وتدمير المسلمين" [مخططات أعداء الإسلام د/ توفيق الواعي ص 15]. أما في العصر الحاضر فالأمثلة أكثر وأكبر من أن تعرض في خلجة الصدر هذه، فمن صنيع الروس في أفغانستان التي مزقتها حروب الإخوة الأعداء، إلى بلاد القوقاز ووصولا إلى زمن رعاة البقر وخططهم الجهنمية في بلاد النهرين وخرسان القرن الواحد والعشرين، ولا ننسى أبدا فضاعة اليهود في بلاد أولى القبلتين، فكل هؤلاء عزموا العقد على أن تحيا الحروب الصليبية العصرية، تحت مسميات شتى مرة باسم محاربة الإرهاب وأخرى بذريعة التسلح النووي، وهم الذين لم تكن لهم أطماع في كعكة المسلمين هذه سوى مسخهم بهويتهم عن آخرها والدور آت على من لم يستفق بعد.

أقول: هذا واقع ليس من الهين نسيانه وليس من السهل التعامل مع ثناياه، إلا بدراسته وتحليل ماهيته تحليلا شرعيا مؤصلا، ولعلنا في هذا الخضم نسلط الضوء على جنباته الخفية من خلال مداخلتي هذه كما وسمتها في العنوان "تحت المجهر الشرعي"، فأقول وبالله التوفيق وعليه التكلان:

تعريف الهوية: هي "حقيقة الشيء أو الشخص التي تميزه عن غيره: "فهي ماهيته وما يوصف به من صفات: عقلية وجسمية وخلقية ونفسية ويعرف به".

وبالشرع هي: "المفهوم الذي يكونه الفرد عن فكره وسلوكه اللذين يصدران عنه، من حيث مرجعهما الإعتقادي والإجتماعي وبهذه الهوية يتميز الفرد ويكون له طابعه الخاص"، وهي بعبارة أخرى: "تعريف الإنسان نفسه فكرا وثقافة وأسلوب حياة"، كأن يقول مثلا: "أنا مسلم" أو يزيد: "منهجي الإسلام", أو يزيد الأمر دقة فيقول: "أنا مؤمن ملتزم بالإسلام من أهل السنة والجماعة "، [هويتنا أو الهاوية للدكتور محمد إسماعيل المقدم ص 03].

مكوناتها: إتفق أهل العلم وأرباب هذا الميراث النبوي، على أن شاكلة الهوية ترتسم بملامح ثلاثة وهي "الدين واللغة والوطن"، وهذا كما جاء على لسان مؤسسي مرمس النور جمعية العلماء المسلمين الربانية وشعارها الزبرجدي: "الإسلام ديننا- العربية لغتنا- الجزائر وطننا". وإلا فإن هناك من أضاف إلى هذه المفاهيم وحدة أخرى تتعلق بتاريخ الأمة وذاكرتها الحية من زمن الماضي المجيد، وهو مصيب ولا ضير، وذلك بالنظر إلى قيمة العصر الفائت في حياة الأمم والشعوب الذي تحيا به حاضرها وتبني على سننه مستقبلها، وإلى تفصيل المراد الذي فيه ومن حوله أدندن وأقول:

أ/ الدين: من أهم المقومات الأساسية والمكونات الجوهرية لوحدة الهوية الدين، وهو من أول وأهم الضروريات الخمسة التي لا تقوم الحياة ولا تستقيم إلا بها، ونعني بالدين هنا الإسلام كما جاء في محكم تنزيله: "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام" آل عمران 19. وأعظم ما في هذه الشريعة الغراء بل وعلى ذروة سنامها العقيدة الإسلامية الصحيحة الصافية النقية، والمنتحلة أصولها وفروعها من الكتاب والسنة النبوية الثابتة وفق فهم سلف الأمة لا غير، بعيدا عن الآراء الكلامية الساقطة والإعتقادات الخرافية الهابطة، وما ذلك إلا لأنها الرابطة الوحيدة التي تربط العبد بربه في الدنيا من قبل العبادات، وفي الآخرة من قبل الحساب، ولهذا كان أوجب الواجبات على كل امرئ أراد الإسلام وولوج زمرة الإيمان، أن يقر أولا بالشهادتين مفتاح الجنان وبذلك ثبتت له هوية المسلم قولا وعلما بما فيها وعملا بمقتضاها، كما قال سبحانه:"وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا" النساء 125.

