الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زائرنا الكريم مرحبا بك بين إخوانك في منتديات تبسة الإسلامية ، بعد التسجيل ستجد رسالة تأكيد التسجيل في بريدكم ، نرجوا لكم قضاء وقت مفيد ومريح في هذا الفضاء التربوي العلمي .


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
مرحبا بكم أيها الأحباب من جديد ..
من بريد المنتدى ذات يوم ...
كتاب الانتصار للنبي المختار ﷺ (يصور لأول مرة) المؤلف: د.سليمان بن صفية الجزائري
رحم الله الشيخ علي الحلبي ..
بشرى صدور موقع جديد للشيخ أبو يزيد المدني (سليم بن صفية)
حذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم
‏الرفقة الدافئة
يا طالب العلم البشرية كلها بحاجة إليك.
قصة قصيرة جملية
حكمة وعبرة ✍
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 11:57
الخميس 29 ديسمبر 2022 - 9:20
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 15:30
الخميس 3 ديسمبر 2020 - 18:36
الأربعاء 22 يناير 2020 - 18:36
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 20:08
الخميس 20 ديسمبر 2018 - 12:28
الإثنين 17 ديسمبر 2018 - 13:30
الخميس 6 ديسمبر 2018 - 21:09
الإثنين 3 ديسمبر 2018 - 20:11











شاطر
 

 الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أم الحسين

أم الحسين

عدد الرسائل :
4090

تاريخ التسجيل :
18/03/2009


الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري Empty
مُساهمةموضوع: الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري   الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري I_icon_minitimeالثلاثاء 13 أبريل 2010 - 13:27

الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم (الجزء الأول)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد


إنّ المتقدّمين من أهل الأداء اعتنوا في نقلهم للقرءان الكريم على الرواية والأداء والدراية جميعاً وما أهملوا واحداً من هذه الأمور الثلاثة المهمّة ، فبالرواية يُعرف ثبوت النقل إلى مصدره من جهة الإسناد سواء كانت قراءة أو رواية أو طريقاً أو وجهاً ، وسواء كان المنقول أداءً أو نصّاً ، وكلّ ذلك خاضع للضوابط والشروط التي وضعها الأئمّة في الحكم على المنقول بالصحّة أو التواتر أو الشهرة أو الشذوذ أو غير ذلك. وأمّا الأداء فهو مجرّد تطبيق عمليّ وترجمة عمليّة للرواية الثابتة عن طريق التلقّي والمشافهة من المشايخ ، وصحّة الأداء مرتبط بصحّة الرواية لأنّها إن ثبتت بشروط القبول التي وضعها الأئمّة كان الأداء تابعاً لها في الثبوت فلا قيام للرواية من غير أداء إذ الأداء هو المعنيّ بالنقل والرواية عن الغير. وأمّا الدراية فهي كناية عن الضبط والتفهّم والتمييز والتبصّر في تمحيص المادّة الأدائيّة المنقولة وتسليط الحسّ النقدي عليها ، فيكون الراوي بذلك عالماً بصيراً بمرويّاته بل ناقداً لها كما هو دأب أبي عمرو الداني في جامع لبيان وابن الجزري في كتابه النشر وغيرهما من النقّاد الجهابذة. والنقد يكون على حسب الشروط التي وضعها كلّ إمام في قبول المنقول نصاً وأداءً وهذا ما حمل ابن الجزري على إهمال ونقد بعض مرويّاته لأنّها لم تستوف جميع الشروط المقرّرة لديه.

لذا فإنّه يمكن أن نعتبر بأنّ أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى اعتمدوا على :

- النصوص المنقولة
- الأداء المنقول
- الدراية
- النقد والذي يتمثّل في استبعاد وردّ كل ما خرج عن شروط قبول الرواية التي وضعها الأئمّة.


أ - الاعتماد الأئمة على النصوص المنقولة بالدرجة الأولى :

قال الداني عليه رحمة الله تعالى : "مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر" (جامع البيان ص172).
قال مكّي القيسي عليه رحمة الله تعالى : "والرواية إذا أتت بنصّ في الكتب والقراءة كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب الله ولا صحبها نصّ ، وما نُقل بالتلاوة ولم يؤيّده نصّ كتاب فالوهم والغلط ممكن ممن نقله إذ هو بشر "(تمكين المدّ في آتى وآمن وآدم وشبهه ص37).
وقال في كتابه التبصرة : " فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود. وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجود في الكتب وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل"
قال ابن عظيمة الإشبيلي (ت543) : "ولا ينبغي أن يقنع الطالب بالمشافهة من العلم ، فيسمع لفظه إذا تكلّم ، فلربّما كان ممن جرى الصواب على لسانه ، وهو لا يعلم مقدار إحسانه ، ولا بدّ من مفارقته ما سمع ، فيرجع إلى ما به طبع ، فإن كان ممن علم عمل ، وإن اكتفى بما سمع لم يلبث أن يجهل" (منح الفريدة ص212).
وقال الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى :

وما بعده كسر أو اليا فما لهم ...... بترقيقه نصّ وثيق فيمثلا

وقال : وبعضهم في الأربع الزهر بسملا ...... لهم دون نصّ

وقال : ولا نصّ كلا حبّ وجه ذكرته ...... وفيها خلاف جيده واضح الطلا.

أقول : فهذي نصوص القوم تؤكّد على أنّ ما أودعوه في سطورهم هو المعبّر القويم عن الكيفيّة الصحيحة التي تلقّوها عن مشايخهم ، ويكفي في إثبات ذلك أنّ عدم ثبوت النصّ عندهم مشكلة وسبيل للنقد والتشكيك والاحتمال كما يظهر من كلام مكّي القيسي وصنيع الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى ، وأنّ مجرّد الاعتماد على الأداء المأخوذ عن غير مرجع مسطور ومصدر موثوق قد يُفضي إلى الوهم والغلط. لذا فإنّ أهل الأداء اعتمدوا على النصوص بالدرجة الأولى إذ به يجد الأداء مصداقيّته التي ترفعه من الشكّ والاحتمال إلى اليقين والقطع.


ب - الاعتماد على الأداء :

اعتمد أئمّتنا على الأداء من ناحيتين مختلفتين من حيث الهدف والغاية :

الأولي : الاعتماد على الأداء لإدراك الهيئة الأدائيّة حال القراءة ، وذلك عن طريق التلقّي والمشافهة من المشايخ ، فيكون الأداء بذلك مفسّراً للنصّ من الجهة العمليّة التطبيقيّة.

الثانية : الاعتماد على الأداء استدلالا وإثباتاً لصحّة الوجه المقروء به. وهذا منوط بشروط :

الأوّل : أن يفتقد الأداء إلى النصّ ، فلو ثبت بالنصّ فلا حاجة إلى الاستدلال بالأداء ، وإنّما يقتصر دوره على نقل الكيفيّة الأدائيّة بالتسلسل.
الثاني : أن يكون الأداء ثابتاً في الكتب والمصادر ومشهوراً عند الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى.
ثالثاً : أن يكون قوياً من جهة القياس.