تعريف العقيدة: يقول الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله "إعتقاد: إفتعال من العقد وهو الربط والشد هذا من حيث التصريف، وأما في الإصطلاح عندهم فهو: حكم الذهن الجازم يقال "اعتقدت كذا" يعني: جزمت به في قلبي فهو حكم الذهن الجازم فإن طابق الواقع فصحيح وإن خالف الواقع ففاسد فاعتقادنا أن الله إله واحد صحيح واعتقاد النصارى أن الله ثالث ثلاثة باطل" [شرح الواسطية 37].

1/ العلم بها والعمل بمقتصاها: يكفي للتدليل على أهمية العلم بالعقيدة والبحث عن محتواها تصديقا وعلما، الأمر الصريح في قوله تعالى: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ " محمد 19. يقول العلامة السعدي رحمه الله: "وهذا العلم الذي أمر الله به – وهو العلم بتوحيد الله –"، [التيسير ص731]. ومن الحديث في الباب قوله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار " صحيح مسلم 153. ومن الدليل على أهميتها أيضا ذلك الزخم التأليفي في باب العقيدة والتوحيد من لدن سلف الأمة وتابعيهم وذلك لما لمسوه من أنه لا خلاص لآخر الأمة إلا بما خلص به أولها، بتصحيح عقيدتها مما لصق بها من غبش القبوريين وخزعبلات المتكلمين، وكذا بذل الوسع لتربية جيل على نمط الصحابة رضي الله عنهم، يقول عبد الله ناصح علوان رحمه الله: "إن مسؤولية التربية الإيمانية لدى المربين والآباء والأمهات لهي مسؤولية هامة وخطيرة، لكونها منبع الفضائل ومبعث الكمالات، بل هي الركيزة الأساسية لدخول الولد في حظيرة الإيمان وقنطرة الإسلام". [تربية الأولاد في الإسلام 1/ 163]. فرض عين على كل إنسان لا يسقط عن أحد كائنا من كان، بل كل مظطر إلى ذلكّ

2/ دعوة الغير إليها: ومن طرق الحفاظ على هوية المعتقد دعوة الغير إليها كما قال تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " فصلت 33. يقول الإمام الشوكاني رحمه الله: "أي إلى توحيد الله وطاعته قال الحسن: هو المؤمن أجاب الله دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من طاعته". [فتح القدير 2/ 1723]. وفي الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لصهره رضي الله عنه حينما أعطاه الراية: "انفذ إليهم على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحد خير لك من أن يكون لك حمر النعم" متفق عليه. قال الإمام النووي رحمه الله: "وفي هذا بيان فضيلة العلم والدعاء إلى الهدى، وسن السنن الحسنة " 15/145.

3/ صيانتها والدفاع عنها: إليك عزيزي القارئ هذه النقول، ومن ثم خمن في وسائلك التي تحفظ بها عقيدتك، يقول نيكسون في كتابه "أنتهز الفرصة": "إننا لا نخشى الضربة النووية، ولكننا نخشى الإسلام والحرب العقائدية التي قد تقضي على الهوية الذاتية للغرب". [مخططات أعداء الإسلام د/ توفيق الواعي 28]. ولعل الكل يتذكر حادثة البنات والقرآن، وهي صنيع فرنسا الإستعمارية أيام ما قامت بانتقاء عشر فتيات مسلمات جزائريات، أدخلتهن إلى مدارسها وألبستهن ثياب بناتها، فأصبحن كالفرنسيات تماما، وبعد أحد عشر عاما من الجهود هيأت لهن حفلة تخرج رائعة دعي إليها الوزراء والمفكرون والصحفيون، ولما ابتدأت الحفلة فوجئ الجميع بالفتيات الجزائريات يدخلن بلباسهن الإسلامي الجزائري فثارت ثائرة الصحف الفرنسية وتساءلت: ماذا فعلت فرنسا في الجزائر بعد مرور مائة وثمانية وعشرين عاما؟، فأجاب وزير المستعمرات الفرنسي لاكوست: وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا ؟؟؟ " [قادة الغرب ص 48].

ب/ اللغة: عرفها الجرجاني رحمه الله فقال: "هي: ما يعبر بها كل قوم عن أغراضهم" [التعريفات 306]. وليس المراد ها هنا الكلام والبحث عن اختلافات اللغويين وأرباب القواميس في تحديد مبنى ومنتهى وتعريف اللغة العربية، بقدر ما يهمنا الحفاظ على هذه الوسيلة والأداة التي التصق تاريخها بالقرآن الكريم عربية كانت أو غير عربية، حتى أصبحت من مكنونات الهوية وتبعلت للشرع فكانت بمكانة الرجل للمرأة تزاوجا، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "وبلسانها نزل الكتاب وجاءت السنة " [الرسالة 53].