ولنضرب أمثلة في ذلك : الأوّل : إدغام أبي عمرو {قال ربّ} ،{ قال ربّكم} وشبهه فإنّ أهل الأداء أجمعوا أداءً على إدغام لام {قال} في الراء مطلقاً كما ذكر الداني في كتابه الإدغام الكبير ، إلاّ أنّ النصّ لم يرد في {قال رجل} و {قال رجلان} ، فاعتمد الداني على الأداء المجمع عليه لإلحاق{قال رجل} و {قال رجلان} بنظائرها قياساً وتقويّة للوجه الذي لم يرد فيه النصّ ، والقياس هنا مراده إدراج الألفاظ المعنيّة بالإدغام تحت نفس الأصل والقاعدة وهو إدغام {قال} في الراء. المثال الثاني : إمالة {البارئ} مع {بارئكم} فإنّها ثابتة بالأداءً المشهور عن الدوري الكسائي إلاّ أنّ النصوص وردت في لفظ {بارئكم} دون {البارئ} فألحقت الكلمة الثانية بالأولى لاتفاقهما حكماً واشتهارهما من جهة الأداء كما هو الحال في المثال الأوّل وسببه أنّ الأئمّة قد يذكرون كلمة على سبيل التمثيل فيظنّ المتأخرون أنّها ذكرت للحصر فيلتبس عليهم الأمر فيلجئون إلى القياس لإلحاق الكلمات التي لم يردّ النصّ فيها بنظائرها. المثال الثالث : جواز المدّ والقصر عند إسقاط الأولى من الهمزتين نحو {شآء أن شره} ، و {السمآء أن تقع }. قال الداني : "وقد حكى أبو بكر الداجوني عن أحمد بن جبير عن أصحابه عن نافع في الهمزتين المتفقتين أنّهم يمدّون الثانية منها نحو {السمآء أن تقع }. قال : يهمزون ولا يطوّلون السماء ولا يهمزونها ، وهذا نصّ منه على قصر الألف قبل الهمزة الساقطة والمليّنة ، ولا أعلم أحداً من الرواة نصّ عليها بمدّ ولا بقصر غيره ، وإنّما يُتلقّى الوجهان فيهما من أهل الأداء تلقّياً"(جامع البيان ص225). الشاهد قوله : "وإنّما يُتلقّى الوجهان فيهما من أهل الأداء تلقّياً" أقول : كأنّ الداني استغرب كيف انتشر الوجهان أداءً عن الأئمّة ولم يرد في ذلك إلاّ نصّ واحد يُثبت القصر دون المدّ ، لذا يمكن أن نقول بأنّ الوجهين ثابتان بالأداء المشهور ، وكلاهما قويّ من جهة القياس الذي يتمثّل في تبرير وجه المدّ اعتداداً بالأصل وهو وجود الهمزة الموجبة للمدّ قبل الإسقاط ، وكذا تبرير القصر لثبوته بالنصّ الوحيد من جهة واعتداداً بالعارض وهو ذهاب الهمزة بالحذف الذي أوجب القصر من جهة القياس ولا مانع من الاعتداد بالعارض إن اشتهر الوجه أداءً. أقول : وهذا ما يزيدنا يقيناً أنّ القدامى من أئمّة الأداء كانوا يتحفّظون من كلّ أداء مفتقر للنصّ ولو ثبت بالتواتر والإجماع فكانوا يُلحقونه بنظيره و يدرجونه تحت أصل وثيق ليكون قويّا من جهة القياس.

قد يقول القائل : لماذا هذا التحفّظ مع ثبوت الأداء بالتواتر أو الإجماع ؟

الجواب : لم يكن من المعقول عند الأئمّة أن يصل الأداء إلى مرتبة الشهرة أوالتواتر أو الإجماع دون أن يكون منصوصاً عليه من طرف من تقدّمهم من أهل الأداءً.

قد يقول القائل : لماذا لجئوا إلى القياس تقوية للأداء المجمع عليه مع أنّ الإجماع أقوى من القياس فلا حاجة له به ليتقوّى ؟

الجواب : هناك فرق بين القياس المحض الذي نشأ عن مجرّد رأي لم يسبقه نصّ ولا أداء ، وبين الذي كان ثابتاً بالأداء عن الأئمّة فقوي بالقياس ليندرج تحت أصل وثيق يعيد له اعتباره ويعوّضه عن الضعف الذي اعتراه بافتقاره للنصّ. لأنّ النصّ هو الذي يوثّق الأداء ويجعله معتبراً ، وإذا افتقر الأداء إلى النصّ فإنّه يفتقد تلك المصداقية. ومن هنا يظهر جلياً منزلة النصوص بالنسبة للأداء عند أئمّتنا.

وسأذكر في الجزء الثاني الاعتماد على الدراية إن شاء الله تعالى


الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم (الجزء الثاني)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

[size=21]منزلة الدراية عند أهل الأداء وخطورة الرواية بغير فهم وعلم


قال مكيّ القيسي في الرعاية " القرآء يتفاضلون في العلم بالتجويد : فمنهم من يعلمُه رواية وقياساً وتمييزاً فذلك الحاذق الفطن. ومنهم من يعرفه سماعاً وتقليداً ، فذلك الوهن الضعيف. لا يلبثُ أن يشكّ ويدخله التحريف والتصحيف إذ لم يبن على أصل ولا نقل عن فهم. فنقل القرءان فطنة ودرايةً أحسن منه سماعاً وروايةً. فالرواية لها نقلها ، والدراية لها ضبطها وعلمها. فإذا اجتمع للمقرئ النقل والفطنة والدراية وجبت له الإمامة وصحّت عليه القراءة. ( الرعاية ص90).
قال أبو عمرو الداني :" وقرّاء القرءان متفاضلون في العلم بالتجويد والمعرفة بالتحقيق ، فمنهم من يعلم ذلك قياساً وتمييزاً ، وهو الحاذق النبيه ، ومنهم من يعلمُهُ سماعاً وتقليداً ، وهو الغبيّ الفهيه ، والعلم فطنةً ودرايةً آكد منه سماعاً وروايةً. وللدراية ضبطها وعلمها ، وللرواية نقلها وتعلّمها ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم." التحديد ص67.
وقال مكي القيسي : "والمقرئ إلى جميع ما ذكرناه في كتابنا هذا أحوج من القارئ ، لأنّه إذا علمهُ علّمه ، وإذا لم يعلمه لم يعلّمه ، فيستوي في الجهل بالصواب في ذلك القارئ والمقرئ ، ويضلّ القارئ بضلال المقرئ فلا فضل لأحدهما على الآخر. فمعرفة ما ذكرنا لا يسع من انتصب للإقراء جهله ، وبه تكمل حاله ، وتزيد فائدة القارئ الطالب ويلحق بالمقرئ. وليس قول المقرئ والقارئ : أنا أقرأ بطبعي ، وأجد الصواب بعادتي في القراءة لهذه الحروف من غير أن أعرف شيئاً ممّا ذكرته بحجّة. بل ذلك نقص ظاهر فيهما ، لأنّ من كانت هذه حجّته يصيب ولا يدري ، ويُخطي ولا يدري ، إذ علمه واعتماده على طبعه وعادة لسانه يمضي معه أين ما مضى به من اللفظ ، ويذهب معه أين ما ذهب ، ولا يبني على أصل ، ولا يقرأ على علم ولا يُقرئ عن فهم. فما أقربه أن يذهب عنه طبعه ، أو تتغيّر عليه عادته ، وتستحيل عليه طريقته ، إذ هو بمنزلة من يمشي في ظلام في طريق مشتبه ، فالخطأ والزلل منه قريب. والآخر بمنزلة من يمشي على طريق واضح معه ضياء ، لأنّه يبني على أصل ، وينقل عن فهم ، ويلفظ عن فرع مستقيم ، وعلّة واضحة ، فالخطأ منه بعيد. فلا يرضينّ امرؤ لنفسه في كتاب الله و تجويد ألفاظه ، إلاّ بأعلى الأمور ، وأسلمها من الخطأ والزلل ، والله الموفّق للصواب" الرعاية ص253،254.
قال ابن مجاهد : "فمن حملة القرءان المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات العارف باللغات ومعاني الكلمات البصير بعيب القراءات المنتقد للآثار ، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفّاظ القرءان في كلّ مصر من أمصار المسلمين. ومنهم من يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك ، فذلك كالأعرابيّ الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه فهو مطبوع على كلامه. ومنهم من يؤدّي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلاّ الأداء لما تعلّم ، لا يعرف الإعراب ولا غيره ، فذلك الحافظ فلا يبث مثله أن ينسى إذا طال عهده فيضيّع الإعراب لشدّة تشابهه وكثرة فتحه وضمّه وكسره في الآية الواحدة ، لأنّه لا يعتمد على علم بالعربيّة ولا بصر بالمعاني يرجع إليه ، وإنّما اعتماده على حفظه وسماعه ، وقد ينسى الحافظ فيضيّع السماع وتشتبه عليه الحروف ، فيقرأ بلحن لا يعرفه ، وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرّئ نفسه ، وعسى أن يكون عند الناس مصدّقاً فيُحمَل ذلك عنه ، وقد نسيه وَوَهم فيه ، وجسر على لزومه والإصرار عليه. أو يكون قد قرأ على من نسي وضيّع الإعراب ودخلته الشبهة فتوهّم ، فذلك لا يقلّد القراءة ولا يُحتجّ بنقله...(السبعة ص46،47).