1/ تعلمها:لا شك أن الإيمان بالقرآن والقول به يقتضي العمل به، وهذا لا يتم بداهة إلا بتعلم اللغة التي أنزل بها، لأن طريق مزاولة العمل العلم وسبيل تعلم المعرفة اللغة ولما كانت لغة القرآن هي اللغة العربية، كان لزاما وضرورة أن يكون اللسان العربي أحد أهم مكونات الهوية، بما أن الفرقان جاء بلسانها كما قال تعالى:"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " يوسف 02. بل زاد الأمر إيضاحا أنه لسان مستقيم لا عوج فيه فقال: "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ " الشعراء 195. وقال في الآية الأخرى:"قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " الزمر 28. حتى صارت تلك الفصاحة مضرب الإعجاز وإقامة الحجة، على الرغم من أن عرب آنذاك من أفصح البقاع على أصقاع الأرض، قال تعالى:"قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" الإسراء 88. يقول أمير الأدباء مصطفى صادق الرافعي رحمه الله في معرض بيانه لهذا الإعجاز اللفظي: "ألفاظ إذا اشتدت فأمواج البحر الزاخرة، وإذا هي لانت فأنفاس الحياة الآخرة تذكر الدنيا فمنها عمادها ونظامها، وتصف الآخرة فمنها جنتها وصرامها ومتى عدت من كرم الله جعلت الثغور تضحك من وجوه الغيوب، وإن أوعدت بعذاب الله جعلت الألسنة ترعد من حمى القلوب" [إعجاز القرآن ص 30]. وهذا ما يقودنا في الأخير إلى حكم وحقيقة مفادهما، أنه من واجب المسلمين تعلم لغتهم والحفاظ على لسانهم من الزلل والخلل كما يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه من جهده حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله" [الرسالة ص 48]. ويقول شيخ الإسلام عليه رحمة الله: "اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب". [الإقتضاء ج1/ 527].

2/ التعامل بها:لما كان تعلم لغة القرآن واجب من الواجبات، تبعها في ذلك فرض من المفروضات، ألا وهو الكلام بها والتعاطي معها عملا وتعاملا، وهذا من باب ديمومتها وبقاء صيرورتها، بين أعيان الأمة الواحدة صغارا وكبارا، حتى عد الأخذ والرد بغيرها من دون حاجة، وجه من الأوجه التي تؤدي إلى الوقوع في النفاق، قال شيخ الإسلام عليه رحمة الله: "وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية – التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن –" [الاقتضاء ج1/ 526]. حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله أو لأهل الدار أو للرجل مع صاحبه أو لأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالعجم وهو مكروه كما تقدم

3/ نشرها والدفاع عنها: بالكاد إذا وصلنا إلى درجة العلم والتعامل، كانت المحطة الموالية بذل الوسع لتعليمها للأجيال من نعومة الأظافر، وكذا الكد والإجتهاد في البحث فيها دراسة وتأليفا وتفتيشا، من باب الحفاظ عليها كما يقول شيخ الإسلام عليه رحمة الله: "واعلم أنّ اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق" [الإقتضاء ج1/ 527]. وانظروا رحمني الله وإياكم، إلى ما يقوله أحد أرباب الإستدمار الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة عام على استعمارها: "إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن من الوجود ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم" [مخططات 88].

ج/ الوطن: عرفه الجرجاني فقال: "هو: مولد الرجل والبلد الذي هو فيه" [التعريفات 406]. وليس المقصود هنا ذات الوطن في حد ذاته، بقدر ما المقصود إبراز الرابطة القوية بين المرء ووطنه كما في قوله صلى الله عليه وسلم لما أخرج من مولده مكة: "ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك " صحيح الجامع 5536. ولكن وكما يقول الشيخ أحمد فريد -حفظه الله-: "الوطن الحقيقي في مفهوم "الهوية الإسلامية" هو ( الجنة )، حيث كان أبونا آدم في الابتداء، ونحن في الدنيا منفيون عن هذا الوطن، ساعون في العودة إليه، و"المنهج الإسلامي" هو الخريطة التي ترسم لنا طريق العودة إلى الوطن الأم ". [هويتنا ص11]. يقول الإمام العلم ابن القيم –رحمه الله تعالى- في نونيته:

فحي على جنات عدن فإنها منازلِنا الأولى وفيها المخيم

ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلمُ ؟

وأذكرهنا أن حدود الوطن الذي نعنيه لا يقاس بالمساحات ولا بالحدود، بقدر ما يقاس ببلوغ الإسلام لأهله على نسق قول الشاعر:

ولستُ أدري سوى الإسلام لي وطناً *** الشام فيه ووادي النيل سيان
وكل ما ذكر اسمُ الله في بلدٍ *** عددت أرجاءه من لب أوطانِ

1/ العمل لمصلحته العليا: ليست حقيقة الوطنية والمواطنة شيئا يباع ويشترى، أو مظلة يقي الإنسان بها نفسه من الغيث ولهيب الشمس يفتحها ويغلقها كيفما وأينما شاء، بقدر ما هي حقيقة تدفع الإنسان إلى بذل الوسع في سبيل تحقيق النجاح والفوز لبني عقيدته في الدارين وقد قال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس أنفعهم للناس" صحيح الجامع برقم 3289. فلا الثغرات المالية ولا محاربة الثوابت ولا نشر الفساد بكل أنواعه في شتى ربوع الوطن، هي من الوطنية في شيء كما يقول العقلاء، ولكن الوطنية ملكة تحمل الإنسان على بعث روح الخير، والتفكير بالنهوض بمعركة البناء والتشييد على الصعيدين الديني والدنيوي في مصره متكاتفة جهوده مع باقي نفره.

2/ حفظه والدفاع عنه: لقد شرع الجهاد لأجل إعلاء كلمة الله كما هو متعارف عليه في ماهيته، ولما كان هذا الإعلاء لا يكتمل نصابه إلا بتحقق دار الإسلام وانتفاء دار الكفر عن الوطن، صار الدفاع عن الوطن المسلم من المعتدين، جزء لا يتجزء من مفهوم الجهاد إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا ما تعارف عليه أهل الشأن بتسميته "دفع الصائل" وفي الآيات من ذلك كثير كقوله تعالى:"فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" البقرة 194 وقوله: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ" النحل 126. وقوله أيضا: "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ" الشورى 39.وفي الحديث: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد" صحيح الجامع 4172. قلت: وهل الدين إلا في دار الإسلام؟ وهل الأهل إلا في دار الإسلام؟ وهل المال إلا فيه أم أن دم المسلم في غيره؟ وهل هو إلا الوطن بمصطلح العصرنة، ولا مشاحة في الإصطلاح كما يقولون. ولكن تذكر أيها المحب أن: "من قتل تحت راية عمياء، يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية" الصحيحة 433.

وقفة: لا يعني اللسان العربي تعلما وتعليما أو الوطن خدمة ودفاعا، أن ننصبه كالوثن بحيث عليه نوالي ولغيره نعادي تعصبا فيحلان محل شعيرة "الولاء والبراء"، وسقوط المسلم في مستنقع القومية أو الشعوبية بمصطلح السالفين، يقول الإمام العلم الشنقيطي: "وليعلم أن النداء برابط القوميات لا يجوز على كل حال، ولا سيما إذا كان القصد بذلك القضاء على رابطة الإسلام وإزالتها بالكلية بدعوى أنه لا يساير التطور الجديد أو أنه جمود وتأخر عن مسايرة ركب الحضارة – إلى أن قال – والحاصل: أن الرابطة الحقيقية التي تجمع المفترق وتؤلف المختلف هي رابطة "لا إله إلا الله" ألا ترى أن هذه الرابطة التي تجعل المجتمع الإسلامي كله كأنه جسد واحد، وتجعله كالبنيان يشد بعضه بعضا " [الأضواء ج3/ 446-447]. ويقول شيخ الإسلام عليه رحمة الله: "وذهبت فرقة من الناس إلى أن لا فضل لجنس العرب على جنس العجم وهؤلاء يسمون الشعوبية لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرة للقبائل كما قيل: القبائل للعرب والشعوب للعجم – إلى قوله – والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عن نوع نفاق، إما في الاعتقاد وإما في العمل، المنبعث عن هوى النفس مع شبهات اقتضت ذلك" [الإقتضاء 1/ 421]. وصدق الشاعر حينما قال:

لقد رفع الإسلام سلمان فارس *** وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب.