قال المرعشي رحمه الله تعالى "....لكن لما طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء أكثر شيوخ الأداء ، والشيخ الماهرالجامع بين الرواية والدراية المتفطن لدقائق الخلل في المخارج والصفات أعزّ من الكبريت الأحمر ، فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد ، بل نتأمّل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان مسائل هذا الفنّ ، ونفيس ما سمعناه من الشيوخ على ما أودع في الكتب ، فما وافق فهو الحقّ ، وما خالفه فالحقّ ما في الكتب " انظر بيان جهد المقلّ

أقول : لم تكن العبرة عند الأئمة كثرة الروايات والإجازات إن كانت عن غير دراية وفهم صحيح ونقد وجيه فإنّ الناقل يصير بمثابة الأنبوب الذي يمرّ فيه السيل من غير نقد ولا تمييز ولا غربلة ، فيمرّ الغثاء معه ويستمرّ في مروره من غير أن يجد من يتفطن له ليحصره فيُبعده عن مجراه ليبقى السيل صافياً نقياً كما كان بالأمس. لذا فينبغي الحذر من كلّ من كثر استدلاله بالأداء من غير دراية ونقل للنصوص والآثار ، وكذا الحذر من بعض المقولات الممقوتة عند أهل الدراية كقول البعض : "كل يقرأ بسنده ما دام شيخه قد أجازه على ذلك " أو قولهم : "العبرة بما اشتهر عند القراء اليوم " ، ولو تأمّل القائلون لهاتين المقولتين كلام المتقدّمين لأدركوا أنّهم جانبوا الصواب كما جانبت السماء الأرض كقول مكّي والداني : " فنقل القرءان فطنة ودرايةً أحسن منه سماعاً وروايةً." وقول الداني "ومنهم من يعلمُهُ سماعاً وتقليداً ، وهو الغبيّ الفهيه" وقول مكي : "ومنهم من يعرفه سماعاً وتقليداً ، فذلك الوهن الضعيف" وقول ابن مجاهد : "ومنهم من يؤدّي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلاّ الأداء لما تعلّم ، لا يعرف الإعراب ولا غيره ....". فالمقرئ الذي ينبغي أن يفزع إليه الناس هو الذي جمع بين الرواية والعلم والنقد والتمييز ، قال مكي : " فمنهم من يعلمُه رواية وقياساً وتمييزاً فذلك الحاذق الفطن." وقال ابن مجاهد : "فمن حملة القرءان المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات العارف باللغات ومعاني الكلمات البصير بعيب القراءات المنتقد للآثار ، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفّاظ القرءان في كلّ مصر من أمصار المسلمين".

فما بال أقوام يجعلون الأداء هو الأساس وهو المعيار الذي يوزن به القرّاء ؟ وقد تجد البعض يحرص على السفر إلى المشايخ الكبار الذين توقّفوا عن الإقراء لكبر سنّهم ليقرءوا عليهم الفاتحة وأوائل البقرة بغية الإجازة ، فتجتمع لديهم بهذه الكيفية عشرات الإجازات ويحسبون أنفسهم من ذوي العلم والنقد لاستغنائهم عن البحث والمطالعة بهذه الإجازات ولاعتقادهم أنّهم بلغوا الغاية بها وهيهات ، بينما نجد في أئمّتنا القدامى القدوة المثاليّة في اعتنائهم بهذا العلم رواية ودراية فكانوا يجوبون الأمصار بحثاً عن النقلة الضابطين ليتلقوا عنهم القرءان ويأخذوا عنهم النصوص والعلم فصاروا بذلك نقّاداً مميّزين للرواية المشهورة المقبولة من غيرها.

كما ينبغي التنبيه أيضاً أنّ العبرة ليست في المهارة المجرّدة عن العلم لأنّ الجاهل قد يكون ماهراً بقراءته على شيخ ماهر ولكنه لا علم عنده فهو كالطفل الصغير الماهر المتقن الذي لم يصل بعد إلى مرحلة الإدراك ليكون صالحاً للتدريس والإقراء. لأجل هذا قال مكّي القيسي : " ومنهم من يعلمُهُ سماعاً وتقليداً ، وهو الغبيّ الفهيه ، والعلم فطنةً ودرايةً آكد منه سماعاً وروايةً." فالماهر داخل في المضمون إن تعلّم سماعاً وتقليداً ، ويؤكّد ذلك قول ابن مجاهد : "ومنهم من يؤدّي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلاّ الأداء لما تعلّم...". فهذي نصوص القوم تبيّن أهميّة العلم على مجرّد الأداء ، إذ بالعلم يُصان الأداء ، ولا يمكن للأداء أن يعالج نفسه بنفسه إلاّ بالعلم ، وكلام الأئمّة واضح لا غبار عليه ويردّ بشدّة على أولئك الذين يحثّون على تلقّى القرءان من المهرة المتقنين ، وقد أثبتنا أنّ الإتقان والمهارة لا يكفيان للتصدّر إن كان عن جهل أو تقليد محض. بل ينبغي أن يقدّم في الإقراء العالم وإن قلّ إتقانه إلى حدّ ما على المتقن الجاهل لأنّ الثاني قد يكون مصيباً ولا يدري ومخطئاً ولا يدري ، وإذا سئل لا يجيب لجهله خلافاً للثاني فإنّه وإن كان أقلّ إتقاناً من الأوّل فإنّه سيرشد الطالب إلى الصواب ويحذّره من الخطأ ويجيبه عن ما أشكل عليه بالدليل والحجّة. وبذلك يتعلّم الطالب العلم ويكتسب من خلاله ملكة تمكّنه من استدراك ما فاته من الشيخ.

فإذا رأيت الشيخ يستدلّ بالأداء على صحّة الوجه فاحذر من جوابه ،
وإذا رأيته يستدلّ بأقوال المتقدّمين على صحّة الوجه فحسبك به ،
وإذا رأيته يستدلّ بألأداء على كيفيّة أدائيّة مختلف فيها فينبغي الرجوع إلى المصادر لفكّ الخلاف.

لذا فالأداء لم يكن يوماً ما حجّة بذاته في صحّة الوجه وإنّما ترجمة عمليّة تطبيقيّة للمنقول ، فهو يصلح لبيان الهيئة الأدائيّة لا أكثر ولا أقلّ.


الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم (الجزء الثالث)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسل<م

[size=21]النقد الذي يتمثّل في استبعاد وردّ كل ما خرج عن شروط قبول الرواية التي وضعها الأئمّة


إنّ المتقدّمين من أهل الإقراء لم يكتفوا بالاعتماد على الأداء واالنصّ بل تجاوزوا ذلك إلى مرحلة النقد ، فبعد أن تلقّوا القرءان رواية ودراية ، انتقلوا إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة التأمّل والنظر والتمييز فأدركوا أنّ في بعض مرويّاتهم شدوذ أو ضعف من جهة الشهرة ممّا يجعل الوجه يفيد الظنّ ولا يصل إلى اليقين والقطع ، فوضعوا الضوابط و شروط قبول الرواية الصحيحة وهو ثبوت القراءة بالسند الصحيح عن العدول الضابطين مع شهرتها وموافقتها لأحد المصاحف العثمانية ، واعتمدوا على ما ثبت عندهم بالنصّ والأداء المشهور والقياس الصحيح المعتبر وغير ذلك ّ ، فكانت هذه القواعد أدوات النقد والنظر والتمييز تهدف إلى حراسة الرواية. وبهذه الحراسة يمكن للناقد اكتشاف العلّة والخلل وما يطرأ على الرواية الصحيحة الأصيلة.