د/ التاريخ: هو ذاكرة الشعوب "فمن لا تاريخ له فهو بلا وطن ومن لا وطن له فلا تاريخ له"، هكذا اقتصت السنة الإلهية في الشعوب بأن تحافظ على تاريخها وخاصة المجيد منه كما هو حال أمتنا الأبية، ترتشف من معينه كلما رأت اعوجاج لتقويمه فتأخذ من تجارب سلفها، وتستنير على درب مشاريعهم وطموحاتهم وبذلك تكون قد رسمت أولى ملامح المستقبل المشرق والحاضر المشرف، فلا عجب إذن أن ترى كل هذا التكالب المسعور حول تاريخ أمتنا سلخا وتشويها، وتعريتها من تاريخها وإن وجد فهو مطموس، جاء في البرتوكول السادس عشر من برتوكولات اليهود: "وسنتقدم بدراسة مشكلات المستقبل بدلا من الكلاسيكيات، وبدراسة التاريخ القديم الذي يشمل على مثل سيئة أكثر من اشتماله على مثل حسنة، وسنطمس في ذاكرة الإنسان العصور الماضية التي قد تكون شؤما علينا، ولا نترك إلا الحقائق التي ستظهر أخطاء الحكومات في ألوان قاتمة فاضحة " [برتوكولات حكماء صهيون 64]. فأين أنتم يا رجال التاريخ تنخلونه نخلا من محدثات أولئك القوم؟.

أقول: من هذا المنطلق وبناء على هذا الاستعراض العلمي في مادته والمنهجي في طريقته، والذي أسأل المولى تعالى أن أكون قد وفقت في طرحه ومعالجة جوانبه، ندرك أيما إدراك أهمية إحاطة المرء بهويته علما وعملا وخطر ما يهدد الأمة الإسلامية جمعاء، إذا ما تعلق الأمر بفقدان أجيال بأكملها لهويتها أو الذوبان والمسخ إنغماسا في هويات، لا تربطه بها أي صلة أو أواصر، سوى صلة التدمير والإفساد أو التنحية من الوجود. وعليه فإنني ومن مكانة الرعية أو المواطن بلغة العصر يسعى لما يسعى إليه الساعون، من إصلاح وزرع لبذور الخير والمحبة في أرجاء مصرنا الإسلامي المفدى، أخاطب من هذا المنبر المعطاء فخامة رئيس الجمهورية –- والذي لم يبخل علينا في يوم من الأيام بيده ومشاريعه المعطاءة، أن يضم لخماسيته المباركة مشروع يتمم السداسية، يكون في منزلته من أرقى مشاريعه وأقدس ما قدم في حياته وبعد مماته أعني مشروع "هوية المسلم الجزائري" بأبعادها الأربعة: الإسلام دينه والعربية لغته والجزائر وطنه والتاريخ ذاكرته. وأنا إذ أقول هذا، لا يعني بمفهوم المخالفة أن فخامته مفرط في هذا الجانب بل على العكس من ذلك والله ثم الشعب والتاريخ شاهد على ما أقول، ولكن حجم الهجمة الشرسة من الخارج والداخل، تفرض علينا رفع وتيرة التأهب ومستوى الحذر، وهذا لا يتم فيما أعتقد إلا ببناء صرح مشروع تتكاتف فيه مجهودات صفوة الأمة من العلماء، وفق منهجية معينة وميكانيزمات محددة، تحدد وسائل وآليات البناء والتشييد، ومن بعدها العمل الدؤوب وفق الرزنامة الزمنية والمكانية، لتكون النتجية في الأخير: "شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب لذاكرته يحفظ ولبلده يحب"، هذا ما في جعبتي إن أصبت فمن الله وحده لا شريك له، وإن كانت الأخرى فمن نفسي ومن الشيطان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وفقه المولى لما يحب ويرض

كتـب المقال ربيع بن محمد ميسوم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سليلة الغرباء
Admin
سليلة الغرباء

عدد الرسائل :
6335

الموقع :
جنة الفردوس بإذن الله

تاريخ التسجيل :
19/05/2009


الهوية تحت المجهر الشرعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهوية تحت المجهر الشرعي   الهوية تحت المجهر الشرعي I_icon_minitimeالإثنين 1 أبريل 2013 - 9:32

جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الهوية تحت المجهر الشرعي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الجلباب الشرعي واحكامه
» الحجاب الشرعي للمراة المسلمة
» بشرى لطلاب العلم الشرعي
» الحجاب الشرعي ومدينة "إليزي" الجزائرية ؟؟..
» كيف أصنع برنامجي الشرعي في الإجازة الصيفية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: وطني الحبيب :: التعريف بالجزائــر-