ولمّا كان الخلل طارئاً على الرواية في العهد القديم مع وجود الجهابذة الأئمّة النقاد ، فإنّ عروضه في الوقت الحالي على الأداء المنقول يكون آكداً لا سيّما في وقت كثر فيه التقليد وتلاشت فيه أدوات النقد التي عمل بها أسيادنا ، فصار الأداء هو الحاكم على صحّة الرواية فنتج عن ذلك اختلاف في الأداء مع الاتفاق في المصدر والإسناد ، فلا مرجعيّة متينة وضعت لفكّ الخلاف على أسس علميّة مستخلصة من صنيع الأئمّة النقّاد من جهة ، ولا أرادة لفهم على الأقلّ أسباب النزاع وما ينبغي فعله لتقليصه. وقد قال تعالى { فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } ، فأمرّ تعالى عباده بالخضوع لمرجعيّة فاصلة عند النزاع وهو الكتاب والسنّة. فلا حلّ إلاّ بوضع مرجعيّة لفكّ النزاع وتقليصه قدر المستطاع وذلك على ضوء ما أودعه أئمّتنا في كتبهم ليخضع جميع المقرئين لها مهما كان قطره ومنزلته العلميّة ، فكلّ ما ثبت بالنصّ والأداء المشهور عند القدامى ينبغي الخضوع له إذ هو عين المتابعة ، فالخلف تبع للسلف ولا خير فيمن خالف سبيلهم وأهمل أقوالهم وعطّل طريقتهم في النظر والنقد. فكما أنّ المحدّث لا يستغني عن أساليب المحدّثين القدامى في نقد الأحاديث ، وكما أنّ المجتهدين في الفقه لا يمكنهم الاستغناء عن القواعد الفقهيّة الأصوليّة ليُفتي في نازلة من النوازل ، فكذلك المتخصّصين في التجويد والقراءات لا يمكنهم بأيّ حال الاستغناء عن صنيع المتقدّمين من أهل الأداء للفصل في أيّ مسألة. قال الداني عليه رحمة الله تعالى : "مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر" (جامع البيان ص172). والأثر يطلق على كلّ ما أثر وثبت عن القدامى إذ أتّباع الأثر هو المراد من قولهم : القراءة سنّة متّبعة يأخذها الآخر عن الأوّل ، ولا شكّ أنّ مخالفة هذه الأثار والمناهج المعمول بها عندهم ينصدم تماماً مع هذه المتابعة.

ولكن للأسف ، فقد جانبنا هذا الطريق وصارت الدراسات الأكادميّة الحديثة لا تسلك هذه المسلك القويم فاتّجهت الجهود إلى الشكليات من أساليب البحث والتحقيق والتوسّع فيها فكثر النقد فيها وقلّ فيما يتعلّق بالمضمون بالمقتضى. فإن لم يُقصد من هذه الدراسات حفظ الأداء الصحيح للحروف والقراءات التي وصلتنا ، وإبعاد كلّ دخيل على الرواية الصحيحة الأصيلة فلا أدري ما الهدف من كلّ هذه الدراسات.

أكتفي بما قلت والحمد لله رب العالمين.

__________________
محمد يحيى شريف الجزائري



منقووووووووووووووووول للامانة

[/size][/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الجزائر

محب الجزائر

عدد الرسائل :
428

تاريخ التسجيل :
05/06/2009


الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري   الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري I_icon_minitimeالإثنين 10 سبتمبر 2012 - 0:18

بارك الله فيك م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمير زمال

سمير زمال

عدد الرسائل :
6494

العمر :
33

تاريخ التسجيل :
07/04/2008


الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري   الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري I_icon_minitimeالإثنين 10 ديسمبر 2012 - 23:51

بارك الله فيكم , وحفظ الشيخ الموفق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.alafdal.net
 

الأصول المعتمدة عند أئمة الأداء في نقلهم للقرءان الكريم . محمد يحيى شريف الجزائري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تأمّلات وتعقيبات ..محمد يحيى شريف الجزائري
» صدور أول تاب للشيخ محمد يحيى شريف :" إبراز المنافع " الطبعة الأولى 1435-2014
» مصادرعلم التجويد والقراءات والمنهجية في التعامل معها . للدكتور محمد يحيى شريف الجزائري
»  بشرى : مرحبا بالشّيخ المفضال محمد يحيى شريف الجزائري حفظه المولى بين أبنائه وإخوانه
» سورة الكهف برواية ورش من طريق الأزرق لفضيلة الشيخ المقرئ محمد يحيى شريف الجزائري حفظه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات تبسة الإســـــلامية :: العــــــلوم الشرعيـــــة :: القرآن الكريم وعلومـــه-